بشرى ومواساة لأهل بيت المقدس

يوسف بن عبد الوهاب أبو سنينه

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ثبات أهل بيت المقدس رغم المعاناة الشديدة 2/الظلم إلى زوال ولا بد من الصبر 3/نصائح لكل مسؤول للنجاة في الدنيا والآخرة 4/الوصية بتقوى الله وعمل الصالحات 5/بعض فضائل أمة الإسلام المباركة 6/التحذير من خطر الذنوب وعواقبها المهلكة 7/الصبر الجميل مطية النجاة بإذن الله 8/تعزية ومواساة في وفاة الشيخ أحمد القطان

اقتباس

اصبروا يا عباد الله، إن الله مع الصابرين، لكل مَنْ أثقلَتْه الهمومُ، وأحاطت به الغمومُ، كيف تستوحش واللهُ معكَ؟! الله -تبارك وتعالى- معك إن صبرتَ، فاصبروا يا أهلنا في الأرض المقدَّسة، حصاركم سيزول، ولن يطول، وأسرانا سوف يَنعَمُون بالحرية مهما طال الزمنُ...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله الذي أذهَب عَنَّا الحزن، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)[آلِ عِمْرَانَ: 126]، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[الرُّومِ: 4-5]، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، يسمع النجوى، ويعلم السر وأخفى، وهو -تعالى- معنا أينما كنا، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا عبده ورسوله، أكرمه الله -تبارك وتعالى- بصفوة آدم، وحُزن يعقوب، وصَبْر أيوب، وبكاء داود، ومُلْك سليمان، وخلة الخليل، ونال تكليمَ الكليم، فكان برهانه أحلى وأسمى وأجلى، اللهم صلِّ وسلِّم على سيد أصفيائك، وخاتم أنبيائك، وفاتح أوليائك، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، وآل بيت رسول الله المكرَمينَ، الذين أذهَب اللهُ عنهم الرجزَ وطهَّرَهم تطهيرًا، وارض عَنَّا معهم، واجمعنا بهم في مستقر رحمتك يا أرحم الراحمين.

 

عبادَ اللهِ: بيت المقدس صابرة ثابتة، وأهل بيت المقدس في رباط إلى يوم الدين، وقد أثبَتُوا للعالَم أجمعَ أنهم أصحاب الأرض، ومهما تخلى أو قصَّر غيرُهم فهم متمسكون، رغم الاعتقالات والمداهَمات وهدم البيوت كل ذلك ظلم كبير، ولكن الله -تبارك وتعالى- يدافع عن الذين آمنوا، ارتقى الشهداء، وهم عند ربهم يرزقون، والمرضى والجرحى أجرهم على الله، وهم صابرون؛ (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)[إِبْرَاهِيمَ: 42]، لا يصيب المرء المسلم من نصب ولا وصب ولا حزن ولا غم ولا أذى إلا كفر الله عنه بها من خطاياه، فصبرًا أيها المؤمنون، عمَّا قريب سوف تزول الهموم والغموم، تيقَّنوا أن الفرج قريب -بإذن الله-، ويبقى مسجدنا الأقصى رمز عقيدتنا ومهوى أفئدتنا، وأفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وهو مسجد خالص للمسلمين وحدهم، لا يقبل الشراكة، وما يجري فيه من اعتداءات واقتحامات ظلم ظاهر، وأمر باطل، وليس هناك من سلطة عليه إلى للمسلمين والمؤمنين والمصلين، ومن هنا نرفض رفضًا باتًّا ما صدَر عن هؤلاء بالسماح لأداء الصلوات فيه لغير المسلمين.

 

إنَّ السياسة القائمة اليوم سياسة ظالمة متهورة، وإن المسلمين كل المسلمين في الأرض لن يتنازلوا عن ذَرَّة تراب واحدة من ترابه الشريف، ومن يتنازل عن ذرة تراب ما هو إلَّا شقي طريد، وشيطان مريد، ومأواه جهنم، (وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)[هُودٍ: 83].

