عناصر الخطبة
1/ النصر القادم 2/ الحاجة للأمل 3/ تأريخنا يدعو للتفاؤل 4/ مسؤولية الولاة والعلماء في بعث الدين 5/ الأعياد البدْعيَّةاهداف الخطبة
اقتباس
ما أجملَ أنْ تتعانقَ فرحتنا بالعيد، مع إيماننا بوعد الله ورسوله! لتحرقَ هذه الأنوار كلَّ ظلامٍ نسَجَه اليأس، أو صبَغَه الشيطان في قلوب المسلمين؛ ما أجملَ أن نتذكر بفرحتنا بالعيد فرحتَنا بعز هذا الدين، وظهور أهله، وانتصار أوليائه! ما أجمل أن نتذكَّرَ بفرحتنا بالعيد فرحتنا بصَغَار الكافرين وذُلِّهم! وقسْم أموالهم في خزائن المسلمين!..
أيها المسلمون: تقبَّل اللهم مني ومنكم، أسأل الله -جل وتعالى- أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبَّل الله صيامهم وقيامهم، وكانوا من عتقائه من النار.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
لا إله إلا الله الولي الحميد، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، الله أكبر عدد ذرَّات الرمال، وعدد قطر البحر والأنهار، الله أكبر عدد ما صام الصائمون، الله أكبر عدد ما ذكره الذاكرون، واستغفره المستغفرون.
الله أكبر عدد ما ذكر اللهَ ذاكرٌ وكبَّر، الله أكبر عدد ما حمد الله حامدٌ وشكر، الله أكبر عدد ما تاب تائب واستغفر، الله أكبر ما أعاد علينا من عوائد فضله وجوده ما يعود في كلِّ عيدٍ ويظهر.
اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيراً مما نقول، ولك الحمد كالذي تقول، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضِيت، ولك الحمد بعد الرضا.
اللهم لك الحمد بكلِّ نِعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو خاصة أو عامة، أو سراً أو علانية، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالأمن والإيمان، والراحة والاطمئنان، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، بسطْتَ رزقنا، وكبَتَّ عدونا، وأظهرت أمننا، وجمعت فرقتنا، ومن كل ما سألناك أعطيتنا؛ فلك الحمد كثيراً كما تُنعم كثيراً، ولك الشكر كثيراً كما تجزل كثيراً، ولك الحمد على ما مننت به علينا من إتمام شهر رمضان وصيامه، وتلاوة الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنـزيل من حكيم حميد.
الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: لَئن ربطَت الأُمم عزَّها بعِزِّ آبائها، أو بملك أجدادها، أو تمدَّحت بتاريخٍ غابر، وعهد داهر؛ فإننا ننتسب -أهلَ الإسلام- إلى ربٍّ خلقَنا وهدانا، وإلى رسول علّمنا وبيّن لنا؛ ننتسب إلى كتاب الله سبحانه، وسنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
ألا فلترفعي رأسك أمة الإسلام، فلم تعرف الأمم في غابرها وحاضرها كأمة الإسلام، عدلت في أعدائها، فضلاً عن أتباعها وأصحابها، حكمت بالعدل، وقضت بالسويّة، أمة يستوي فيها الغني والفقير، والشريف والوضيع؛ أمة نشرت الخير والعدل، والفلاح والسعادة، وأعلنت الحقَّ، وأظهرت أهله، وقمعت الباطل، ودحرت أهله؛ نعَم، إنها غالبة منصورة مهما وُضعت في سبيلها العوائق، وقامت في طريقها العراقيل، ومهما رَصَد لها الباطل من قوى الحديد والنار، وقوى الدعاية والافتراء، وقوى الحرب والمقاومة.
هذه المعارك ضد أمتنا تختلف نتائجها، ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لرسله، والذي لا يُخلَف ولو قامت قوى الأرض كلها في طريقه، هذا الوعد سنة من سنن الله الكونية، سنة ماضية كما تمضي هذه الكواكب والنجوم في دوراتها المنتظمة، وكما يتعاقب الليل والنهار في الأرض على مدار الزمان، فمهما كاد له الكفَرة والمبطلون، فإنه ظاهر لا محالة.
