اقتباس
وقد أزال النَّوويُّ هذا الإشكال، فقال: "أمَّا حكم المسألة فالجُمعة فرْض عين على كلِّ مكلَّف غير أصحاب الأعذار والنَّقص المَذْكورين، هذا هو المذهب، وهو المنصوص للشافعي في كتُبه، وقطَع به الأصحاب في جميع الطُّرق، إلاَّ ما حكاه القاضي أبو الطيِّب في تعليقه، وصاحب الشَّامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنَّه غلط، فقال: هي فرض كفاية، قالوا: وسبب غلطه أنَّ الشافعي قال: مَن وجبَتْ عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدَين، قالوا: وغلط من فهمه؛ لأنَّ مراد الشافعي مَن خُوطِب بالجمعة وجوبًا، خوطب بالعيدين متأكدًا.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده.
أما بعدُ:
فهذا بحث يتعلق ببعض أحكام صلاة الجمعة، وقد قسَّمتُه إلى مباحث كما سيأتي، فنقول -وبالله التوفيق -:
الفصل الأول: فرضية صلاة الجمعة.
المبحث الأول: وقت وجوب السعي إليها.
المبحث الثاني: وقت استحباب السعي إليها.
الفصل الثاني: شروط وجوب الجمعة.
المبحث الأول: شرط الإقامة.
المبحث الثاني: شرط القرب من موضعها.
المطلب الأول: وجوبها على أهل المصر والقرى.
المطلب الثاني: اختلاف الجمهور في حد القرب من المصر.
الفصل الثالث: كيفية الجمعة:
المبحث الأول: أداؤها في الزحام.
الفصل الأول: فرضية صلاة الجمعة
قد اختلف العلماء في وجوبها عَينًا أم كفاية:
فقيل: إنَّ صلاةَ الجمعة فرْضُ عين، يجب على كلِّ مسلم مستوفٍ شروطَها، ويَكفر جاحد فرضيَّتها؛ لأنَّها من المعلوم من الدِّين بالضرورة، وهو قول جماهير الأحناف[1]، والمالكية[2]، والشافعية[3]، والحنابلة[4]، والظاهرية[5]، بل حُكِي إجماعًا.
وقيل: إنَّها من فُروض الكفايات؛ حَكاه الخَطَّابي[6]، وقال: "قال أكثر الفقهاء: هي من فروض الكفايات"، وذكَر ما يدلُّ على أنَّ ذلك قولٌ للشافعي، وحكاه المَرعَشيُّ عن قوله القديم.
وقد أزال النَّوويُّ هذا الإشكال، فقال: "أمَّا حكم المسألة فالجُمعة فرْض عين على كلِّ مكلَّف غير أصحاب الأعذار والنَّقص المَذْكورين، هذا هو المذهب، وهو المنصوص للشافعي في كتُبه، وقطَع به الأصحاب في جميع الطُّرق، إلاَّ ما حكاه القاضي أبو الطيِّب في تعليقه، وصاحب الشَّامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنَّه غلط، فقال: هي فرض كفاية، قالوا: وسبب غلطه أنَّ الشافعي قال: مَن وجبَتْ عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدَين، قالوا: وغلط من فهمه؛ لأنَّ مراد الشافعي مَن خُوطِب بالجمعة وجوبًا، خوطب بالعيدين متأكدًا.
واتفق القاضي أبو الطيِّب وسائرُ مَن حَكى هذا الوجه على غلط قائله، قال القاضي أبو إسحاق المَرْوَزيُّ: "لا يحلُّ أن يُحكى هذا عن الشافعي، ولا يختلف أنَّ مذهب الشافعي أنَّ الجمعة فرض عين، ونقل ابنُ المُنذر في كتابَيْه كتاب "الإجماع" و"الإشراف" إجماعَ المسلمين على وجوب الجمعة، ودليل وجوبها ما سبَق، وذَكَر الشيخ أبو حامد في تعليقه: "إن الجمعة فُرِضت بمكَّة قبل الهجرة"، وفيما قاله نظَرٌ[7].
وعبارة الشافعي في "الأُمِّ" تؤيِّد ما قاله النَّووي؛ حيث قال: "ومَن كان مُقيمًا ببلد تجب فيه الجمعة، مِن بالغٍ حُرٍّ لا عذر له، وجبت عليه الجمعة"[8].