 

وتذكَّروا أيها المؤمنون، أن الله يغار على مقدَّساته وحرماته، وعلى الباغي تدور الدوائر، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)[فَاطِرٍ: 43]، اعملوا يومًا لله، يَكُنِ اللهُ معكم، اعملوا لمقدساتكم ودينكم، إياكم والظلم؛ فإنَّه ظلمات يوم القيامة، من أعان ظالِمًا سلطه الله عليه، الظالم لا يكون إمامًا، يقتدي به أهل الخير، الظالم لا يصلح أن يكون خليفةً ولا حاكمًا ولا مفتيًا ولا شاهدًا ولا راويًا، أعظم الخيانة أداء الأمانة إلى الخائنين، والواجب -يا عباد الله- على مَنْ قُلِّدَ أمورَ المسلمين أن يرجع إلى الله -تبارك وتعالى- في كل لحظة وطرفة عين؛ لئلا يطغيه ما هو فيه من تسلطه، بل يذكر عظمة الله وقدرته وسلطانه، وأنَّه هو المنتقم ممن ظلم، والمجازي لمن أحسن، وليعتبر بمن مضى قبله من أشكاله؛ لأنَّه لا محالة مسؤول؛ (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)[الصَّافَّاتِ: 24]، ومن هنا شم من الصديق -رضي الله عنه- رائحة الكبد المشوية، وليت أم عمر لم تلد عمر، واستسلم عثمان -رضي الله عنه- وقال: "من أغمد سيفه فهو حر"، وقال علي والخزائن مملوءة بين يديه: "مَنْ يشتري مني سيفي؟ ولو وجدتُ ما أشتري به رداءً ما بعتُه"، وقطَّع الخوفُ نياطَ قلب ابن عبد العزيز، فمات من خشية العرض.

 

عبادَ اللهِ: إنما تُنال المسؤوليَّة بالخضوع والخشوع، وأن تظمأ وتجوع، وتحمي عينيك الهجوع، فيا أيها المسؤول: مما يعينك على هذا الأمر: دعوتك إلى الله -تبارك وتعالى-، اجعل لك وقتًا تعمره بالتذكر والتفكر، وأياما تجعلها معدة لجلاء قلبك؛ فإنَّه متى استحكم صداه صعب تلافيه، وأعرَض عنه مَنْ هو أعلم بمن هو فيه، فاجعل أكثرَ همِّكَ بما هو فيه، واجعل أكبر همك الاستعداد ليوم المعاد، والتأهُّب لجواب الملك الجواد؛ (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الْحِجْرِ: 92-93]، فإذا وجدتَ مِنْ هِمَّتِكَ قصورًا، واستشعرتَ من نفسك عمَّا بدًا لها نفورًا، فاختر الوقوف ببابه؛ فإنَّه لا يُعرِض عمَّن صدَق، ولا يَعزُب عن عِلمِه خفاءُ الضمائر؛ (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الْمُلْكِ: 14].

 

قدِّم صالح الأعمال، ودع عنك كثرة الأشغال، بَادِرْ ثم بَادِرْ، فالأجل قريب؛ (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)[ق: 16]، الاهتداء للحق أعظم مكافأة للقلوب الصادقة، فما نالها ابن نوح بنبوة أبيه، ولا حُرمها سلمان الفارسي بكفر ذَويه، لو لزمتَ فِناء ربكَ لم تهرُب منه، ولو أنستَ به لم تنفر عنه، ولكن عينك بدنياك مسحورة، ونفسك في سجون الآمال مأسورة، فلو أطلقتَ نفسَكَ مِنْ أَسرِها، وأخرجتَها من حصارها، لصرتَ من ضيق مجالس الدنيا إلى سعة بساتين التقوى.

 

انتظار الفَرَج من أعظم العبادات، فأحسِنُوا الظنَّ برب الأرض والسماوات، وتيقَّنُوا أنَّ ما وعدكم اللهُ -تبارك وتعالى- هو آتٍ، يقول الله -تعالى-: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)[الْبَقَرَةِ: 257]، فيا عبادَ اللهِ: مَنْ كان الله وليُّه فلن يضل أبدًا، ولن يقهر -بإذن الله-، ومتى تولاك؛ هل يضيعك؟ على قدر إيمانك تكون ولاية الله لك؛ (بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 150]، الفرج عنده، والنصر عنده، والأمن عنده، والسعادة عنده، والخير كله عنده، فهنيئًا لك إن تولاك مولاك، القرآن مليء بما يبعث على التفاؤل؛ أما قال الله -تعالى-: (لَا تَقْنَطُوا)[الزُّمَرِ: 53]، (لَا تَيْأَسُوا)[يُوسُفَ: 87]، (لَا تَهِنُوا)[مُحَمَّدٍ: 35]، (لَا تَحْزَنُوا)[آلِ عِمْرَانَ: 139].

