فتاوى الشبكة الإسلامية
السؤال
حينما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: بئس أخو العشيرة هو ـ فهل تعتبر هذه غيبة؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه حديث صحيح رواه البخاري ومسلم، وهو دليل على جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب والنفاق، وبيان حالهم ليعرفهم الناس ولا يغتروا بما يظهرون، ولا يدخل ذلك في الغيبة المحرمة، قال الزرقاني في شرح الموطأ: قَالَ الْبَاجِيُّ: وَصَفَهُ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَ حَالَهُ فَيُحْذَرَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغِيبَةِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ جَوَازُ غِيبَةِ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوِ الْفُحْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ جَوَازِ مُدَارَاتِهِمُ اتِّقَاءً لِشَرِّهِمْ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ فِي دِينِ اللَّهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهما وَبَيْنَ الْمُدَارَاةِ أَنَّهَا بَذْلُ الدُّنْيَا لِصَلَاحِ الدُّنْيَا أَوِ الدِّينِ أَوْ هُمَا مَعًا، وَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَرُبَّمَا اسْتُحْسِنَتْ، وَالْمُدَاهَنَةُ بَذْلُ الدِّينِ لِصَلَاحِ الدُّنْيَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَذَلَ لَهُ مِنْ دُنْيَاهُ حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَالرِّفْقَ فِي مُكَالَمَتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَمْدَحْهُ بِقَوْلٍ فَلَمْ يُنَاقِضْ قَوْلُهُ فِيهِ فِعْلَهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ: بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ ـ حَقٌّ، وَفِعْلَهُ مَعَهُ حُسْنُ عِشْرَةٍ، فَيَزُولُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ الْإِشْكَالُ. اهـ.
والرجل الذي ورد فيه الحديث هو عيينة بن حصن ولم يكن أسلم حينئذ، وإن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله ليعرفه الناس، ولا يغتر به من لا يعرف حاله، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه بئس أخو العشيرة من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، لأنه ظهر كما وصف، قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح رياض الصالحين: وكان هذا الرجل من أهل الفساد والغي، فدل هذا على جواز غيبة من كان من أهل الفساد والغي، وذلك من أجل أن يحذر الناس فساده حتى لا يغتروا فيه، فإذا رأيت شخصًا ذا فساد وغي، لكنه قد سحر الناس ببيانه وكلامه يأخذ الناس منه ويظنون أنه على خير، فإنه يجب عليك أن تبين أن هذا الرجل لا خير فيه وأن تثني عليه شرًا، لأجل ألا يغتر الناس به، كم من إنسان طليق اللسان، فصيح البيان، إذا رأيته يعجبك جسمه، وإن يقل تسمع لقوله، ولكنه لا خير فيه فالواجب بيان حاله، كذلك أيضاً ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة أيضاً قال: ما أظن أن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئا ـ وكانا من المنافقين، فأثنى عليهما شرًا وأنهما لا يعرفان من الدين شيئاً، لأن المنافق لا يعرف من دين الله شيئاً في قلبه وإن كان يعرف بأذنه، لكن لا يعرف بقلبه ـ والعياذ بالله ـ فهو منافق يظهر أنه مسلم، ولكنه كافر قال الله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. اهـ
والله أعلم.
التعليقات