حتى أكون أحب إليك من نفسك

مركز حصين للدراسات والبحوث

2024-09-11 - 1446/03/08
عناصر الخطبة
1- مظاهر محبة الصحابة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- 2- وجوب تقديم حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما سواهما 3- عنوان المحبة الاتباع وترك الابتداع

اقتباس

إنَّ محبةَ اللهِ ورسولِه -صلى الله عليه وسلم- يجبُ أن تُقدَّمَ على محبةِ ما سواهما، أن يكونَ اللهُ ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليكَ من مالِكَ وولدِكَ وأهلِكَ...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

الحمدُ للهِ الذي بعثَ نبيَّهُ محمدًا سراجًا منيرًا، وجعلَ محبتَهُ واتِّباعَهُ دينًا قويمًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. 

 

أما بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السرِّ والنجوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

 

هل بَلَغك نبأُ سيِّدِ اليمامةِ، ثُمامةَ بنِ أُثَال؟

 

بعث النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَريَّة، فجيء به أسيرًا، وربطوه بسارية من سواري المسجد، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟” فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ! إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟” قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟” فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: “أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ!”. فذهبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: “أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثم قال: يَا مُحَمَّدُ! وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ!”. ثم قَدِمَ مَكَّةَ معتمرًا، فقَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: “لاَ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلاَ وَاللَّهِ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-”(رواه البخاري ومسلم).

 

إنَّ كلَّ زكيِّ القلبِ عَرَفَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بأخلاقِهِ العَلِيّةِ وشمائلِهِ الزَّكيّةِ لا يملكُ إلا أن يُحبَّهُ، بل إنَّهُ يملكُ عليه قلبَهُ؛ لذلكَ لم يوجدْ أحدٌ أحبَّ أحدًا، كحبِّ أصحابِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- له.

 

إنَّها المحبّةُ الصادقةُ، ليست كتلكَ الدَّعاوى الفارغةِ.

 

لقد بلغَ حبُّهم له أن فدَوْهُ بأرواحِهِم، وقدَّموهُ على آبائِهِم وأهليهِم.

 

انظر إلى أحبِّ الناسِ إليه أبي بكر الصديق، لما جَلَسَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى المِنْبَرِ وقَالَ: “إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ”. عَلِم الصِّدِّيقُ أبو بكر أن المخيَّر هو رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذٍ بَكَى أَبُو بَكْرٍ وبكى وَقَالَ: “فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يا رسول الله!”(رواه البخاري ومسلم).

 

ولما كان -رضي الله عنه- معه في الهجرة، أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بلبن شاة، فجعل يبرِّده لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال له: “اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ!”، قال أبو بكر: “فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى رَضِيتُ”(رواه البخاري ومسلم).

 

وفي يومِ الهجرةِ المباركةِ جعلتْ قريشٌ مالًا عظيمًا لمن يأتي برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبِه أبي بكر، فخرجَ المرتزِقةُ من كفارهم يجوبون الأرض بحثًا عنهما، حتى كاد أن يدركهما سراقة بن مالك، فلما رأى الصديقُ اقترابه بكى، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مَا يُبْكِيكَ؟”، قُلْتُ: “أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَيْكَ”(رواه أحمد).

 

ويوم أحُدٍ يقفُ النبي -صلى الله عليه وسلم- كالأسَدِ الـهَصور، يتقدَّمُ نحوَ أعداءِ الله مقاتلًا مِقدامًا، إلا أن أبا طلحة جعل يحوط النبي -صلى الله عليه وسلم- ويترِّسُ عليه قائلًا: “يَا نَبِيَّ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفْ، لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ”(رواه البخاري ومسلم).

 

وها هو سعدُ بن الربيع -رضي الله عنه-، يبعثُ بوصيته إلى الأنصار، وهو مُثْخَنٌ بجراحِه يومَ أُحُد، في جسده سَبْعُونَ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، قائلًا: “لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ إِنْ خُلِصَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ”(رواه البيهقي).

 

وهذا عبدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ أُبَيّ بنِ سَلول -رضي الله عنه- لـمّا بلغه أذى أبيه رأسِ المنافقين عبدِ الله بن أُبَيّ بْنِ سَلولٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: “وَالَّذِي أَكْرَمَكَ وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لَئِنْ شِئْتَ لآتِيَنَّكَ بِرَأسِهِ”، فقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَا، وَلَكِنْ بِرَّ أَبَاكَ وَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُ”(رواه ابن حبان).