 

أيها المسلمُ: إذا تتابعَتْ عليكَ الآلام فاعلم أنكَ على موعد مع رحيل الأحزان، الأوجاعُ طريقُ الجنةِ، قال الإمامُ الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: "لا أظن أن الله يعذب رجلًا استغفر. فقيل: لماذا؟ قال: كيف يلهمه الاستغفار ويريد به أذًى؟".

يا مَنْ عَدَا، ثم اعتدى، ثم اقترف *** ثم انتهى، ثم ارعوى، ثم اعتَرَفْ

أَبْشِرْ بقولِ اللهِ في آياته: *** إِنْ ينتهوا يُغفَر لهم ما قد سَلَفْ

 

قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: "إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، فَاجْلُوهَا بذِكْر الله -تعالى-"، وأنتم -يا عباد الله- ادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوزَ المستغفرين استغفِروا اللهَ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي شرَّفَنا بكلمة التوحيد، وكرَّمَنا بالاعتقاد السديد، وأيَّدَنا باتباع كتابه وسُنَّة نبيِّه أحسنَ تأييدٍ، فحبَّب إلينا الإيمانَ وزيَّنَه في قلوبنا، وكرَّه إلينا طريقةَ كل جبار عنيد، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، جَلَّ عن التشبيه، وتقدَّس عن التمثيل، وتعاظَم عن التحديد، لا يُدرَك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال، ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه المصطفى، وأمينُه المرتضى، أرسَلَه إلى الورى بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وارضَ اللهم عن الصحابة أجمعين، والتابعين الأجِلَّاء المقربين، أصحاب العلم والدين، وآل البيت الطاهرين، وسائر عباد الله الصالحين، وارض عَنَّا معهم برحمتك وعفوك، ورضوانك، ومَنِّكَ وكرمك يا أكرم الأكرمين.

 

أما بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: احمدوا الله -تعالى- أن جعلكم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، فضائلكم عظيمة، ومناقبكم جليلة؛ لأنكم تنتمون إلى أمة كريمة، بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركنًا غير منهدم

لَمَّا دعا اللهَ داعينا لطاعته *** بِأَكرَمِ الرُّسْلِ كُنَّا أكرم الأمم

 

فمِنْ فضائل هذه الأمة المبارَكة الطيبة: حُسن العقيدة، والتزام الطريقة الحميدة، هم أهل السُّنَّة والجماعة، وأهل السمع والحق والطاعة، يكرهون أهل الزيغ والإلحاد، كلمة الحق بينهم ظاهرة، وكفى بهذه لهم منقبة فاخرة، أقاموا الشرع، وأعزوا أنصاره، وشيدوا بنيانه، وعمروا أمصاره، لهم طاهرة الفم والذيل، وعدم الحيف والميل، فلا يرتكبون المحرَّمات، ولا يتعاطون المنكَرات، فهم في تحصيل الفضائل وتسوية المهامّ، مع الإقبال والحضور والاعتماد على الله في جميع الأمور، صدقاتهم جليلة، وإحساناتهم جميلة، لا يذكرون أحدًا بسوء أو خصلة قبيحة، بل يُحِبُّون المؤمنينَ محبةً قلبيةً صحيحةً، يُكرِمون العلماءَ، ويحترمون الصلحاءَ، ويُقرِّبون أهلَ القرآن، ويذكرون اللهَ -تبارك وتعالى- ذكرًا كثيرًا.

 

فاشكروا اللهَ على ما أنتُم فيه، لا تستعينوا بنِعَمِه على معاصيه؛ (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)[النَّحْلِ: 92]، يقول الله -تبارك وتعالى-: (فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ)[الْأَنْعَامِ: 6].

 

الخلاصة يا عباد الله في كلمتين: الذنوبُ مهلكةٌ؛ (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ)[الْعَنْكَبُوتِ: 40]، (فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الْأَعْرَافِ: 96]، ليس في القرآن تكرار، بل تذكير للأبرار، وترديد للاعتبار.

 

المعاصي أسبابُ الهزائم، والانقسام والافتراق، والواجب على المسلم أن ينكر الفساد على المفسدين، ومَنْ رضي عمل قوم حُشر معهم، كما حُشرت امرأة لوط معهم، ولم تكن تعمل فاحشة اللواط؛ فإن ذلك لا يقع من المرأة، ولكنَّها لَمَّا رَضِيَتْ فعلَهم عمَّها العذابُ معَهم؛ (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 83].

