اقتباس
في العالم مليارات من البشر أغلبهم من غير المسلمين. والمسلمون أكثر من مليار أغلبهم لا يعرفون من الإسلام إلاّ اسمه. والعاملون بالإسلام بعشرات الملايين أغلبهم يمارسون أنواعاً من المعاصي إمّا جهلاً وإمّا عناداً. وتبقى قلة من المؤمنين المتدينين الذين يحرصون على التدين بالإسلام النقي الطاهر، لكن كثيراً من هؤلاء للأسف لا يبالون بالنظر للنساء، إمّا لأنّ واقع حياتهم المعاش يضطرهم لهذا مثل أولئك الذين يعيشون في دول الكفر أو دول إسلامية بعيدة عن الدين. وإمّا ..
في العالم مليارات من البشر أغلبهم من غير المسلمين. والمسلمون أكثر من مليار أغلبهم لا يعرفون من الإسلام إلاّ اسمه. والعاملون بالإسلام بعشرات الملايين أغلبهم يمارسون أنواعاً من المعاصي إمّا جهلاً وإمّا عناداً. وتبقى قلة من المؤمنين المتدينين الذين يحرصون على التدين بالإسلام النقي الطاهر، لكن كثيراً من هؤلاء للأسف لا يبالون بالنظر للنساء، إمّا لأنّ واقع حياتهم المعاش يضطرهم لهذا مثل أولئك الذين يعيشون في دول الكفر أو دول إسلامية بعيدة عن الدين. وإمّا اغتراراً بفتاوى شذّاذ الآفاق ممّن يبيح النظر إلى النّساء.. تلك الفتاوى التي كانت إلى عهد قريب محلّ استنكار واستهجان.
لكن الشيطان كيف يقرّ له قرار وما زالت بقية من أهل الدين على الحق، تغضّ أبصارها عمّا حرّم الله تعالى تديناً وإيمانا وتسليماً؟
وكيف يهدأ قرار لبعض من يظهر في قنوات العار والشنار أكثر من القنوات الإسلامية وهو يرى حجّة الله قائمة عليه وعلى أمثاله بوجود الثلة المؤمنة التي تنكر عليه بلسان حالها قبل مقالها؟
وكيف يهدأ لتجار الرذيلة ومسوقي الابتذال قرار وما زال فئام من الناس يمتنعون من إدخال قنواتهم إلى بيوتهم لأنّ فيها صور النساء..
إذ كانت الحيلة الأولى: إيجاد برامج وشخصيات دينية جاذبة في هذه القنوات ليسهل على الشيطان التغرير بالناس وإقناعهم بمصالح عظيمة لدخول هذه القنوات (الفضيحة) لبيوتهم، وهو ما تمّ بالفعل! لكن مازالت صور النساء عقبة في طريقهم.
فما الحل؟
الحل هو إثارة الجدل مرة أخرى في حكم النظر إلى النساء سواء كن محجبات أم كنّ سافرات.
فإنّ هذا الجدل والمراء حتى لو لم يحقق قناعة المتديّن بجواز النظر فإنّ سهام الشاذين ستدميه بلا شكّ وستضعف من صلابة كثير من الناس..
أليس في الأمر خلاف؟ ألم يفت بذلك فلان وفلان؟
لا أكتمكم أنّي منذ رأيت كلاما لبعض من يُشار إليهم بالبنان في جواز النظر للنساء السافرات أو حكاية الخلاف في الأمر وتهوين أمر القول الشاذ والله العظيم أصابني حزن لمِا آل إليه أمر هؤلاء الذين أصبحت أسماؤهم تتكرر معنا في كل محنة تمر بها الدّعوة..
تماما مثل أسماء بعض الهيئات الشرعية لدى البنوك، ثلاثة أسماء لا تكاد تدخل بنكاً ربويا إلاّ وجدت فتواهم معلقة تطمئن الناس إلى صحة عقود المرابين!
وكذلك مسائل (التمييع) فقد أصبح الإعلاميون يعرفون من يسألون وأيّ باب يطرقون..
رحم الله ابن مسعود حين قال: "مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ".
ولو أنّا تربّينا وربّينا من تحت أيدينا على هذا الأصل العظيم الذي ذكره ابن مسعود رضي الله عنه لعرفنا كيف نقيّم هذه الأقوال المبتورة الّتي لا أصدّق عفوية وسذاجة تناغمها مع أهداف الغزاة الفضائيين من الغرب والشرق.
