عناصر الخطبة
1/اختصاص يوم الجمعة بمزيد من الشرف والتفضيل على بقية الأيام 2/المحاسبة الجادة والتنافس على الطاعات 3/مكانة الجمعة وبعض فضائلها 4/بعض بركات يوم الجمعة 5/بركة يوم الجمعة شاملة للأحياء والأمواتاقتباس
إخْوانِي: يَومُ الجُمُعَةِ سَيِّدُ الأيَّامِ كُلِّها، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللهِ -تَعَالَى-؛ لِذَا نَدَبَنَا نَبِيُّنَا إلى اغْتِنَامِ فَضَائِلِهِ وَالمُسَارَعَةِ فِيهِ بِالطَّاعَاتِ. ألا تَعْلَمُونَ أنَّ في الجُمُعَةِ سَاعَةَ إجَابَةٍ لِكُلِّ دَعْوَةٍ، وَتَفْرِيجٍ لِكُلِّ كَرْبٍ، وَتَسْلِيَةٍ لِكُلِّ هَمٍّ؛ هَذا كَلامُ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ أَيقَنَ بِذلِكَ، وَتَوكَّلَ عَلى اللهِ -تَعَالَى-، فَعَنْ...
الخطبة الأولى:
الحَمدُ للهِ شَرَعَ لنَا الجُمَعَ والجَمَاعَاتِ لِيُطَهِّرَنَا مِن السَّيئَاتِ، وَيَرفَعَ لنا الدَّرَجَاتِ، جَعَلَ يَومَنَا هذا خيرَ الأيَّامِ وأَفضَلَهَا وسيِّدَهَا وَمَوسِمًا لِلحَسَنَاتِ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، سُبحانَهُ وَبِحمْدِهِ هَدَى أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لِيومِ الجُمُعَةِ، وَأَضَلَّ عَنْهُ اليهُودَ وَالنَّصَارَى، (وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[الزمر: 36]، وَأَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خَيرُ المُرسَلِينَ وأَكْرَمُ النَّبِيِّنَ، وَإمَامُ المُتَّقِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى جَمِيعِ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ المَمَاتِ.
أمَّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبادَ اللهِ-، فَإنَّ تَقوَاهُ عِصْمَةٌ مِن الضَّلالَةِ، وَسَلامَةٌ مِن الغِوَايَةِ، وَسَبِيلٌ لِلسَّعَادَةِ، وَنَجَاةٌ يَومَ القِيَامَةِ.
عِبادَ اللهِ: لِلهِ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ فَرَبُّنا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ، فَقد اخْتَصَّ سُبحَانَهُ يَومَ الجُمُعَةِ مِنْ بَينِ الأيَّامِ بِمَزِيدٍ مِن الشَّرفِ وَالتَّفْضِيلِ، وَجَعَلَ لهُ مِن الرِّفْعَةِ وَالتَّكْرِيمِ مَا يَجْعَلُنَا نَلْهَجُ بالثَّنَاءِ على اللهِ بِذلِكَ مِنْ جِهَةٍ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَىُ نُطَأطِئُ رُؤوسَنَا خَجَلاً مِن شِدَّةِ تَفْرِيطِنا وَتَقْصِيرِنَا.
إخْواني الكِرَامُ: التَّلاوُمُ وَجَلْدُ الذَّاتِ قدْ يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ. أَمَّا المُحَاسَبَةُ الجَادَّةُ والعَزْمُ على التَّنَافُسِ لِلطَّاعاتِ فَهُو المُرَادُ والمقْصُودُ: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)[المطففين: 26]، وَفي سُورَةِ الجُمُعَةِ يَقُولُ اللهُ -تَعَالى-: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الجمعة: 4].
فَتَعَالَوا بِنَا نَتذَاكَرُ بَعْضَ فَضَائِلِ هذا اليومِ العَظِيمِ عَلَّ ذَلِكَ يَدْفَعُنَا لِلتَّنَافُسِ فيهِ للطَّاعَاتِ، خَاصَّةً وَنْحْنُ نَرَى كُلَّ جُمُعَةٍ آبَاءً أَجِلاَّءَ، وَشَبَابَاً نُبَلاءَ قَدْ سَبَقُونَا في هذا الميدَانِ؛ لَعَلَّنَا نَحْذُوَ حَذْوَهُمْ.
