عناصر الخطبة
1/نعمة الماء 2/ عظمة قدرة الله 3/ الابتلاء بحبس القطر 4/ دعوة إلى المحاسبة 5/غيث القلوب وغيث الأرض 6/ من أسباب منع القطر 7/ الدعاء بطلب الغيث .
اهداف الخطبة
الحث على محاسبة النفس عند امتناع القطر / بيان الأسباب المفضية إلى منع القطر .

اقتباس

إنّه لو اجتمع الأوائل والأواخر على إنزال قطرة من المطر ما استطاعوا، وهل ذلك إلا من صُنع من شهدت له مخلوقاته ودلّت عليه آياته.

 

 

 

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، نعمةٌ من نِعَم الله، وآيةٌ من آياتِه، لا غِنَى للناس عنها، هي مادّة حياتِهم وعُنصُر نمائهم وسَبَب بقائِهم، مِنها يشرَبون ويسقون، ويحرُثون ويزرَعون، ويرتَوون ويأكلون، تلكم هي نعمةُ الماء والمطر، وآيةُ الغيث والقطر.

إخوةَ الإيمان، الماء أصلُ النمَاء، الفائقُ على الهواءِ والغِذاء والكساء والدّواء، هو عنصر الحياةِ وسبَب البقاء. مَن الذي أنشأه من عناصره إلا الله؟! ومَن الذي أنزَله من سحائبه إلا الله؟! أإلهٌ مع الله؟! لا إلهَ إلا الله، (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء:30].

صنعُ مَن هذا أيّها المسلمون؟! (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [النمل:88] . خَلقُ مَن هذا أيها المؤمنون؟! (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) [لقمان:11] .

إنّه لو اجتمع الأوائل والأواخر على إنزال قطرة من المطر ما استطاعوا، وهل ذلك إلا من صُنع من شهدت له مخلوقاته ودلّت عليه آياته.

فوا عجبًا كيف يُعصَى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ؟!
وللـه فـي كـل تحريكةٍ وتسكينـةٍ أبـدًا شـاهدُ
وفـي كلّ شيء لـه آيـة تـدلّ على أنـه واـحدُ
سبحانه وتعالى عمّا يشرك به المشركون علوًّا كبيرا.

إخوةَ الإسلام، إنّه لا يقدر هذه النعمةَ قدرَها إلا من حُرِمها، تأمَّلوا في أحوالِ أهل الفقر والفاقة التي تغلب على حياة مَن ابتُلوا بالجدْب والقحطِ والجَفاف والمجاعة، سائلوا أهل المزارِع والمواشي: في أيّ حالة من الضرّ يعيشون، لقلّةِ الأمطار وغورِ المياه، وهي سبب خصبِ مزارعهم وحياةِ بهائمهم، أرأيتم يا من تنعمون بوفرةِ المياه، ماذا لو حبِس الماء عنكم ومنعتم إيّاه؟! هل تصلُح لكم حال؟! أم هل يقرّ لكم قَرار؟! وهل تدوم لكم حياة؟! (قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ)[ الملك:30] ، إنّه لا منجَى ولا ملجأ من الله إلا إليه.

ومِن حكمته تبارك وتعالى أن لا يديمَ عبادهُ على حالةٍ واحدَة، بل يبتليهم بالسراء والضّراء، ويتعاهدهم بالشدّة والرّخاء، ويمتحنهم خيرًا وشرًّا، نِعَمًا ونقمًا، محنًا ومنحا، (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35]، (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشّرِ الصَّـابِرِينَ) [البقرة:155].

ومِن ابتلاءِ الله لعباده حبسُ القطر عنهم، أو تأخيرُه عليهم، أو نزع بركتِه منهم، مع ما للمطر من المنافع العظيمة للناس والبهائم والزروعِ والثمار، وما في تأخيرِه من المضارّ الخطيرة عليهم.

عبادَ الله، لقد شكوتم إلى ربِّكم جدْب دياركم، وتأخّر المطر عن إبّان نزوله عن بلادكم وأوطانكم، فما أحرَى ذلك أن يدفعَكم إلى محاسبَة أنفسكم ومراجعةِ دينكم، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11]، (أَوَلَمَّا أَصَـابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران:165] (وَمَا أَصَـابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ) [الشورى:30]، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].

