عناصر الخطبة
1/ تكريم الإسلام للمرأة 2/ جنايات دعاة تحرير المرأة 3/ تحديات خطيرة تواجهها المرأة 4/ واجبات المرأة المسلمة 5/ صفات وخصائص المرأة 6/ الزج بالمرأة في التظاهرات والاعتصاماتاهداف الخطبة
اقتباس
فماذا فعل أدعياء تحرير المرأة بالمرأة؟! لقد أنزلوها إلى أحط المواقف، وزجوا بها في أشد المخاطر، وقادوها إلى أسوأ الأحوال، فلم يهذبوا نفسها، ولم يحسنوا أخلاقها، ولم يقوِّموا اعوجاجها، وإنما كل الذي عملوه لها أنهم أخرجوها من حيائها وعفتها وفضيلتها، وصاغوا لنا نساءً مائعات ضائعات جريئات، مستهترات بالمقدسات، منزوعات من الحياء ..
لقد كرم الله المرأة أشرف تكريم، ورفع قدرها أرفع تعظيم، فأنزل الله -سبحانه وتعالى- سورة كاملة في كتابه الكريم سماها سورة النساء، وسورة أخرى سماها باسم امرأة؛ سماها سورة "مريم"، وتولى تزويج امرأة بنفسه بعقد في السماء: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) [الأحزاب: 37]، وأنزل سورة كاملة ينتصر فيها لامرأة ظلمت سماها سورة المجادلة، وبرّأ أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- من فوق سبع سماوات.
جاء الإسلام ليقول لنا: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19]، وليقول لنا: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [البقرة: 187]، وليقول لنا: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) [الطلاق: 6]، وليقول: (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) [النساء: 19].
فماذا فعل أدعياء تحرير المرأة بالمرأة؟! لقد أنزلوها إلى أحط المواقف، وزجوا بها في أشد المخاطر، وقادوها إلى أسوأ الأحوال، فلم يهذبوا نفسها، ولم يحسنوا أخلاقها، ولم يقوِّموا اعوجاجها، وإنما كل الذي عملوه لها أنهم أخرجوها من حيائها وعفتها وفضيلتها، وصاغوا لنا نساءً مائعات ضائعات جريئات، مستهترات بالمقدسات، منزوعات من الحياء.
أرادوا تحرير المرأة فاستعبدوها، وزعموا تكريمها فأهانوها، وادعوا إنقاذها فأهلكوها، وظنوا أنهم فسحوا المجال لها وما علموا أنهم في الحقيقة سجنوها.
لا يريدونها أن تبقى آمنة في سربها، محفوظة بحيائها وسترها، عابدة لربها، راعية لأولادها، مخدومة من زوجها وأهلها، فاختزلوا حقوقها في التمرد على الدين والأخلاق والقيم، والمبالغة في الزينة والشكليات والموضات والمظهر الخارجي.
يطالبون بإطلاق الحرية الكاملة للمرأة، والمساواة المثلية بين الجنسين، ويعملون على إلغاء دور الأب في الأسرة، ويبيحون الإجهاض ويسهلون موانع الحمل، ويغضون الطرف عن الفساد والشذوذ الجنسي والأخلاقي، ويزعمون ملكية المرأة لجسدها، ويسعون لتمكينها في السياسات العامة وتوليتها المناصب الرئيسة والولايات الكبرى، ويستميتون في إقحامها وتوريطها في أعمال لا تتناسب مع طبيعتها، وصدق الله -سبحانه وتعالى- إذ يقول: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].
إن المرأة المسلمة تواجه اليوم عددًا من التحديات الخطيرة؛ ولهذا فإنها بحاجة ماسة إلى التسلح بالعلم والمعرفة بهذا الدين العظيم، الذي تدين الله به لتعرف فضله عليها من سائر الأديان والملل الأخرى، وما قدمه لها هذا الدين من عقيدة وشريعة وعدل وأمن ورحمة ومساواة، وما أثبته لها من خصائص وسمات في الحقوق والواجبات، وما قدمه لها من ضمانات دنيوية وأخروية.
على المرأة المسلمة أن تحصن نفسها من هذه المشاريع الهدامة والمخططات المشبوهة التي يروِّج لها هؤلاء في وسائل الإعلام، ويسمّون أنفسهم بدعاة تحرير المرأة، فيدغدغون عواطف النساء ويستغلون حاجتهن وظروفهن ويلبسون عليهن باسم الدين والمصلحة ليصلوا بهن إلى الفوضى الاجتماعية والحياة البهيمية، فتصبح المرأة ألعوبة بأيديهم، وأداة لتحقيق مآربهم؛ يقول الله -جل جلاله- مخاطبًا نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- والخطاب لغيرهن من باب أولى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب: 32، 33].
