عناصر الخطبة
1/ أدلة شرعية على تحريم الغناء والمعازف 2/ ذم فقهاء الأمة الغناء 3/ دخول الشيلات وغيرها في الغناء المذموم المحرماهداف الخطبة
اقتباس
إِنَّهُ قَدْ شَاعَ بَيْنَ النَّاسِ قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً أَمْرٌ سَبَّبَ لِكَثِيرٍ مِنْهُمُ الانْحِرَافَ, وَعَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ جَلَبَ لَهُمُ الانْصِرَافَ، وَإِلَى الْبَاطِلِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الْأُخْرَى الانْجَرَافَ, إِنَّهُ الْغِنَاءُ وَمَا يَصْحَبُهُ مِنْ آلاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ وَأَصْوَاتٍ مُحَرَّمَةٍ، صَرَفَ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهَا عَنِ الدِّينِ وَالإِيمَانِ، وَعَنْ طَاعَةِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ حُبِّ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُجَرَّبٌ مَعْرُوفٌ لا يَخْتَلِفُ عَلَيْهَا اثْنَانِ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ الذِي أَنَارَ بَصَائِرَ أُولِي النُّهَى بِهَدْيِ كِتَابِهِ الْمُبِين، وَأَضَاءَ جَنَبَاتِ نُفُوسِهِمْ بِسُنَّةِ خَاتَمِ النَّبِيِّين.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَوْضَحَ مَعَالِمَ الطَّرِيقِ لِلسَّالِكِين، وَنَصَحَ الأُمَّةَ مُشْفِقَاً حَرِيصَاً رَؤُوفًا بِالْمُؤْمِنِين، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِين، وَالتَّابِعِين لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَدَاً مُحَاسَبَونَ، وَبِأَعْمَالِكِمْ مَجْزِيُّونَ، وَعَلَى مَا كَسَبَتْ جَوَارِحُكُمْ فَرِحُونَ أَوْ نَادِمُون, قَالَ اللهُ -تعالى-: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ قَدْ شَاعَ بَيْنَ النَّاسِ قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً أَمْرٌ سَبَّبَ لِكَثِيرٍ مِنْهُمُ الانْحِرَافَ, وَعَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ جَلَبَ لَهُمُ الانْصِرَافَ، وَإِلَى الْبَاطِلِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الْأُخْرَى الانْجَرَافَ, إِنَّهُ الْغِنَاءُ وَمَا يَصْحَبُهُ مِنْ آلاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ وَأَصْوَاتٍ مُحَرَّمَةٍ، صَرَفَ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهَا عَنِ الدِّينِ وَالإِيمَانِ، وَعَنْ طَاعَةِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ حُبِّ الذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُجَرَّبٌ مَعْرُوفٌ لا يَخْتَلِفُ عَلَيْهَا اثْنَانِ، فَمنَ أَحَبَّ الْغِنَاءَ تَرك الْقُرْآن وَتَرك الْخَيْر وَأَحَبَّ الشَّرَّ، حَتَّى رُبَّمَا اسْتَمَرَأَ ذَلِكَ وَصَارَ عِنْدَهُ أَمْرَاً طَبِيعِيَّاً, وَأَصَابَ قَلْبَهُ مَرْضُ النِّفَاقِ وَهُوَ غَافِلٌ لا يَدْرِي، وَرُبَّمَا أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يُنَاصِحُهُ وَيُرِيدُ لَهُ الْخَيْرَ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّهُ قَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَكَلَامُ السَّلَفِ عَلَيْهِمْ -رَحْمَةُ اللهِ- عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ, وَلا يَرُدُّ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ لا يُرِيدُ الْحَقَّ.
قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [لقمان:6]، وَقَدْ فَسَّرَ أَجِلَّاءُ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهمْ- (لَهْوَ الْحَدِيثِ) بِالْغِنَاءِ, قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: "هُوَ الْغِنَاءُ وَاللهِ الذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُو, هُوَ الْغِنَاءُ وَاللهِ الذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُو, هُوَ الْغِنَاءُ وَاللهِ الذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُو"، وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ -رَحِمَهُمَا اللهُ-، وَهؤُلاءِ هُمُ الْحُجَّةُ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ [والعلم: الجبل], يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيّ مُعَلَّقَاً بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَوَصَلَهُ غَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ: صَوْتُ مِزْمَارٍ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَصَوْتُ رَنَّةٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ حرَّم عليَّ، أو حَرَّمَ الخمْرَ والميسِر، والكُوبة" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَالْكُوبَةُ هِيَ الطَّبْلُ.
