عناصر الخطبة
1/لماذا يضرب الله الأمثال بأضعف مخلوقاته؟ 2/مثال لنملتين 3/من معالم الإيجابية والتضحية 4/خطورة السلبية والفوضوية 5/واجب المسلم نحو إصلاح مجتمعه.

اقتباس

في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مثال يسطر الإيجابية ويرسم معالم التضحية وآخر يبرز السلبية والفوضوية وأثرهما على الأمة وأفرادها. إنه مثال لنملتين؛ إحداهما مع سليمان -عليه السلام- وأخرى مع نبي من أنبياء الله.

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الملك العزيز الجبار، يخلق ما يشاء ويختار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المثل الأعلى وهو الرحيم الغفار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، وسلم تسليماً.

 

أما بعد: فاتقوا الله ربكم، وآمنوا به يؤتكم كفلين من رحمته ويغفر لكم.

 

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)[البقرة:26]، (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[إبراهيم:25].

 

يضرب الأمثال بأضعف مخلوقاته للدلالة على عظمته وعظيم آياته إذا علم أن فيها عبرة لمن اعتبر وحجة على من جحد واستكبر.

 

في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مثال يسطر الإيجابية ويرسم معالم التضحية وآخر يبرز السلبية والفوضوية وأثرهما على الأمة وأفرادها. إنه مثال لنملتين؛ إحداهما مع سليمان -عليه السلام- وأخرى مع نبي من أنبياء الله.

 

(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)[النمل:17]، يدبرون وينظمون فهم في صُفوفٍ مُرتَّبةٍ، وسَيرٍ حَثيثٍ، وانضباطٍ دقيقٍ، في مَشهدٍ مَهيبٍ، تنشرحُ له صدورُ الأصدقاءِ، وتَفزعُ منه قلوبُ الأعداءِ..

 

جيش يسير بانتظام فلا يتقدم أحد عن موضعه ولا يتأخر أحد، جيش مدبر بإحكام، كل قد عَلِمَ دورَه ومهمته، وكان المسير يتجه جهة واد من النمل صغير، لكنه بسكانه كثير، قد ملِئ حيويةً ونشاطًا وانشغالاً وأعمالاً.

 

بَيْدَ أن نملة هناك كانت ترقُب المشهد، وتتابع الموقف وتشاهد الحدث، فأيقنت أنه ليس بينهم وبين الهلاك إلا بضع لحظات، فبادرت وأنذرت، وصاحت وحذَّرت، وكأننا بها تنادي بصوت مرتجف خائف وجِل من مستقبل مظلم ومصيبة متحينة (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)[النمل:18]؛ فلله در نملة فاقت ملايين البشر حكمة وفصاحة.

 

نادت (يا)، ونبهت (أيها)، وأمرت (ادخلوا)، ونصت ووجهت (مساكنكم)، ونبهت ونصحت، وحذرت (لا يحطمنكم)، وخصت (سليمان) وعمت (وجنوده) واعتذرت وبررت وأحسنت الظن (وهم لا يشعرون).

 

كلمات معدودات رسمت معالم الإيجابية في خلق ضعيف من خلق الله لترسم للبشر منهجًا في التعامل مع الأزمات والأحداث.

 

موقف لم يذكره الله عبثًا، وإنما ليتدبره المؤمنون وليتذكر أولو الألباب، (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)[البقرة:26]؛ فالَّذينَ آمنوا يعلمونَ أن كُلِّ ما ذكرَه اللهُ -تعالى- في كتابِه حقٌ، وأن فيه هِدايةً وذِكرى وموعظةً وعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَلْبَابِ.

 

لله در هذه النملة! كيف حذرت من الخطر، وبينت الحل، ولم تكتف بالصراخ والعويل واللطم والتأنيب والبكاء والشكوى؟ بل قدمت خطة عاجلة للحل السريع الناجع (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)، فما أحوجنا إلى هذه التصور العميق في حل المشكلات، ما أحوجنا إلى تقديم الحلول بعد تشخيص المشكلات؛ فالتلاوم والتشكي لا يزيل مشكلة ولا يرفع بلاء.

 

نملة عظيمة في فكرها، صغيرة في حجمها تُعَلِّمُنا الانتماء الحقيقي للوطن وللمجتمع، هذه النملة أبدت أعلى درجات التضحية في سبيل وطنها وقومها, وكان بوسعها أن تنتحى جانبًا ولا تفكر إلا في ذاتها؛ مبررة ذلك بـ: ماذا بوسعي أن أفعل أمام هذا الجيش العظيم؟ لكنها اعتبرت نفسها حارسة أمام قومها، وما رضيتْ أن يمسّهم أي سوء، فاختارت المخاطرة لإنقاذ قومها, مما يدل على التضحية العالية، وإنكار الذات لأجل وطنها وساكنيه. 

