اليوم الشاهد -2

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: الجمعة
عناصر الخطبة
1/اختصاص يوم الجمعة بمزيد من الفضل والمكانة 2/عظم شأن صلاة الجمعة وعقوبات التخلف عنها 3/حكم السفر بعد دخول وقت صلاة الجمعة 4/التحذير من التأخر عن حضور خطبة الجمعة 5/التعرف على فضائل الجمعة والحرص على التبكير في حضورها

اقتباس

عِبَادَ اللهِ: حينَ نَتَكَلَّمُ عَنْ خُطُورَةِ التَّخَلُّفِ عَنْ صَلاةِ الجُمُعَةِ أو التَّأَخُّرِ عن المَجِيءِ إليهَا، فَلِمَا بِتْنَا نَرى مِن رِجَالٍ أفَاضِلَ، وَشَبَابٍ فِي صِحَّتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ صَارُوا يَزْهَدُونَ بِيومِ الجُمُعَةِ، حَتَّى أنَّ بَعْضَهُمْ يَحْرِمُ نَفْسَهُ ذَلكَ الخَيرَ العَظِيمَ، وَيَبْقَى في سيَّارَتِهِ ينْتَظِرُ إقَامَةَ الصَّلاةِ، أَو يَتَشَاغَلُ في مَنْزِلِهِ بِطَعَامٍ أو شَرَابٍ. وَالمُسْلِمُ يَنْتَظِرُ هَذا...

الخطبة الأولى:

 

الحَمدُ للهِ شَرَعَ لنَا الجُمَعَ والجَمَاعَاتِ، لِيُطَهِّرَنَا مِن السَّيئَاتِ، وَيَرفَعَ لنا الدَّرَجَاتِ، جَعَلَ يَومَنَا هذا مَوسِمًا لِلحَسَنَاتِ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، رَبُّ الأرْضِ والسَّمَوَاتِ، هَدَانا لِيومِ الجُمُعَةِ، فَلله الحَمْدُ عَلى العَطَايَا والهِبَاتِ، وَأَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيرُ المُرسَلِينَ، وَإمَامُ المُتَّقِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى جَمِيعِ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، فَإنَّ تَقوَاهُ عِصْمَةٌ مِن الضَّلالَةِ، وَسَلامَةٌ مِن الغِوَايَةِ، وَنَجَاةٌ يَومَ القِيَامَةِ.

 

عِبادَ اللهِ: ذَكَرَنَا في جُمُعَةٍ مَضَتْ أنَّ اللهَ -تَعَالى- اخْتَصَّ يَومَ الجُمُعَةِ بِمَزِيدٍ مِن الشَّرفِ وَالتَّفْضِيلِ، وَجَعَلَ لهُ مِن الرِّفْعَةِ وَالتَّكْرِيمِ مَا يَجْعَلُنَا نَحْرِصُ على سُنَنِهِ وَآدَابِهِ.

 

وَمَنْ تَأمَّلَ خُطُورَةَ التَّخَلُّفِ عَنْهَا عَرَفَ بِالمُقَابِلِ عَظِيمَ شَأْنِ الجُمُعَةِ، كَيفَ وَقَدْ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الجمعة: 9].

 

ومِمَّا قَالَهُ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- حَولَ هذِهِ الآيَةِ: اللهُ يَأْمُرُ عِبَادَهُ المُؤمِنِينَ بِالحُضُورِ لِصَلاةِ الجُمُعَةِ، وَالمُبَادَرِةِ إليهَا، حِينَ يُنَادَى لَهَا، وَجَعْلِهَا أَهَمَّ الأَشْغَالِ، فَاتْرُكُوا البَيعَ، (إذَا نُودِيَ) لَهَا، وَامْضُوا إليهَا، فَإِنَّ (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) مِنْ اشْتِغَالِكُمْ بِالبَيعِ، وَتَفْوِيتِكُم الصَّلاةَ التي هِيَ مِنْ آكَدِ الفُرُوضِ، وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيرٌ وَأَبْقَى.

