عناصر الخطبة
1/سبب تسمية السورة بهذا الاسم ونزولها 2/تفسير سورة الإخلاص 3/بركات سورة الإخلاصاقتباس
وَسُمِّيَتْ بِالإِخْلاص؛ لِأَنَّها خَالِصَةٌ في وَصْفِ اللهِ وَحْدَه؛ وَبَيَّنَتْ خُلُوْصَهُ مِنْ كُلِّ عَيْب؛ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ على الإِخْلاصِ والتَّوْحِيدِ، الَّذِي لا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِه، فَهِيَ تُخَلِّصُ صَاحِبَهَا مِنَ....
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
عِبَادَ الله: إِنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَن، وَجَامِعَةُ التَّوْحِيدِ والإِيمان؛ إِنَّها سُوْرَةُ الإِخْلَاص.
وَسُمِّيَتْ بِالإِخْلاص؛ لِأَنَّها خَالِصَةٌ في وَصْفِ اللهِ وَحْدَه؛ وَبَيَّنَتْ خُلُوْصَهُ مِنْ كُلِّ عَيْب؛ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ على الإِخْلاصِ والتَّوْحِيدِ، الَّذِي لا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِه، فَهِيَ تُخَلِّصُ صَاحِبَهَا مِنَ الشِّرْكِ.
وَسَبَبُ نُزُولِ السُّوْرَة: أَنَّ المُشْرِكِيْنَ قَالُوا لِرَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: اُنْسُبْ لَنَا رَبَّكَ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّوْرَة (أخرجه الترمذي، وصححه الحاكم).
وَقَدْ أَمَرَ اللهُ أَنْ نَقُولَ قَوْلاً جَازِمًا، وَنَعْتَقِدَ اعْتِقَادًا رَاسِخًا بِوَحْدَانِيَّةِ الله.
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)؛ أَيْ: أَحَدٌ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ، لَا شَبِيهَ وَلَا شَرِيكَ، وَلَا نَظِيرَ ولا نِدّ، فَهُوَ المنْفَرِدُ بالكَمالِ والجَمالِ والجَلال، وَكُلُّ مَا فِي الْوُجُودِ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ
(اللهُ الصَّمَد)؛ أَيْ: المَقْصُودُ في جَمِيعِ الحَوَائِج، الكَامِلُ في صِفَاتِه، الَّذِي افْتَقَرَتْ إِلَيْهِ جَمِيعُ مَخْلُوقَاتِه.
وَمِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالى: أَنَّهُ (لَمْ يَلِدْ)؛ لأَنَّ اللهَ لا مَثِيلَ لَه، فَالْوَلَدُ مُشْتَقٌ مِنْ وَالِدِهِ وَجُزْءٌ مِنْه. والوَلَدُ إِنَّما يَكُونُ لِلْحَاجَةِ إِلَيه واللهُ غَنِيٌّ عَنْ الحَاجَةِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ وَلَدٍ أو شَرِيكٍ أو حَلِيف، (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ)[الإسراء:111].
وَفِي هَذَا: رَدٌّ عَلَى ثَلاثِ طَوَائِفَ مُنْحَرِفَة، فَالْيَهُودُ قَالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَالنَّصَارَى قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَالْمُشْرِكُونَ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ؛ فَبَرَّأَ اللهُ نَفْسَهُ مِنْ هَذَا الإِفْك، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)[الكهف:5].
وَمِنْ صِفَاتِ اللهِ: أَنَّهُ (لَمْ يُوْلَدْ)؛ لِأَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ؛ وُجِدَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى حَيٌّ بَاقٍ، لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ؛ فَهُوَ الأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيء، والآخِرُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيء، والبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيء، (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)[الرحمن:26-27].
ثُمَّ خُتِمَتِ السُّوْرَة بِنَفْيِ المُسَاوَاةِ لله، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)؛ أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا مَثِيلٌ يُكَافِئُهُ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)[الشّورى:11].
وَمَنْ أَحَبَّ هَذِهِ السُّوْرَة أَحَبَّهُ الله؛ فَفِي الحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ في الصَّلَاة، فَيَخْتِمُ بِـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)؛ فذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فَقَالَ: "سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟"، فَسَأَلُوهُ فَقَال: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ"(رواه البخاري ومسلم).
وَمِنْ بَرَكَاتِ هَذِهِ السُّوْرَة: أَنَّهَا جَمَعَتْ الأُجُوْرَ العَظِيمَة، في كَلِمَاتٍ وَجِيْزَة، قال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ: ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟"، قالوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟، قال: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"(رواه مسلم).
قال شَيخُ الإِسْلام: "الْقُرْآنُ ثُلُثُهُ تَوْحِيدٌ، وَثُلُثُهُ قَصَصٌ، وَثُلُثُهُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ؛ فـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فِيهَا ثُلُثُ التَّوْحِيد".
وَسُوْرَةُ الإِخْلاص هِيَ الوِرْدُ اليَوْمِيّ؛ فَقَدْ كَانَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يَقْرَؤُهَا إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ، كما يَقْرَؤُهَا في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ في سُنَّةِ الفَجَرِ والمَغْرْب، ويَقْرَؤُهَا في الوِتْر، وفي أَذْكَارِ الصَّبَاحِ والمَسَاء، وَبَعْدَ الصَّلَواتِ الخَمْس.
وَهَذِهِ السُّوْرَة بَابٌ إِلى الجَنَّة؛ فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- رَجُلًا يَقْرَأُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وجبت". فسألهُ أبو هريرة رضي الله عنه: ماذا يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: "الجنَّةُ"(أخرجه النسائي والترمذي، وصححه الألباني). وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"(رواه الطبراني وأحمد وصححه الألباني).
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:
عِبَادَ الله: مَنْ تَدَبَّرَ هَذِهِ السُّوْرَة أَيْقَنَ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ أَحَد، لا يَحْتَاجُ إلى أَحَد، وَيَحْتَاجُ إِلَيهِ كُلُّ أَحَد.
فَعَلِّقُوا قُلُوْبَكُمْ بِالوَاحِد، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ في المَقَاصِد، وَحَقِّقُوا التَّوْحِيد، واحْذَرُوا التَّعَلُّقَ بِالعَبِيد، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فاطر:15].
التعليقات