الغفلة في حياتنا

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/انشغال الناس بالدنيا 2/مثل يبين شدة غفلة الناس 3/من مظاهر الغفلة في حياتنا 4/من أسباب الغفلة

اقتباس

ألا تُلاحظونَ اليومَ أنَّ كلُّ شيءِ حولَنا يَدفعُنَا دَفعاً إلى الانغماسِ في التَّرفِ والمُلهياتِ، سواءٌ المُباحُ منها أو المُحرَّماتُ، وهذا لا بُدَّ أن يَحرمَ الإنسانَ لَذَّةَ العباداتِ، ويقسو القلبُ فلا تُؤثرُ فيهِ المواعظُ والآياتُ، فهل استطاعَ الغربُ الكافرُ أن يُصدِّرَ لنا حُبَّ الدُّنيا وشهواتِها...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102], (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1], (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.

 

كانتْ فُرصةً لأن يَجتمعَ فيها الأحبابُ بعدَ طُولِ غِيابٍ؛ فهناك ترى مجموعةً من الرِّجالِ يُعيدونَ شَريطَ الذِّكرياتِ، وتسمعُ منهم عَاليَ الضَّحَكاتِ، وهناكَ مجموعةٌ يتحدثونَ عن سُوقِ الأسهمِ العجيبِ، وما يحدثُ فيهِ من انخفاضٍ وارتفاعٍ غريبٍ، وهناكَ مجموعةٌ يُناقِشونَ المتَغيِّراتِ السِّياسيةَ، ويُحلِّلونَ الأوضاعَ الاقتصاديةَ، مجموعاتٌ مُتفرقةٌ، في أحاديثَ مُشوِّقةٍ.

 

وفجأةً قُطعَتْ المُناقَشاتُ والأحاديثُ والضَّحَكاتُ بقَولِ القائلِ: "استغفروا لأخيكم واسألوا له الثَّباتَ"، فهل علمتم أينَ كانَ النَّاسُ؟، لقد كانوا في المَقبرةِ، ينتظرونَ الانتهاءَ من دَفنِ الميتِ!.

 

إذا رأينا هذا الحالَ، وسمعنا قَولَ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-: "زُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ"، عَلِمنا مقدارَ الغفلةِ التي وَصلنا إليها في حياتِنا، حتى أصبحَ الموتُ الذي هو أعظمُ الواعظينَ، ليسَ لهُ أثرٌ على قلوبِنا، وليسَ لهُ دمعٌ في عيونِنا!، وتخيَّلوا لو أنَّ أحدَ الموتى خرجَ من قبرِه ورأى حالَنا، فماذا عَسى أن يقولَ لَنَا؟، جاءَ في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرٍ دُفِنَ حَدِيثًا، فَقَالَ: "رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنْفِلُونَ, يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ؛ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ", فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]؟!.

 

أليسَ من الغَفلةِ أن ترى الأسواقَ مليئةً بالبشَرِ، وترى الموظفينَ يتسابقونَ ليكونوا أولَ من حَضَرَ، وترى الملاعبَ مُكتظَّةً قبلَ المباراةِ بساعاتٍ، وترى الزِّحامَ في الكافيهاتِ والمهرجاناتِ، ثُمَّ تَدخلُ المسجدَ بعدَ الأذانِ، فلا يَكادُ يُرى إلا واحدٌ أو اثنانِ؟! هذا معَ عِلمِنا أن الصَّلاةَ هي زادُ القُلوبِ، وهي مَغسلةُ الذُّنوبِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-: "تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ -يعني من الذُّنوبِ والغَفلةِ واللَّهوِّ-، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْمَغْرِبَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَنَامُونَ فَلا يُكْتَبُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَسْتَيْقِظُوا", فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]؟!.

 

أليسَ من الغَفلةِ أن ترى الواحدَ منَّا كلامُه كثيرٌ غَزيرٌ، يخوضُ فيما يَعلمُ وما لا يَعلمُ وفي الكبيرِ والصَّغيرِ، مشغولٌ لسانُه بالحديثِ في كلِّ الأوقاتِ، ومَشغولةٌ أصابعُه في كتابةِ الرسائلِ في المجموعاتِ؟! ولكن -تعالَ- إلى صحيفتِنا في الليلِ والنَّهارِ، كم نصيبَها من قولِ العزيزِ الغفَّارِ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الأحزاب: 41، 42]، مع علمِنا بقولِهِ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟"، قالوا: بَلَى، قال: "ذِكْرُ اللهِ", فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]؟!.

 

أليسَ من الغفلةِ أن نشتكيَ أحوالَنا في كلِّ مَجلِسٍ، ونبحثَ عن حاجاتِنا عندَ الغنيِّ والمُفلِسِ، نشكو لهم الفقرَ والمَرَضَ والغلاءَ، ونتركُ الذي وَعَدَنا بإجابةِ الدُّعاءِ؟! مع عِلمِنا بقولِه -تعالى- في الحديثِ القُدسيِّ: "يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ", فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]؟!.