وقد توهَّم البعض أنَّ مالكًا -رحمه الله- يقول بِسُنِّيتها، وعدَّه ابن رشد رواية شاذَّة عن مالك[9].
غير أنَّ ابن عبد البرِّ قد أثبَتَها ثم بيَّن مقصودَ مالك بقوله: "سُنَّة"، فقال: "فإنْ قال بعضُ أهل الجهل: إنَّه رَوى ابن وهب عن مالك أنَّ شهودها سُنَّة، فالجواب عن ذلك: أنَّ شهودها سنَّة على أهل القرى الذين اختَلف السَّلَف والخَلَف في إيجاب الجمعة عليهم، وأمَّا أهل الأمصار فلا، ونحن نُورِد ذلك على نَصَّه، والرِّواية في سماع ابن وهب عن مالك قال: "قال لي مالكٌ: كلُّ قرية متَّصلة البيوت وفيها جماعة من المسلمين، فينبغي لهم أن يُجمعوا إذا كان إمامُهم يأمرهم أن يُجمعوا أو ليؤمِّروا رجلاً، فيجمع بهم؛ لأنَّ الجمعة سُنَّة"؛ هذه رواية ابن وهب التي شبه بها على مَن لا علم له، ولم يعلم أنَّ مِن أهل العلم جماعةً يقولون: إنَّه لا جمعة إلاَّ في مصر جامع.
وفي قول مالك في رواية ابن وهب هذه إذا كان إمامهم يأمرهم -دليلٌ على أنَّ وجوب الجمعة عنده في القرية الكبيرة التي ليست بمِصْر إنما هو اجتهاد منه أنَّها سُنَّة، وتشبيه لها بالمصر المجمع على إيجاب الجمعة فيه.
ومسائل الاجتهاد لا تَقْوى قوَّة توجِب القطع عليها، وقد أخبرتُك بالإجماع القاطع للعذر، وعليه جماعة فقهاء الأمصار؛ فلهذا أطلَق مالكٌ أنَّها سُنَّة في قرى البادية؛ لِمَا رأى من العمل بها ببلده، وإن كان فيها خلافٌ معلوم عنده وعند غيره.
وقد ذكَرْنا الاختلاف في التجميع في القُرى الصِّغار والكبار في "التَّمهيد".
على أنه يحتمل أن يكونَ قولُ مالك سُنَّة؛ أيْ: طريقة الشَّريعة التي سلَكها المسلمون ولم يختلفوا فيها"[10]، وهذا الذي ذهب إليه القاضي عياض[11]، وابن العربي[12].
أدلة القائلين بأنها فرض عَيْن:
قالوا: قد ثبتَتْ فرضيَّتها بالكتاب والسُّنة والإجماع.
الدليل الأول:
من الكتاب:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:13]، وقد قيلَ: إنَّ ذِكْر الله هو صلاة الجمعة، وقيل: هو الخطبة، وكِلاَ التفسيرين مُلْزِم وحُجَّة، فالسعي لحضور الخطبة يستلزم حضور الصَّلاة، بل شُرِع لأجل الصلاة، ومن جهة أخرى فذِكْر الله يشمل الصَّلاة والخطبة.
ولأنَّ وجوب السَّعي إلى الشَّرط، وهو مقصود لغيره، فرْعُ افتراض المشروط الذي هو الصلاة.
وقد نهى الله -عزَّ وجلَّ- عن مباحٍ، وهو البيع؛ سدًّا لِذَريعة الاشتغال عنها، فدلَّ ذلك على أنها فرض.
والمراد بقوله -جلَّ وعلا -: (فَاسْعَوْا) هو الذَّهاب؛ لأنَّه قد ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان يقرؤُها: "فامضوا إلى ذِكْر الله"[14].
قال الشافعي: "ومعقول أنَّ السعي في هذا الموضع العملُ لا السعي على الأقدام، قال الله –تعالى-: (إنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى) [الليل:15]، وقال: (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) [الإنسان: 22]، وقال: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) [الإسراء: 19]، وقال: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [النجم: 39]، وقال: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا) [البقرة: 205]، قال الشيخ: وقد رُوِي عن أبي ذرٍّ ما يؤكِّد هذا[16].