إذ يتملّكك العجب من هؤلاء القائلين بجواز النظر للنساء المتبرجات السافرات في قنوات يعلمون هم أنّ من أدخلها بيته لا يتحاشى غالبا عن النظر إليهنّ، وأنّ الغاضين أبصارهم لا يدخلونها بيوتهم تحاشياً لهذا، فبالله عليك هل ضاقت المسائل التجديدية والنوازل والمدلهمات ولم يبق إلاّ مساعدة المعربدين وتسهيل مهمتهم للإيقاع بالبقية الصابرة على دينها؟
هل هو غفلة منهم أو تغافل أو مجاملة – وكلها مُرّ – حتى يستجيبوا لكل سؤال يوجّه إليهم ويبسطوا إلى الإعلاميين ألسنتهم ويبسطوا الأقوال ويحللوا المسألة وكأنّهم أمام نازلة عظيمة بالأمة لا يجوز لهم فيها تأخير البيان ولابد لهم من القول فيها وإلاّ هلك الحرث والنّسل؟
حين تنظر إلى المنقول عن السلف في علومهم وسلوكهم تجد الجواب جليا وتعرف السبب الذي يوقع هؤلاء المتكلمين في هذه الورطات.
أريدك أن تتأمّل معي هذه النصوص برويّة، أنا على يقين أنّك ستلاحظ فيها أمراً مهما للغاية:
1- عن أبي كبشة الأنماري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في أصحابه، فدخل ثم خرج و قد اغتسل فقلنا: يا رسول الله! قد كان شيء؟ قال: "أجل، مرت بي فلانة مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال".رواه أحمد (4 / 231) وحسنه الألباني.
2- عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأعجبته، فأتى زينب و هي تمعس منيئة فقضى حاجته، و قال:"إن المرأة تقبل في صورة شيطان، و تدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن ذاك يرد ما في نفسه".أخرجه مسلم.
3- عن ابن عباس قال: كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم حسناء من أحسن النساء فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }.
4- قال عبادة بن الصامت: "ألا تروني لا أقوم إلا رفدا ولا آكل إلا ما يؤتى لي قال يحيى لين وسخن وقد مات صاحبي منذ زمان - يعني ذَكَرَه - وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي وأن لي ما تطلع عليه الشمس مخافة أن يأتي الشيطان فيحركه علَيّ، إنه لا سمع له ولا بصر".
5- عن معاوية بن اسحاق قال سمعت سعيد بن جبير يقول: "لئن أوتمن على بيت من الدر أحب إلي من أن أوتمن على امرأة حسناء".
6- قال أبو المليح، سمعت ميمون بن مهران يقول:"لأن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أوتمن على امرأة".
7- قال سفيان بن عيينة: قال علي بن زيد - وهو ابن تسع وثمانين سنة - وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى: "ما شيء عندي أخوف من النساء".
8- عن احمد بن علي قال سمعت يوسف بن أسباط يقول: "لو ائتمنني رجل على بيت مال لظننت أن أؤدي إليه الأمانة ولو ائتمنني على زنجية أن أخلو معها ساعة واحدة ما ائتمنت نفسي عليها".
9- قال أبو شهاب الخياط قال سمعت سفيان الثوري يقول: "ائتمني على بيت مملوء مالا ولا تأتمني على جارية سوداء لا تحل لي".
هل لا حظتَ شيئاً؟
هل لاحظت اعتراف هؤلاء السلف وعلى رأسهم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم بضعف الإنسان؟ وهل لاحظت دينهم وصلابته وخوفهم عليه؟
رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وفي عصر الرسالة، ماذا رأى من تلك المرأة حتى يقع في قلبه النساء؟ أراد أن يعلّم الناس ويريهم أثر فتنة المرأة في قلوب الرجال.
ربما يغضب مني أخي القارئ، ويظن أنّ خطابة البعض وبكاءهم على المنابر أو فيهقة الواحد منهم بالتنوير وسعة الأفق وتكلمه بالعبارة الفكرية الرائقة ووُجُوده في كل محفل يهم الأمّة.. يظن البعض أنّ هذا هو الدين!
لا، الدين الحقيقي هو الوقوف عند حدود الله، ولما رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم الناس في منامه وعليهم قمص رأى عمر بن الخطّاب وعليه قميص يجره وأوّله بالدين، فماذا كان من دين عمر؟
لا أجد أدق من وصف عائشة له:"كان وقافاً عند حدود الله".
وعندما تقرأ لبعض من تكلم فأباح النظر للمذيعات السافرات المتبرجات الفاتنات في القنوات الفضائية يصيبك الذهول مرة أخرى ولا تملك إلاّ أن تتساءل: أين دين هؤلاء حين يسوّغون في عصور الانحطاط مشاهدة الفتنة والتعرّض لها؟
انظر ما بينهم وبين فقهاء السلف:
- فعن أبي الأحوص قال: قال عبد الله:"ما كان من نظرة فإن للشيطان فيها مطمعاً".
- وعن إسحاق بن سويد عن العلاء بن زياد قال: "لاتتبع بصرك رِداءَ امرأة فإن النظرة تجعل في القلب شهوة".