ها هو رسول الله يَخرج طريداً من مكة متخفياً عن أنظار المشركين، خائفاً على نفسه وصاحبه، وما هو إلا قليل حتى فُتحت له مكة وخيبر والبحرين، وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بأكملها، وأُخذت جزيةُ مجوسِ هجر، وبعض بلاد الشام، فأُنفقت في خزانة المسلمين، وهاداه هرقل والمقوقس وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة، وخابت مساعي الكافرين في النَّيْلِ من هذا الدين وكسر شوكته، واستئصال شأفته، فكم كادت بنو إسرائيل لهذا الدين إبان ظهوره، وعادت مساعيها سدى! وكم حاول المنافقون تسويد صفحاته المشرقة، وطمس رموزه الظاهرة، فانقلب السحر على الساحر! وكم كادت الصليبية الحاقدة لطمس هذا الدين وأهله، لكن خابت مساعيها، وضاعت جهودها!.
وكلما حاولوا التضييق عليه، كلما زاد الله في انتشاره وظهوره، فعن تميم الداري -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعزِّ عزيز، أو بذلِّ ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر" رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
وعن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله زوَى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها" رواه مسلم.
ألا فلا تيأسي يا أمَّةَ الإسلام، فإن النصر قادم، وإن الفرج قريب.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: ما أجملَ أنْ تتعانقَ فرحتنا بالعيد، مع إيماننا بوعد الله ورسوله! لتحرقَ هذه الأنوار كلَّ ظلامٍ نسَجَه اليأس، أو صبَغَه الشيطان في قلوب المسلمين؛ ما أجملَ أن نتذكر بفرحتنا بالعيد فرحتَنا بعز هذا الدين، وظهور أهله، وانتصار أولياءه! ما أجمل أن نتذكَّرَ بفرحتنا بالعيد فرحتنا بصَغَار الكافرين وذُلِّهم! وقَسْم أموالهم في خزائن المسلمين! ما أجمل أن نجعل من تلك الجراح النازفة ثغوراً تبتسم بالعز والتمكين في القريب العاجل، وأن نجعل من هؤلاء الشهداء والقتلى دماءً تسقي شجرة الإسلام لتورق وتزهر من جديد!.
وهكذا كان هديه -صلى الله عليه وسلم- وأمْره فقال: "بشِّروا ولا تنفِّروا"، وقال: "بشِّر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والتمكين في الأرض" رواه أحمد بإسناد حسن.
ألا ما أحوجَ الأمةَ لهذه الأيام لبثِّ روح الأمل في نفوسها! فإذا كان رسول الله يُبَشِّر أصحابه، ويذكِّرهم بوعد الله، مع ما في قلوبهم من الإيمان والرضا، فكيف بعصرنا هذا؟ فنحن أحوج ما نكون إلى هذه المبشِّرات، وتذكير الناس بوعد الله ووعد رسوله حتى لا يدِبَّ اليأسُ إلى نفوسها فتخور عن العمل؛ فوالله الذي لا إله غيره! إن هذا الدين لمنصور، وسيظهر -لا محالة- بعزِّ عزيز، أو بذلِّ ذليل، وما يحصل من قتل وتشريد، وإيذاء وتسلط، وإذلال لإخواننا المسلمين، فإنما هو ابتلاء من الله تُمحَّص به الأمة، ليظهر الخبيث بعد ذلك مكشوفاً في العراء، مهتوك الستر، مفضوح الجانب، لا يواريه شيء؛ ويبقى الطيِّب منصوراً بإذن الله، ظاهراً بأمر الله، لا يضره شيءٌ ولو كادته السماوات والأرض، ويوشك في القريب العاجل -بإذن الله- أن تنقلب هذه الابتلاءات إلى انتصارات وفتوحات، إنها سُنة الله التي لا تتخلف ولا تتبدل، ما التقى الحق والباطل في ساحة أو معركة إلا انتصر الحق.
أمَّة أخرجت الصديق ثاني اثنين، والفاروق الذي يفر الشيطان منه، وعثمان الزاهد الأوَّابَ صاحب الفتوحات، وعلي بن أبي طالب صاحب الراية يوم خبير، محاربَ المارقين من الخوارج، ومعاوية بن أبي سفيان خال المسلمين، وأعدل ملوكهم، وأحلمهم.
أمة أنجبت الوليد بن عبدالملك الذي فُتحت الفتوحات العظيمة في عهده كأيام عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز أشيم بني أمية، الخليفة الراشد، والإمام الزاهد، وهارون الرشيد الذي يحج عاماً ويغزو عاماً، والمعتصم فاتح عمورية، وأبا القاسم محمود بن سبكتكين فاتح الهند، وموسى بن نصير فاتح المغرب، وطارق بن زياد فاتح الأندلس، وصقر قريش عبدالرحمن الداخل، وعبدالرحمن الناصر مؤدب ملوك النصارى.