 

عِبَادَ اللهِ: كَيفَ تَطِيبُ نَفْسُ مُسْلِمٍ، وتَهْنَأُ حَيَاتُهُ وَهُوَ يَتَخَلَّفُ عَنْ الجُمُعَةِ جُمْعَةً بَعْدَ جُمُعَةٍ وَهُوَ يَسْمَعُ تَحْذِيرَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِقَولِهِ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْظُرَ، فَأُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ بُيُوتَهُمْ، لَا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ"(رَواهُ الإمَامُ أحْمَدُ في مُسنَدِهِ)؟

 

ألا تَعْلَمُونَ أنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الجُمُعَاتِ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ فَكَانَ من الغافِلِينَ، وَمِنَ المُنَافِقِينَ!؟

 

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ".

 

وَعَنْ أُسَامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمُعَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كُتِبَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ".

 

يا عِبَادَ اللهِ: إنَّ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ أَنْ يَتَخَلَّفَ مُسْلِمٌ عَن حُضُورِ الْجُمُعَةِ مِن غَيرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقْد عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلإصَابَةِ بِدَاءِ الغَفْلَةِ عَن اللهِ وَالطَّبْعِ عَلَى قَلْبِهِ فَيَكُونَ مِن الغَافِلينَ، حَقَّاً (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)[آل عمران: 25].

 

وَمَنْ طَبَعَ اللهُ على قَلْبِهِ عَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ، وَسَاءَ مَصِيرُهُ وَعَمَلُهُ؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالى-: (فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ)[المنافقون: 3]، وقَالَ تَعالى: (كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ)[يونس: 74].

 

عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ"(قال الألبانِيُّ: "حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ").

 

ألا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَاشْهَدُوا الجُمَعَ، وَحَذَارِ مِن التَّهَاوُنِ بِهَا أَو إنْشَاءِ الرَّحَلاتِ بِدُونِ أدَائِها فَقَدْ كَثُرَ في الآوِنَةِ الأَخيرَةِ مَعَ الخَيرَاتِ وَالأَمْطَارِ بحَمْدِ اللهِ كَثْرَةُ الرَّحَلاتِ يَومَ الجُمُعَةِ بِحُجَّةِ أنَّها يَومُ العُطْلَةِ فَقَطْ.

 

وَكَمْ يَخْسَرُ مَنْ يُطِيلُ السَّهَرَ لَيلَةَ الجُمُعَةِ فَقَدْ يُفَوِّتُ فَجْرَهَا، وَقَدْ سَمِعْتُمْ سَابِقَاً قَولَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللهِ صّلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ"(صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ).

 

وَلَرُبَّمَا تَجَاوَزَ أثَرُ السَّهَرِ إلى الجُمُعَةِ ذَاتِهَا! هذا إذا كَانَ سَهَرَاً مُبَاحَاً مَعَ أهْلٍ وَأَقَارِبَ، فَكيفَ إذا كَانَ فِي لَهْوٍ وَغَفْلَةٍ وَنَظَرٍ لِمَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟!

 

أيُّهَا الأخُ المُسْلِمُ: وَإذَا كَانَ السَّفَرُ لا يَجُوزُ فِي يَومِهِا لِمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا.

 

فَكَيفَ بِمَنْ يَخْرُجُونَ لِتَّنَزُّهِ والبَرَارِي والشِّعَابِ!؟ فَنَصِيحَتي لِهؤلاء أنْ يبحَثُوا عن أقْرَبِ مَدِينَةٍ تُقَامُ فيهَا الجُمُعَةُ فَيَحْضُرُوهَا، سُئِلَ الشَّيخُ ابنُ العُثَيمِينَ -رَحِمَهُ اللهُ- عَنْ السَّفَرِ يَومَ الجُمُعَةِ، فَمِمَّا قَالَهُ: "إنْ كَانَ بَعْدَ أَذَانِ الجُمُعَةِ الثَّانِي فَلا يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ فِي هَذا الوَقْتِ؛ لأنَّ اللهَ -تَعَالى-: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)[الجمعة: 9]، وإذا كانَ السَّفَرُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإنْ كَانَ سَيُصَلِّي الجُمُعَةَ فِي طَرِيقِهِ، فَهذَا لا بَأْسَ بِهِ، وَإنْ كانَ لا يَأْتِي بِهَا فِي طَرِيقِهِ، فَمِنَ العُلَمَاءِ مَنْ كَرِهَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ، وَالأَحْسَنُ ألَّا يُسَافِرَ".

