عناصر الخطبة
1/ نعمة الهداية للإيمان من أجل النعم 2/ الإسراء والمعراج من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم3-/ ذكر بعض أحداث الإسراء والمعراج 4/ أهم الدروس والعبر المستخلصة من رحلة الإسراء والمعراج.اهداف الخطبة
اقتباس
الإسراء والمعراج آية وعبرة، ينتفع بها من أحيا الله قلبه بالعلم والإيمان، وأما الذين في قلوبهم مرض فهم في ريبهم وشكهم يترددون.. تلك المعجزة التي كشفت مرض القلوب لدى المُعرضين وأتباع الهوى، وكفر استكبار أهل الشرك وكل من عاند وغوى.. إن من معجزاته -صلى الله عليه وسلم-: حادثة الإسراء، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به إلى السماوات العلا... ونحاول أن نستحضر هذا الحدث العظيم لأجيال اليوم، عسانا نقتبس بعضًا من الدروس والعبر، وننتفع بالتذكير والذكرى لهذه المعجزة التي فصلت بين صدق الإيمان ويقينه، وبين ادعاء لإيمان مزيف أو ضعيف ...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ..... (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها المسلمون والمسلمات: إن منْ أجَلِّ نِعَم الله علينا وأعْظمها أن منَّ علينا بالهداية للإيمان، مما أهَّلنا -بفضل الله- أن نكون خير أمة أخرجت للناس؛ نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونومن بالله.
وبهذا الشرط تبقى أمةُ الإسلام محافظة على خيريَّتِها وتستمر في البقاء والعطاء؛ أمة سيد الأنام -صلى الله عليه وسلم-، عنوان الصدق والأمانة قبل بعثته، والرحمة المهداة للعالمين بخلقه العظيم بعد اصطفائه ...
وقد رفع الله ذِكره وجعل الذل والصغار على من خالف أمره، وأعرض وحاد عن اتباع سنته ... فلله الحمد على نعمة الهداية والإسلام، ولله الشكر والمنة على الدوام (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات: 17].
أيها المسلمون: إن الله –تعالى- قد اختار وأرسل خير البشر، الذي تحمل الأمانة فأنذر وحذر، وبلَّغ الرسالة بيُسر وبشَّر، (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ) [آل عمران 179]، واختصه بفضائل وأخلاق ميّزته عن سائر الأنبياء والرسل؛ فكان بذلك قدوة للعالمين... وتميز بمُعجزات أفحمت وأبهرت خصومه المعاندين، ورسّخت عقيدة الإيمان عند آله وأصحابه بيقين، ليسير على طريقهم ونهجهم أباعهم إلى يوم الدين ...
ومن معجزاته -صلى الله عليه وسلم-: حادثة الإسراء، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به إلى السماوات العلا... ونحاول أن نستحضر هذا الحدث العظيم لأجيال اليوم، عسانا نقتبس بعضًا من الدروس والعبر، وننتفع بالتذكير والذكرى لهذه المعجزة التي فصلت بين صدق الإيمان ويقينه، وبين ادعاء لإيمان مزيف أو ضعيف ...
المعجزة التي كشفت مرض القلوب لدى المُعرضين وأتباع الهوى، وكفر استكبار أهل الشرك وكل من عاند وغوى .... فاستمعوا وأنصتوا يرحمكم الله: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [الإسراء: 1]....كيف تم ذلك؟
ركب -صلى الله عليه وسلم- على ظهر البراق ومعه جبريل عليه السلام حتى أتيا بيت المقدس، ودخل المسجد الأقصى ليجد الأنبياء جميعا، ويصلي بهم ركعتين – ولما خرج من المسجد جاءه جبريل بإناء فيه خمر وإناء من لبن فاختار -صلى الله عليه وسلم- اللبن. فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة... (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) [الروم: 30].
ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبا به، فَفُتِحَ له فوجد ِآدَمَ عليه السلام. فسلم عليه -صلى الله عليه وسلم-. فرد عليه السلام وقال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثُمَّ عرجَ بِه إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَفُتِحَ لَه فرأى النبي صلوات الله عليه عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِه بِخَيْرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بِه إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فإذا هو بِيُوسُفَ -صلى الله عليه وسلم- وقَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِه بِخَيْر.
ثُمَّ عَرَجَ بِه إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَإِذَا هو بِإِدْرِيسَ ... ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَإِذَا هو بِهَارُونَ...، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَإِذَا هو بِمُوسَى عليه السلام ...، ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَإِذَا هو بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وهُوَ بيت يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بالرسول -صلى الله عليه وسلم- إِلَى سِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ...
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى رسوله مَا أَوْحَى وفَرَضَ عَلَيه خَمْسِينَ صَلاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَنَزَل إِلَى مُوسَى، فَقَالَ له: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ. فَرَجَعْ الرسول عليه الصلاة والسلام فوضع عنه عشرا...
ومازال -صلى الله عليه وسلم- يراجع، حتى استقرت على خمس فرائض في اليوم والليلة، ثم نادى مناد: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي...
ثم عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى فراشه قبل الصبح ... فلما أخبر قومه بما أراه الله -عز وجل- من آياته الكبرى؛ اشتد تكذيبهم له وآذوه. وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له حتى عاينه، ووصفه لهم وصفا دقيقًا. ولم يستطيعوا أن يردوا من خبره ووصفه شيئا،...
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ".
وكان أبو بكر -رضي الله عنه-، كلما قال رسول الله شيئا قال: صدقت، أشهد أنك رسول الله...
أيها المسلمون: إن خبر الإسراء والمعراج آية وعبرة، ينتفع بها من أحيا الله قلبه بالعلم والإيمان، وأما الذين في قلوبهم مرض فهم في ريبهم وشكهم يترددون. وصدق ربنا بوصفهم، (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة: 124- 125].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وكلام سيد الأولين والآخرين ويغفر الله لي ولكم ولكل من قال آمين.
الخطبة الثانية:
بعد حمد الله وشكره....
أيها المسلمون، إن العبر والدروس التي نستخلصها من ذكرى الإسراء والمعراج كثيرة منها:
* أن أمة الإسلام أمة الفطرة، (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30]، يرمز إلى ذلك اختيار نبينا للبن بدل الخمر.
وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلغ أشرف مكان عند سدرة المنتهى، وفرض الله عليه فيه الصلوات الخمس مباشرة، فدل ذلك على عظيم منزلة الصلاة عند الله تعالى.
وأن الخبر أو الحكم الذي جاء عن الله ورسوله ينبغي للمؤمن الصادق أن يقابله بالتصديق والتسليم واليقين بلا شك ولا تشكيك، ولا استهزاء أو تنكيت، فما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا يجوز التسامح مع من يستهزئ بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-....
وأن محبة الله -عز وجل- ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ينبغي أن تفوق كل محبة، ليجد المؤمن حلاوة ذلك في قلبه فلا يستهين بأمرهما أو يجاري من ضعف عنده الإيمان بهما .
فاحذروا عباد الله من أهل التشكيك الذين يشككون أبناءنا في الله ورسوله، وليكن لنا "الصديق" أبو بكر رضي الله عنه، مثالا وأسوة حسنة . فعندما جاؤوا ليزعزعوا إيمانه ويبثوا سمومهم في عقيدته، أجابهم بإيمان ثابت: "إن كان قد حدثكم بذلك فهو صادق".
فاتقوا الله عباد الله، فإن خير الهدي هدي سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، واعلموا أنكم بتمسككم بما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من عند الله، كتابا وحكمة، تحققون في واقعكم خير أمة أخرجت للناس، وترضون بذلك ربكم، وتسعدوا في دنياكم وأخراكم...
التعليقات