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنهمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: "إِذَا ظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ وَشُرِبَتِ الخُمُورُ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالقَيْنَاتِ أَوِ الْقِيَانِ: الْمُغَنَّيَاتِ.
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٌ مُحَتَّجٌ بِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمُعْتَبَرِينَ، كُلُّهَا تُحَرِّمُ الْغِنَاءَ وَآلاتِ الطَّرَبِ.
وَقَدْ جَاءَتِ الآثَارُ عَنْ فُقَهَاءِ الْأُمَّةِ وَعُلَمَائِهَا بِذَمِّ الْغِنَاءِ وَتَحْرِيمِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: "الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ، وَإِنَّ الذِّكْرَ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ" وَجَاءَ مِثْلُهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الفْسَّاقُ"، وَجَاءَ أَشَدُّ مِنْهُ عَنْ فُقَهَاءِ الْأَحْنَافِ، بَلْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهِ-: "مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ آلاتِ اللَّهْو كُلّهَا حَرَامٌ"، وَقَالَ: "وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلاتِ اللَّهْوِ نِزَاعاً"، وَقَالَ: "وَالْمَعازِفُ خَمْرُ النُّفُوسِ، تَفْعَلُ بِالنُّفُوسِ أَعْظَم مِمَّا تَفْعَلُ حُمَيَّا الْكُؤُوسُ".
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَالْمَعَازِفُ هِيَ الأغَانِي وَآلاتُ الْمَلَاهِي، أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ يَأْتِي آخِرَ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَهَا كَمَا يَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ وَالزِّنَا وَالْحَرِيرَ, وَهَذَا مِنْ عَلامَاتِ نُبُوَّتِهِ -صلى الله عليه وسلم-, فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ كُلُّهُ, وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحرِيمِهَا وَذَمِّ مَنِ اسْتَحَلَّهَا كَمَا يُذَمُّ مَنِ اسْتَحَلَّ الْخَمْرَ وَالزِّنَا, وَالآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْأَغَانِي وَآلاتِ اللَّهْوِ كَثِيرَةٌ جِدَّاً, وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ أَبَاحَ الْأَغَانِي وَآلاتِ الْمَلَاهِي فَقَدْ كَذَبَ وَأَتَى مُنْكَرَاً عَظِيمَاً، نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ مِنْ طَاعَةِ الْهَوَى وَالشَّيْطَانِ, وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْبَحُ وَأَشَدُّ جَرِيمَةً مَنْ قَالَ إِنَّهَا مُسْتَحَبَّةُ, وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنَ الْجَهْلِ بِاللهِ وَالْجَهْلِ بِدِيِنِهِ، بَلْ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللهِ وَالْكَذِبِ عَلَى شَرِيعَتِهِ". اهـ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ بَعْضُ أَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَاءِ وَالْمِلَّةِ الْغَرَّاءِ فِي ذَمِّ الْغِنَاءِ وَتَحْرِيمِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ عُقُوبَتِهِ، فَهَلْ يَرْضَى عَاقِلٌ بَعْدَ كُلِّ هَذَا أَنْ يَتَجَرَّأَ عَلَى سَمَاعِ الْغِنَاءِ بِأَيْ شَكْلٍ كَانَ هُوَ؟ هَلْ يَرْضَى مُسْلِمٌ يُرِيدُ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ أَنْ يَتْرُكَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ كَلَامَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَسْتَبْدِلَهُ بِهَذَا الْهُرَاءِ وَيَتَّبِعَ الشَّيْطَانَ وَيَتَّبِعَ الْفُسَّاقَ وَأَهْل الْمُجُونِ وَيَبْتَعِدَ عَنْ ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلَاةِ؟.
أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ، وَاحْذَرُوا فجْأَةَ الْمَوْتِ عَلَى هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ, نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَانْفَعْنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلَجِمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ يَتُبْ عَلَيْكُمْ؛ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ، وَاحْذَرُوا الْأَغَانِي، ونَبِّهُوا غَيْرَكُمْ مِمَّنْ قَدْ يَكُونُ غَافِلَاً أَوْ مُنْهَمِكَاً فِيهَا وَلا يُدْرِكُ ضَرَرَهَا.
