بعض عقوبات الله وبعض أسبابها

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-07 - 1436/03/16
عناصر الخطبة
1/نعمة المطر 2/نقمة الإغراق بالمطر والماء 3/إمطار قوم لوط بالحجارة 4/بعض عقوبات الله التي حلت بالأمم والشعوب 5/بعض أسباب حلول عقوبات الله بالأمم والشعوب
اهداف الخطبة

اقتباس

إن الماء لو كثر نزوله من السماء، لأفسد وخرّب، ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهه، مهما أوتي من قوة، فما بالكم إذا كانت الأمطار من حجارة -نعوذ بالله من الخذلان-، لكن هذه هي عقوبة القرية التي ينتشر فيها الفـ...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

اعلموا -رحمني الله وإياكم- بأن نزول الأمطار من نعم الله العظيمة على القرى والمدن والمجتمعات، يستفيد الناس، وتستفيد البهائم، وكذلك الزروع: (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا)[النبأ:14- 16].

 

وقال عز وجل: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة: 68- 70].

 

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "ثم تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الأرض من علو، ليعم بسقيه وهادها، وتلولها، وظرابها وأكامها، ومنخفضها ومرتفعها، ولو كان ربها تعالى إنما يسقيها من ناحية من نواحيها، لما أتى الماء على الناحية المرتفعة إلا إذا اجتمع في السفلى وكثر، وفي ذلك فساد، فاقتضت حكمته أن سقاها من فوقها فينشئ سبحانه السحاب وهي زوايا الأرض، ثم يرسل الرياح فتلقحها كما يلقح الفحل الأنثى، ثم ينزل منه على الأرض، ثم تأمل الحكمة البالغة في إنزاله بقدر الحاجة، حتى إذا أخذت الأرض حاجتها وكان تتابعه عليها بعد ذلك يضرها، أقلع عنها وأعقبه بالصحو" انتهى.

 

ولقد شهدت المنطقة -ولله الحمد والمنة- في الأيام القريبة الماضية، أمطاراً عجيبة.

 

وإن استمرار نزول رحمات الرب، يحتاج من أهل القرى والمدن والشعوب والأمم، يحتاج الإيمان والطاعة والاستقامة، قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)[الأعراف: 96].

 

وإن استمرار نزول بركات المولى -جل وعلا- يحتاج منا إلى ترك الذنوب والمعاصي، والتوبة والاستغفار، قال الله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)[نوح: 10- 12].

 

وقال عز وجل: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)[هود: 52].

 

وإن استمرار نزول الغيث يحتاج منا إلى أداء زكاة أموالنا، وفي الحديث: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا".

 

لكن هناك وجه آخر لنزول الأمطار من السماء، أحياناً، وهو أنها ليست رحمة، بل هو عذاب وعقوبة إلهية لتلك القرية، أو لتلك الأمة وقد أهلك الله -عز وجل- أمماً وأقواماً بهذا الماء، في القديم وفي الحديث.

 

وقد ذكر الله -عز وجل- في كتابه عقوبة الغرق بالماء لأقوام عتوا عن أمر ربهم، وهم قوم نوح -عليه السلام-، وذلك بعدما أعرضوا عن الدعوة، ولم يؤمنوا بما قال لهم نوح -عليه السلام- أغرقهم الله -عز وجل- بالماء، بإرسال السماء عليهم مدرارا، وبتفجير ينابيع الأرض، حتى تشكل طوفان هائل، وجعل سبحانه لنوح -عليه السلام- علامة لبداية عملية إغراق أولئك القوم بالماء، هو فوران التنور، قال الله -تعالى-: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ)[هود: 37].

 

وقال سبحانه: (حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)[هود: 40].

 

وجاء تفصيل عملية الغرق بالماء في موضع آخر، فقال عز من قائل: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ)[القمر: 11- 14].

 

وعقوبة الغرق بالماء حصلت أيضاً لقوم فرعون، وذلك عندما آذوا موسى -عليه السلام- ولم يقبلوا ما جاء به، أغرقهم الله بالماء، الماء الذي كان فرعون يفتخر ويتكبر، ويقول: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي)[الزخرف: 51].

