بعض المعاملات الربوية

عقيل بن محمد المقطري

2022-10-09 - 1444/03/13
عناصر الخطبة
1/تبين الدين ووضوحه 2/ تقليد الغرب وإتباعهم 3/ تعدد صور الربا 4/ تحايل بعض الشركات والأفراد على استحلال الربا 5/ انتشار القروض الربوية 6/ البنوك الإسلامية.
اهداف الخطبة

اقتباس

إن الله تعالى جل وفي علاه قد وضح في محكم كتابه ما أحل للناس وما حرم عليهم، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتفصيل ما أجمل من القرآن الكريم، فوضّح النبي عليه الصلاة والسلام الدين كله، فما ترك أمرًا من الأمور إلا ووضحه لهذه الأمة قبل أن يتوفاه الله عز وجل، وإن المسلم يجب عليه أن يكون وقافًا عند حدود الله تعالى، وأن يكون ساعيًا سعيًا حثيثًا لمعرفة الحلال والحرام حتى يتعبد الله كما أمر وكما شرع...

 

 

 

أما بعد: فإن الله تعالى جل وفي علاه قد وضح في محكم كتابه ما أحل للناس وما حرم عليهم وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتفصيل ما أجمل من القرآن الكريم، فوضح النبي عليه الصلاة والسلام الدين كله فما ترك أمرًا من الأمور إلا ووضحه لهذه الأمة قبل أن يتوفاه الله عز وجل، وإن المسلم يجب عليه أن يكون وقافًا عند حدود الله تعالى، وأن يكون ساعيًا سعيًا حثيثًا لمعرفة الحلال والحرام حتى يتعبد الله كما أمر وكما شرع، ولا يكون في حياته تخبط خبط عشواء يمينًا وشمالاً، فلا يدري ما أحل الله وما حرم، وينحرف وراء التيارات فلا يفيق إلا وقد ارتكب كثيرًا من المظالم والمحارم.

والله جل في علاه وقد أمر بسؤال أهل الذكر وهم ورثة الأنبياء العلماء الذين ورثوا الأنبياء فيما ورثوه من العلم. فـ«إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» فقال جل وعلا: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].

وإن سؤال أهل الذكر من الأهمية بمكان حتى تكون حياة المسلم منضبطة مع كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لو أن هذا العالم الذي أفتى باجتهاد واستفراغ وسعه لمعرفة الحق فإذا أخطأ فإنه مأجور كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم. فمن أخذ بفتواه فِإنه لا يكون آثمًا بشرط أن يسأل عالمًا معتبرًا في الأمة بأنه من أهل الديانة وأنه من أهل التحري للحق، وهذا من سعة رحمة الله تعالى بهذا الأمة أنه لم يكلفها فوق ما تطيق فالله تعالى يقول: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة: 286]. وقال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق: 7].

فإذا استفرغ العالم وسعه لمعرفة الحق واستنباط الأدلة، وسأل وقرأ وناقش، ثم وصل إلى أمر ما فعلم به أو أفتى به شريطة أن يكون من أهل العلم المعتبرين لا أن يكون متزلفًا على سلم العلم، وعلى أكتاف العلم هو ليس من أهله، وكذلك لا يكون من أولئك الذين لا يعتد بهم ولا يعتد بمخالفتهم، ولا ما بقي على ظهر الأرض جريمة ولا كفر ولا مخالفة إذا كان ليس للأمر ضوابط يضبط مثل هذه القضايا.

أيها الإخوة الفضلاء: لا شك أن كثيرًا من المعاملات من قبل الغرب أنها أُخذت بعجرها وبجرها ولم تفلتر من قبل المسلمين، فلما أخذت هكذا دون نظر في مشروعية، تلك المعاملات من عدمها وقع كثير من الناس بالمظالم والمحارم.

ولهذا لما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والناس يخبطون خبط عشواء عندهم من المعاملات ما ورثوها أبًا عن جد وعندهم من المعاملات التي كان يتعامل بها اليهود والنصارى والمجوس، ولكن الشرع جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ليرفع الظلم عن الناس كلهم على ظهر هذه الأرض ليرفع عنهم الاستغلال والنصب والاحتيال، فأحل الله تعالى: البيع وحرم الربا، ولذلك فإن الذين لا يفرقون ولا تستطيع عقولهم أن تفرق بين ما أحل الله، وبينما حرم هي تلك العقول التي ألهت نفسها وجعلت نفسها آلهة تعبد من دون الله قال الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: 23].