الدليل الثاني: من السُّنة:
عن عبدالله بن مسعود أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال لقوم يتخلَّفون عن الجمعة: "لقد همَمْتُ أن آمر رجلاً يصلِّي بالناس، ثم أُحرِّق على رجال يتخلَّفون عن الجمعة بيوتَهم"[17]، وعن أبي الجعد الضَّمري وكانتْ له صُحبة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:"من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوُنًا بها، طبَعَ الله على قلبه"[18].
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سَمِع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "نحن الآخِرون السَّابقون يوم القيامة، بَيْدَ أنَّهم أُوتوا الكتاب مِن قَبلنا، ثم هذا يَومهم الذي فُرِض عليهم، فاختَلَفوا فيه، فهدانا الله، فالناس لنا فيه تبَعٌ؛ اليهود غدًا، والنَّصارى بعدَ غد"[19].
قال ابن حجَر: "أمَّا وجه الدلالة من الحديث فهو التَّعبير بالفرض؛ لأنَّه للإلزام"[20].
عن طارق بن شهاب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "الجُمعة حقٌّ واجب على كلِّ مسْلِم في جماعة، إلاَّ أربعة؛ عبْدٌ مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض"[21].
عن حفصة، زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "رَواح الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلم"[22].
الدليل الثالث: من الإجماع:
فنقله ابن عبد البرِّ: "وإن كان الإجماعُ في فرْضِها يُغْني عمَّا سواه والحمد لله"، وأجمع علماء الأمَّة أنَّ الجمعة فريضة على كلِّ حرٍّ بالغ، ذكَر، يُدْرِكه زوالُ الشَّمس في مصْرٍ من الأمصار، وهو مِن أهل المِصْر غير مسافر"[23].
قال ابن المُنذِر: "وأجمعوا على أنَّ الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المُقيمين، الذين لا عُذر لهم". وقال في "الإشراف": "وأجمع أهلُ العلم على وجوب صلاة الجمعة". وقال أبو بكر ابن العربي: "الجمعة فرض بإجماع الأُمَّة". وقال الكاساني: "والدَّليل على فرضية الجمعة: الكتاب، والسُّنة، وإجماع الأمة". وقال ابن قدامة: "الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسُّنة والإجماع". وقال ابن عابدين في سياق الاستدلال على وجوبها: "وبالسُّنة والإجماع"؛ اهـ[24].
أدلة القائلين بأنها فرض كفاية:
الدليل الأول:
استدلوا بقوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9]، قالوا: قد وصف الله السَّعي إليها بأنَّه خير، فدلَّ ذلك على عدم فرضيَّتها عينًا.
وأُجيبِ عن هذا: بأنَّ وصف العمل بالخيريَّة لا يَنفي عنه الوجوب، وإنما كلُّ أمر مشروع فهو خير، سواءٌ كان مشروعًا شَرْع إيجاب أو شَرْع استحباب، وإلاَّ لزمهم أن يَصْرفوا هذا الأمر في قوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) [النساء: 171].
فهل يقول عاقل: إن الانتهاء عن عقيدة التَّثليث فرْضُ كفاية، أو صرف إلى الكراهة؟
وقوله -جلَّ وعلا-: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأعراف: 85]. فهل التَّطفيف والظُّلم والفساد في الأرض فرض كفاية؟ أو صَرْف إلى الكراهة؟
فإن قيل: النهي عن التثليث والتطفيف والظُّلم والفساد في الأرض قد ثبَت بأدلَّة أخرى خارجية، فالجواب أنَّ النهي عن تَرْك الجمعة قد ثبَت كذلك بأدلَّة خارجية، فصار هذا الصَّارف محْضَ تكَلُّف.
الدليل الثاني:
قالوا: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "نحن الآخِرون..." يلزم من قبلنا وليس فيه أنه يلزمنا. وأُجيبَ عن هذا بأن التقدير فُرِض عليهم وعلينا، فضَلُّوا وهُدِينا.
قالوا: حديث طارق بن شهاب مرسل.
وأجيب عن هذا بأنه مُرْسَل صحابي، وهو حُجَّة، وإلا فالحديث صحيح بشواهده كما سيأتي.