 

فهذا الماء الذي كان يجري من تحته جعله الله فوقه، وهذه عقوبة التمرد على دين الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)[يونس: 90- 92].

 

أيها المسلمون: هذا نوع من أنواع العقوبات الإلهية لأولئك الذين حاربوا دين الله -عز وجل- أرسل الله لهم أحد جنوده، وهو الماء، فأغرق ودمّر بأمر الله -عز وجل-: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)[المدثر: 31].

 

إن جنود الله -عز وجل- في إهلاك المخالفين، وتأديب المعاندين، وتذكير المتأخرين بما حصل للمتقدمين، لا عد له ولا حصر، والله -جل وتعالى- يهلك ويعاقب كل قرية بما يناسبها، وإليكم بعض صور عقوبات الله، فمن عقوبات الله -عز وجل-: بدل إمطار الماء إمطار الحجارة، قال -عز وجل-: (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)[هود: 82- 83].

 

هذه هي العقوبة التي حصلت لأهل تلك القرية، التي انتشرت فيها الفاحشة، عاقبهم الله -عز وجل- بعقوبتين:

 

الأولى: جعلنا عاليها سافلها، وضع جبريل -عليه السلام- جناحه ثم رفع القرية إلى السماء،، حتى سمع أهل السماء بنباح كلابهم، ثم قلبها.

 

العقوبة الثانية: وأمطرنا عليهم حجارة.

 

إن الماء لو كثر نزوله من السماء، لأفسد وخرّب، ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهه، مهما أوتي من قوة، فما بالكم إذا كانت الأمطار من حجارة -نعوذ بالله من الخذلان-، لكن هذه هي عقوبة القرية التي ينتشر فيها الفاحشة التي ذكرها الله -عز وجل-.

 

ومن عقوبات الله -جل وتعالى- لأهل القرى: التفرق، نعم، فقد يوقع الله التفرق في مجتمع أو في أمة بسبب المخالفات التي يرتكبونها، فلا تجدهم يتفقون على رأي، قال الله -تعالى-: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)[المائدة: 14].

 

أي عقوبة أشد من أن أبناء الدين الواحد أن يحصل بينهم العداوة والبغضاء والسبب أنهم نسوا حظاً مما ذكروا به؟

 

ومن عقوبات الله أيضاً: إرسال الريح، هذا الهواء الجميل، لو زادت بأمر الله -عز وجل- لتحول من نعمة إلى نقمة، ولقد عوقب أقوام بالريح، فأفسد عليهم منازلهم، وخرّب بيوتهم، قال الله -تعالى-: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ)[فصلت: 16].

 

وقال عز وجل: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)[الذاريات: 42].

 

وقال سبحانه: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)[الحاقة: 7].

 

ما أهون الخلق على الله، إذا هم خالفوا أمره، وحاربوا دينه، وآذوا أوليائه.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- اتقوا الله -تعالى- هذه بعض عقوبات الله للأمم والمجتمعات، وإلا فما ذكر في كتاب الله، أكثر من هذا، وليس المقام هنا، مقام استعراض هذه العقوبات، وإنما هذه بعضها، لندرك أن كل ما في الكون جنود لله -عز وجل- وبأمره يعملون، وإذا أراد سبحانه شيئاً فإنما يقول له كن فيكون.

 

فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا المخالفة، واحذروا الإعراض عما أمر الله، فإن الله -جل وتعالى- يغار على دينه، ويغار على أوليائه، والمخالفات والمعصيات، والتمرد، له زمن محدود، والله يهمل ولا يمهل.

 

وما من قرية حصل فيها شيء يخالف ما أمر الله به، إلا ونزل بهم ما يستحقون.

 

فنسأل الله -جل وتعالى- أن يعاملنا بلطفه ورحمته، وعفوه، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، أنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه ...

 

أما بعد:

 

قد يقول قائل: بأن ما ذكر من بعض صور عقوبات الله للأمم والمجتمعات، بسبب المخالفات، بأن هذا كلام عام، فما هي هذه المخالفات التي قد تكون سبباً بأن يهلك الله أمة أو مجتمع أو قرية، بالغرق أو بالريح، أو بغيرها من العقوبات الإلهية؟

 

فيقال أيضاً بأن الأسباب كثيرة، لكن إليك بعضها: فمن أسباب إهلاك الله للأمم، والمجتمعات: الذنوب، قال الله -تعالى-: (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ)[الأنعام: 6].