- وفي ترجمة حسان بن أبي سنان أنّه خرج يوم العيد فلما رجع قالت له أمراته: كم من امرأة حسنة قد نظرت اليوم؟ فلمّا أكثرت قال: "ويحك ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك".
رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، فاين أثر هذا القول على فتوى هؤلاء المجيزين؟
ومن عجيب ما قرأت من ضعف الرجل أمام المرأة ما جاء عن ابن عمر أنه وقع في سهمه جارية يوم جلولاء كأن عنقها إبريق فضة، قال:"فما صبرت أن قمت فقبلتها والناس ينظرون".
فهذا يدل على أنّ داعي الوصل إذا دعا فقل من يصبر عن الاستجابة له، فإذا كان الداعي حلالاً فكما صلى الله عليه وسلّم: "إن من أمثال أعمالكم إتيان الحلال".
وأمّا إذا كان الداعي حراما وكان المدعو رقيق الدين مريض القلب أو كان قويا لكنّه لا منفذ مباح له فلا تسل عن الفساد حينئذ، إذ حتّى لو لم يستجب لداعي الزنا فإنّ صور النساء لا تبرج فؤاده تفسد عليه تفكيره وعبادته، قال ابن القيم رحمه الله: "البصر صاحب خبر القلب ينقل إليه أخبار المبصرات وينقش فيه صورها فيجول فيها الفكر فيشغله ذلك عن الفكر فيما ينفعه من أمر الآخرة
ولما كان إطلاق البصر سببا لوقوع الهوى في القلب أمرك الشرع بغض البصر عما يخاف عواقبه، فإذا تعرضت بالتخليط وقد أمرت بالحمية فوقعت إذا في أذى فلم تضج من أليم الألم" أ.هـ
عن أبي الطفيل عن علي قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم: "لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة".
وعن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نظرة الفجاءة، فقال: "اصرف بصرك"، نعمت الوصيّة، اصرف بصرك لينصرف قلبك، وإلاّ فلات ساعدة مندم.
قال السرى: سمعت معروفا الكرخي يقول: "غضوا أبصاركم ولو عن شاة أنثى".
إنّ تقييد إباحة النظر للمرأة بخوف الفتنة والشهوة ونحو ذلك لا أراه إلاّ ادّعاءً للعصمة.
فإذا كان الشخص يدمن النظر للنساء السافرات ويقول إنّه لا يُفتن بهن ولا يتأثر بمشاهدتهنّ فهو إمّا مريض لا شهوة له، وإمّا معصوم، وإلاّ فمن عرف أنّه غير معصوم كيف يُعرّض نفسه لفتنة وصفها النّبيّ صلى الله عليه وسلّم بأنّه أضرّ فتنة على الرجال!
قال أبو عبد الرحمن السلمي: قيل لأبي القاسم بن النصراباذي: إن بعض الناس يجالس النسوان ويقول أنا معصوم في رؤيتهن، فقال: "ما دامت الأشباح باقية فإن الأمر والنهي باق والتحليل والتحريم مخاطب به ولن يجترىء على الشبهات إلا من هو بعرض المحرمات".
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله عز و جل مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء وإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"أخرجه مسلم.
انظر هذه النصوص تترى من النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وانظر أين تقع منها فتوى المجيزين..
إنّه الدّين!
عن رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: "ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم وستبتلون بفتنة السراء وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغنى وكلفن الفقير مالا يجد".
وعن سعيد بن المسيب قال: "ما يئس الشيطان من ابن آدم قط إلا أتاه من قبل النساء".
وعن سفيان الثوري قال:"ما بعث الله عز و جل نبيا إلا وقد تخوف عليه الفتنة من النساء".
وتقييد تحريم النظر بالشهوة وخوف الفتنة متناقض، لأنّ النظر إلى المرأة سبب طبعي للفتنة وسبب لحدوث الشهوة، فكيف يجيزون السبب ويحرمونه مع المسبب؟
عن الأصمعي قال: قلت لأعرابي: صِف الحبّ، فقال: "هو نبت بذره النظر وماؤه المزاورة ونماؤه الوصل وقلته الهجر وحصاده التجني".
قال بعض أهل العلم: وقد كانت عادة لجماعة من العرب يرون أن ذلك ليس بعار ويثقون من أنفسهم بالامتناع من الزنا.. إلى أن هلكوا، وهذا هو الذي جنى على مجنون ليلى وغيره ما أخرجهم به إلى الجنون والهلاك، وكان غلطهم من وجهين:
أحدهما: مخالفة الشرع الذي نهى عن النظر والخلوة.