أمة أنجبت يوسف بن تاشفين أمير المؤمنين، بطل موقعة الزلّاقة، والظاهر بيبرس قاهر الصليبيين، ومدمر إنطاكية، وغازي المغول، والملك أشرف خليل فاتح عكا، والسلطان مراد فاتح بلغارية، ومؤدب أمراء البوسنة والهرسك، وبا يزيد الصاعقة، ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية، والسلطان الغازي سليمان القانوني فاتح بلغراد، وفاتح بلاد المجر، المحاصر لفيينا عاصمة النمسا.
إنها أمة عطّر سماءَها شذا حمزة، وخالد بن الوليد، والمثنى بن حارثة، ومسلمة بن عبدالملك، وغيرهم، وغيرهم، من القمم الشوامخ، والأسود الصوارخ، وهذا خير شاهد على مستقبل هذه الأمة.
ألا -يا أمة الإسلام- استمسكي بالدين القويم، واعتصمي بحبل الله جميعاً ولا تتفرقي، ولا يقتل بعضك بعضاً، ولا يسفك بعضك دماء بعض؛ حقِّقي التوحيد في أقوالِكِ وأعمالِكِ، واجتنبي مظانَّ الشرك ومسالكَه ومهالكَه، أجمِعي الكلمة، وسُدِّي الخرْق، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
ويا قادةَ هذه الأمة! ويا ولاتها وحكامها! إن مسؤليتكم عظيمة، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، سُوسُوا شعوبَكم بكتاب الله يطيعوكم، واحكموهم بسنة رسول الله يحبوكم، أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، خذوا على يد المبطل والمفسد، وكونوا سنداً وعضداً لأهل الخير والدعوة والحسبة والإصلاح، اتَّخِذوا العلماء الربانيين بطانةً تُفلحوا وتَرشَدوا.
ويا علماء المسلمين! إن مسؤوليتكم في تبليغ هذا الدين كبيرة، ودفع الظلم عنه ورفع المعاناة عن المسلمين أمانة في أعناقكم جسيمة، فاللهَ اللهَ في هذه الأمانة! فإنكم مسؤولون عنها.
ويا دعاة الإسلام! دوركم كبير في استنقاذ هذه الأمة، وإيقاظها وإعادتها إلى الله، دعو بُنَيَّاتِ الطريق، واتركوا الإغراق في الزلات، ونسيان المحاسن، اجمعوا كلمة المسلمين، ووحدوا صفهم، ووجِّهوا شبابهم وطاقاتهم إلى النافع المثمر، وجِّهوهم إلى استثمار جهودهم وعدم استنـزاف الأمة وإدخالها في شقاق وخلاف وسفك دماء.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إن هذا اليوم يوم عيد، والإسلام لا يعرف إلا عيدين شرعيين هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وأي يوم اتخذ للفرح والسرور، أو للذكرى والاحتفال بأية مناسبة، شخصية كانت أو وطنية أو عالمية أو غير ذلك، فهو مبتدَع يرفضه الإسلام، وقد يظن بعض الناس أنه إذا لم يطلق اسم العيد على ذلك اليوم الذي اتُّخِذ للذِّكرى أو للفرح والسرور فلا بأس من ذلك، وهذا خطأ فادح في فهم معنى العيد؛ فهذا يُشبه ما تسميه البنوك بالفوائد، ومقصود بها الربا، فهل تغيير الاسم يجعله حلالاً؟ أو ما يسمى بالمشروبات الروحية ومقصودٌ بها الخمر، فهل أصبحت هذه المشروبات حلالاً بسبب تغيير الاسم؟.
فكل يوم يُتَّخَذُ لمناسبة معينة -سواءً أسُمِّي عيداً أو لم يُسَمَّ- فهو عيد، لأنه يعود كل عام أو كل ربع قرن أو نصف قرن. وسواء أسمي باليوبيل الفضي أو الذهبي أو الماسي، فكلها أعياد بدعية فيها مشابهة للكفار، والعياذ بالله.
وبنظرة متأنية مليئة بالتدبر في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك في سيرة خلفائه الراشدين -رضي الله عنهم- نجد أنهم لم يتَّخذوا أيَّ يومٍ للذكرى أو للاحتفال أو الفرح والسرور، لا بيوم المولد النبوي، ولا بيوم البعثة ونزول الوحي، ولا بيوم الهجرة، ولا بيوم غزوة بدر، أو أي غزوة من الغزوات، ولا بيوم فتح مكة، ولا بيوم تأسيس الدولة الإسلامية.