كَيفَ لا نَتَحَدَّثُ عَنْ يَومِ الجُمُعَةِ وَنَتَفَاخَرُ فِيهِ وَقَدْ أقْسَمَ اللهُ -تَعَالى- فيهِ فَقَالَ: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[البروج: 3]، فِي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الشَّاهِدَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ ذَخَرَهُ اللَّهُ لَنَا"(صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ)؟
وفي القُرْآنِ الكَرِيمِ سُورَةٌ سُمِّيتْ بالجُمُعَةِ، قَالَ فيهَا عَزَّ مِن قائلٍ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الجمعة: 9]، رَوى مُسْلِمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ".
حَقَّاً -عِبَادَ اللهِ- إنَّهُ يَومُ نِعْمَةٍ وَرَحْمَةٍ وَهِدَايَةٍ، فَلِمَ نَحْنُ عنهُ غافِلُونَ؟
إخْوانِي: يَومُ الجُمُعَةِ سَيِّدُ الأيَّامِ كُلِّها، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللهِ -تَعَالَى-؛ لِذَا نَدَبَنَا نَبِيُّنَا إلى اغْتِنَامِ فَضَائِلِهِ وَالمُسَارَعَةِ فِيهِ بِالطَّاعَاتِ، فَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا".
ألا تَعْلَمُونَ -يا رَعَاكُمُ اللهُ- أنَّ في الجُمُعَةِ سَاعَةَ إجَابَةٍ لِكُلِّ دَعْوَةٍ، وَتَفْرِيجٍ لِكُلِّ كَرْبٍ، وَتَسْلِيَةٍ لِكُلِّ هَمٍّ؛ هَذا كَلامُ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ أَيقَنَ بِذلِكَ، وَتَوكَّلَ عَلى اللهِ -تَعَالَى-، فَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيهَا خَيْرًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ"(صَحِيحٌ على شرطِ الشَّيخَينِ).
وَرَوى الإمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- بِسَنَدِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ، فِيهِ خَمْسُ خِلَالٍ" وَمِنْهَا: "وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا".
قَالَ الإمِامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى-: "أَكْثَرُ الأَحَادِيثِ فِي السَّاعَةِ التي تُرْجَى فِيهَا إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ أَنَّهَا بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ"، وَقَدْ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "الْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ".
فَاللهُمَّ أعنَّا جَمِيعَاً على ذِكركَ وشَكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَاستَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ وَلِلمُسْلِمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَتَقْصِيرٍ، فاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ -أَيُّهَا المُؤمِنُونَ- إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمدُ للهِ وَعَدَ المُحَافِظِينَ على الجُمَعِ والجَمَاعَاتِ أَجْرَا عَظِيمَا، وَأَعَدَّ لَهم فِرْدَوسًا وَنَعِيمًا مُقِيمًا، أَشْهد أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبَّاً رَحِيمًا كَرِيمًا، وَأَشْهَد أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بَشَّرَنَا أنَّ يَومَ الجُمُعَةِ عِيدَنَا أَهْلَ الإسْلامِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ خَيرِ الأَنَامِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ على الدَّوامِ.
أمَّا بَعْد: فَاتَّقُوا اللهَ -يا مُسْلِمُونَ- واقْدُرُوا لِيَومِ الجُمُعَةِ قَدْرَهُ، وَاعْرِفُوا لَهُ فَضْلَهُ، وَجَاهِدُوا هَوى النَّفْسِ والشِّيطَانِ، فَسَاعَاتُهُ مَحْدُودَةٌ، وَهِيَ مِن أنْفَسِ الأوقَاتِ.
عِبَادَ اللهِ: تَعَرَّفُوا أيضَاً على فَضَائِلِ يَومِ الجُمُعَةِ لِتَزْدَادُوا حَمَاسَاً وَإقْبَالاَ، وَلِتَتَزَوَّدُوا فِيهِ مِن الصَّالِحَاتِ، حَقَّاً: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الجمعة: 4].
عِبَادَ اللهِ: مِن بَرَكَاتِ يَومِ الجُمُعَةِ: أَنَّ اللهَ -تَعَالى- يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا ارْتَكَبَ مِن مَعَاصٍ وَآثَامٍ مَا بَينَ الجُمُعَتَينِ، بِشَرْطٍ إذَا اجْتَنَبَ العَبْدُ الكَبَائِرَ، رَوى مُسْلِمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ".