ولهذا قال الله في محكم كتابه (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276]. وقال أيضًا: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 275]، نعم البيع والشراء فيه زيادة كما أن في الربا زيادة، ولكن مشروعية الزيادة في البيع والشراء أمر مطلوب وأمر لازم وإلا لصار هذا الذي يبيع لفترة من الفترات أن كان يبيع بمثل ما اشترى لصار في فترة من الفترات قصير جدًّا أفقر الناس، ولذلك لأنه مشروع تنمية المال والزيادة الطفيفة المشروعة أمر مباح، وأمر لا بد منه وشرعت لمصالح الناس وإلا فكيف تنمّى أموال الناس، ولهذا فإن الله تعالى أباح هذه المعاملات وحرم الزيادات الباهظة التي ليس فها عمل وليس فيها تعب كالإقراض بمال يستقضيه أكثر منه وكغير ذلك من الحيل التي يتحايل فيها على محارم الله تعالى.

الذي أريد أن أتوصل إليه الآن هو أنه فشت وانتشرت بين المسلمين في الآونة المتأخرة كثير من المعاملات التي أخذت من الغرب من اليهود، سواء كانت هذه المعاملات في البنوك أو كانت في الشركات أو في مجال التسويق وما شاكل ذلك.

أخذت هذه المعاملات كما هي لم تهذب ولم يسأل أرباب هذه الأعمال ما يحل وما يحرم، وربما أتوا على بعض من أهل العلم لم يعرفوا حقيقة هذه المعاملات، واستنبطوا منهم فتاوى وضللوا عليهم، وحرفوا عليم الأسئلة بحجة التوصل إلى أكل أموال الناس بالباطل، وهذا أمر من الخطورة بمكان، ولهذا فإن الله تعالى قد حذر من أكل أموال الناس بالباطل فقال سبحانه: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [ البقرة : 188]. وحرم الربا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 280-281].

فأباح الله تعالى البيع وحرم الربا وجعل من صفات المؤمنين أنهم يقلعون عن ارتكاب ما حرم الله تعالى وأن يتوبوا إلى الله تعالى فإن الربا مسألة من أخطر المسائل ولذلك فإن الله تعالى لم يجعل في قضية الربا كفارة أبدًا لم يجعلها كأي ذنب من الذنوب يكفرها شيء من الأعمال الصالحة، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إياك والذنوب التي لا تغفر وفي رواية: وما لا كفارة من الذنوب فمن غل شيئًا أتى به يوم القيامة وآكل الربا فمن آكل الربا بعث يوم القيامة مجنونًا يتخبط ثم قرأ: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ) [البقرة: 275]، ولذلك فإن الربا مثله مثل شهادة الزور مثله الخلف باليمن الكاذب، فإن الله تعالى لم يشرع فيها كفارة أبدًا، وهذا دليل على أن الذنب ها هنا عظيم.

لذلك ينبغي على الأمة إذا أرادت أن يعزها الله وإذا أرادت أن يخرجها الله تعالى مما هي فيه من الحياة الضنك ومما هي فيه من الشقاء ومما هي فيه من الذل والهوان عليها أن تترك محاربة الله، فإن الربا محاربة صريحة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومحاربة لهذه الأمة فما أضعف أمتنا إلا هذه الذنوب، تتكالب عليها من كل حدب وصوب. البنوك الربوية التي تعمل ليلا ونهارا والتي تتحايل على أموال الناس بشتى الحيل والربا.

أيها الإخوة الفضلاء لا كما يعتقد كثير من عامة الناس أنه باب واحد، بل إن الربا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة: «الربا سبعون حوبًا أيسرها أن ينكح الرجل أمه». أدناه في الإثم والحرام كأن ينكح الرجل أمة. والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أحاديث كثيرة تفيد هذا المعنى فالربا ليس بابًا واحدًا وإن كثيرًا من الناس يظن أن الربا إنما هو في الإقراض لا، فالربا أبوابه كثيرة وأبوابه متشعبة أبوابه خطيرة جدًّا، ولذلك أفرد العلماء له كتبًا مستقلة.

