عناصر الخطبة
1/الحكمة من البلاء والمصائب 2/المصائب كفارات للذنوب 3/ما ينبغي للمبتلي عمله 4/موعظة لنهاية العام.
اهداف الخطبة

اقتباس

فإن مصائب الدنيا كفارات قبل الممات وإذهاب للسيئات, قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب، فإن ذلك يكفر الله به خطاياه, كما ثبت في الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، خلق فسوى، وقدر فهدى, وأضحك وأبكى، وأسعد وأشقى، وأمات وأحيى, أحمده -سبحانه- وأشكره على نعمه التترى, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ولا ند ولا شبيه ولا مثيل ولا نظير (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11]. وأشهد أن محمد عبده ورسوله السراج المنير والبشير النذير, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين, وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

 

أما بعد فأُوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فبها يتحقق الإيمان وتتم النعمة وتكمل المنة (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون: إن الله -سبحانه وتعالى- جعل البلاء والمصائب اختبارا وامتحانا وتمحيصا للناس (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) [البقرة: 155 - 157], (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35].

 

وجاء عند البخاري ومسلم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها", وصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".

 

وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة، لا تزال حتى يكون انجعافها مرة واحدة", وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "من يرد الله به خيرا يصب منه", وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض، فما سواه إلا حط الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها".

 

أيها المؤمنون: إذا تقرر هذا فإن مصائب الدنيا كفارات قبل الممات وإذهاب للسيئات, قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب، فإن ذلك يكفر الله به خطاياه, كما ثبت في الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".

 

وفي المسند لما نزلت هذه الآية: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) [النساء: 123]،قال أبو بكر: يا رسول الله، جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءا؟, فقال: "يا أبا بكر، ألست تحزن؟, ألست يصيبك الأذى؟, فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب. كما قال تعالى: (طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: 73]".

 

وقال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى: 30], قال ابن القيم -رحمه الله-: "هذا تبشير وتحذير إذ أعلمنا أن مصائب الدنيا عقوبات لذنوبنا وهو أرحم أن يثني العقوبة على عبده بذنب قد عاقبه به في الدنيا كما قال النبي: "من بلي بشيء من هذه القاذورات فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ومن عوقب به في الدنيا فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده".

 

أيها الموحدون: إن المسلم مأمور إذا ابتلي أن يصبر ويحتسب, ولا يجزع ولا يتسخط, قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "عجبا لأمر المؤمن, إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له", قال عمر بن الخطاب: "وجدنا خير عيشنا بالصبر", وقال علي -رضي الله عنه-: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد", وقال المحاسبي -رحمه الله-: "علامة الصَّبْر الا تَشْكُو من جَمِيع المصائب الى اُحْدُ من المخلوقين شَيْئا", وعن الحسن قال: "والله لتصبرن أو لتهلكن".

 

أيها الإخوة: إن ما أصابنا في الأسبوع الماضي في انفجار الجسر بشرق الرياض وقبله حادثة بقيق؛ إنما هو من أقدار الله التي يجب أن نصبر عليها، ونعلم أنها كفاراتٌ لأهلنا ولنا جميعا, ولنعلم أن الصبر ما ترك للناس عذرا ولا حجة, فمن لم يلق الله بما أمره بحلاوة الرضا فليلقه بالصبر وكراهته, ومن لم يلق الله ببغض ما نهاه عنه فلا يلقاه بالحب له بل بالصبر, فما ترك الصبر للناس حجة.

 

يا من بين يديه الأهوال والعجائب, وقدما نوى له الدهر النوائب, أما سهم المصائب كل يوم صائب, أحاضر فتحمل من عتبنا كلا بل أنت غائب!!.

 

أيها المتقون: أيام قلائل ينتهي العام ويدخل عام جيد فلنتعظ, ولنعلم بأن أعمارنا إلى انتهاء وآجالنا إلى انقضاء، وأننا إلى الفناء صائرون, ولكأس الموت شاربون، فلنعبد ربنا حتى يأتينا اليقين, ومع نهاية العام لنكون ربانيين.

 

ولا نقل بأن الصحف تُطوى بل إن صحفنا تُطوى بموتنا, فكل إنسان له صحيفة واحدة تُطوى بموته، والعام ليس له صحف فتُطوى, ومن قال لنا مهنأً داعياً: "كل عام وأنتم بخير", أجبناه بقصد الدعاء: "وأنت بخير" وأما أن نبدأ ونقول: "كل عام وأنت بخير" فلا أصل له في الشرع, ولكن إذا قيل لنا فلنجب بالدعاء.

 

 

المرفقات
حتى الشوكة يشاكها.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life