 

لقد كانَ سرورُ قلبه -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليهم من الدنيا وما عليها.

 

ها هوَ عمرُ الفاروقُ -رضي الله عنه- يقول للعباسِ بنِ عبد المطلب عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “وَاللَّهِ لإِسْلامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ لو أسلم، وَمَا بِي إِلا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلامَكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ”(رواه الطبراني).

 

بل بلغَ حبُّهم أن أحبوا ما أحبَّه بطبعه -صلى الله عليه وسلم-، لا لشيءٍ إلا لأنه أحبه.

 

ها هو أنسٌ -رضي الله عنه- يَرى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأكل طعامًا فيه دُبّاءٌ، ورآه يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ القَصْعَةِ. قال أنس: “لاَ أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَنَعَ مَا صَنَعَ”(رواه البخاري ومسلم).

 

عباد الله: إنَّ محبةَ اللهِ ورسولِه -صلى الله عليه وسلم- يجبُ أن تُقدَّمَ على محبةِ ما سواهما، أن يكونَ اللهُ ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- أحبَّ إليكَ من مالِكَ وولدِكَ وأهلِكَ والناسِ أجمعين، قال الله: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ‌أَحَبَّ ‌إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 24].

 

وقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ”(رواه البخاري ومسلم)، وقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- “لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ”(رواه البخاري ومسلم).

 

النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أولى بكَ من نفسِكَ، لذا كانت محبتُهُ مقدَّمةً حتى على حُبِّكَ لنفسِكَ التي بينَ جَنْبَيْك. يقول عبدُ الله بنُ هشام -رضي الله عنه-: “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي”، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ” فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: “فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي”، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “الآنَ يَا عُمَرُ!”(رواه البخاري).

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فإنَّ عُنوانَ المحبَّةِ الأعظمَ الإيمانُ والطاعةُ والاتباع المطلَق له -صلى الله عليه وسلم-، قال الله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ ‌تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31]

 

انظر إلى الصحابة -رِضوانُ الله عليهم- كيف صيّروا محبتَه اتباعًا، يقول أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-: “صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ خَلَعُوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: “مَا بَالُكُمْ أَلْقَيْتُمْ نِعَالَكُمْ؟” قَالُوا: “رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا” فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذًى فَأَلْقَيْتُهُمَا”(رواه أبو داود).

 

إنَّ المُحِبَّ الصادقَ لا يُقدِّمُ قولَ أحدٍ على قولِه -صلى الله عليه وسلم-، ولا حُكمَ أحدٍ على حكمِه.

 

هذا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ -رضي الله عنهما-، يخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: “الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ” فَقَالَ رجلٌ: “مَكْتُوبٌ فِي الحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةً، وَمِنْهُ ضَعْفًا”. فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتَا عَيْنَاهُ وقَالَ لَهُ: “أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ”(رواه البخاري ومسلم).

 

وهذا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، يُخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ” فَقَالَ ابْنٌ لَهُ؛ يُقَالُ لَهُ وَاقِدٌ: إِذَنْ يَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا (سبيلًا للفساد). فَضَرَبَ ابنُ عمرَ ولدَه فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: “أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَتَقُولُ: لَا”(رواه مسلم).

 

إنَّ محبةَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- تناقِضُ الابتداعَ في دينِ اللهِ، إذ كيفَ يُحبهُ من ينقضُ سُنتَهُ ويخالفُ هديَهُ؟ 

 

محبةُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لا تكونُ بالغلوِّ فيه، والاستغاثةِ به، وإقامةِ الموالدِ التي تعِجُّ بالمنكَراتِ والشِّركياتِ والرقصِ والطُّبولِ. 

 

إنما محبَّتُهُ الصادقةُ إيمانٌ به، واتباعٌ لسنتهِ، ونُصرةٌ لدينِه.

 

ورَحِمَ اللهُ الإمام مالكًا لـمّا قال: “مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة: 3]، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا”.

 

اللهمَّ انصرِ الإسلامَ وأعزَّ المسلمينَ، وأهلِك اليهودَ المجرمينَ، اللهمَّ وأنزلِ السكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونجِّ عبادكَ المستضعفينَ، وارفعْ رايةَ الدينِ، بقُوَّتِك يا قويُّ يا متينُ.

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life