والثاني: تعريض الطبع لما قد جبل على الميل إليه ثم معاناة كفه عن ذلك فالطبع يغلب فإن غلب وقعت المعاصي وإن غلب حصل التلف بمنع العطشان عن تناول الماء" أ.هـ.
قال الحسن رضي اللّه عنه:"من أطلق طرفه كثُر أسفُه".
وروي عن عيسى عليه السلام: "إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة وكفى بها فتنة".
وقيل ليحيى عليه السلام: ما بدء الزنا؟ قال "النظر والتمني".
وقال الشيخ تقي الدين بن الحصني: "واعلم انك لا تصل إلى حفظ الفرج ألا بحفظ العين عن النظر"
وقال ابن القيم رحمه الله: "وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته".
حديث الخثعمية مع الفضل
واستدلال بعضهم بحديث الخثعمية مع الفضل عجيب، فإنّ هذا الحديث لو تأمّلوه كما تأمّله السلف لعرفوا -إن وفقهم الله – أنّه حجّة صارخة عليهم.
قال ابن القيم: "وفي الصحيح أن الفضل بن عباس رضي الله عنهما كان رديف رسول الله يوم النحر من مزدلفة إلى منى فمرت ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فحول رسول الله رأسه إلى الشق الآخر وهذا منعٌ وإنكارٌ بالفعل فلو كان النظر جائزاً لأقرّه".
فالنّبيّ صلى الله عليه وسلّم لم يسأله لا عن فتنة ولا عن شهوة، وإنّما علّل ذلك بخوف الفتنة عليهما.
والاستدلال باستنكار العباس ليس حجة، فالحجة في فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وقد علل بخشية الفتنة وليس وقوعها، فإن كان ثمّ شخص يقول إنّه لا يخشى على نفسه الشيطان فلينظر، ولا يقول هذا إلاّ آمن من مكر الله نعوذ بالله، وليس هذا فعل المؤمن.
ثمّ تأمّل حالة عجيبة وقعت لفقهاء الخلف هؤلاء مع هذا الحديث:
فالنبي صلى الله عليه وسلّم صرف وجه الفضل وقال:"لم آمن الشيطان عليهما".
لكن مالذي فعله فقهاؤنا الكرام؟!
فقهاؤنا يفعلون العكس، يقولون للشباب المؤمن المنصرف عن الفضائيات: اصرِفُوا وجوهكم إليها لكن بلا شهوة!
أرأيت الفرق؟!
إذا كان صلى الله عليه وسلّم لم يأمن على صحابي وصحابية متحجبة وفي منسك، فهل أمن هؤلاء على شباب في هذا الزمن ومع نساء كاسيات عاريات!
قال المروذي قلتُ لأحمد: الرجل ينظر إلى المملوكة؟ قال: "أخاف عليه الفتنة كم نظرة قد ألقت في قلب صاحبها البلابل".
حديث المستأخرين:
عن ابن عباس قال: كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم حسناء من أحسن النساء فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه فأنزل الله { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }.
تأمّل هذه المفارقة العجيبة:
صحابة رسول الله الأتقياء الأوفياء، وهم في عبادة، والمرأة لاشك أنّها غير متبرجة وإنما فقط تكشف وجهها على قول بعض العلماء، وهي امرأة مؤمنة وفي صلاة، فلا تغنّج ولا ميوعة ولا ابتسامات، والقوم في صلاة، ومع هذا كان صالحوهم يهربون إلى الصفوف المتقدمة لئلا يراها، وبعض الضعفاء كان يتأخر لينظر إليها وفي هذا عبرة وذكرى لمن يدعي أنّه آمن من الفتنة وأنه لا ينظر بشهوة.
وتأمل ثناء الله على المستقدمين المتباعدين من المرأة حتى لا ينظر إليها.
ومع هذا فالمرأة إذا كانت محجبة لا يبد منها غير الوجه غير متبرجة بزينة فالأمر قد يكون له حظ من النظر على حديث الخثعمية وعلى اعتبار أن ليس ثمّ عورة مكشوفة.
أمّا السافرة فإنّها أبدت عورةً، فكيف يسوغ تجويز النظر إلى عورة؟!
وفقهاؤنا هؤلاء يقولون لابأس أن ينظر إلى الكاسيات العاريات لمتابعة الأخبار أو البرامج المهمة مادام نظره بغير شهوة..
سبحان الله! وأيّ وسيلة لتولد الشهوة أكثر من النظر..
وقد نظر صحابي إلى خلخال زوجته التي تعيش معه منذ زمن في ضوء القمر ففتنته حتى واقعها في نهار رمضان..
وأصحابنا يتخيلون رجلا في القرن الخامس عشر يحدق في سافرة متبرجة أظهرت شعرها ونحرها وربما جزءا من صدرها ويشترط – يا للورع – أن لا يكون نظره بشهوة؟!
دمتم بخير
التعليقات