 

وقال عز وجل: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[العنكبوت: 40].

 

هكذا الذنوب تفعل بأصحابها، ونحن -والله المستعان- نستهين بها، بل أصبحت أشياءً عادية في حياتنا اليومية، وهي سبب رئيس في أهلاك الأمم والشعوب.

 

يقول أحدهم: كيف تريدون أن يلطف الله بنا، وينزل علينا نعمه، ويرحمنا برحمته، وفي السابق كانت الأيدي ترتفع إلى السماء، وتدعوا ربها، والمولى يجيب -سبحانه-، والآن هذه الدشوش مرتفعة إلى السماء -والله المستعان-؟!.

 

ومن أسباب إهلاك الأمم والشعوب: الظلم، قال الله -تعالى-: (أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)[هود: 18].

 

وقال سبحانه: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود: 117].

 

وقال: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)[يونس: 13].

 

وقال: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا)[الكهف: 59].

 

وقال: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هود: 102].

 

كل هذا بسبب الظلم إذا انتشر في الأمة، فما بالك لو أضيف إليه دعوة المظلوم على من ظلمه؟

 

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم

نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم

 

ومن أسباب الهلاك أيضاً: تبديل أمر الله، أياً كان هذا التبديل، فالله -جل وتعالى- يأمر بأوامر ثم تأتي هذه القرية، وتبدل ما أمر الله به، بأشياء من عندها، ومن زبالة أفكارها، سواءً كانت قضايا معاملات من بيع أو شراء، أو غيره

 

قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)[البقرة: 58- 59].

 

ومن أسباب هلاك القرى: أن يكون أهلها، وأصحاب الشأن فيها، من أهل المكر والكيد والتدبير، الذي يتعارض مع الحق، قال الله -تعالى-: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)[النحل: 26].

 

كان هناك من قبلكم قد مكروا، وخططوا ودبروا وفعلوا، فماذا كانت النتيجة؟ (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ)[النحل: 26].

 

وقال سبحانه: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)[فاطر: 43].

 

وقال عز وجل: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ)[النحل: 45].

 

يقول علماء التفسير عن هذا المكر السيء: أنه سعيهم إلى إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه على وجه الخفية، واحتيالهم في إبطال الإسلام، والكيد بأهله.

 

ومن أسباب الهلاك: عدم التناهي عن المنكر، قال الله -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)[المائدة: 79].

 

ومن أسباب الهلاك: موالاة الكفار، قال الله -تعالى-: (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)[المائدة: 80- 81].

 

ومن أسباب الهلاك: ترك الجهاد في سبيل الله، قال الله -تعالى-: (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[التوبة: 39].

 

أيها المسلمون: وكما قلنا في العقوبات نقول في الأسباب، بأنها كثيرة، وهذه بعضها، فالحذر الحذر، فإنه ليس بين أحد وبين الله نسب، إنما أكرمكم عند الله أتقاكم.

 

وعندما تأخذ أية قرية بسبب أو بعدة أسباب من أسباب الهلاك، فإنه من الطبيعي أن لا تأخذه فجأة، ودفعة واحدة، وإنما بالتدريج في البداية يكون بسيطاً ثم مستوراً، ثم أكثر ثم يظهر، حتى تصبح هي السمة البارزة، لتلك القرية، وبعدها ينزل عقاب الله -والله المستعان-.

اللهم لا تعذبنا، فإنك علينا قادر.

 

اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا بأخطائنا ولا بتقصيرنا، يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك بأن نكون ممن قبلتهم في رمضان، ومن أعتقتهم من النيران.

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله، أن تعز الإسلام والمسلمين، وأن تذل أعداء الدين.

 

اللهم استعملنا في طاعتك، ولا تستعملنا في معصيتك ...

 

 

 

المرفقات
بعض عقوبات الله وبعض أسبابها.doc
التعليقات
زائر
03-03-2021

اريد معرفة 

اسم القوم

اسم النبي

طريقة العذاب

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life