 

اصبروا يا عباد الله، إن الله مع الصابرين، لكل مَنْ أثقلَتْه الهمومُ، وأحاطت به الغمومُ، كيف تستوحش واللهُ معكَ؟! الله -تبارك وتعالى- معك إن صبرتَ، فاصبروا يا أهلنا في الأرض المقدَّسة، حصاركم سيزول، ولن يطول، وأسرانا سوف يَنعَمُون بالحرية مهما طال الزمنُ، قال الحجاج يومًا لأم سجين: "سأقتل ابنك"، فقالت: "لو لم تقتله لمات"؛ فالآجال محددة، الصبر يا عباد الله؛ (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا)[السَّجْدَةِ: 24]، هل ال

 

وقال الحق: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزُّمَرِ: 10]، قال أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- لرجل: "إن صبرتَ مضى أمرُ اللهِ وكنتَ مأجورًا، وإن جزعت مضى أمر الله وكنت مأزورًا".

 

وقال أمير المؤمنين عليّ: "الصبرُ مطيةٌ لا تكبو، وسيفٌ لا ينبو"، وقال ابن عباس: "أفضلُ العُدَّة الصبرُ عندَ الشدةِ".

 

أيها المؤمنون: كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا أكثر من أربعين سنة، ومكث أيوب مطروحا في البلاء لا يسأل الله -عز وجل- أن يكشف عنه سنوات طوال، وما على ظهر الأرض خليفة أكرم منهم على الله؛ إن سليمان أعطي فشكر، وأيوب بُلي فصبر، ويوسف قَدَرَ فغَفَر، ارضَ -أيها المسلم- بما قسَم اللهُ لكَ تكن غنيًّا، الرضا هو باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وهو مستراح العارفين، المقيم في المسجد مرابط على طاعة الله، يدفع الله به وبدعائه البلاء عن العباد والبلاد، لم يبق من لذة الدنيا إلى قضاء حوائج الإخوان، لا يزال الله -تعالى- في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه.

 

عبادَ اللهِ: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)[آلِ عِمْرَانَ: 185]، (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)[الرَّحْمَنِ: 26]، (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[الْقَصَصِ: 88]، الموت حق، والشهداء عند ربهم يرزقون، و (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[الْمُجَادَلَةِ: 11]، انتقل قبل أيام قليلة، إلى ساحة الرحمن علم من أعلام الأمة، طالما وقَف أمام الظلم فوق المنابر، دفاعًا عن الأقصى وأهل الأقصى وأرضنا المباركة؛ إنَّه الشيخ الجليل القطان، -رحمه الله-، ورحمة الله عليه وعلى جميع المسلمين، فالرجل لم يزل على حاله راقيًا في درجات كماله، إلى أن طرَق الموتُ طريقَه، وترَك العيونَ بالدموع عليه غريقة، والقلوب بالأحزان حريقة، مضى لسبيله، وآثار إحسانه للعيون مُشاهَدة، وحسنات صنيعه في صحائف الأيام والليالي خالدة، فترحَّموا عليه -رحمكم الله-، وجمعنا الله وإيَّاكم جميعًا وإيَّاه في مستقر رحمته.

 

اللهم يا قاضيَ الحاجات، يا كافيَ المهمَّات، يا حلَّال المشكلات، يا رافع الدرجات، يا دافع البَلِيَّات، يا مجيب الدعوات، يا مسهل سهل لنا كل صعب، اللهم أَوزِعْنا شكرَ هذه النعم، واختم بخير، واسترنا في الدنيا والآخرة، وآمِنَّا مَكرَكَ، ولا تُنسِنَا ذِكرَكَ، افتح لنا أبوابَ حكمتكَ، وانشُر علنيا رحمتَكَ، وأَدِمْ علينا سوابغَ نعمتِكَ، وادفع عَنَّا شر نقمتِكَ، وجنِّبْنا سخَطَكَ، ووفِّقْنا لمرضاتِكَ، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم حبِّب إلينا الإيمانَ والإحسانَ، وزيِّنْه في قلوبنا، وكَرِّهْ إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واغفر اللهم لنا ولِوَالِدِينَا ولمشايخنا، ولإخواننا الذين سبقونا للإيمان، (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الْحَشْرِ: 10].

 

وأنتَ يا مُقيمَ الصلاة أَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

 

 

المرفقات
ing7LUzunj9fDIULKpF9nkL0vweN5Q1fmmuf9A1D.pdf
4DQv0UOFVc0aDkbx4jvf4zdu1vaIojTNovrzmlwb.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life