بناء الكعبة آية ونعمة

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: الأمم السابقة
عناصر الخطبة
1/الشوق إلى أداء مناسك الحج 2/قصة بناء الكعبة 3/قصة تفجر ماء زمزم 4/تفقد إبراهيم عليه السلام لأسرة ابنه.

اقتباس

عِبَادَ اللهِ، التَزِمُوا تَقْوَى اللهِ -تَعالى-، فمن أعظَمِ مَقَاصِدِ الحجِّ أنَّهُ يُرَبِّينا على تَقوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وأنتَ تُرَدِّدُ: لَبَّيكَ الَّلهُمَّ لَبَيكَ، تَذَكَّر نِدَاءَ الخَلِيلِ وَبِناءَ البيتِ العتيقِ فَإنَّكَ تَزْدَادُ تَوحِيدًا وَتَعْظِيمًا وَإيمَانًا.

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ رَبَطَ أَعظَمَ الأَرْكَانِ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ خَيرُ الأنَامِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وَبَارَك عليهِ، وعلى جميعِ الآلِ والأصْحَابِ والتَّابِعِينَ لَهم بِإحْسَانٍ عَلى الدَّوامِ.

 

أَمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُسلِمُونَ: وَاحْمَدُوهُ على نِعْمَةِ الدِّينِ والإسْلامِ.

 

عبادَ اللهِ: الْمُسْلِمُونَ دَومًا يَجُرُّهُمُ الشُّوقُ إلى البَيتِ العَتِيقِ، وَيَبْكُونَ حِينَ يَأتُوهُ وَيَشْهَدُوهُ، وَمَا حَسْرَاتُ الكَثِيرِينَ مِنْ أَنَّ كُورُونَا بِقُدْرَةِ اللهِ حَالَ بَينَهُمْ وَبينَهُ إلَّا أَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلى تَعَلُّقِ الْمُسْلِمينَ بِأَوَّلِ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ؛ فَمَا السِّرُّ يا تُرى فِيهِ؟ وكيفَ تَمَّ بِناؤهُ؟                          

 

يَا مُسلِمُونَ: البَيتُ العَتِيقُ صِلَةٌ بينَ أَنبِياءِ اللهِ جَمِيعاً، فلقد حجَّوا إليهِ وصَلَّوا فيهِ وطَافُوا بينَ أركانِهِ، ولِبنائهِ قِصَّةٌ لا تُمَلُّ، تَبْدَأُ حِينَ قَرَّرَ إبراهيمُ الخليلُ -عليهِ السَّلامُ- أنْ يُهاجِرَ بِهَاجَرَ وابنَها إِسمَاعِيلَ، إلى البُقعَةِ المُبَارَكَةِ.

 

روى البُخَارِيُّ في صَحَيحَهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما حديثاً بمعناهُ قالَ: جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بِهَاجَرَ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ, وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابَاً فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا إلى الشَّامِ فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟, وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذاً لاَ يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ.

 

فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وقَالَ: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)[إبراهيم: 37]، وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ، وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى.

 

فَانْطَلَقَتْ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فَقَامَتْ عَلَيْهِ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَداً، فَلَمْ تَرَ أَحَداً، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ قَالَ نَبِيُّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا".         

 

فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غُوَاثٌ أَغِثنِي فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ جبريلَ -عليه السَّلامُ- عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ؛ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وتَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ وَهْوَ يَفُورُ، قَالَ نَبِيُّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ، أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْناً مَعِيناً".

 

أقولُ ما سمعتم، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، أَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ تَعظيمَاً لِمجدِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ إقْرَاراً لِحَقِّهِ، صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

 

أمَّا بعدُ: عِبَادَ اللهِ، التَزِمُوا تَقْوَى اللهِ -تَعالى-، فمن أعظَمِ مَقَاصِدِ الحجِّ أنَّهُ يُرَبِّينا على تَقوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وأنتَ تُرَدِّدُ: لَبَّيكَ الَّلهُمَّ لَبَيكَ، تَذَكَّر نِدَاءَ الخَلِيلِ وَبِناءَ البيتِ العتيقِ فَإنَّكَ تَزْدَادُ تَوحِيدًا وَتَعْظِيمًا وَإيمَانًا.

 

أَيُّها الكِرَامُ: صَارَتْ هَاجَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ وَتُرْضِعُ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: "لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ -يعني الهَلاكَ- فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللهِ يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيِّعُ أَهْلَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُم, أَحَدُ قَبَائِلِ العَرَبِ، فَأَقْبَلُوا وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ. قَالُوا: نَعَمْ. فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُحِبُّ الإِنْسَ".

 

فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلاَمُ, وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ الخليلُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يبحثُ عن مَملُوكَتِهِ وَوَلَدِهِ فَلَمْ يَجِدْ منهم أحداً, حتى اهتدى إلى دَارِ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ؟ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بَابِهِ.

 

فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَأَلَنَي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فأَوْصَاني أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكَ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ. الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا.

 

وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ -عليه السَّلامُ- مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْ عِيشَتِهِم، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ خيرًا. قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَمُرِيهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ.

 

 فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فقَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ, وهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكَ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ.

 

 ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ -عليه السَّلامُ- مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلاً لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبَاً مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ. قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ. قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ وَأُعِينُكَ.

 

عِبَادَ اللهِ، أَتَدْرُونَ مَا هذا الأَمْرُ؟ وَمَا أَسْرَارُهُ؟ وَفَوَائِدُهُ وَدُرُوسُهُ؟ هَذا مَا نَتَعَلُّمُهُ بِمَشِيئةِ اللهِ فِي جُمُعَةٍ قَادِمَةٍ.

 

فالَّلهُمَّ تَقبَّل مِنَّا والْمُسلِمينَ صَالِحَ القَولِ والعَمَلِ إنَّكَ أنتَ السَّميعُ العلِيمُ، وَتُب علينا إنَّكَ أنتَ التَّوابُ الرَّحيمُ.

 

اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَنا، واجمع كَلِمَتَنَا على الحقِّ والهدى، وَهيئ للمُسْلِمِينَ قادةً صالحينَ مُصلِحينَ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 

اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ، وأصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم.

 

اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ. واغفر لنا ولِوالدينا والمسلمينَ أجمعينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ؛ (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].

 

المرفقات
ATQjQhTCJvsdAcW6qkkliMav1hJjGrD0CxwWFzUB.pdf
0fDBuqtkADBTMKaVd4YkjfFDxX6kvxcsBHr4Vsjj.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life