 

 وبهذا الشعور، وذلك الصدق، وتلك الروح الأخوية الفذة؛ أنجت النملة وادي النمل بأكمله، وسطَّرها القرآن مثالاً ناصعاً على حب الوطن والأخوة ونكران الذات، وبذل ما في الوسع لخدمة الآخرين.

 

فأينَ هذا الموقفُ من كثيرٍ من البشرِ مِمَّنْ لا يُبالي بأمَّتِه ولا بقومِه ولا وطنِه، فتجدْه يرى الأخطارَ والمنكراتِ تُحيطُ بالجميعِ من جميعِ الاتِّجاهاتِ، ولِسانُ حالِه: نَفْسي، نَفْسي، ولا يُنادي في قومِه (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)[المائدة:89]، ويَعتقدُ أنه ينجو إذا كانَ صالحاً، ولا يعلمُ المِسكينُ أن القريةَ لا تنجو إلا إذا كانَ فيها مُصلحونَ ناصحونَ، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود:117].

 

ولم يقلْ صالحونَ، ولا يدري أن الفِتنةَ إذا جاءتْ عمت، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)[الأنفال:25]، فأينَ الموعظةُ والنَّصيحةُ؟، وأينَ التربيةُ الصَّحيحةُ؟، أيُعقلُ أن تكونَ النَّملةُ أفضلَ من كثيرٍ من البشرِ؟

 

نملة صغير في حجمها لكنها صادقة في نصحها، وأظهرت حرصها على قومها، وقَبِلَ قومُها النصيحة، ولكن في زماننا أين من ينصحون بصدق؟ أين من يوجهون بأمانة دون تجريح أو إهانة؟ وأين من يقبلون النصيحة ولا يرفضونها أو يتشاءمون ويتضجرون منها؟ أين الصادقون في نُصح أهلهم وجيرانهم؟ وأين الفرحون بالنصيحة وأين المحتفون بالناصحين فهل بلغ بنا الأمر أن نكون كمن قال فيهم نبي الله (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)[الأعراف:79].

 

نملة صغيرة في حجمها علمتنا كيف نحسن الظن بالآخرين ونلتمس الأعذار للمخطئين، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)؛ فأيُّ دَرْسٍ فِي الأخلاق تَبُثُّهُ هَذِهِ النَّمْلَةُ؛ حَيْثُ قَدَّمَتْ حُسْنَ ظَنِّهَا بِسُلَيْمَانَ وَجُنُودِهِ، فَكَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنْ هَذِهِ النَّمْلَةِ مَبْدَأَ حُسْنِ الظَّنِّ بالآخرين، وَفَتْحِ مِسَاحَاتٍ مِنَ التَّفْسِيرِ الْحَسَنِ عِنْدَ أَيِّ زَلَّةٍ أَوْ هَفْوَةٍ، دُونَ غَوْصٍ فِي ظُنُونٍ وَأَوْهَامٍ تَهْدِمُ ولا تَبْنِي.

 

وَمَا أَجْمَلَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ: "لا تَظُنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ شَرًّا وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمَلاً"، وَكَمْ فِي هَذَا الْخُلُقِ الْجَمِيلِ مِنْ صلاح لِبَاطِنِ الْعَبْدِ، وَطَرْدٍ لِوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، وَحَلٍّ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ والأقارب وَالْجِيرَانِ.

 

نحن بحاجة إلى أدب النملة عند الخلاف، وإحسان الظن بالآخرين خاصة من أهل العلم والفضل والدين، فلا نطير بهفواتهم، ولا نضخم سهوهم أو غفلتهم، بل نحسن الظن ما أمكن ونقيل العثرة، ونذيب السيئة في بحر الحسنات، وننسى الخطيئة إذا جاءت في صحيفة الفضائل والمكرمات.

 

انتهى دور النملة بهذا الإنذار وذلكم الحل، أما النتائج فأمر خارج عن إرادة النملة، وهكذا الداعية والناصح والمربي والوالد، ينتهي دوره بإيصال النصيحة والتذكير والتوجيه، وترك نتائجها بيد الله -عز وجل-، وهو القائل -سبحانه-: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)[الشورى:48].

