حال أهل الإسلام اليوم

صلاح الدين بورنان

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ الاهتمام بأحوال المسلمين من الإيمان 2/ لعل فيما تكره خيراً 3/ صور من المنكرات المنتشرة 4/ انقلاب المفاهيم في زماننا 5/ المستقبل للإسلام.

اقتباس

فحال المسلمين في جميع الأقطار والدول الإسلامية حال يبعث على الحزن والأسى, وهو نتيجة حتمية لبعدهم عن كتاب ربهم ومنهج نبيهم -صلى الله عليه وسلم-, فلقد تفرقت الأمة إلى فرق وشيع وأحزاب كل حزب بما لديهم فرحون, وصارت تحدث بين الحين والآخر مشاحنات ومصادمات واقتتال؛ لأسباب قد يكون أغلبها تافه, وصارت هناك جرأة قوية على ارتكاب كبائر الذنوب...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]

 

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الناس: نحن نعيش  في أيامنا هذه واقعا مرا, وهذا  نتيجة لما يحدث الآن في بلاد الإسلام من حروب واقتتال وفتن مظلمة, لكن الشيء العجيب الذي يحدث الآن هو أنّ بعض من ينتسبون إلى الإسلام وأهله صاروا يظهرون الشماتة والتشفى بما حلّ بإخوانهم من أحداث ووقائع مؤلمة, وهذا ليس من أخلاق المسلمين, بل من أخلاق الكفرة الحاقدين الذين يريدون أن لا تقوم للإسلام قائمة.

 

إن على المؤمن الصادق أنّ يتألم لإخوانه في الدين في أي بقعة من العالم إذا حلّت بهم المصائب والكوارث, أو يفرح لفرحهم إذا رأى ما يسرهم، فلا شك أن هذه الأحداث المؤلمة واقعة تحت عين الله -عز وجل- وعلمه, وهو -سبحانه- أرحم بعباده, (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 64], (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].

 

ولربما هذه الوقائع المؤلمة تحمل في طياتها البشائر في المستقبل القريب, فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه, وهو سبحانه أحكم الحاكمين, يقول -عزّ وجلّ-: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [البقرة: 253].

 

فحال المسلمين في جميع الأقطار والدول الإسلامية حال يبعث على الحزن والأسى, وهو نتيجة حتمية لبعدهم عن كتاب ربهم ومنهج نبيهم -صلى الله عليه وسلم-, فلقد تفرقت الأمة إلى فرق وشيع وأحزاب كل حزب بما لديهم فرحون, وصارت تحدث بين الحين والآخر مشاحنات ومصادمات واقتتال؛ لأسباب قد يكون أغلبها تافه.

 

وصارت هناك جرأة قوية على ارتكاب كبائر الذنوب, والتي صارت رمزا وعلامة على كمال الرجولة؛ كتعاطي الخمور والمخدرات وارتكاب الفواحش كالزنا وغيرها, وسلب ونهب المال العام, والتجارة المحرمة, وقضاء مصالح الناس بعد دفع الرشوة المطلوبة, والتعامل بالربا, والإضرار بالآخرين, والحسد والبغضاء والشح والبخل, والكذب في أغلب الأحيان, والغيبة والنميمة, وإيذاء الجار, وبذاءة اللسان كالشتم والسب واللعن, إضافة على حوادث الإجهاض ورميه في الخلاء, وذهاب الحياء من وجوه النساء, وكثرة مظاهر التبرج والسفور والعري.

 

والذي يرتكب هذه المحرمات في نظر المجتمع هو الرجل والزعيم, محترم ومبجل ومطالبه مجابة, وجميع الأبواب مفتوحة أمامه, أما العابد الطائع المحافظ لحدود الله فهذا في نظر المجتمع متخلف رجعي مغفل وغبي لا يعرف مصالحه, ويكون محلّ السخرية والاستهزاء به, لا  لشيء إلا أنه متدين, ومطالبه مرفوضة, وكلّ الأبواب مسدودة دونه.

 

هذا هو واقعنا وواقع  كثير من الأقطار الإسلامية اليوم, وهو قدرنا شئنا أم أبينا, أحببنا أم كرهنا, وهي البضاعة الحاضرة والرائجة الآن, ولا سلعة غيرها إلا أن يشاء الله.

 

نسأل الله العافية والستر  والسلامة.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعهد, وآله وصحبه ومن تبعه, وبعد:

 

عباد الله: يجب أن نعلم أنّ الإسلام ونور الوحيين الكتاب والسنّة محفوظان بحفظ الله -عزّ وجل-, فلم يكل الله حفظهما لا  لملك مقرب ولا لنبي مرسل, وإنّما الله هو الذي تكفل بحفظهما, (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9], فمهما كثر العصاة والمفسدون فلن يضرّوا الإسلام شيئا, وإنّما بغيهم على أنفسهم, وفسادهم راجع عليهم, وستدور الدائرة عليهم فيما بعد, وعلى الباغي تدور الداوئر.

 

تاريخ المسلمين والأمم في القرون السابقة كان مليئا بالحروب الطاحنة؛ كحروب التتار المغول والحروب الصليبية, وأغلب الدول المسلمة كانت مستعمرة ومحتلة من طرف القوى الغربية في بلاد الشام والمشرق العربي ودول المغرب العربي الكبير وأغلب دول أفريقيا, ومع هذه الحروب كلها بقي الإسلام ونور الوحيين الكتاب والسنة محفوظين إلى يومنا هذا, بل بقى تراث المسلمين ومؤلفاتهم وآثارهم وحضارتهم شاهدة عليهم.

 

وعليه فالمستقبل للإسلام, وكثير من الناس في العالم في أستراليا وآسيا وأوربا والأمريكيتين وأفريقيا يدخلون في دين الإسلام أفواجا وجماعات؛ لأنّهم عرفوا حقيقة الإسلام، فنحن -المسلمين- إن تمسكنا بديننا فسنكون في مقدمة الأمم, وإن فرطنا في ديننا وسلكنا طريق المعاصي والشهوات فسنكون في مؤخرة الأمم, ففي الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لاتزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق, لايضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك", وفي الأثر: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغاليين، وانتحال المبطليين، وتأويل الجاهلين", وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الله يغرس في هذا  الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة".

 

هذا, وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه, (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وأرض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي, وعن جميع الصحابة والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

المرفقات
حال-أهل-الإسلام-اليوم.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life