عناصر الخطبة
1/منزلة حسن الخلق وتعريفه 2/فضائل حسن الخلق وكمال خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- 3/معالم وسمات حسن الخلق 4/مقابلة السيئة بالحسنة 5/الإسلام يشمل العبادات والمعاملاتاقتباس
عباد الله: حَسَنُ الخلق؛ عفو كريم، يكظم غيظه وهو قادر على أن يمضيه، يعفو وهو قادر على الانتقام، يتسامح ولا يشغل نفسه بالخصام، العمر عنده أعز، والحياة لديه أغلى، والأخوة لديه أثمن. حَسَنُ الخلق؛ كريم النفس، سعيد بنفسه وأهله، يدخل...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
عباد الله: أمر من الأمور تحبه جميع النفوس، وتأنس به النفوس المؤمنة والكافرة، والبرة والفاجرة، بل وتتأثر به تأثرا بالغا، هذا الأمر هو من أعظم أسباب ترابط المجتمع ووحدته وتألفه، المجتمع الذي تسوده المحبة، والمودة، والرحمة، والألفة، ولذا حث الإسلام على هذا الأمر في صور شتى، بل وجعله من أثقل ما يكون في ميزان العبد يوم القيامة، هذا الأمر جعل كثيرا من الناس يدخلون الإسلام لما رأى المسلمين يتصفون به، ويطبقونه تطبيقا عمليا؛ إنه حسن الخلق.
والخلق -كما يعرفه العلماء- هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر، وحسن الخلق يعني تعاطي الأفعال الحسنة الطيبة، والاتصاف بها، وتكلفها حتى تصير طبعا للإنسان، وهيئة راسخة له، من الصبر، والحلم، والتواضع، وكظم الغيظ، ولين الجانب، وخفض الجناح، وحسن المعاملة، ومجانبة الفضاضة والغلظة، والبعد عن الفحش في القول، إلى غير ذلك مما يعده الناس خلقا محمودا، ووصفا حسنا، قال ابن مبارك -رحمه الله-: "حسن الخلق طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى".
وقد وردت النصوص الكثيرة مرغبة في الاتصاف بحسن الخلق، ورتبت على ذلك الأجر العظيم، بل صح النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء"(رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح")، ويقول عليه الصلاة والسلام لما سأل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: "تقوى الله، وحسن الخلق".
وعندما ننظر إلى أفراد وصفات حسن الخلق نجد أنها قد رتب عليها الأجر العظيم، حتى إن مجرد تبسمك في وجه أخيك صدقة، مجرد أن تبتسم في وجه أخيك إذا لقيته يكون هذا صدقة، وحتى إن طلاقة الوجه عند لقيا أخيك صدقة، "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق".
وإذا ألقيت التحية على أخيك المسلم نلت على ذلك أجرا، فإن كانت كاملة بأن قلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نلت ثلاثين حسنة، وإن قلت: السلام عليكم ورحمة الله عشرون حسنة، وإن قلت: السلام عليكم عشر حسنات.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قدوة لأصحابه وللأمة في حسن الخلق، ووصفه ربنا -عز وجل- بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].
جاء في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كان يسير يوما في الطريق فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، وإذا تلك الجبذة قد أثرت في عاتق النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه وضحك، وأمر له بعطاء".
إن الرجل العظيم كلما ارتفع إلى آفاق الكمال اتسع صدره، وامتد حلمه، وتطلب للناس الأعذار، والتمس لأغلاطهم ومسوغات، وأخذهم بالأرفق من حالهم، أخرج البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دعوه، وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو قال: ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين"، وجاء في رواية: "أنه بعدما فرغ هذا الأعرابي من بوله، دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا القذر، إنما هي للتسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن" أو كما قال عليه الصلاة والسلام» وجاء في رواية عند الترمذي: أن هذا الأعرابي لما رأى حسن الخلق والرفق من النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا" فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقد تحجرت واسعا".
أولئك هم رسل الله -عليهم الصلاة والسلام- عنوان الرحمة والشفقة، والقدوة في الصفح والمغفرة.
وجاء في الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- قال: "ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولقد خدمت النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لي شيء فعلته لما فعلته، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا".
عباد الله: إن المسلم ينبغي له أن يعامل إخوانه بما يحب أن يعاملوه به، من حسن الأخلاق، وكريم السجايا.
إن المسلم الناصح شفيق بإخوانه، رفيق بهم، يحب لهم الخير كما يحب لنفسه، ويجتهد لهم في النصح كما يجتهد لنفسه.