ألا تَعْلَمُ -يَا رَعَاكَ اللهُ-: أنَّ لِصَلاةِ الجُمُعَةٍ أَجْرَاً وَفَضْلاً خَاصَّاً عَلى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَمِن كَرَمِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أنَّ ثَوَابَ الجُمُعَةِ يَمْتَدُّ إلى عَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا، رَوى مُسْلِمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا".
يا عَبْدَ اللهِ: افتَحْ لِي قَلْبَكَ وَأَصْغِ لِي سَمْعَكْ ثُمَّ تَأَمْلْ فِي قَولِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حِينَ ذَكَرَ هَذَا الفَضْلَ العَظِيمَ والخَيرَ العَمِيمَ والنَّهْرَ الجَاريِ بِهذَا العَمَلِ اليَسِرِ، فَقَدْ رَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَةَ وَصَحَّحَهُ الألبَانِيُّ بِالسَّنَدِ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا" هَلْ تَصَوَّرْتَ؟ "بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا"؟ فَمَا أَكْرَمَ اللهَ وَأعْظَمَ أَجْرَهُ! هَذا أَجْرُ المَسِيرِ وَالتَّبْكِيرِ!
أمَّا إذَا اشْتَغَلَ بِالصَّلاةِ وَالذِّكْرِ وَالقِرَاءَةِ فَذلِكُمُ الرِّباطُ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ.
أيُّها المُسْلِمُ: قَدْ تَتَفَاجَأُ عِنْدَمَا تَسْمَعُ حَدِيثَاً يُفَضِّلُ فِيهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاةَ فَجْرِ الجُمُعَةِ على غيرِهِ مِنْ فَجْرِ بَقِيَّةِ الأيَّامِ، فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللهِ، صّلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ"(صَحَّحَهُ الألبَانِيُّ).
بَرَكَةُ يَومِ الجُمُعَةِ لا تَشْمَلُ الأحْيَاءَ فقَطْ بل مَنْ ماتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَوْ لَيْلَتَهَا غُفِرَ لَهُ، وَوُقِيَ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ"، وَهُوَ مِنْ عَلامَةِ حُسْنِ الخَاتِمَة -أيُّهَا الأخُ المُسْلِمُ- احْرِصْ على الجُمُعَةِ وَتَعَرَّفْ على وَاجِبَاتِهَا وَمُسْتَحَبَّاتِهَا وَآدَابِهَا، وَأَدَعُكَ تَتَأمَّلُ فِي سُنَنِ يَومِ الجُمُعَةِ القَولِيِّةِ والفِعْلِيَّةِ فَسَتَجِدُ خَيرَاً عَظِيمَاً، وَأَنَّهَا بَابًا مِنْ أبْوابِ الجَنَّةِ.
أمَّا مُخَالَفَاتُهَا وَأحْكَامُهَا فَبَابٌ يَطُولُ، فَحَسْبُكُمْ هَذَا لِهَذا اليَومِ، فَنَسْأَلُ المَولَى أنْ يَرْزُقَنَا عِلْمَاً نَافِعًا، وَعَملاً مُتَقَبَّلاً، وَأَنْ يَجْعَلَ مُسْتَقْبَلَنَا خيرَاً مِنْ مَاضِينَا.
اللهُمَّ أعنَّا جَمِيعَاً على ذِكركَ وشَكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.
اللهمَّ اجعلنا من الغَانِمِينَ فِي صَلاتِنَا الخَاشِعِينَ المُفْلِحِين، مَنْ تَنْهَاهُم صَلاتُهم عَن الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ.
الَّلهُمَّ عَظِّمْ قَدْرَ الصَّلاةِ فِي قُلُوبِنَا وَأبْنَائِنا والمُسْلِمينَ.
اللهمَّ أقِرَّ عُيونَنا وأَسعِدْ قُلوبَنَا، بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وانصر إخوانَنَا في كُلِّ مَكَانٍ، اللهمَّ وفِّق ولاتَنَا لِمَا تُحبُّ وتَرضَى، أعنهم على البرِّ والتَّقوى أصلح لهم البطانة، وأعنهم على أداءِ الحقِّ والأمانة، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات اغفر لنا ولوالدينا.
(ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 147].
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة 201].
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
التعليقات