الدليل الثالث:
واستدلُّوا أيضًا بأدلَّة أخرى قد أُجيبَ عنها بأجوبة قد ذكَرها الشَّوكاني في "نَيْل الأوطار"، فقال: "وكذلك الاعتذار بأنَّ مسجد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان صغيرًا لا يتَّسع هو ورحبته لكلِّ المسلمين، وما كانت تُقام الجمعة في عهده - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأمره إلاَّ في مسجده، وقبائل العرب كانوا مُقيمين في نواحي المدينة مسْلِمين، ولم يُؤمَروا بالحضور -مدفوعٌ بأنَّ تخَلُّف المتخلِّفين عن الحضور بعد أمر الله –تعالى- به وأمْرِ رسوله، والتوعُّد الشديد لمن لم يحضر لا يكون حجة إلا على فَرْض تقريره -صلَّى الله عليه وسلَّم- للمتخلِّفين على تخَلُّفهم واختصاص الأوامر بمن حضَر جُمعته -صلَّى الله عليه وسلَّم- من المسْلِمين، وكلاهما باطل.
أمَّا الأول: فلا يصحُّ نسبة التقرير إليه بعد همِّه بإحراق المتخلِّفين عن الجمعة، وإخباره بالطَّبْع على قلوبهِم، وجَعْلها كقلوب المنافقين.
وأما الثاني: فمع كونه قصْرًا للخطابات العامَّة بدون برهان، تردُّه أيضًا تلك التوعُّدات للقطع بأنه لا معنى لتوعُّد الحاضرين ولتصريحه -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأن ذلك الوعيد للمتخلِّفين، وضيق مسجده -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يدلُّ على عدم الفرضية إلاَّ على فرض أن الطَّلب مقصور على مقدار ما يتَّسع له من الناس، أو عدم إمكان إقامتها في البقاع التي خارجه وفي سائر البقاع، وكلاهما باطل.
أما الأول فظاهر، وأما الثاني فكذلك أيضًا؛ لإمكان إقامتها في تلك البقاع عقلاً وشرعًا، فلا يُقال: عدم أمره-صلَّى الله عليه وسلَّم- بإقامتها في غير مسجده يدلُّ على عدم الوجوب؛ لأنَّا نقول: الطَّلب العامُّ يقتضي وجوب صلاة الجمعة على كلِّ فرد من أفراد المسلمين، ومَن لا يمكنه إقامتها في مسجده -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يمكنه الوفاء بما طلبه الشَّارع إلاَّ بإقامتها في غيره، وما لا يتمُّ الواجب إلا به واجبٌ كوجوبه، كما تقرَّر في الأصول"[25].
الراجح:
والذي يَظهر أنَّ الإجماع قائِمٌ على وجوبها على الإطلاق عينًا وكفاية، والأكثر على أنَّها فَرْض عين[26]، والحقُّ الذي لا مِرْية فيه أنَّها فرض واجب عينًا، وأنَّ تركها من أعظم أسباب الخِذْلان بالكلِّية، وإذا قلنا بأنَّ الجمعة فرض كفاية، وفرض الكفاية إذا قام به البعضُ سقَط عن الباقين -والبعض أقلُّ مِن عشرة- فهل حضور هذا البعض إظهارٌ لشعيرة هي من أهم شعائر المسلمين؟ أم أنه سينقض عُرى الإسلام عُروة عروة؟ وإذا قلنا بِسُنِّية صلاة الجماعة، وبأن الجمعة سُنَّة، فمَن يَعمُر مساجد الله إذًا؟!
المبْحَث الأول: وقت وجوب السعي إليها:
اختلفَ العلماء في وقت وجوب السعي إلى الجمعة، ومحَلُّ الخلاف فيمن مَنْزله قريب، أمَّا مَن مَنْزله بعيد فيلزمه السَّعي في وقت يدركها كلَّها؛ لأنَّه ما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب.
وقيل: يجب السَّعي إليها بالأذان الأول، وهو مذهب الأحناف[27].
وقيل: يجب السعي إليها بالأذان الثاني، وهو قول جمهور العلماء من المالكية[28]، والشافعية[29]، والحنابلة[30].
أدلة القائلين بوجوب السعي بالأذان الأول:
استدلوا بعُموم قَوْلِه -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9]، وبالأمر باتِّباع سنَّة الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- وما دام عثمان -رضي الله عنه- قد سَنَّ ذلك، فنحن مأمورون باتِّباعه، فصار داخلاً في عموم النِّداء.
