عناصر الخطبة
1/ خطورة الدخان وخبثه 2/ الأضرار المترتبة على شرب الدخان 3/ نصيحة لشاربي الدخان 4/ حرمة بيع الدخان والاتجار به
اهداف الخطبة

اقتباس

فيا من ابتليت بشرب الدخان -نسأل الله لنا ولك العافية- إننا ندعوك بدافع النصيحة الخالصة أن تبادر بالتوبة، وأن تتركه؛ طاعة لربك، وحفاظاً على صحتك. ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً. ثم لا تنس -أيها المدخن- أنك ستكون قدوة سيئة لأولادك إن كنت والداً، ولتلاميذك إن كنت مدرساً، وبالتالي قدوة لأصحابك ومخالطيك، فتكون قد جنيت على نفسك وعلى غيرك، وإذا تركته وتبت منه صرت قدوة حسنة لغيرك ..

 

 

 

 

الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نهى عباده عما يضر أبدانهم وينقص أديانهم. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نهى أمته عن كل مسكر ومفتّر حفاظاً على صحتها وحرصاً على سلامتها. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله واشكروه؛ إن الله -سبحانه- قد أغناكم بحلاله عن حرامه، وأباح لكم من الطيبات ما تقوم به مصالحكم الدينية والبدنية، وحرم عليكم الخبائث لأنها تضركم فالتغذي بالطيبات يكون له أثر حميد في صحة الإنسان وسلوكه؛ لأنها تغذى تغذية طيبة، والتغذي بالخبائث يكون له أثر خبيث في الأبدان والسلوك؛ لأنها تغذي تغذية خبيثة؛ ألا وإن من الخبائث التي ابتلي بها مجتمع المسلمين اليوم هذا الدخان الخبيث الذي فشى شربه في الصغار والكبار، وصار شُرّابه يضايقون به الناس ويؤذون به الأبرياء من غير خجل ولا حياء. بحيث إن أحدهم يملأ فمه منه ثم ينفثه في وجوه الحاضرين من غير احترام لهم ولا مبالاة بحقهم، لأنه يتضايق منه فيريد التخلص منه ولو آذى به الآخرين.

فيخيم على الحاضرين حوله سحابة قاتمة من الدخان الملوث بالريق القذر والرائحة الكريهة. ومصدر ذلك كله فم المدخن البذيء الذي لا يراعي لمجالسيه حرمة. ولا يفكر في وخيم فعله. ولو أن إنساناً تنفس في وجه هذا المدخن أو بصق أو امتخط أمامه؛ كم يكون تألمه وتضرره واستنكاره لهذا الفعل؟! وهو يفعل أقبح من ذلك بمجالسيه؛ فمج الدخان في وجوههم أعظم من ذلك بأضعاف، ولكن الأمر كما جاء في الحديث الشريف " إذا لم تستح فاصنع ما شئت ".

عباد الله: كم تعالت الأصوات في إنكار شرب الدخان، وكم صدرت التحذيرات الطبية من أضراره، وكم صدر من الفتاوى الشرعية بتحريمه، وكم ألف من الكتب والرسائل ببيان مفاسده.. ومع هذا كله فشاربوه لا يجيبون داعياً، ولا يصغون لناصح؛ لأنه قد أسرهم وأحكم أسرهم فلا يستطيعون منه خلاصاً إلا بالإيمان وصدق العزيمة، وشهامة الرجولة، وهذه صفات يفقدها كثير من الناس.

والكفار يدفعون هذا الدخان إلينا ويروجونه في أسواقنا لعلمهم أنه سلاح قاتل يهدم الأجسام ويقضي على الصحة ويجني على أخلاق الشباب، وبالتالي يستنزفون به ثروات بلادنا؛ وما يدريكم أن مزارع الدخان ومصانعه إنما تقوم على تلك المبالغ الطائلة التي يدفعها السذج في سبيل الحصول عليه. وبئس ما اشتروا لأنفسهم.

 

أيها المسلمون: إن شرب الدخان ضار للبدن والدين والمال والمجتمع، ومعلوم أن نوعاً واحداً من هذه المضار يقتضي تحريمه والابتعاد عنه، فكيف إذا اجتمعت فيه تلك المضار وإليكم بيان تلك المضار واحة واحدة:

أما ضرره في البدن؛ فلأنه يضعفه بوجه عام ويضعف القلب ويحدث مرض السرطان ومرض السل ومرض السعال في الصدر. ويسود الأسنان ويسبب بلاءها وتحطمها وتآكلها بالسوس، ويسبب انهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كالفحم المنهار المحترق. واسألوا عن ذلك كله المختصين من الأطباء واقرؤوا نشراتهم الطبّيةَ حوله..