أما الفض القاسي، صاحب القلب الغليظ، فقد قضت سنة الله -عز وجل- أن ينفر الناس منه، فلا تقبل منه دعوة، ولا يسمع منه توجيه، ولا يرتاح له جليس؛ كما قال الله -تعالى- عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[آل عمران: 159]. وتأملوا قوله: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، فمهما كانت حجتك قوية، ومهما كان خطابك مقنعا، ومهما كان ما تقوله صحيحا الأخلاق أولا، حتى لو كان ما يقوله حقا، بل وحيا إذا كان فظا غليظ القلب انفض الناس من حوله، فالأخلاق مطلوبة أولا، وإذا كان المخاطب بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، والذي ينفض هو الصحابة، فكيف بغيره، وكيف بغيرهم؟
إن العقل والحكمة والمعرفة بطبائع الأمور تقتضي تقبل الميسور من أخلاق الناس، والرضا بالظاهر من أحوالهم، وعدم التقصي على سرائرهم، أو تتبع دخائلهم، كما تقتضي قبول أعذارهم، وحملهم على السلامة، وحسن النية إذا وقعت هفوة، أو حصلت زلة، فليس من الأدب، وليس من الخلق الحسن المسارعة إلى هتكها، والتعجل في كشفها، فضلا عن التحدث بها وإفشائها.
عباد الله: حَسَنُ الخلق عفو كريم، يكظم غيظه وهو قادر على أن يمضيه، يعفو وهو قادر على الانتقام، يتسامح ولا يشغل نفسه بالخصام، العمر عنده أعز، والحياة لديه أغلى، والأخوة لديه أثمن.
حَسَنُ الخلق كريم النفس، سعيد بنفسه وأهله، يدخل السرور على المحزون، ويمسح الدمع عن الباكي، وينير السبيل للحيران، تعلوه بسمة رقيقة، ويد حانية، وقلب شفوق.
صاحب الخلق الحسن مؤمن برحمة ربه، مؤمن بعدل الله -عز وجل- بما قسم من حظوظ، وما وزع من مواهب، فهو يمسي ويصبح سليم الصدر، نقي فوائد، يدعو بدعاء الصالحين: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر: 10].
يقول بعضهم: يستدل على رجاحة عقل الإنسان بميله إلى محاسن الأخلاق، وإعراضه عن رذائل الأعمال، ورغبته في إسداء صنائع المعروف، وتجنبه ما يكسبه عارا، أو يورثه سوء سمعة.
عباد الله: وتتجلى الأخلاق الكريمة عندما يساء للإنسان فإن في المجتمع طبقة غير محترمة، تسيء للآخرين، بل ربما بعضهم يتلذذ بذلك بأذية الآخرين، فينبغي أن يكون لدى المسلم المنهج الصحيح في التعامل مع هذه الطبقة؛ وذلك بأن يعرض عنهم، وألا يدخل معهم في صراعات، وفي معاني تافهة، تمضي عليه العمر، وتصرفه عن كثير من الأعمال التي تهم في أمور دينه ودنياه، والله -عز وجل- ذكر المنهج الصحيح في هذا، فقال: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)[الفرقان: 63]، (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)[القصص: 55]، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الأعراف: 199].
الطبقة الجاهلة الغير محترمة هذه ينبغي الإعراض عنها، وعدم الدخول معها في صراعات، ولا في نقاشات، ولا في معارك تافهة، فالعمر أثمن من أن يشغله الإنسان بمعارك تافهة مع هؤلاء، وأعظم من ذلك أن يقابل السيئة بالحسنة، وهذه خصلة عظيمة لا يوفق لها إلا من عظم حظه عند الله -عز وجل-؛ كما قال ربنا -سبحانه-: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فصلت: 34] أي أنك إذا دفعت السيئة بالحسنة انقلب هذا العدو كأنه ولي حميم.