أدلة القائلين بِوُجُوب السعي بالأذان الثاني:
استدلوا بعموم قوله -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].
عن السَّائب بن يزيد: "كان النِّداء إذا صَعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأبي بكر وعمر، فلمَّا كان عثمان كَثُر الناس، فزاد النِّداء الثالث على الزَّوراء"[31]، والزَّوْراء موضع بالسُّوق بالمدينة.
قالوا: والنداء الذي كان على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- هو النِّداء عقيب جلوس الإمام على المنبر، فتعلَّق الحكم به دون غيره، ولا فرق بين أن يكون ذلك قبل الزوال أو بعده؛ لأنَّ الله –تعالى- علَّقه على النداء، لا على الوقت، ولأنَّ المقصود بهذا إدراك الجمعة.
الراجح:
الذي يظهر أن الراجح هو قول الجمهور؛ لأنَّ عموم الآية قد قُيِّد بعملِ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم.
المبحث الثاني: وقت استحباب السعي إليها:
اختلف العلماءُ في وقت استحباب السعي إلى الجمعة على قولين:
فقيل: يستحبُّ السعي إليها آخِرَ الساعة التي بعد زوال الشَّمس، ويكره بعد طلوع الشَّمس، وهو مذهب المالكية[32].
وقيل: يستحب السعي إليها أول النهار إلى الزوال، وهو مذهب الجمهور[33]، وهو الراجح.
مناقشة دليل مَن قال: يستحبُّ السَّعي إليها آخِرَ السَّاعة التي بعد زوال الشمس، ويُكره بعد طلوع الشمس:
استدلُّوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة، ثم راح، فكأنَّما قرَّب بدَنَة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قَرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثَّالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضَرَت الملائكة يستمعون الذِّكر"[34].
قالوا: بأنَّ الساعة تُطلَق على جزء من الزمان غير محدود، تقول: جئتُ ساعة كذا، ومن جهة أخرى فحقيقة الرَّواح إنما تكون بعد الزَّوال، والغُدوُّ يكون قبله، كما قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) [سبأ: 12].
وأجاب الجمهور عن هذا كما قال الحافظ: "وقد أنكر الأزهريُّ على مَن زعم أن الرَّواحَ لا يكون إلا بعد الزَّوال، ونُقل أنَّ العرب تقول: "راح" في جميع الأوقات بمعنى ذَهَب، قال: وهي لُغة أهل الحجاز، ونقل أبو عُبَيد في "الغَريبَيْن" نحْوَه.
قلتُ: وفيه ردٌّ على الزَّين بن المُنير؛ حيث أَطلق أنَّ الرَّواح لا يُستعمل في المُضي في أول النهار بوجْه، وحيث قال: إن استعمال الرواح بمعنى الغدوِّ لم يُسمع ولا ثبَت ما يدلُّ عليه.
ثم إنِّي لم أرَ التعبير بالرواح في شيء من طرُق هذا الحديث إلاَّ في رواية مالك هذه عن سُمَي، وقد رواه ابن جريج عن سُمي بلفظ: "غدا"، ورواه أبو سَلمة عن أبي هريرة بلفظ: "المتعجِّل إلى الجمعة كالمُهْدِي بدنة"؛ الحديث، وصحَّحه ابن خزيمة، وفي حديث سَمُرة: "ضرَب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَثَل الجمعة في التَّبكير كناحر البدنةِ"؛ الحديث، أخرجه ابن ماجه، ولأبي داود من حديث عليٍّ مرفوعًا: ((إذا كان يوم الجمعة غدَت الشياطين براياتها إلى الأسواق، وتغدو الملائكة فتجلس على باب المسجد، فتكتب: الرَّجل من ساعة، والرجل من ساعتين))؛ الحديث.
فدلَّ مجموعُ هذه الأحاديث على أن المراد بالرَّواح الذهاب، وقيل: النكتة في التعبير بالرَّواح الإشارة إلى أن الفعل المقصود إنما يكون بعد الزَّوال، فيُسمَّى الذاهب إلى الجمعة رائحًا، وإن لم يجِئْ وقت الرَّواح، كما سُمِّي القاصد إلى مكة حاجًّا، وقد اشتدَّ إنكارُ أحمدَ وابنِ حبيب من المالكيَّة على ما نُقِل عن مالك من كراهية التَّبكير إلى الجمعة، وقال أحمد: "هذا خلافُ حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم"[35].
