بقاء الأمم بالأخلاق

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-14 - 1436/03/23
عناصر الخطبة
1/ أهمية الأخلاق الحسنة وأثرها على الفرد والمجتمع 2/ سوء الأخلاق محرقة للحسنات 3/ نهوض المسلمين وانتشار الإسلام بالأخلاق 4/ حب الدنيا وأثرها على الأخلاق 5/ الخلق ميزان لا يتغير 6/ جملة من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- وجوانب العظمة فيها
اهداف الخطبة

اقتباس

تأملوا في هذا الرجل الذي قد أجهد نفسه في الطاعة، وأسهر ليله في الإنابة، أظمأ نهاره بالصيام، وتكبّد سفراً في الحج إلى بيت الله الحرام، فلما وقف بين يدي الجليل المتعال، فوجئ برصيد هائل من الديون، فقد شتم وسفك وضرب وهتك، فوزّعت حسنات النهار، وطاعات الليل سداداً لتلك الديون، في يوم الجزاء والنشور، فهذا خادم مغبون وذاك عامل مظلوم، وهذا جار له مشتوم، وذاك ضعيف ماله مأكول، فوقف أمام الجميع بين يدي الجبار العظيم، وقلبه متألم متأوّه محزون، فانهمرت الدموع من العيون هل من طريق للفرار من الديون؟ هذا وأمثاله يوم القيامة هم ..

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

أما بعد: إن حسن الخلق من الإيمان، وصفة من صفات أهل الإحسان، وحلية للمتقين في واسع الجنان، كما أن سوء الخلق من فعل الشيطان، وسبب من أسباب انغماس العبد في النيران.

 

الأخلاق الفاضلة ركيزة أساسية من ركائز هذا الدين، في بناء الفرد وإصلاح المجتمع، فسلامة المجتمع وقوة بنيانه وسمو مكانته، وعزة أبنائه، بتمسكه بفاضل الأخلاق.

 

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

كما أن شيوع الانحلال والرذيلة والفساد مقرون بنبذ الأخلاق الحميدة، والأفعال الرشيدة.

 

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلا

 

بل إن التاريخ يبين لنا أن كل أمة نهضت نهضة جبارة، وكل حضارة ازدهرت وحققت السعادة كان لتمسك أفرادها بالأخلاق الحميدة والسيرة الفاضلة الرشيدة.

 

يصوّر عمر بن الخطاب الأمة الإسلامية في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وقد عينه قاضياً على المدينة، فمكث سنة لم يعقد جلسة قضاء، فطلب من أبي بكر إعفاءه، فقال أبو بكر: "أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟" فقال عمر: "لا، ولكن ليس بي حاجة عند قوم مؤمنين".

 

وصلوا إلى ذلك بالأخلاق الإسلامية النبيلة، والآداب الإنسانية الفاضلة.

 

عباد الله: المسلمون الأوائل فتحوا بلاداً إسلامية لم تتحرك إليها جيوش، ولم تزلزل بها عروش، ولم يرفع بها سيف ولا رمح، بل تجار صالحون بأخلاقهم حققوا الفتح، فكان فتحاً خُلقياً، ذهبوا يتعاملون بالدرهم والدينار فحقق الله لهم بأخلاقهم الانتصار، بأخلاق أدهشت العقول والأفكار، وسلوك حسن لفت الأنظار.

 

فالعودة العودة -عباد الله- إلى مكارم الأخلاق قولاً وعملاً، ودلالةً ومضموناً، لا سيما وأن البعض زهد فيها ورحل إلى أخلاق غير المسلمين، وبعضهم جمع من العلم فأوعى، لكنه خلا من الخلق الأوفى، وفقد آخرون الإخلاص والنية فأخلاقهم نفعية؛ لمصالح أرضية، فهو يبتسم للمصلحة، ويرحّب للمنفعة.

 

أخلاقه توصف بأنها عالية، لكنها لمطالب دنيوية فانية، يرى أنها مظهر من مظاهر الحضارة، أو متطلب من متطلبات العمل، وهي في الحقيقة زيف ودجل، يتكلّفها المسكين على حظوة من مدير أو ثناء من بشر؛ فأنى له أن ينال أجراً، وثواباً لعمل صار هباءً منثوراً؟.

 

لقد افتقدنا كثيراً من الأخلاق الحميدة؛ فأين الحب والوفاء؟ أين الصدق والإخاء مع الخدم والضعفاء؟ أين العدل مع العمال والفقراء؟ أين بر الوالدين؟ أين حقوق الأقارب والجيران؟ أين معاشرة الناس بالحفاوة والوفاء؟ أين صدق الحديث؟ أين أداء الأمانة؟ أين معاشرة الزوجة بالإكرام والاحترام؟ أين بشاشة الوجه؟ أين طيب الكلام؟ أين إفشاء السلام؟ وأين ؟ وأين وأين؟

 

أيها المسلمون: إن حسن الخلق عبادة، بل إن ثواب بعضه قد يفوق ثواب كثير من العبادات المعروفة.