فإن كثيرًا من الناس ممن يتعامل بالبيع والشراء في الذهب يقرض الذهب سلفًا ويبيعه دينًا، وهذا أنواع من أنواع الربا في أبواب الصرف كذلك كثير من الناس يصرف للناس دراهمهم دولاراتهم ريالاتهم عمولاتهم شيكاتهم يصرف لهم ولا يوفيهم حقهم في نفس الوقت، وهذه نوع أيضا من أنواع الربا فإن الصرف يتقلب في الثانية والواحدة في الدقيقة الواحدة في الساعة الواحدة ينقلب أكثر من وجه.

يجب علينا جميعًا أن نتق الله عز وجل فلا نقبض من الناس دولارًا إلا وندفع لهم حقوقهم ولا شيكًا إلا وندفع لهم حقوقهم كما قال صلى الله عليه وسلم: «يدا بيد مثلا بمثل سواء بسواء هاء وهاء»، فأولئك الذين يبيعون الذهب دينا الشهرين والثلاثة والأربعة والسنة هؤلاء وقعوا في الحقيقة في باب من أبواب الربا.

وهكذا قل في كثير من المعاملات من الأمور الخطيرة أيضًا التي تقترف في كثير من البلاد الإسلامية الميسر والقمار الذي حرمه الله تعالى فقال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90].

والأمر بالاجتناب من أشد أنواع النهي ومن أشد أنواع التحريم، فإن الاجتناب أهله والتعامل به واجتناب من يتعامل به واجتناب السبل والطرق التي توصل إليه واجتناب كل وسيلة توصلك إلى القمار إلى الميسر وإلى النصب والاحتيال على أموال الناس بالباطل، ولقد قرن الله تعالى الميسر بالخمر وكثير من الناس لا يفهم مثل هذا القضايا قضايا القمار التي تظهر في صور متعددة تارة عبر شبكات الإنترنت وتارة عبر شبكات الاتصال وتارة عبر الجرائد والمجلات هذه كلها ميسر وقمار واحتيال ونصب على أموال المسلمين.

وإني والله لأعجب في كثير من أهل العلم الذين ربما لا يفرقون بين معاملة ومعاملة وبين صورة وصورة فإن القاعدة الشرعية في أبواب المعاملات أن الأصل على المعاني لا على الألفاظ والمباني والألفاظ التي بتلفظ بها البيوع قد تختلف من حال إلى حال ومن بيع إلى بيع ومن شركة إلى أخرى. ولكن ما المقصود من إشراك الناس؟ وما المقصود من معاملات هذه الشركات بهذه المعاملة؟ ما المقصود من شراء هذه البطائق أو الدخول في هذه المسابقات هل هي مجرد ضربة حظ؟ أم أن القضية هي ربح المال أن تدفع مالاً يسيرا لتنال مليونا أو مليونين أو سيارة أو ما شاكل ذلك.

هذه جريمة عظيمة في حق هذه الأمة يحرم على أهل العلم السكوت عليها ويحرم أيضا على المسئولين في البلاد أن يسكتوا عليها. وإنني لأعجب كيف قامت الدنيا ولم تقعد حينما برزت هذه أول شركة تتعامل بهذه المعاملة وأغلقت خلال شهر وتم إغلاق وسائل اتصالاتها من شركة الاتصال وأغلقت بقرار حكومي كيف يسمح الآن لكثير من الشركات أن تتعامل بمثل هذه المعاملات وإن غيرت صيغتها وطريقتها.

وسآتي لذكر بعض الصور التي هي جارية من مجتمعنا بالذات القمار والميسر محرم وإن تعددت إضافة الميسر أصلا أيها الإخوة مأخوذة من اليسر أصله مأخوذ من أنهم كانوا يأخذون الجمل دينا نسيئة يدفعون ثمنه بعد سنة وقبل أن يدفعوا ثمنه يقومون بذبحه وتقسيمه إلى ثمان وعشرين جزءًا أو إلى عشرة أجزاء ثم يضعون أسماء كالقسمة النصيب فلان له حظ فلان ليس له حظ ويطرحون أوراقًا فيأخذون الورقة فيقولون هذا القسم لزيد وهذا القسم لعمر ثم الثالث رجع لزيد ثم الرابع والخامس رجع لعمر وذاك لصالح وذاك لأحمد، وفلان ليس له واحد مع أنه يجب عليه أن يدفع قسطه من ثمن هذا الجمل فلو كان ثمنه ثمان وعشرون ألفا كل واحد منهم سيدفع ألفًا لكن ذاك لو دفع ألفا ولم يأخذ شيئًا من الجمل وذاك دفعا ألفًا وأخذ أربعة أقسام من اللحم بهذا الطريقة سمي الميسر ميسرًا وسمي الميسر كذلك؛ لأنهم كانوا يضربون فيه القداح التي هي عيدان فلان له وفلان ليس له هذا كله تشكل المعاملات وتختلف من بلد إلى بلد آخر من طريقة إلى أخرى ومن سنة إلى أخرى احتيال ونصب ودجل على أموال المسلمين خصوصًا من ظروف هم فقراء وهم بحاجة إلى الريال الواحد وربما بعض الناس لسذاجته لا يعرف أنه يرتكب محارم الله عز وجل فيقول: هي مجرد خمس ريالات وعشرين ريالا أرمي بها فإن فزت فيها وأن لم أفز فهي خمس ريالات أو عشرين ريالا وما علم هذا المسكين أن الله تعالى قال: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2].