قالوا: لو كان ذلك المُراد لاَخْتلف الأمر في اليوم الشَّاتي والصَّائف؛ لأنَّ النهار ينتهي في القِصَر إلى عشر ساعات، وفي الطُّول إلى أربع عشرة.
واستدلوا أيضًا بحديث أبي هريرة -رَضي الله عنه- قال: قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "إذا كان يوم الجمعة وقفَتِ الملائكة على باب المسجد يَكتبون الأوَّلَ فالأوَّل، ومَثل المُهَجِّر كمَثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي يُهدي بقرة، ثم كبشًا، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرَج الإمام طَوَوْا صحُفَهم، ويستمعون الذِّكر"[36]، فجعل البدنة بالتَّهجير، والتهجير إنما هو الإتيان بالمهاجرة، وإنما يكون ذلك بعد الزَّوال.
وأجيب كما قال الحافظ: "وأجيب بأن المراد بالتَّهجير هنا التبكير، كما تقدم نقْلُه عن الخليل في المواقيت، وقال ابن المُنير في "الحاشية": يَحتمل أن يكون مُشتقًّا من الهِجِّير -بالكسر وتشديد الجيم- وهو مُلازمة ذِكْر الشيء، وقيل: هو من هَجْر المَنْزل، وهو ضعيف؛ لأن مصْدَره الهَجْر لا التَّهْجير.
وقال القرطبي: الحقُّ أن التهجير هنا من الهاجِرَة، وهو السَّير وقت الحَرِّ، وهو صالِحٌ لما قبل الزوال وبعده، فلا حُجَّة فيه لمالك، وقال التوربشتي: جعَل الوقت الذي يَرتفع فيه النهار ويأخذ الحرُّ في الازدياد من الهاجرة تغليبًا، بخلاف ما بعد زوال الشمس، فإنَّ الحرَّ يأخذ في الانحِطاط، ومما يدلُّ على استعمالهم التهجير في أول النهار ما أنشَد ابنُ الأعرابي في "نوادره" لبعض العرب: يُهَجِّرُونَ بَهَجِيرِ الفَجْرِ".
واحتجُّوا أيضًا بأنَّ الساعة لو لَم تَطُل لَزِم تساوي الآتين فيها، والأدلَّة تقتضي رجحان السَّابق، بخلاف ما إذا قُلنا: إنَّها لحظة لطيفة، والجوابُ ما قاله النَّووي في "شرح المهذَّب" تبعًا لغيره -: "إنَّ التساوي وقَع في مُسمَّى البدنة والتفاوت في صفاتها، ويؤيِّده أنَّ في رواية ابن عجلان تكرير كلٍّ من المُتقرَّب به مرَّتين؛ حيث قال: "كرجل قَدَّم بدنة، وكرجل قدَّم بدنة"؛ الحديث، ولا يَرد على هذا أنَّ في رواية ابن جريج قولَه -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "وأوَّل الساعة وآخِرها سواء"؛ لأنَّ هذه التَّسوية بالنسبة إلى البدنة كما تقرَّر.
واحتَجَّ من كره التبكير –أيضًا- بأنه يَستلزم تخَطِّي الرِّقاب في الرُّجوع لمن عرَضَت له حاجة، فخرج لها ثُم رجع، وتُعُقِّب بأنه لا حرج عليه في هذه الحالة؛ لأنَّه قاصد للوُصول لحقِّه، وإنما الحرج على مَن تأخَّر عن المجيء ثم جاء فتخطى، والله -سبحانه وتعالى- أعلم[37].
اختلف الجمهور في المراد بالساعات من أول النهار، هل أوَّلها من طلوع الفجر، أو من طلوع الشمس؟
قال الحافظ ابن رجب في "الفتح": "قالت طائفة: أوَّلها من طلوع الفجر، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد، واستدلوا بقوله: "إذا كان الجمعة، كان على أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول... " الحديث، كما سيأتي ذِكْره -إن شاء الله -تعالى- وظاهره: أنَّ ذلك يكون بعد طلوع الفجر.