معاشرَ المسلِمين، الغيثُ نوعان: معنويّ وحِسّيّ. أولهما غيث القلوب والأرواح بالإيمان واليقين، وثانيهما غيث الأرض بالمطر، وإن الغيثَ الأول هو الأصل للثاني، كما أن للغيث الثاني أسبابا جالبة وأخرى مانعة، فهل ساءلنا أنفسنا ونحن في مواسِم الغيث: هل أخذنا بأسبابِ نزوله، أم قد نكون نحن بأفعالنا سببًا في منعه؟!

فإنّ الغيثَ ـ يا رعاكم الله ـ جِماع الرزق، قال تعالى: (وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) [الذاريات:22]، والمطر أصلُ البركات، قال سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ) [الأعراف:96] .
وما ابتُلِي المسلِمون اليومَ بقلّة الأمطار وغورِ المياه وانتشار الجدْب والقحط وغلبة الجفافِ والمجاعة في بقاع كثيرةٍ مِن العالم إلا بسببِ الذنوب والمعاصي.

وإنّ من أسبابِ منع القطر من السّماء ـ يا عبادَ الله ـ غفلةَ العباد عن طاعة ربهم، وقسوةَ قلوبهم بما ران عليها من الذنوب والمعاصي، وتساهلَهم في تحقيق الإيمان والتقوى، وتقصيرهم في أداء الصلاة وإيتاءِ الزكاة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((لم ينقص قومٌ المكيالَ والميزانَ إلا أخِذوا بالسنين وشدّة المؤونةِ وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالهم إلا منِعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يمطَروا)) خرّجه ابن ماجه في سننه والحاكم في مستدركه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وإنّ من أسباب منع القطر ـ يا عباد الله ـ إعراضَ كثير من الناس عن التوبة إلى ربهم واستغفاره، وهما من أعظمِ أسباب نزول الغيث، يقول تعالى عن نوحٍ عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح:10-12]، وقال تعالى على لسانِ هودٍ عليه السلام: (وَياقَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) [هود:52]، وقد خرَج عمر رضي الله عنه للاستسقاءِ فلم يزِد على الاستغفار، فقيل له في ذلك فقال: (لقد طلبتُ الغيثَ بمجاديح السماءِ التي يستَنزَل بها المطر).

الله أكبَر، نَستغفِر الله، نستغفِر الله، نستغفِر الله، سبحانَك ربَّنا ما أعظمَك، سبحانك ربَّنا ما أكرمَك، سبحانك ربَّنا ما أحلمَك، سبحانَك ما قدَرناك حقَّ قدرِك، سبحانك ما عبدناك حقَّ عبادتك.
في الأثر عن عليٍّ رضي الله عنه قال: (ما نزَل بلاءٌ إلا بذَنب، ولا رفِع إلا بتوبة).

وإنّ ذنوبَنا ـ يا عباد الله ـ كثيرة، وإنّ تقصيرَنا عظيم، وإنّ شؤمَ الذنوب والمعاصي لخطير، فما حلّت في ديارٍ إلا أهلَكتها، ولا في قلوبٍ إلاّ أفسدتها، ولا في مجتمعاتٍ إلا دمّرَتها، يقول ابن القيّم رحمه الله: "وهل في الدنيا والآخرة شرٌ وبلاء إلا وسببُه الذنوبُ والمعاصي؟!".

أمّةَ الإسلام، أوَليس ظلمُ العبادِ وغشُّهم ومطلهم حقوقهم وبخسُهم في المكاييل والموازين والمقاييس منتشِرًا بين صفوفِ كثيرٍ من المُسلمين وفي أسواقِهم ومعامَلاتِهم؟! أمَا هذه قلوبُ كثيرين قد انطوَت على الحِقد والحَسد والشّحناء والتقاطُع والتّدابر والبغضاء لأتفهِ الأسباب واستمراءِ حياةِ الفرقة والاختلافِ والتجافِي عن الوَحدة والائتلاف؟! أمَا هذه الزّكاةُ المفروضة قد بخِل بها كثيرٌ من النّاس، وظنّوها جبايةً وعَناءً، لا مواساة ونَماءً، وألهاهم التكاثر والتنافسُ في الدّنيا عن إخراج حقِّ الله فيها؟!

أما مظاهرُ التّبرّج والسّفورِ والاختلاط والتساهل في الحجاب وقضايا المرأة وأصواتُ الملاهي والمعازف موجودةٌ في كثير من المجتمعات؟! مع التقصير في جانِب الحِسبة والدّعوة والإصلاح والأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر مع أنه قِوام هذا الدين وبه نالت هذه الأمةُ الخيريةَ على العالمين. أمّا ما تبثُّه الشبكات والقنوات والفضائيّات ممّا يندَى له الجبين حياءً وخجلا وتئنّ منه الفضيلة وتعلو له الرذيلة فحدِّث ولا كرامةَ، وحسبُك من شرٍّ سماعُه، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.