 

إن إلقاء السلام عبادة، عيادة المريض عبادة، زيارة الأخ في الله عبادة، تبسمك في وجه أخيك صدقة، الكلمة الطيبة صدقة، مصافحة أخيك صدقة، مسح رأس اليتيم عبادة، صلة الرحم عبادة، إغاثة الملهوف عبادة، قضاء حوائج الناس عبادة، مساعدة المحتاجين عبادة؛ فما أعظمها من تجارة، وما ألذّها من سعادة، غفل عنها أكثر الناس فحرموا نفعها وآثارها -نسأل الله العافية-.

 

أيها المسلمون: ولأهمية الأخلاق كانت أخلاق العبد السيئة وسلوكياته المشينة، تأكل الخيرات، وتحرق الحسنات، وتحمّله من غيره الأوزار والسيئات وتقذف به في الدركات، ولو صلى وصام وعمل الصالحات، سَألَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً أصحابه -كما في صحيح مسلم- فقال: "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".

 

تأملوا -رحمني الله وإياكم- في هذا الرجل الذي قد أجهد نفسه في الطاعة، وأسهر ليله في الإنابة، أظمأ نهاره بالصيام، وتكبّد سفراً في الحج إلى بيت الله الحرام، فلما وقف بين يدي الجليل المتعال، فوجئ برصيد هائل من الديون؛ فقد شتم وسفك وضرب وهتك، فوزّعت حسنات النهار، وطاعات الليل سداداً لتلك الديون، في يوم الجزاء والنشور، فهذا خادم مغبون وذاك عامل مظلوم، وهذا جار له مشتوم، وذاك ضعيف ماله مأكول، فوقف أمام الجميع بين يدي الجبار العظيم، وقلبه متألم متأوّه محزون، فانهمرت الدموع من العيون؛ هل من طريق للفرار من الديون؟

 

هذا وأمثاله يوم القيامة هم المفلسون.

 

فالذي يباشر العبادات ويبقى بعدها باديَ الشر، كالح الوجه قريب العدوان؛ كيف تُرجى له النجاة إذا نصب الميزان، بل قد حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمثالهم من النار ولو جاء بصلاة وصيام وفعل الأمور العظام، وفي هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال له: إن فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها" قال: "هي في النار" (رواه الإمام أحمد).

 

وبهذا نعلم أن الحديث عن الأخلاق ليس ترفاً علمياً، وليس نافلة في درجات العمل، بل هو طريق إلى السعادة لمن حسّن خلقه، وطريق إلى الشقاوة لمن أساء تعامله.

 

أيها المسلمون: إن من أخطر ما يضر الأخلاق، ويفسد السلوك، ويدمّر الفضائل - حب الدنيا؛ فهو رأس كل بلية، من أجلها يغش التجار، ومن أجلها يخون الناس الأمانات.. بسبب حب الدنيا، تُنكث العهود، وتجحد الحقوق.. بسببها تنسى الواجبات، وتستباح المحرمات.. من أجل حب الدنيا يكذب العباد ويزوّرون، ومن أجلها تداس القيم، ويباع الدين والشرف والعرض.

 

عباد الله: إن للأخلاق ميزاناً واحداً لا يتغير بتغير الأزمان والأماكن أو الأشخاص.. لا يتغير بتغير الأشخاص ومواقعهم ومناصبهم؛ فالأخلاق مع الأغنياء والفقراء، والضعفاء والكبراء، وكذا مع الحشم ومع الخدم، في حالة الفرح وفي حالة الألم، كما هي مع الزوجة والولد، بحب وصدق وصفاء، على قدم سواء؛ بما يرضي رب الأرض والسماء.

 

فليس مع الأغنياء التزلف والمديح، ومع الفقراء الاحتقار والتوبيخ.

 

كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- يحلب للضعفاء أغنامهم كرماً منه، ورفقاً بهم، فلما تولى الخلافة لم يتغير ولم يتبدل.. سمع جارية، تقول: اليوم لا يحلب لنا، فقال: "بلى لعمري لأحلبنّها لكم".

 

وهو الذي يمشي على قدميه مع جيش أسامة، وأسامة راكباً، فقال أسامة: يا خليفة رسول الله، لتركبنّ أو لأنزلنّ؟ فقال: "لا والله، لا نزلتَ ولا أركب، وما عليّ أن أُغبّر قدمي ساعة في سبيل الله".

 

هذه هي أخلاق الإسلام متمثلة في حاكمها وخليفتها.

 

ولا تنعدم الأخلاق حتى مع الأشرار؛ فمن الناس من تحسن إليه وتتخلق معه اتقاء شره، ولو اشتغلت بتأديب كل جهول أعيتك الحيل؛ فعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: "بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ"، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ" (رواه البخاري في صحيحه).

 

قال الله -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فصلت: 34].