 

هَذا الحُكْمُ -يا كِرَامُ- للسَّفَرِ وَفِي الغَالِبِ يكُونُ السَّفَرُ لِحَاجَةٍ أو ضَرُورَةٍ ليسَ مِثْلَ حَاجَةِ سَفَرِ التَّنَزُّهِ والاسْتِجْمَامِ.

 

ألا فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- وَحَافِظُوا على الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ، وَتَعَاهَدُوا أَولادَكُمْ فَإنَّهُمْ أَمَانَةٌ في أَعْنَاقِكُمْ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.

 

فاللهُمَّ أعنَّا على أنْفُسِنَا والشَّيطَانِ، وَألْهِمْنَا رُشْدَنَا يَا رَحيمُ يَا رَحْمَنُ، وأستَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ عَنْ تَقْصِيرِنا وَزَلَلِنَا، فاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمدُ للهِ وَعَدَ المُحَافِظِينَ على الجُمَعِ والجَمَاعَاتِ أَجْرَا عَظِيمَا، وَتَوَعَّدَ المُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا طَبْعَاً عَلى قَلْبِهِ، وَغَفْلَةً فِي نَفْسِهِ وَعَذَابَاً أَلَيمِاً. أَشْهد أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبَّاً رَحِيمًا كَرِيمًا، وَأَشْهَد أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بَشَّرَنَا أنَّ يَومَ الجُمُعَةِ خَيرُ الأَيَّامِ، وَأعْظَمُهَا عِنْدَ المَلِكِ العَلاَّمِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيرِ الأَنَامِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ على الدَّوامِ.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -يا مُسْلِمُونَ- واقْدُرُوا لِيَومِ الجُمُعَةِ قَدْرَهُ، وَاعْرِفُوا لَهُ فَضْلَهُ، وَجَاهِدُوا هَوى النَّفْسِ والشِّيطَانِ، فَسَاعَاتُهُ مَحْدُودَةٌ، وَهِيَ مِن أنْفَسِ الأوقَاتِ، وَلا تُفَرِّطُوا فيهِ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الذينَ لا يُوقِنُونَ.

 

عِبَادَ اللهِ: حينَ نَتَكَلَّمُ عَنْ خُطُورَةِ التَّخَلُّفِ عَنْ صَلاةِ الجُمُعَةِ أو التَّأَخُّرِ عن المَجِيءِ إليهَا، فَلِمَا بِتْنَا نَرى مِن رِجَالٍ أفَاضِلَ، وَشَبَابٍ فِي صِحَّتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ صَارُوا يَزْهَدُونَ بِيومِ الجُمُعَةِ، حَتَّى أنَّ بَعْضَهُمْ يَحْرِمُ نَفْسَهُ ذَلكَ الخَيرَ العَظِيمَ، وَيَبْقَى في سيَّارَتِهِ ينْتَظِرُ إقَامَةَ الصَّلاةِ، أَو يَتَشَاغَلُ في مَنْزِلِهِ بِطَعَامٍ أو شَرَابٍ.

 

وَالمُسْلِمُ يَنْتَظِرُ هَذا اليَومِ وَيَفْرَحُ بِهِ، وَيَحْمَدُ اللهَ أَنْ بَلَّغَهُ إيَّاهُ؛ لِمَا فِيهِ مِن الخَيرَاتِ والرَّحَمَاتِ.