وأما ضرره في الدين؛ فإنه يثقل على العبد العبادات والقيام بالطاعات، خصوصاً الصيام والجلوس في المساجد وحضور مجالس العلم. وما كَّره العبدَ للخير فإنه شر. وكذلك هو يدعو متعاطيه إلى مخالطة الأراذل والسفهاء والابتعاد عن الأخيار. وإذا سرى تعاطى الدخان في الشباب سقطوا بالمرة، ودخلوا في مداخل قبيحة فتدهورت أخلاقهم وتحطمت معنوياتهم ونشؤوا نشأة سيئة..

وأما ضرره في المال؛ فاسأل من يتعاطاه كم ينفق فيه كل يوم من الريالات. وقد يكون فقيراً ليس عنده قوت يومه وليلته. ومع هذا يقدم الدخان على شراء غيره من الضروريات ولو ركبته الديون الكثيرة. فيحرم نفسه وربما يحرم أولاده التمتع بالطيبات ويستبدل بذلك التمتع بالدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع -هذا حال الفقير، وأما الغني فإنه يبذر المال الكثير في شراء هذا الدخان، ومعلوم أن الإسراف حرام وأن المبذرين إخوان الشياطين.

وأما ضرر شرب الدخان في المجتمع؛ فإن شارب الدخان يسيء إلى مجتمعه، ويسيء إلى كل من جالسه وصاحبه. بحيث ينفخ الدخان في وجوه الناس فيخنق أنفاسهم ويضايقهم برائحته الكريهة حتى يفسد الجو من حولهم، وامتد هذا الأذى فصار يلاحق الناس في المكاتب والمتاجر وحال ركوبهم في السيارات والطائرات. وقد ورد في الحديث: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من آذى مسلماً فقد آذاني ومن آذاني فقد أذى الله " رواه الطبراني بإسناد حسن. بل إن ذلك يؤذي الملائكة الكرام؛ ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه: " إن الملائكة تتأذى مما تتأذى منه الناس ".

ومن مضار الدخان الاجتماعية: أنه يستنزف ثروة الأمة وينقلها إلى أيدي أعدائها من الشركات التي تصدر هذا الأذى الخبث إليهم. ومن مضار الدخان الاجتماعية أنه يسبب الحرائق المروعة التي تذهب بالأموال وتخرب البيوت. فكم حصل بسبب أعقاب السجائر التي تلقى وهي مشتعلة من إضرام حريق أتى على الأخضر واليابس وأتلف أموالاً وأنفساً بغير حق. تولى كبرها ذلك المدخن الذي قذف بسيجارته دون مبالاة، وربما تلقفها طفل عبث بها وامتصها فألف شربها ووقع في فخها فانضم إلى صفوف المدخنين فانهدم جسمه وفسد خلقه ونشأ نشأة سيئة.

هذه بعض أضرار تعاطي الدخان الاجتماعية والبدنية والدينية والمالية؛ فهل يستطيع المدخنون أن يذكروا لنا فائدة واحدة أو بعض فائدة في شرب الدخان؟. تقابل هذه المضار؛ فيا آسفاه كيف غابت عقولهم وسفهت أحلامهم؟!

فيا من ابتليت بشرب الدخان -نسأل الله لنا ولك العافية- إننا ندعوك بدافع النصيحة الخالصة أن تبادر بالتوبة، وأن تتركه؛ طاعة لربك، وحفاظاً على صحتك. ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً.

ثم لا تنس -أيها المدخن- أنك ستكون قدوة سيئة لأولادك إن كنت والداً، ولتلاميذك إن كنت مدرساً، وبالتالي قدوة لأصحابك ومخالطيك، فتكون قد جنيت على نفسك وعلى غيرك، وإذا تركته وتبت منه صرت قدوة حسنة لغيرك؛ فكن قدوة في الخير، ولا تكن قدوة في الشر، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ولا يجملنك التقليد الأعمى والمجاملة الخادعة أن تتعاطى هذا الدخان وقد عافاك الله منه، أو تستمر فيه وقد عرفت أضراره، وأمامك باب التوبة مفتوح فبادره قبل أن يغلق.

أيها المسلمون: وكما يحرم شرب الدخان يحرم بيعه والاتجار به واستيراده. فثمنه سحت والاتجار به مقت. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه ". رواه الإمام أحمد وأبو داود- فالذي يبيع هذا الدخان قد ارتكب جريمتين عظيمتين:

الأولى: أنه عمل على ترويجه بين المسلمين، فجلب إليهم مادة فساد.

والجريمة الثانية: أن بائع الدخان يأكل من ثمنه مالاً حراماً ويجمع ثروة محرمة، والإنسان يوم القيامة عما يأكل وعما يجمع.

فاتقوا الله -عباد الله-، وانظروا في العواقب، وفي الحلال غنية عن الحرام ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ).

بارك الله لي ولكم.
 

 

 

 

 

المرفقات
1037.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life