 

أيها المسلمون: إن ميزان الخلق لا يتغير مع اختلاف الزمان؛ فالخير يبقى خيراً أبدا، والشر يبقى شراً أبدا، والفضيلة تبقى فضيلة إلى يوم القيامة؛ فالسفور والتبرج مثلاً شر أبداً، وهو دنس ورذيلة، ولا يتغير في زمن آخر على أنه تقدم ورقيّ وفضيلة؛ وإلا اختلّ ميزان الأخلاق، وتعرضنا لسخط العليم الخلاّق، والوفاء بالوعود والانضباط بالمواعيد خير أبداً، وسيبقى خيرا إلى يوم القيامة، مهما تغير الزمان.

 

نفعني الله وإياكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد: إن الحديث عن الأخلاق يكون ناقصاً حتى يكمّل ببعض المواقف الزكية من أخلاق رجل حوى أعظم سيرة، وأزكى سريرة، إنه الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي قال الله -تعالى- عنه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4].

 

لقد نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخلاقه البشر خطوات فسيحة إلى حياة مشرقة بالفضائل والآداب، اقرأ سير العظماء، وتصفح تاريخ النبلاء، لن تجد أعظم من خلق وسيرة أفضل الأنبياء..

 

اقرأ سيرته مع الأطفال، مع الخدم، مع الفقراء، مع الأغنياء.. في البيع والشراء، في الشارع والسوق.. مع الزوجة والولد، تجد أعظم خلق وأزكى سلوك.

 

كان صلوات ربي وسلامه عليه أحسن الناس، أجود الناس، أشجع الناس، كان دائم البشر، سهل الطبع، لين الجانب؛ ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحّاش، ولا عتّاب ولا مدّاح.. يشتري حاجته ويحملها بنفسه.. يخصف نعله، ويرقع ثوبه.. يأكل مع الخدم ويجالس المساكين.. يمشي مع الأرملة واليتيم؛ بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-.

 

روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ".

 

هذا هو الرسول القائد الآمر الناهي، الذي عرج به إلى السماء وتنزّل عليه الوحي صباح مساء، مع كل هذه الألقاب والمناصب والمسؤوليات والوظائف: يأتي أعرابي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد غليظ الحاشية، فيدركه الأعرابي فيجذبه جذبة شديدة أثرت في صفحة عاتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يقول الأعرابي -فوق هذا بكل غلظة وجفاء، مخاطباً أكرم الأنبياء-: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء (رواه البخاري).

 

هذه العظمة في أسمى معانيها، والأخلاق في واحد من أجلّ مواقفها، تأمل سيرته حين دخل مكة فاتحاً منتصراً عزيزاً مؤيداً على أولئك الذين طردوه وآذوه وحاصروه، حتى أكل مع أصحابه ورق الشجر؛ فما رحموه، ووضعوا سلا الجزور فوق ظهره وهو ساجد لله.

 

فلما دخل مكة دخلها وهو مطأطئ رأسه متذللاً لله، متواضعاً لعباد الله قائلاً لأولئك: "ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال:" اذهبوا فأنتم الطلقاء".

 

لم ينتقم لنفسه صلوات ربي وسلامه عليه.

 

ثم كم كان يحمل في صدره من الهموم والغموم؛ هموم الأمة، هموم هدايتها، هموم الرسالة، هموم القيادة، هموم الفقراء، وهو أبٌ متزوجٌ وقائدٌ وحاكمٌ، ومع ذلك كله يقول عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (رواه الترمذي).

 

كان يمازح أصحابه، يخالطهم، يداعب صبيانهم: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟".

 

يجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر.

 

كم كان في قلبه -صلى الله عليه وسلم- من العلم والحلم، وفي خلقه من الإيناس والبر، وفي طبعه من السهولة والرفق، وفي يده من السخاوة والندى؟ يقول أنس -رضي الله عنه-: إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت (رواه البخاري).

 

كان إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل ينزع.

 

ما نصيبنا -أيها الأحبة- من هذه الأخلاق؟! أين موقعنا من هذه الخلال الحميدة والأفعال الرشيدة؟!

 

لقد أصبحت أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- تراتيل بها يُتغنى، وأوراداً صاحبها يتمنى.

 

إنه لأمر يدعو إلى الأسى والحزن ما وصل إليه حال أخلاقنا -والله المستعان-.

 

إنه لإصلاح لحالنا وحال أمتنا إلاّ أن ننهل من معين أخلاقه الذي لا ينضب، ونقتبس من ثباتها الذي لا يتذبذب، ونصعد إلى مُثُلها لمن أراد منّا أن يتهذّب ويتأدب، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].

 

فيا رجال هذه الأمة: إن العالم بأسره يرمقكم عن بعد، ويخالطكم عن قرب، فإذا رأوا الأيدي المتوضئة تقف عن الشبهات والدنايا، ورأوا سناء قلوبكم ورقة طباعكم ونزاهة نياتكم والصدق في معاملاتكم - دخلوا في دين الله أفواجاً، وإذا رأوا عكس ذلك كنّا سبباً في شرود الناس عن الدين بسبب سوء أخلاقنا، وجفاء تعاملنا.

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

 

اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، واجمع بها شملنا، ولمَّ بها شعثنا، ورد بها الفتن عنا.

 

اللهم صل على محمد …

 

 

 

 

المرفقات
أهمية الأخلاق.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life