والذي أحدث المناسبات في هذا الشأن هم الرافضة فروخ اليهود -عليهم من الله ما يستحقون- وذلك في منتصف القرن الرابع الهجري، حيث أحدثوا مناسبات المولد النبوي وغيرها من الأعياد المبتدعة التي لم يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمر بها، ولم يفعلها الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين- ولم يفعلها الأئمة الأربعة، ولا غيرهم من العلماء والمحدّثين في تلك العصور.
ثم توسَّع أهل البدع في اختراع بدعهم بإحداث مناسبات قومية أو وطنية، كالاحتفال باليوم الوطني، أو يوم الأم، أو يوم الشجرة، وقد جمعوا بين سيئتين: الابتداع، والتشبُّه؛ حيث أصبحت المناسبات إما مئوية، أو خمسينية، أو ربع قرنية، وأطلق عليها اسم اليوبيل المئوي بعد مرور مائة عام، فشابهوا اليهود في هذه المناسبات.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما قلت، فإن كان صواباً فمن الله وحده، وإن كان غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأستغفر الله، إنه كان غفاراً.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه...
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: هل رأيتم أعظم مقتاً من الكسل بعد الجد، والتواني بعد العزم والنقض بعد الإبرام؟ نعم، أولئك الذين وُفقوا لعمل الطاعات، والتزود من الخيرات في شهر الصيام، حتى إذا ما انتهى الموسم نقضوا ما أبرموا، وعلى أعقابهم نكصوا، فبدل دروس الطهر والصلاح، والاستقامة والفلاح، عادوا إلى حمأة الصبوات والهفوات، ومقارفة الآثام.
هؤلاء طالما بكت عيونهم، وجاشت نفوسهم خوفاً من عذاب، أو طمعاً في ثواب، حتى إذا هلّ عيد الفطر، فكأنهم من عقالهم نشِطوا، فالعيون الباكية نظروا بها إلى الكاسية العارية، والأسماع التي طالما استعذبت كلام الرحمن، استبدلت ذلك السمع المحبوب بسماع ممقوت يبغضه الله، استبدلته بغناء الشيطان، فنعوذ بالله من الحور بعد الكور، ومن الانتكاس بعد الهداية، فهؤلاء رمضانيون لا ربانيون.
ولكنَّ عبادا من عباد الله جدّوا واجتهدوا، واستمرّوا على دروس الطُّهر والاستقامة التي علّمهم إياها رمضان، فكانوا حقاً ربانيين لا رمضانيين.
أيها المسلمون: منذ أيام استقبلنا شهر رمضان، وبالأمس ودعناه مرتحلاً عنا، شاهداً لنا أو علينا، وفي صبيحة هذا اليوم الأغر، يوم عيد الفطر المبارك، غدوتم إلى رب كريم، يمنّ بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أُمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم من رب كريم، ويوم القيامة ينادَى عليكم: أيها الصائمون! ادخلوا الجنة من باب الريان. نسأل الله أن نكون جميعاً من هؤلاء.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: وقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يخص النساء بموعظة بعد خطبة الرجال. فيا معاشر النساء تصدّقْن، وأكثِرن فعل الخيرات، وتُبن إلى الله جميعاً، أنتنّ المسلمات المصليات الصادقات، فأحسنّ عملكنّ، وأحسنّ تربية أولادكنّ على طاعة الله، حبِّبوا إليهم الإيمان، وكرِّهوا إليهم الكفر والفسوق والعصيان، كنّ محتشمات، واعلمن أنّ الله صانكنّ يوم أن أمركنّ بالحجاب؛ قمن بحق أزواجكنّ، وأطعن أزواجكنّ في غير معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، اجتنبن ما يغضب الله ويوجب سخطه، وإنما يدفع ذلك بطاعة الله، وكثرة الإنفاق في سبيل الله، ولذلك قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "يا معشر النساء تصدّقن، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار" فاللهَ اللهَ! فإن الأمر خطير، والخطب عظيم.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى، أن تجعلنا من الذين قبلت منهم رمضان، وأعتقتهم من النيران. اللهم واجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً فغفرت له ما تقدم من ذنبه، وممن قام رمضان إيماناً واحتساباً فغفرت له ما تقدم من ذنبه، وممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً فغفرت له ما تقدم من ذنبه.
اللهم إنا نسألك أن تفرج عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- فرجاً عاجلاً غير آجل، اللهم فرِّج هم المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا. اللهم أعد علينا رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في أمن وإيمان، وبر وإحسان، وطاعة واستقامة، يا رب العالمين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد. سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العلمين.
التعليقات