 

 أقُولُ قَوْلي هَذَا، وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ؛ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ الذي أَحيا القُلوبَ بالإيمانِ، وشَرحَ الصدورَ بالإسلامِ، ونَوَّرَ البصائرَ بالقُرآنِ، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَه لا شَريكَ له، وأَشهدُ أن مُحمداً عَبدُه المَصطفى ونَبيُّه المُجتبى، ما من خَيرٍ إلا وأَرشدَنا إليهِ، وما من شَرٍّ إلا وَحذرَنا منه، فصلَّى اللهُ وسَلمَ وبَاركَ عَليهِ، وعلى آلِه الطيبينَ الطاهرينَ، وعلى صَحابتِه الغرِّ المَيامينَ، وعلى من تَبِعَهم واقتفى أَثرَهم، وسَارَ على نَهجِهم إلى يَومِ الدِّينِ.

 

أَما بَعدُ: أليسَ من الغَفلةِ قضاءُ السَّاعاتِ الطِّوالِ على الجوالِ، ثمَّ نعتذرُ عن قراءةِ القرآنِ بكثرةِ الأشغالِ؟! مع عِلمِنا بأنَّه بركةٌ وهُدى ونورٌ، وفي تلاوتِهِ عظيمُ الأجورِ، فقد قالَ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، لاَ أقول: (ألم) حَرفٌ، وَلكِنْ: ألِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ", فمَن عسى أن يكونَ المقصودُ بقولِه -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]؟!.

 

ألا تُلاحظونَ اليومَ أنَّ كلُّ شيءِ حولَنا يَدفعُنَا دَفعاً إلى الانغماسِ في التَّرفِ والمُلهياتِ، سواءٌ المُباحُ منها أو المُحرَّماتُ، وهذا لا بُدَّ أن يَحرمَ الإنسانَ لَذَّةَ العباداتِ، ويقسو القلبُ فلا تُؤثرُ فيهِ المواعظُ والآياتُ، فهل استطاعَ الغربُ الكافرُ أن يُصدِّرَ لنا حُبَّ الدُّنيا وشهواتِها، فأصبحنا غارقينَ مِثلَهم في ملذَّاتِها؟، ألم يذُّمْ اللهُ -تعالى- حياتَهم وتوعدَّهم حِينَ قَالَ: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)[الحجر: 3]، فهل أصبحنا مثلَهم؛ فأترفنا أبدانَنا، ونَسينا أرواحَنا، فطالَ الأملُ، ونُسيَ الأجلُ، وقلَّ العملُ؟!.

 

أينَ الخُشوعُ؟، أينَ الدُّموعُ؟، أينَ الخضوعُ؟، أينَ الأذكارُ؟، أينَ الاستغفارُ؟، أينَ الاعتبارُ؟، فلنستيقظْ اليومَ من غَفلتِنا، ونجعلَ الذِّكرَ شُغلَ ألسنتِنا، والقرآنَ ربيعَ قلوبِنا، وانتظارَ الصَّلاةِ أهمَّ مواعيدِنا، فذلكم الرِّباطُ، فذلكم الرِّباطُ؛ (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[فاطر: 5].

 

اللهمَّ أيقظنا من رَقدتِنا، وأَفقْنَا من غَفلتِنا، واعمُرْ قُلوبَنا بحُبِّك، وأشغل ألستَنا بذكرِك، واستعمل جَوارحَنا بطاعتِك، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهمَّ اغفر لآبائنا وأمهاتِنا، اللهمَّ أصلحْ أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، اللهمَّ أحقنْ دماءَهم، وولِّ عليهم خِيارَهم، ورُدَّهم الى الحقِّ والتوحيدِ المبينِ، وأَعذْهم من شُرورِ الخَلقِ يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ وفقْ ولاةَ أمورِنا في بلادِنا وبلادِ المُسلمينَ، واجعلهم فَاعلينَ للخيرِ، دَاعينَ إليه، آمرينَ به، مُنتهينَ عن الشَّرِّ، مُحذرينَ منه، مَانعينَ له، اللهمَّ وأبرم لأمةِ الإسلامِ أَمرَ رُشدٍ، يُعزُّ فيه أَهلُ الطاعةِ، ويُهدى فيه أَهلُ المعصيةِ، ويُذلُّ فيهِ أَهلُ الكُفرِ والبِدعةِ، ربنا آتنا في الدنيا حَسنةً، وفي الآخرةِ حَسنةً، وقِنا عَذابَ النارِ.

 

عِبادَ اللهِ: إنَّ اللهَ يَأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى، ويَنهى عن الفَحشاءِ والمنكرِ والبَغيِّ يَعظُكم لعلكم تَذكرونَ، فاذكروا اللهَ على كلِّ أحوالِكم يَذكرُكم، ولا تَكونوا ممن نَسوا اللهَ فأَنساهم أنفسَهم، وآخرُ دَعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العَالمينَ، والصَّلاةُ والسلامُ على نَبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصَحبِه أَجمعينَ.

 

المرفقات
7voWPSfineLPUdWKi11PDtBZGL3FOCFh6eto9aYE.doc
Hotw2gMsSAaRYJEizYaxm2mGj263codHuSbrev4M.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life