وقالتْ طائفة: أوَّلها مِن طلوع الشمس، وحُكِي عن الثوري وأبي حنيفة ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ورجَّحه الخطَّابي وغيره؛ لأنَّ ما قَبْله وقتٌ للسَّعي إلى صلاة الفجر، ورجَّح هذا القولَ عبدُالملك بن حبيب المالكي، وهؤلاء حمَلُوا السَّاعات على ساعات النهار المعهودة، وهو الظاهر المتبادِر إلى الفهم.
وأما ذِكر الرواح، فعنه جوابان:
أحدهما: أنه لمَّا كان آخِرُ الساعات بعد الزَّوال، وهو رَواح حقيقي، سُمِّيت كلُّها رواحًا، كما يُسمَّى الخارج للحجِّ والجهاد حاجًّا وغازيًا قبل تلَبُّسِه بالحجِّ والغزو؛ لأنَّ أمره ينتهي إلى ذلك.
والثاني: أن الرَّواح هنا أُريدَ به القصد والذهاب، بغضِّ النَّظر عن كونه قبل الزوال أو بعده.
قال الأزهري وغيرُه: الرَّواح والغُدوُّ عند العرب يُستعملان في السَّير أيَّ وقت كان، من ليل أو نهار، يُقال: راح في أول النهار وآخِره، وغدا بمعناه.
وأما التهجير، فيُجابُ عنه، بأنه استُعمل في هذا المعنى بمعنى التبكير -أيضًا- لا بمعنى الخروج في الهاجرة، وقيل: إنه ليس من الهاجرة، بل من الهجرة، والمراد بها: هَجْر الأعمال الدنيوية للسعي إلى الجمعة.
وقد دلَّ على استحباب التبكير من أول النهار حديثُ أَوس بن أوس، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "من اغتسل يوم الجمعة وغَسَّل، وبَكَّر وابتكر، ودنا واستمع، كان له بكل خُطوة يخطوها أَجْر سنَةٍ صيامها وقيامها"؛ خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والتِّرمذي والنَّسائي وابن ماجه وابن حبان في"صحيحه"، وحسَّنه الترمذي، وله طرق متعدِّدة، قد ذكَرْناها في "شرح الترمذي"، وفي رواية للنَّسائي: "وغدا وابتكر"، وفي بعض رواياته: "ومشى ولم يركب".
وظاهِرُ الحديث: يدلُّ على تقسيم يوم الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعة، وأنَّ الخُطبة والصلاة يقَعان في السادسة منها، ومتى خرج الخطيب طوَت الملائكة صحُفَها، ولم يُكتب لأحد فضْل التَّبكير، وهذا يدلُّ على أنه بعد الزوال لا يُكتب لأحد شيءٌ من فضل التبكير إلى الجمعة بالكلِّية.
وظاهرُ الحديث: يدلُّ على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعة مع طول النهار وقِصَره، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعٍ وعشرين ساعة؛ فإن ذلك يختلف باختلاف طول النهار وقصره، ويدلُّ على هذا: حديثُ جابر، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "يوم الجمعة ثِنْتا عشرة ساعة، لا يوجد مُسلم يسأل الله شيئًا إلاَّ آتاه إيَّاه، فالتمسوها آخِرَ ساعة بعد العصر"؛ خرَّجه أبو داود والنسائي بإسناد كلُّهم ثقات.
وظاهره: يدلُّ على أنَّ ساعة الإجابة جزءٌ من هذه الأجزاء الاثني عشر المتساوية في جميع فصول السُّنة، وزَعم بعض الشَّافعية: أنه ليس المرادُ بالسَّاعات في التَّبكير الأربعَ والعشرين، بل ترتيب الدَّرجات، وفضل السابق على الذي يليه؛ لئلاَّ يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرَفَي ساعة.