وَإِنَّ مِمَّا يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَالْحَذَرُ مِنْهُ جِدَّاً مَا انْتَشَرَ بَيْنَ النَّاسِ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْأَغَانِي الَّتِي سُمِّيَتْ بِغَيْرِ اسْمِهَا حَتَّى اسْتَمْرَأَهَا النَّاسُ وَظَنُّوا أَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ, حَتَّى رُبَّمَا اسْتَمَعَ لَهَا مَنْ ظَاهِرُهُ الصَّلَاحُ, وَرَأَيْنَا مَنْ يُجَاهِرُ بِهَا فِي الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ وَيُسْمَعُ صَوْتُهَا مِنْ بَعِيدٍ مِنْ سَيَّارَتِهِ أَوْ مِنْ جَوَّالِهِ.
إِنَّهَا مُا يُسَمَّى (الشِّيلات)، إِنَّهَا -أَيُّهَا الْعُقَلاءُ- أَغَانٍ مُحَرَّمَةٌ وَتَدْخلُ فِي الأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ، بَلْ هِيَ فِي الْوَاقِعِ أَشَدُّ مِنْهَا وَأَعْظَمُ تَأْثِيرَاً وَأَكْثَرُ نَشْوَةً من الأغاني, وَلِذَلِكَ تَجِدُ مَنْ يَسْتَمِعُ لَهَا تُصِيبُهُ نَشْوَةٌ وَسَكْرَةٌ, فَيَتَرَاقَص تَرَاقُصَ الْمَجَانِيْنَ، وَيَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمَخْمُورِ, حَتَّى إِنَّ مَنْ يَقُودُ السَّيَّارَاتِ وَيَسْتَمِعُ إِلَيْهَا يَقُودُهَا بِسُرْعَةٍ جُنُونِيَّةٍ، وَكَمْ مِنَ الْحَوَادِثِ حَصَلَتْ وَقَدْ وَصَلَتِ السَّيَّارَةُ إِلَى السُّرْعْةِ الْكَامِلَةِ حِيْنَ أَصَابَتْهُمْ بِالطَّيْشِ وَالْجُنُونِ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ!.
وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ مُحَمَّد الْعُثَيْمِينَ -رَحِمَهُ اللهُ- هَذَا السُّؤُالَ: فِي بَعْضِ التَّسْجِيلاتِ تُبَاعُ أَشْرِطَةٌ إِسْلَامِيَّةٌ لِلْأَنَاشِيَد لَكِنَّهَا مَصْحُوبَةٌ بِالدُّفُوفِ وَالطُّبُولِ، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لا يَجُوزُ الاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا مَا دَامَتْ مَصْحَوبَةً بِهَا، وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ ذَلِكَ فُيُنْظَرُ إِلَى مَوْضُوعِ الْأُنْشُودَةِ: هَلْ هُوَ سَلِيمٌ أَمْ غَيْرُ سَلِيمٍ، وَنَصِيحَتِي لِإِخْوَانِي الشَّبَابِ أَنْ يَحْرصُوا عَلَى الْأَشْرِطَةِ الْمُفِيدَةِ كَأَشْرِطَةِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، أَوْ شَرْحِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، أَوْ مَسَائِل عِلْمِيَّةٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا وَيَنْفَعُونَ. اهـ.
وَسُئِلَ الشَّيْخُ صَالِحُ الْفُوزَان -حَفِظَهُ اللهُ- عَمَّا انْتَشَرَ بَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ بَدِيلاً لِلْأَغَانِي وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالشِّيَلاتِ التِي فِيهَا دُفُوفٌ، وَقَدِ انْفَتَنَ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ, هَذِهِ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الْأَغَانِي, الشِّيلَةُ وَالدُّفُوفُ وَالْأَشْيَاءُ هذِه، هَذِهِ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الْأَغَانِي. اهـ.
فَاللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْخَيْرَ وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الشَّرَّ, اللَّهُمَّ حَبَّبَ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَينهُ فِي قُلُوبِنا وَكَرَّهَ إِلَيْنا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا, اللَّهُمَّ اشْرَحْ صُدُورَنَا لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَأَبْعِدْ عَنَّا مَا يُلْهِينَا عَنْهُمَا, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا, اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلِ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن, اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ,اللَّهُمَّ كُنْ لِإِخْوَانِنَا الْمَسَاكِين فِي حَلَبَ الشَّامِ, اللَّهُمَّ أَنْقِذْهُمْ مِنْ بَرَاثِنِ النُّصَيْرِينِ الْمُجْرِمِينَ وَالرُّوسِ الْمُعْتَدِينَ وَالصَّفَوِيِّينَ الْحَاقِدِينِ.
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ, اللَّهُمَّ سُدَّ جَوْعَاتِهِمْ وَآمِنْ رَوْعَاتِهِمْ، وَاحْفَظْ أَدْيَانَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالْحَمْد للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
التعليقات