 

وَلتَعْلَمْ أنَّ عِنَايَتَكَ بِيومِ الجُمُعَةِ وِحِرْصَكَ عَليهِ مِنْ عَلامَاتِ الإيمَانِ؛ لأَنَّ التَّخَلُّفَ والتَّفْرِيطَ مِنْ عَلامَاتِ النِّفَاقِ.

 

حَقَّاً؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا -تَعَالىَ-: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الجمعة: 4].

 

قَالَ الإمَامُ ابنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي كِتَابِه النَّفِيسِ: "زَادِ المَعَادِ" لَمَّا تَكَلَّمَ عَنْ خَصَائِصِ الجُمُعَةِ: "الْخَاصَّةُ الثَّالِثَةُ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آكَدِ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَجْمَعٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ وَأَفْرَضُهُ سِوَى مَجْمَعِ عَرَفَةَ، وَمَنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ، وَقُرْبُ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسْبِ قُرْبِهِمْ مِنَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَبْكِيرِهِمْ" وَمِمَّا قَالَهُ رَحِمَهُ اللهُ: "أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ مُتَكَرِّرٍ فِي الْأُسْبُوعِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى، وَيَوْمِ الْفِطْرِ".

 

عِبَادَ اللهِ: تَعَرَّفُوا أيضَاً على فَضَائِلِ يَومِ الجُمُعَةِ لِتَزْدَادُوا حَمَاسَاً وَإقْبَالاَ، وَلِتَتَزَوَّدُوا فِيهِ مِن الصَّالِحَاتِ، فَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفِّارَةٌ لمَا بَيْنَهُما إِذَا اجْتَنَبَ العَبْدُ الْكَبَائِرَ.

 

أيُّهَا الأخُ المُسْلِمُ: احْرِصْ على الجُمُعَةِ وَتَعَرَّفْ على وَاجِبَاتِهَا وَمُسْتَحَبَّاتِهَا وَآدَابِهَا، وَأَدَعُكَ تَتَأمَّلُ فِي سُنَنِها القَولِيِّةِ والفِعْلِيَّةِ فَسَتَجِدُ خَيرَاً عَظِيمَاً، أمَّا مُخَالَفَاتُهَا وَأحْكَامُهَا فَبَابٌ يَطُولُ.

 

فَنَسْأَلُ المَولَى أنْ يَرْزُقَنَا عِلْمَاً نَافِعًا، وَعَملاً مُتَقَبَّلاً، وَأَنْ يَجْعَلَ مُسْتَقْبَلَنَا خيرَاً مِنْ مَاضِينَا.

 

اللهُمَّ أعنَّا جَمِيعَاً على ذِكركَ وشَكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

 

اللهمَّ اجعلنا من الغَانِمِينَ فِي صَلاتِنَا الخَاشِعِينَ المُفْلِحِين مَنْ تَنْهَاهُم صَلاتُهم عَن الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ.

 

الَّلهُمَّ عَظِّمْ قَدْرَ الصَّلاةِ فِي قُلُوبِنَا وَأبْنَائِنا والمُسْلِمينَ.

 

اللهمَّ أقِرَّ عُيونَنا، وأَسعِدْ قُلوبَنَا بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا.

 

اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وانصر إخوانَنَا في كُلِّ مَكَانٍ.

 

اللهمَّ وفِّق ولاتَنَا لِمَا تُحبُّ وتَرضَى، أعنهم على البرِّ والتَّقوى، أصلح لهم، وأعنهم على أداءِ الحقِّ والأمانة.

 

اللهُمَّ وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَتَقَبَّلْ شُهَدَاءهُمْ، واحفظ حُدُودَنا، وعليكَ بالحَوثِيِّنَ المُفْسِدِينَ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اغفر لنا ولوالدينا.

 

(ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 147].

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

 

(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].

 

المرفقات
اليوم-الشاهد-2.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life