عناصر الخطبة
1/ رمضان وتهذيب النفوس من الرذائل 2/ تفضيل الصيام على كثير من القربات 3/ من ثمرات الصيام 4/ حقيقة الصيام 5/ آداب الصياماهداف الخطبة
اقتباس
فبالصيام يقوى إيمان المسلم، وتزكو نفسه بالتقوى، ويعظم قدره بالصبر، فإيمان المسلم يجعله يُبادِر إلى الصيام امتثالاً لأمر الله -عز وجل- القائل -جل شأنه-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فبالتقوى يبتعد المسلم عما نهى الله عنه، مما يؤثِّر في الصيام من سبٍّ وشتم، أو طعن في الأعراض، أو انتهاك للحرمات ..
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله-، اتقوه في جميع أوقاتكم، وراقبوه في سكناتكم وحركاتكم، واعلموا أن الله فضَّل بعض الأوقات على بعض، وجعلها متجرًا رابحًا لعباده المؤمنين.
فهذا شهركم شهر رمضان، شرّفه الله وفضَّله، أنزل فيه القرآن، وفرض صيامَه على الأنام، وجعله موسمًا عظيمًا من مواسم العفو والغفران، من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، جعل الله صيامه فريضة، وقيامَه تطوعًا وفضيلة.
فرضه سبحانه لتهذيب النفوس من الرذائل، وتحلِّيها بالفضائل، والبعد عن كل خلقٍ ذميم أو مرتعٍ وخيم.
فضَّله سبحانه على كثير من القربات والطاعات، ورفع منزلته وميّزه على أنواع العبادات بقوله في الحديث القدسي: "يقول الله -عز وجل-: الصوم لي وأنا أجزي به". وبقوله: "والذي نفسي بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وقد قال سبحانه: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10].
فبالصيام يقوى إيمان المسلم، وتزكو نفسه بالتقوى، ويعظم قدره بالصبر، فإيمان المسلم يجعله يُبادِر إلى الصيام امتثالاً لأمر الله -عز وجل- القائل -جل شأنه-: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، فبالتقوى يبتعد المسلم عما نهى الله عنه، مما يؤثِّر في الصيام من سبٍّ وشتم، أو طعن في الأعراض، أو انتهاك للحرمات.
عباد الله: إن شهركم هذا موسمٌ من مواسم التجارة مع الله، شهرٌ عظيم تفتح فيه أبواب الرحمة والخيرات، وتغلق أبواب الجحيم، وتكفَّر السيئات، فينبغي لنا اغتنامه وعدم التفريط فيه، فما هو إلا أيامٌ قلائل يفوز بها العاملون، ويربح المتقون، ويخسر فيها المذنبون، ويُحرم منها المفرِّطون، من اتَّجر فيه مع مولاه نال ما يتمناه، وفاز بمغفرة ما تقدم من ذنبه وعتق رقبته من النار.
فصونوا -عباد الله- فيه أسماعكم وأبصاركم وألسنتكم عن اللغو والرفث والفحش وقول الزور، فـ"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
طهِّروا ألسنتكم عن الكذب والغيبة والنميمة والطعن في أعراض إخوانكم المؤمنين، فليس الصيام تركًا للطعام والشراب فحسب، لكنه مع ذلك صيامٌ عن اللغو والرفث، صيامٌ عن السباب والشتائم، صيامٌ عن أكل أموال الناس بالباطل، صيامٌ عن تناول الحرام، صيامٌ عن الطعن في أعراض الناس، وعن التعرض لهم بالأذية بالقول أو الفعل.
جاهدوا أنفسكم -عباد الله- على الطاعات، ولزوم الجمع والجماعات، والإكثار من ذكر الله -سبحانه وتعالى- وتلاوة كتابه، والتدبّر لمعانيه، والعمل بما فيه، والائتمار بأمره، والانتهاء عن نهيه، والطمع في وعده، والخوف من وعيده، والتصديق بخبره، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والتخلق بأخلاقه، ولقد كان يكثر التلاوة في رمضان أكثر من غيره، وقد كان جبريل -عليه السلام- يأتي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يدارسه القرآن كل سنة في رمضان، وفي السنة الأخيرة من عمر النبي –صلى الله عليه وسلم- عرض عليه جبريل القرآن مرتين.
ولقد كان يحث أصحابه على تلاوته ويرغّبهم فيه؛ فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
فاتقوا الله -عباد الله-، واعرفوا قدر شهركم الكريم، واغتنموا فيه الليالي والأيام بالتوبة والاستغفار، والإنابة والانكسار بين يدي العزيز الغفار.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله معين الصابرين، ومجزل العطاء للعابدين، أحمده سبحانه، وأشكره على ما أولاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله-، اتقوه حق تقاته، وامتثلوا أوامره، وانتهوا عن نواهيه.
واعلموا -رحمكم الله- أن للصوم آدابًا، منها: كفُّ النظر عن الحرام، وحفظ اللسان عن الآثام، والإفطار على الحلال، وأن يعجِّل فطره ويؤخِّر سحورَه، وأن يكون الفطر على رُطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، ويقول إذا أفطر: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي، وتذكروا قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان أحدكم صائمًا فلا يجهل ولا يرفث، فإن امرؤ قاتله أو شتمه فليقل: إني صائم".
فاحفظوا -رحمكم الله- صيامكم، وأخلصوا نياتكم وأعمالكم.
وصلوا وسلموا على النبي المجتبى ورسول الهدى محمد، فقد أمركم الله بذلك فقال -سبحانه وتعالى- قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد أزكى البرية أجمعين ورسول رب العالمين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين...
التعليقات