التعاون على الإثم والعدوان قد يكون بفلس واحد لا ريال ولا بخمسة ريالات بفلس واحد تكون قد اشتركت على الإثم والعدوان، ولهذا حرم النبي عليه الصلاة والسلام كثيرا من المعاملات وجعل المشتركين سواء في الإثم فقال صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ». مثل هذه المعاملات يكون الجميع فيه مشترك في الإثم والجرم.

هكذا أيضًا ظهرت شركات التأمين بوجه قبيح يحتالون عليه على السذج والمساكين بحجة أنهم يؤمنون على حياتهم وعلى حياة أسرهم بطرق ملفوفة ربما أيضًا أخذوا استنباطات من كلام أهل العلم على نوع من أنواع التأمين الجائز وأسقطوا على شركاتهم، وهم بهذا يحتالون ويغشون الأمة بأسرها فإن أهل العلم لا يبحون القمار ولا الميسر ولا الاحتيال والنصب على أموال المسلمين هناك نوع من أنواع التكافل يسمى التأمين التكافلي في الإسلام جائز مشروع.

وهو القائم على التعاون بين المشتركين وأن يكون الاشتراك سواء بين الجميع وأن يكون لهذا نظام موحد للجميع وأن يستغل هذا المال لمجمع في هذا الباب ليستثمر لصالح الجميع فتأخذ الشركة نصيبا من هذا الربح ويعود مثلاً نصفه أو ثلثه للمشتركين ضمن هذه الجملة التأمينية وبشرط أيضا ألا تدخل هذه الأموال ضمن أموال هذه الشركة التي تقوم على التأمين التجاري القماري المحرم بشرط أن يكون وضع المال بالمكان والحلال واستثماره في المكان الحلال، وإلا فإن الناس يأثمون في هذه الطريقة التي فيها احتيال على أموال الناس يقولون أحيانا: مائة ريال تدفعها من راتبك وربما أصابتك عاهة أو مت فتحصل على مليون ريال ومليون ريال بل اليوم الثاني لو أنك مت لتقاضت أسرتك مليون ريال على سبيل المثال، هذا يجوز إذا كان في التأمين التكافلي لا في التأمين التجاري فهو مستنبط من اليهود استنباطا كليا ليس له أي تهذيب وليس له أي مستند من الأدلة الشرعية.

أيها الإخوة الفضلاء: هذه قضايا شاعت وانتشرت بين الناس انتشار الهشيم في النار وكذلك القروض الربوية التي نزلت فيها البنوك الربوية إلى المؤسسات إلى الموظفين في أماكن وظائفهم لا تتعبوهم وإنما ما عليه إلا أن يوقع العقد على أن يخصم من مرتبه مبلغا من المال ويأتي ليتقاضى مليونا ومليونين على مدى عشرات السنوات على سبيل المثال لكنه يعد المليون هذا بمليوني إلا ربع وهو لا يشعر أنه ربما انتكب ما بين عشية وضحاها فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية».

ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: «ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل» كم من تاجر سقط ما بين عشية وضحاها وأملى له الله سبحانه وأمهله فبلغت مبالغه الملايين ولكنه انتكب ما بين عشية وضحاها وكم من التجار كان يرفل بنعمة الله وكان يسرح ويمرح في نعم الله تعالى صار ما بين عشية وضحاها مجنونا في الشوارع ويمشي عريان يضحك عليه الناس ويرجمه الصبيان بالحجار؛ لأنه حارب الله عز وجل وهذه عاقبة من حارب الله عز وجل.