ورَدَّ ذلك آخَرون منهم، وقالوا: مَن جاء في أوَّل ساعة مِن هذه الساعات وآخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش مثلاً، ولكن بدنة الأوَّل أو بقرَتَه أكْمل ممَّا للَّذي جاء في آخِرِها، وبدنة المتوسِّط متوسِّطة، وهذا هو الأقرب، وعليه يُحمل الحديث الذي خرَّجه عبدالرزَّاق، عن ابن جُرَيج، عن سُمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إذا كان يوم الجمعة فاغتسل أحدُكم كما يَغتسل من الجنابة، ثم غدا في أوَّل ساعة، فله من الأجر مثل الجَزُور، وأوَّل الساعة وآخرها سواء"، وذكر مثل ذلك في الثانية، والثالثة، والرَّابعة، يقول: "أولها وآخرها سواء"، وزاد في آخِر الحديث: "ثُمَّ غُفِر له إذا استمع وأنصت ما بين الجُمْعتين، وزيادة ثلاثة أيام"، وفي هذه الرِّواية: ذكر الغُدوّ إلى الجمعة، والغدو يكون من أول النهار"[38].
يتبع المقال الثاني وفيه "الفصل الثاني" ومباحثه.
-------
[1] "حاشية ابن عابدين" (3 / 3) "بدائع الصنائع" (1 / 256 ).
[2] "الشرح الصغير" (1 / 493 ) "مواهب الجليل" (3 / 531).
[3] "الحاوي الكبير" (2 / 400) "مُغْني المحتاج" (1 / 276)، "البجيرمي على الخطيب" (2 / 388).
[4] "المُغْني" (2 / 294) "الشَّرح الكبير" (5 / 160).
[5] "المُحلَّى" (5 / 36).
[6] "مَعالم السُّنن" (1 / 244)، وردَّه العراقي بأنه خلاف ما اتفق عليه الأئمة الأربعة.
[7] "المجموع" (4 / 349).
[8] "الأم" (2 / 374).
[9] "بداية المجتهِد" (1 / 303).
[10] "الاستذكار" (5 / 119).
[11] "إكمال المُعْلِم بفوائد مسْلِم" (3 / 266).
[12] "عارضة الأحوذي" (2 / 286 - 287).
[13] [الجمعة: 9].
[14] "مصنف عبدالرزاق الصنعاني"،كتاب الجمعة، باب السعي إلى الصلاة (5365)، والبيهقي في "السُّنن الكبرى" (5867)
[15] [الليل: 4].
[16] البيهقي في "السُّنن الكبرى" (5868).
[17] مسلم (652).
[18] رواه الترمذي (500)، وابن ماجه (1125)، وحسَّنه الترمذي.
[19] رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة 876، فاستدل به البخاري على فرضيتها.
[20] الفتح (2 / 457).
[21] سيأتي بحثه - إن شاء الله.
[22] رواه النسائي 1371.
[23] "الاستذكار" (5 / 119).
[24] نقلاً عن إجماعات ابن عبدالبرِّ، للبوصيري (639).
[25] "نَيْل الأوطار" (6 / 230).
[26] "سبُل السلام" (2 / 65).
[27] "الاختيار لتعليل المختار" (1 / 85) "ردّ المحتار" (3 / 38) "شرح فتح القدير" (2 / 66) "العناية شرح الهداية" (3 / 107).
[28] "الكافي" (70) "حاشية الدُّسوقي على الشَّرح الكبير" (1 / 388) "الفواكه الدَّواني" (2 / 621) "الثَّمر الداني" (182).
[29] "الحاوي الكبير" (2 / 428) "حاشية البجيرمي على الخطيب" (2 / 389).
[30] "المُغْني" (3 / 162) "الشَّرح الكبير" (5 / 245) "شرح الزَّركشي على مختصر الخرقي" (2 / 168) "المُحرَّر في الفقه" (1 / 143) "الإنصاف" (5 / 277) "شرح منتهى الإرادات" (2 / 29).
[31] البخاري (912).
[32] "مواهب الجليل" (2 / 535) "التاج والإكليل" (2 / 535) "الفواكه الدَّواني" (1 / 410).
[33] "الحاوي الكبير" (2 / 452)، "المجموع" (4 / 413)، "مُغْني المحتاج" (1 / 437)، "المُغْني" (3 / 164)، "شرح الزَّركشي على مختصر الخرقي" (2 / 169).
[34] البخاري (881) ومسلم (850).
[35] "الفتح" (2 / 369).
[36] البخاري (929) ومسلم (850).
[37] "الفتح" (2 / 370).
[38] "فتح الباري" (8 / 95).
التعليقات