(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [النحل:45-47].

ألا ما أوسعَ حِلمَ الله على عبادِه، لكن لعلّنا نُرحَم ونُغاث بحالِ المنيبين المخلِصين، ودعواتِ الأخفياء الصّالحين، وحالِ المعوِزين المستضعفين من الأطفال الرُّضَّع والشّيوخ الركَّع والبهائم الرتَّع، واللهمّ سلِّم سلِّم، ورُحماك ربَّنا رُحمَاك، (وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31].

فأنِيبوا ـ عبادَ الله ـ إلى ربِّكم واستغفِروه، واعلَموا أنّ استنزالَ الغيثِ واستنباتَ الزّرع مُحالٌ أن يكونَ بالدّعواتِ الساهيَة أو بالقلوبِ الغافِلة والعقولِ اللاهية، فأظهروا ـ رحمكم الله ـ الافتقارَ إلى ربِّكم، واجتهدوا في أداء حقِّه وحقوقِ عباده، لا سيّما في الأموال والأعراض، اخرجوا من المظالم، واتركوا التشاحنَ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه من مالٍ أو عرض فليتحلّله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم)).

جدِّدوا التوبةَ عباد الله، وجرِّدوا القلوبَ من الحسَد والبغضاء والغِلِّ والشحناء، وصونوا ألسنتكم عن الغيبةِ والنميمة وقولِ البهت والزور على البرآء، واحذَروا الوقوعَ في الأعراض وترويجَ الأكاذيب والشائعات، أدّوا زكاةَ أموالكم طيِّبةً بها نفوسكم، تراحَموا، وتسامحوا، وصِلوا الأرحام، وبرّوا الوالدين، وأحسِنوا إلى الفقراءِ والمساكين والأرامل والأيتام والمحاويج، كونوا إخوةً متحابّين، على البرّ والتقوَى متعاوِنين، تحلَّوا بالأخلاق الكريمة، وتخلّوا عن الأوصافِ الذّميمة، وتأسّوا بنبيّكم صلى الله عليه وسلم عند استسقائه، فقد خرج متذلِّلاً متخشِّعًا ملِحًّا على الله بالدّعاء، فاهتَدوا بهَديِه، واقتدُوا بسنّته، واجتهِدوا في الدعاء، فإنّ الاجتهاد في الدعاء من أعظمِ الأسباب التي يُستنزَل بها المطَر، (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأرْضِ أَءِلَـهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [النمل:62]، (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186]، (وَقَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60]، وقد ورَد أن الله عزّ وجلّ يستحيي من عباده إذا رفَعوا أيديَهم إليه أن يردَّها صِفرًا، أي: خائبتين. خرجه أحمد وأبو داود من حديث سلمانَ رضي الله عنه.

إذا علمتُهم ذلك ـ يا عبادَ الله ـ فارفَعوا قلوبَكم إلى بارئكم وأيديَكم إلى ربِّكم ومولاكم، والهَجوا بالثناءِ عليه سبحانَه، طالبين الغيثَ منه، راجين لفضلِه، مؤمِّلين لكرمِه، ملحِّين عليه بإغاثةِ القلوب والأرواح، وسقيِ البلادِ والعبادِ، فخزائنه سبحانه ملأى، ويداه مبسوطتان بالعَطايا، سَحّاء الليلَ والنهار، فسبحانه، ألا هو العزيز الغفَّار.

لا إلهَ إلا الله غِياثُ المستغيثين، لا إلهَ إلا الله جابرُ كسرِ المنكسرين، لا إلهَ إلا الله راحمُ المستضعفين.
نستغفرُ الله، نستغفِر الله، نستغفِر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم ونَتوب إليه.

لا إلهَ إلا أنت سبحانك إنّا كنا من الظالمين، لا إلهَ إلا أنت سبحانك إنا كنّا من الظالمين، لا إلهَ إلا أنت سبحانك إنّا كنا من الظالمين.

إلهَنا، كلُّ فرَحٍ بغيرِك زائِل، وكلّ شُغل بسِواك باطِل، والسّرورُ بِك هو السّرور، والسّرور بغيرك هو الغرور.
اللهمّ يا حيّ يا قيّوم برحمتك نستغيث، فلا تكِلنا إلى أنفسِنا طرفةَ عين ولا أقلَّ من ذلك.