أيها الإخوة الفضلاء: أعود لأذكر بعض صور الربا والقمار التي ظهرت والناس لا يسألون عن هذا والله طيلة أشهر ما سئلت إلا عدة سؤالات لا تبلغ العشرة وأكثر الناس يقعون في مثل هذه الجرائم من هذا مثلا: ما تقوم به بعض البنوك التجارية القائمة على الربا من أنها تطلب من الناس أن يفتحوا لأنفسهم حسابات غيرها وعن طريقها وتضع أما أبوابها سيارة وتقول أمامك سيارات هذه السيارة لمن أحيانا يبلغ رصيده خلال سنة مثلا أو ستة أشهر أعلى نسبته وتارة لا يطلبون قضية النسبة بل يطلبون شريعة أن تودع في البنك مثلا خمسمائة ألف ريال أو ثلاثمائة ألف ريال وخلال سنة. يتم السحب سحبًا إلكترونيًّا ومن خرج حظه فليأخذ هذه السيارة قد يقول قائل: ما وجوه الربا وما وجه القمار في هذا؟ أقول: أما وجه الربا فإنك أولا أعنتهم على الإثم والعدوان فإن هذه البنوك تأخذ أموالك وتتعامل بها في الربا فإذا كنت تعلم أن البنك المركزي على سبيل المثال أو غيره من البنوك يستقضون من التجار مبالغ مثلا عشرة مليون لمدة تسعين يومًا هم يعطونه بعد التسعين يومًا مثلاً مليون إلا ربع أو مليون ريال أو مليوني ريال، ماذا نسمي هذا؟ أليس هذا نوع من أنواع الربا؟!

هذه البنوك تتعامل بنفس الطريقة سواء كان مع البنوك في الداخل أو مع المستقرض في الداخل أو نستخدمها في الخارج فهم يتعاملوا به في الربا وأنت أعنتهم كذلك على الربا ثم أن جزءا من ربحك هذه السيارة وها هنا دخل القمار فإن القمار داخل في الغرم وفي المغنم كذلك فلعلك تغنم ولعلك تغرم من هنا تكون قد وقعت في إعانتهم على الإثم ووقعت كذلك في القمار.

أما الميسر والقمار التي تتعامل فيه كثير من الشركات وخصوصا غير شركات الاتصالات فما حدث ويحدث وأنا لن أضرب مثلا في سلعة معينة لكن هنالك شركات كثيرة دخلت، ولعل من عنده هاتف جوال قد وصلته عدة رسائل من طريق هذه الشركات ما هي الطريقة التي جعلتنا نقول بأن هذا ميسر وقمار؟

أقول لك الأمر على الطريقة التالية: أنك تعلم أن الرسالة التي ترسلها إل هذه الشركة الأصل أنها تكلف عشرين أو خمس وعشرين ريالاً على أكثر تقدير، ولكنك في حالة المسابقة تدفع فيها خمسًا وأربعين ريالاً العشرين الريال أو الخمس والعشرين الريال الزائدة إلى أين تذهب يذهب جزء منه إلى شركة الاتصال كنصب واحتيال، نعم أقولها صراحة كنصب واحتيال. فالشركة لا تستحق أكثر من عشرين أو خمس وعشرين ريالاً هذا هو الذي تعتقد فيه كافة المشتركين ويذهب الجزء الأكبر لهذا الشركة التي تريد أن تسوق بضائعها لتقول على سبيل المثال عشرة لشركة الاتصالات وعشرة للشركة التي تريد أن تسوق هذه العشرة لو تضربها أيها الأخ الكريم مثلا في خمس مليون مشترك يطلع حوالي خمسين مليون ريال في خلال اليوم لواحد لو ذهبت مثلاً خمس مليون رسالة، ماذا يعطونك آخر الشهر سيارة كم ثمن هذه السيارة عشرة مليون مثلاً عشرين مليون مثلاً، أين البقية ذهبت أليس هذا نصب واحتيال جزء من مالك ذهب كقيمة لهذه السيارة فدخلت أنت في القمار وأعنتهم على القمار وهم أكلوا أموال الناس بالباطل واحتالوا بالباطل في وقت المسلمون يعانون من الفقر والجوع، وكان الأولى بهؤلاء أن يتقوا الله فيتحفظوا على سعر المكالمات ويتقوا الله فيخفضوا سعر الرسائل على الناس حتى يسهل تواصلهم فيما بينهم لكننا لا نحرم عليهم هذا، هذه شركاتهم وأحل الله البيع لكنه حرم الربا وحرم القمار والميسر والاحتيال والنصب على أموال المسلمين، هذه شركات عدة دخل فيها ما دخل وفاز فيها من فاز وخسر فيها من خسر ولا يزال الباب مفتوحًا...