ولكن هذه الخصلة خصلة شاقة على النفوس لا يوفق لها إلا من عظم حظه عند الله، ولهذا قال عز وجل: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)[فصلت: 35]، (وَمَا يُلَقَّاهَا) أي هذه الخصلة وهي: دفع السيئة بالحسنة (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) فإن ارتقى الإنسان بدفع السيئة بالحسنة فهذا هو المطلوب، وإن لم يرتق إلى هذه المرتبة فلا أقل من أن يعرض عن الجاهلين، وأن لا يدخل معهم في خصومات، وفي مناوشات، وإنما يكظم غيظه، ويعرض عنهم، فإن هذا داخل في حسن الخلق المأمور به.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
عباد الله: إن من المشاهد: أن كثيرا من الحوادث البسيطة التي تقع في المجتمع تقع عندما يقابل فيها الشر بالشر، والسيئة بالسيئة، فيشتد الخلاف، ويقوى النزاع، وربما أن حوادث بسيطة تتسبب في نتائج فادحة، بل إن كثيرا من حوادث القتل كان سببها حوادث تافهة وبسيطة نزاع بسيط تطور شيئا فشيئا إلا أن تسبب في تلك النتيجة، وكثير من حوادث الطلاق يكون سببها أمور تافهة وبسيطة، وكثير من القضايا التي تصل إلى المحاكم وربما تمكث مددا طويلة سببها قضايا تافهة وبسيطة، فما ظنكم أن أحد الخصمين قابل السيئة بالحسنة، أو أعرض عن هذا الجاهل، ولم يقابله بمثل سيئته؟
لا شك سيرتفع الخلاف، وأنه سيقضي على هذه المشكلة في مهدها، بل سيعود الصفاء إلى النفوس، بل ربما انقلب هذا الخصم وكأنه ولي حميم.
فليحرص المسلم على التخلق بذلك، وأن يعرف المنهج الصحيح في التعامل مع من يسيئه إليه، وأن يقتدي بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فإنهم قدوات للبشر، وكانوا يصبرون على أذى الجاهلين، ولا يقابلون السيئة بالسيئة، وإنما يعرضون عن الجاهلين، أو يقابلون السيئة بالحسنة، مع الصبر، والاحتمال، وكظم الغيظ.
عباد الله: إن تعامل الإنسان مع الآخرين له منزلته في دين الإسلام، فليس التدين منحصرا في الشرائع التعبدية التي بين العبد وبين ربه فحسب، بل يشمل ذلك تعامله مع الآخرين، بل إنه لو كان كثير الصلاة والصيام، والشرائع التعبدية فيما بينه وبين ربه، لكنه يسيء للناس فخير منه ذلك الذي هو محافظ على الفرائض، وأقل منه في النوافل، لكنه يحسن إلى الناس، مصداق هذا ما أخرجه أحمد بسند صحيح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: إن فلانه تذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هي في النار"، قيل له: وإن فلانة تصلي المكتوبة، وتتصدق بأثوار من الأقط، ولا تؤذي أحدا من جيرانها؟ وفي رواية: إن فلاته تذكر بقلة صيامها وصدقتها وصلاتها غير أنها تتصدق بشيء من أثوار الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هي في الجنة".
فانظروا -أيها الإخوة- حال هاتين المرأتين:
الأولى: لها عناية بالشعائر التعبدية فيما بينها وبين ربها لكنها تؤذي الآخرين من حولها بلسانها، فماذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها؟ قال: "هي في النار".
أما الثانية: فهي تحافظ على الفرائض، وتعمل ما تيسر من النوافل، وهي أقل من الأولى في النوافل، لكنها لا تؤذي جيرانها، بل تحسن إليهم، فماذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها؟ قال: "هي في الجنة".
فالدين المعاملة، ينبغي للإنسان أن يستشعر عظمة هذا الدين، وأنه يشمل جميع شؤون الحياة، فليس خاصا بالشعائر التعبدية بينه وبين ربه، من صلاة، وصيام، ونحوها، ولكنه يشمل أيضا تعامله مع الآخرين، فينبغي أن يكون حسن الخلق، وأن لا يؤذي غيره لا من أهل، ولا جيران، ولا زملاء، ولا غيره، وإنما يكون حسن الخلق، كريم السجايا معهم، ليس فقط يكف أذاه عنهم، بل يحسن في تعامله معهم، والموفق من وفقه الله -عز وجل-.
ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارض عن صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم أذل النفاق والمنافقين.
اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء، اللهم فأشغله في نفسه، اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه، يا قوي يا عزيز، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء ورغد العيش والوحدة واجتماع الكلمة واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك، واجعلنا لنعمك وآلائك شاكرين.
اللهم أعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم أصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل مكان، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمة لرعاياهم.
اللهم ووفق إمامنا وولي أمرنا لما تحب وترضى، وقرب منه البطانة الصالحة الناصحة، التي تعينه إذا ذكر، وتذكره إذا نسي، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر: 10].
التعليقات