عباد الله: إن المجتمع اليمني مجتمع محافظ؛ يقوم على مجموعة من الركائز الأخلاقية والآداب الاجتماعية التي ساهمت في بقائه مجتمعًا محافظًا رغم موجات التغريب والتفسخ التي طغت على كثير من بلاد المسلمين، غير أن سنة الله -سبحانه وتعالى- لا تتبدل ولا تتغير، ونتيجة لطول العهد وبعد الأمة عن مصدر النبوة وأنوار الرسالة وتسرب ثقافات الأمم الأخرى وعاداتها إلى المجتمع الإسلامي عبر وسائل الإعلام المختلفة، وبسبب الجهل بالدين وضعف الوازع الديني وذهاب العلماء وقلة الناصحين وكثرة المفسدين والمنافقين تسربت إلى المجتمع عدد من الانحرافات والتصرفات السيئة التي تمارسها بعض النساء، ومنها غياب الحياء أو ضعفه عند بعضهن وإبراز مفاتنهن وإظهار زينتهن للفت الأنظار نحوهن، ووجد في نسائنا من تلبس الثياب الضيقة والقصيرة والشفافة جريًا وراء الموضات وتشبهًا بلباس الفاسقات، ومنهن من يخرجن إلى الأسواق والشوارع وهن على مظهر غير مقبول في لباسهن وحركاتهن ونظراتهن، وشاع بين بعضهن -وخاصة في الأعراس والأفراح- لبس الملابس التي تحدد العورة والشفافة التي لا تستر إلا أجزاءً من الجسد، فعمّت الفتنة وانتشر الزنا والفساد وقل الحياء وكثرت الجرائم وخاف الغيورون والغيورات على حياة الطهر والعفاف والأخلاق والقيم من السقوط؛ لأنها إذا سقطت سقطت الأمة:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة لبني إسرائيل كانت في النساء".
عباد الله: لقد خلق الله المرأة وجعل لها من الصفات والخصائص ما يميزها، وتستقل به عن الرجل، ولا يمكن أبدًا أن تعطى المرأة مسؤولية الرجل أو يعطى الرجل مسؤولية المرأة؛ إذ لو أعطي الرجل مسؤولية المرأة لتأنث، ولو أعطيت المرأة مسؤولية الرجل لترجَّلت، ولو حصل هذا النظام المعكوس الذي يريده هؤلاء لاختل نظام الحياة، وتهدم بنيان الأسرة، وسقط أركانه؛ يقول الله -سبحانه وتعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34].
الخطبة الثانية:
من الخطأ الكبير الزج بالمرأة في خضم المواجهات والتظاهرات والاعتصامات التي تشهدها البلاد، وقد خرجت في الأسبوع الماضي بعض الطالبات وشاركن الأولاد في التظاهرات والمسيرات المؤيدة أو المعارضة، وهذا تصرف خاطئ، وتعدٍّ غير مقبول حصوله في هذه المحافظة العريقة الحريصة على الحشمة والفضيلة والبعد عن مواطن الشبهات.
ونحن لا ننكر أن لهؤلاء الطلاب مطالب مشروعة لا حرج في المطالبة بها والتعبير عنها، ولكن ليس بهذا الشكل؛ فالمطالب لا تتحقق بالاعتداء على مدارس البنات وإلزامهن بالخروج والتظاهر وتعطيل المدارس وهجر الصفوف ورمي الكتب والتطاول على المعلمين كما يفعل بعض الطلاب.
وعلى السلطة المحلية أن تعلم أنها هي المسؤول الأول عن كل ما يجري في البلاد، ومنها أمر الطلاب وتوقف دراستهم وتحقيق مطالبهم التي تنبع من معاناتهم في المدارس والمرافق التربوية والتعليمية، ولو حلت هذه المشاكل من قبل وعالجت الأمور من بدايتها لما وصلت الأمور لما وصلت إليه؛ فهل ستتدارك المشكلة قبل تعقدها ووصولها إلى خارج نطاق السيطرة؟! وهل سيفهم المسؤولون مسؤوليتهم تجاه هذه المشاكل والمطالب؟! وهل يدرك الطلاب أنهم هم الخاسر الأكبر من توقيف الدراسة وتعطيلها؟! هل سيفهم الجميع وهل يدرك الجميع مسؤوليته؟! نرجو ذلك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍوكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".
التعليقات