هذه قضية يجب علينا جميعا أن نهتم بها أن نوعي فيها أهلنا وأن نوعي فيها أصدقاءنا حتى لا نقع فيما حرم الله سبحانه وتعالى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد:

أيها الإخوة الفضلاء: لا شك أن هذه المعاملات التي فيها ارتكاب لما حرم الله سبحانه وتعالى: وخاصة وقد أوجد الله تعالى من الوسائل المباحة للترويح المباح للسلع وأوجد الله سبحانه وتعالى بعد عناء شديد البنوك الإسلامية التي تتعامل مع أموال الناس بالتعامل المباح وإن كان ثمة بعض البنوك تخرج ما كسبت هذه البنوك من أرباح من خلال تلك المعاملات التي تحصل فيها شيء من الخلط من بعض الموظفين تتحلل من ذلك المال، ولا تدخله ضمن الأرباح والفوائد التي توزع على المستثمرين.

فالله سبحانه وتعالى قد قطع العذر على كثير من الناس ولكن الجشع والهلع والطمع والخوف على الأموال جعل الناس يلجئون لوضع أموالهم في البنوك التي تضمن لهم ربحا مع الحفاظ على رؤوس أموالهم، وهذا على كل حال قد يكون شيئًا موهومًا، فهذه البنوك قد تدور عليه الدوائر وتسقط ما بين عشية وضحاها ثم إن معاناة الأمة لو لم تكن هذه القضايا قضايا تحز في النفس في الحقيقة وتوجع القلب وتدميه وتحزنه لما نرى ونشاهد من التهافت على هذا النوع من أنواع المعاملات المحرمة وإلا فإن جراحات الأمة كثيرة لكن وجب علينا أن توجه وأن نبين ما أحل الله تعالى وما حرم في هذا المضمار.

الواجب على أهل العلم أن يتقوا الله عز وجل وأن يخرجوا عن الصمت أن يكسروا حاجز الصمت وأن يتكلموا في خطبهم ودروسهم ومواعظهم على مثل هذه المسائل، وأنا أذكر أنني قد صغت فُتْيَا في هذا الموضوع وعرضت على كثير من أهل العلم في مدينة تعز وفي صنعاء ووقع عليها الشيخ العمراني ووقع عليها الشيخ الديلمي والزنداني ومحمد الصادق وغيرهم من أهل العلم الكبار في اليمن.

ثم نُشرت لكن للأسف الشديد لم تنشر على الوجه المطلوب هذه الفتوى لعلمكم أنني لم أنشرها إلا بعد أن أعذرت إلى الله تعالى خصوصًا في شركات الاتصالات فقد تراسلت معهم وأعطيتهم صيغة الفتوى مع التوقيعات ثم قلت لهم لن ننشر هذه الفتيا إذا قطعتم هذا النوع من التعامل، ولكنهم مشوا في طريقهم ولم يتقوا الله عز وجل واستمروا في هذا العمل فلزم بعد ذلك أن تنشر هذه الفتاوى إبراء للذمة.

أيضا أيها الإخوة: من جملة الجراحات التي تعانيها ولعلنا نخص لها خطبة فيما يأتي إن شاء الله تعالى ما يدور في فلسطين وما يدور حول الأقصى الشريف الذي نسأل الله تعالى أن يخلصه من الأيدي الحاقدة والغاصبة، إنه على كل شيء قدير.

هذه أيضًا من جملة الجراحات التي نعانيها ويجب علينا جميعًا أن تكون قضية فلسطين وقضية المسجد الأقصى حاضرة في قلوبنا فاليهود يعملون ليلا ونهارًا في الحفريات من تحت أسسه، ويكاد أن يقوم المسجد الأقصى اليوم على شفا جرف هار وتكاد تكون أساساته على الخواء ليس تحتها مترين أو ثلاثة من الأتربة وإلا فإن البنيان يوشك أن ينهدم ولا تزال الدكاكات تعمل حوله.

نسأل الله تعالى أن يخيب آمال اليهود.

والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

المرفقات
بعض المعاملات الربوية.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life