لئن لم يرحَمنا ربّنا ويغفر لنا لنكوننّ من الخاسِرين، ربَّنا ظلَمنا أنفسنا وإن لم تغفِر لنا وترحَمنا لنكوننَّ من الخاسرين.

اللهمّ أنتَ الله لا إلهَ إلا أنت، أنتَ الغنيّ ونَحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانطين. اللهمّ أنتَ الله لا إله إلا أنت، أنتَ الغنيّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين.
اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا. اللهمّ اسقِنا, اللهمّ اسقِنا، اللهمّ اسقِنا.
اللهمّ أغِث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادَنا بالخيراتِ والأمطار والغيثِ العميم يا ربّ العالمين.
اللهمّ إنّا خلق من خلقِك، فلا تمنَع عنّا بذنوبنا فضلك. اللهمّ إنّا خلق من خلقك، فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلك.
اللهمّ إنا نستغفرك إنّك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مدرارًا. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مدرارًا.
اللهمّ أغثنا غيثًا مغيثا هنيئًا مريئًا سَحًّا غدقًا طبَقا واسعًا مجلِّلا، نافعًا غيرَ ضار، عاجِلا غير آجل، عاجِلا غير رائِث، اللهمّ سقيا رحمة، لا سقيا عذاب ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق.
اللهمّ اسق عبادَك وبهائمك، وأحيِ بلدك الميّت، وانشُر رحمتك، اللهمّ أغثنا غيثًا مباركا، تحيِي به البلاد، وترحَم به العباد، وتجعَله بلاغًا للحاضر والباد.
اللهمّ أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوّة لنا على طاعتك وبلاغًا إلى حين.
اللهمّ أنبِت لنا الزّرع، وأدِرّ الضّرع، وأنزل علينا من بركاتِ السماء، وأخرج لنا من بركاتِ الأرض يا ذا الجلال والإكرام.
اللهمّ ارحَم الشيوخَ الركّع، والبهائمَ الرتّع، والأطفال الرّضّع.
اللهمّ أخرج في أرضنا زينتَها، وأنبت فيها بهجتَها، ومتِّعنا بنضارتِها، وأكرمنا بخيرها وبركتِها.
اللهمّ ارفع القحطََ والجفاف والجوع والجَهد، واكشف ما بالمسلمين من البلايا، فإن بهم ـ يا حليم يا كريم ـ من اللأواء ما لا يكشفه ولا يصرفه إلا أنت، سبحانك وبحمدك.
اللهمّ اكشف الضرَّ عن المتضرِّرين، والكربَ عن المكروبين، وأسبِغ النعمَ على عبادك المؤمنين.
اللهمّ لا تهلكنا بالسنين، وأنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من الآيسين.
اللهمّ لك الحمد والشكر على ما أنزلتَ علينا من الغيثِ، اللهمّ فزدنا منه، اللهم فزِدنا منه، وعُمّ به أرجاءَ البلاد، وأتبِعه بخير منه يا ذا الجلال والإكرام، واجعَله على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابتِ الشجر.
اللهمّ هؤلاء عبادك، رفَعوا أكفَّ الضراعة إليك، يسألونَك الغيث، اللهمّ يا ذا الجلال والإكرام فأعطِهم سؤلهم، اللهمّ فأعطهم سؤلهم، وحقِّق أملهم يا حيّ يا قيوم.
أيها الإخوة المسلمون المستغيثون، لقد كان من سنّة نبيّكم صلى الله عليه وسلم بعدما يستغيثُ ربَّه أن يقلبَ رداءه، فاقلبوا أرديتكم اقتداءً بسنّة نبيّكم صلى الله عليه وسلم ، وألحّوا على الله بالدّعاء، فإنّه سبحانه يحبّ الملحّين في الدعاء، وأحسِنوا الظن بربكم، واحذروا اليأسَ من روح الله والقنوطَ من رحمة الله.
ربّنا لا تؤاخِذنا إن نسِينا أو أخطأنا، ربَّنا تقبل منا إنك أنتَ السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم، واغفِر لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين، يا أرحمَ الراحمين.
اللهمّ لا تردَّنا خائبين، ولا عن بابِك مطرودين، ولا مِن رحمتك محرومين.
(سُبْحَـانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَـامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ) [الصافات:180-182].

وصلّى الله على سيّد ولدِ آدم أجمعين النبيِّ المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبِعهم بإحسان وسارَ على نهجهم واقتفى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

الخطبة الثانية:

لم ترد.

 

 

 

 

المرفقات
320.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life