تنظيم الحياة يبارك فيها

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/تفاوت الناس في كيفية إدارة شؤون حياتهم 2/تنظيم الوقت ضرورة شرعية 3/التخطيط لأمور الدنيا والآخرة 4/وجوب طاعة ولاة الأمر في طاعة الله وفيما أباحه

اقتباس

من تأمل شريعة الله وجدها منظمة ومرسومة على ضوء خطة واضحة، فالصلاة فرضت في أوقات محددة، والزكاة فرضة بأنصبة دقيقة، ووقت لها، وقت لإخراجها، ومثلها رمضان في شهر محدد، وفي ساعات محددة، وكذلك الحج رسم على وفق مناسك مرتبة، فدين الله كله منظم لا يعرف الفوضوية، ومن تأمل حياة...

الخطبة الأولى:

 

أما بعد: فيا أيها الناس: إن المسلم في هذه الحياة يسير وفق خطة زمنية محكمة، قدرها المولى -جل وعلا-، لا يمكن الحياد عنها قِيد أنملة، وعلى العبد أن يتعامل معها بكل دقة وتنظيم ليستثمر كل ثانية في حياته قبل انقضائها.

 

عباد الله: إن الناظر في حياتنا ومن يعيش حولنا من الناس يجد التفاوت بينهم في كيفية إدارة شؤون حياتهم، فمنهم المتخبط وهم الأكثرون للأسف، ومنهم المنظمون، ومنهم من يدير دنيا باحترافية عالية، ومضيع لآخرته، ومنهم العكس، ولهذا تطرقنا لهذا الموضوع في خطبتنا هذه، فتنظيم الحياة يبارك فيه -بإذن الله-.

 

أيها المؤمنون: كل عمل يسير بلا تخطيط يفقد كثيرا من فوائده، ويحرم كثيرا من بركته، سواء كان عملا أخرويا أو دنيويا؛ فمثلا في أمور الآخرة لابد من تنظيم الأوقات وترتيب الطاعات، ولا تجعلها تسير سبهللا، فضع وقتا لقراءة القرآن، وآخر للذكر، وآخر لصلة الرحم، ومثله لخدمة الوالدين، وهكذا...

لا تجعل الأمور تسير على الفراغ، وكذلك اجعل لك وقتا للعمل، ووقتا للجلوس مع الأسرة، ووقتا للأصدقاء، وهكذا..

 

من تأمل شريعة الله وجدها منظمة ومرسومة على ضوء خطة واضحة، فالصلاة فرضت في أوقات محددة، والزكاة فرضة بأنصبة دقيقة، ووقت لها، وقت لإخراجها، ومثلها رمضان في شهر محدد، وفي ساعات محددة، وكذلك الحج رسم على وفق مناسك مرتبة، فدين الله كله منظم لا يعرف الفوضوية، ومن تأمل حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وجدها تسير وفق تنظيم دقيق.

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- منظما في حياته وأداء عباداته.

وأدعو نفسي -والجميع- لقراءة سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخذ الدروس منها في تنظيم الحياة.

 

معاشر المسلمين: حتى في المعارك الحربية التي لا تقبل الخطأ ولا التأخير في اتخاذ القرار تجد المعركة يخطط لها، وترسم كما لو كانت واقعة، وبعدة احتمالات، والدول الناجحة هي الدول التي تسير وفق خطط ودراسات، ويكون لها هدف مرسوم ووقت للوصول.

 

معاشر المؤمنين: خططوا لآخرتكم، وضعوا لكم أهدافا تصلون إليها قبل الممات، حتى لو مات الإنسان قبل بلوغها فقد تبلغها النية، ولكل امرئ ما نوى.

وكذلك خططوا لدنياكم ما لا يفسد أخرتكم، بل يصلحها وينميها، واجعلوا دنياكم تصب في مصالحكم الأخروية.

 

ومن الأحاديث التي تحث المسلم على التخطيط وعدم هدر الأوقات: ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أخذ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكبي، فقال: "كنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل"، وكان ابن عمرَ -رضي الله عنهما- يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساءَ، وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لِموتك" فهذا درس للاستعداد ليوم الرحيل، والعمل في الدنيا وكأن الإنسان راحل منها في المساء قبل الصباح، أو في الصباح قبل المساء، وأن يشتغل بالأهم عن المهم، فضلا عما لا فائدة فيه.

ويتلخص الأمر بكون الدنيا مزرعة للآخرة يستعد فيها المرء للقاء الله، ويبني منازله في الجنة قبل دخولها.

 

اللهم أعنا على تنظيم الأوقات فيما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة.

 

أقول قولي هذا...

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد: فيا أيها الناس: يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[النساء: 59] فطاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- واجبة لا مجادلة فيها ولا تردد، ولا يقدم عليها طاعة أحد من الخلق.

 

وطاعة ولاة الأمر واجبة في طاعة الله ورسوله، وتنقسم طاعة ولي الأمر إلى ثلاثة أقسام: طاعتهم إذا أمروا بطاعة الله، فهذه من طاعة الله ورسوله، ولا يجوز مخالفتها.

والثاني: طاعتهم إذا أمروا بمنكر ومعصية، فهنا لا يجوز طاعتهم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والقسم الثالث: طاعتهم في الأمور المباحة، وذلك في تنظيم أمور الدولة، وما يعود بالمصلحة على الناس وحياتهم، فهذه واجبة لما فيها من سياسة الناس، وجلب المنافع لهم، ولو أضرت ببعض الخلق فالحكم للأعم الأغلب، ومن ذلك: تنظيم المرور، والجوازات، وأمور التجارة، ونحوها..

وإن مما يتساهل فيه البعض وهو مخالف لولي الأمر، ويعود بالضرر على المجتمع ومصالح الناس وأرزاقهم: قضية التستر في الشركات والمؤسسات، ومخالفة أنظمة مكتب العمل والعمال، فهذا محرم شرعا، ومضر بالبلد وأمنها، وأرزاق الناس.

 

فاتقوا الله -عباد الله- فما من شيء ينفع الناس إلا وأباحه الشرع، وما من شيء يضر بالناس إلا حرمه الشرع. 

 

اللهم أعنا على طاعتك، ويسر لنا أسباب رزقك.

 

المرفقات
MrUu3VNZg3867sCbfpNneEw3tMaPGtGjAXV6amuX.pdf
sgcEf6EBW6ckhxWPtvv7Dw1mIok0gBsKRdrzghaf.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life