 

انتهى دور النملة، وانتهت مهمَّتها بعد أن بادرت وأنذرت وصاحت وحذَّرت، وأعذرت إلى الله بما قدَّمته لأجل قومها من قرية النمل، وهي بحجمها الضئيل وبنيانها الصغير.

 

فيا ليت شعري، ماذا يقول من خلَقه الله وكرَّمه، ليكون خليفته في أرضه؛ ليَعمُرها ويعبده حق عبادته، ويُطيعه حقَّ طاعته مع ضخامة جسمه وطوله وعرْضِه؟! ماذا يقول من تعمر عمرًا طويلاً؟ ماذا قدّم فيه لأمَّته؟ وماذا قدّم لدينه؟ وماذا قدّم لوطنه؟ وماذا قدم لمجتمعه؟ وكم إنسانًا أنقذه من النار؟! وكم إنسانًا أعانه؟ وكم شخصًا نفعه وخدمه؟ وكم مكروبًا نفَّس كربته؟ وكم جائعًا أطعمه؟ وكم فقيرًا واساه؟ وكم محزونًا أسعده؟ وكم مظلومًا نصره؟ وكم محرومًا أعطاه؟ أسئلة تطرح نفسها والتوفيق من الله؛ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)[الزلزلة:7].

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

وأما النملة الثانية فيسطر موقفها السلبي حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ".

 

هل رأيتُم؟!، نملةٌ مُتَهوِّرةٌ، في تَصرُّفٍ طَائشٍ، تسببتْ في حرقِ أمَّةٍ من الأممِ المُسَبِحةِ بحمدِ ربِّها. إنها نملة تجسّد التصرفات الفردية التي لا يحسب أصحابها لها حسابًا ولا يترقبون من ورائها عذابًا ولا عقابًا.

 

إنها نملة متهورة يمثّلها القلة المترفون الذين إذا حلوا في قرية فسقوا فيها، فحق عليها القول فدمرها الله تدميرًا.

 

إنها تجسّد أولئك الذين يركبون سفينة المجتمع، ويلبسون ثوب الحرية الشخصية ويتدثرون بلباس الانفتاح؛ يريدون أن يخرقوا في جانبهم خرقًا ليغرقوا وتغرق الأمة معهم جميعًا.

 

إنها تمثل رجالاً ونساء يتهافتون على كل منكر، ويسارعون في كل معصية، ولا يشعرون أنهم يجرون الأمة إلى جحيم العقاب الإلهي الذي أعده الله للمخالفين.

 

في هذا الزَّمانِ نحنُ لا نعاني من نملٍ يقرصُ نبيًّا، وإنما نمل بشري يقرِصُ الدِّينَ كُلَّه وما فيه من شرائعَ وتعاليمَ، ويلدِغُ أهلَه من علماءٍ ودُعاةٍ وصالحينَ ومحتسبين، واللهُ -تعالى- يقولُ في الحديثِ القُدسي: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ"، فكيفَ بمَن خصمُه ربُّ السمواتِ والأرضِ؟!

 

فهل يدرك المتهافتون على الخطايا والمجاهرون بالمعاصي والرزايا والمتنافسون على ما يخالف دينهم وقِيَم مجتمعهم أنهم يدفعون أمتهم وأنفسهم دَفعًا إلى طريقٍ لا يُرى في نهايتِهِ نورُ الصَّباحِ.. أفلا يقرأون القرآنَ ليعرفوا عاقبةَ الذُّنوبِ؟، أفلا يسمعون كلامَ علام الغيوبِ: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[العنكبوت:40].

 

لقد أهلك الله ثمود بخطيئة أشقاهم (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا)[الشمس:12-15]، قد يتسبب فرد بهلاك شعب.. فعاقر الناقة أُهلكتْ بفعلته أمة، لأنه لم يجد منكرًا ولا مستنكرًا ولا مقاطعًا ولا هاجرًا، ومن رضي المنكر ولو لم يشهده فهو شريك فيه، وعقاب الله يشمله.

 

إنه ليس في دين الله مبدأ "دع الخلق للخالق، وعليك بخاصة نفسك"، وإنما في شرع الله حدد موقعك من المنكرات، إما مع أمة (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104].

 

وإن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيّروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه.

 

نسأل الله أن يحمي سفينتنا ومجتمعنا من كل منكر يغرقها.

 

اللهم صَلِّ وسَلِّم..

 

المرفقات
H9hSDiVA4R3bwXUmctKYl9ld2h6PLrEAc9TxVU3P.pdf
GFHwz4Qp0Coos6NDuPJT0Aq5BjYXyk5FSWEuSRcT.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life