عناصر الخطبة
1/الأشياء التي توجب الغسل 2/كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يغتسل؟ 3/الأحوال التي يستحب فيها الغسل؟ 4/أحكام المسح على الخفين، والجوربين.

اقتباس

الثامنُ: المرْأَةُ المُسْتَحَاضَةُ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ بِاسْتِمْرَارٍ بَعْدَ أَيَّامِ حيضِهَا يستحبُّ لها أن تغتسلَ لكلِّ صلاةٍ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71]، أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:

حَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «الغُسل، والمسح على الخفين»، وحتى لا ينسحبَ بساطُ الوقت من بين أيدينا، فسوف ينتظم حديثنا معكم حول أربعة محاور:

المحور الأول: الأشياء التي توجب الغسل.

 

المحور الثاني: كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يغتسل؟

 

المحور الثالث: الأحوال التي يستحب فيها الغسل؟

 

المحور الرابع: أحكام المسح على الخفين، والجوربين.

 

واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

 

المحور الأول: الأشياء التي توجب الغسل.

 

اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أن الغُسل يجب عندَ حُدُوثِ شيءٍ من هذه الأمور الأربعة: الأَولُ: خُرُوجُ المَنِيِّ سَوَاءٌ كَانَ فِي النَّوْمِ، أَوْ فِي اليَقَظَةِ، وَالمنيُّ مِنَ الرَّجُلِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ مَاءٌ غَلِيظٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الشَّهْوَةِ بِتَلَذُّذٍ عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَيَعْقِبُ خُرُوجَهُ فُتُورٌ. وَمنيُّ المَرْأَةِ مَاءٌ رَقِيقٌ أَصْفَرُ.

رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ أُمِّ سُلَيْمٍ -رضي الله عنها- أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ المرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ المرْأَةُ، فَلْتَغْتَسِلْ»[1].

وقد أجمع أهل العلم على أن خروجَ المني يوجبُ الغُسلَ[2].

 

الثاني: التِقَاءُ الخِتَانَيْنِ، وهو تَغْيِيبُ الحَشَفَةِ فِي الفَرْجِ، رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»[3].

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه-: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»[4].

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، وَجَبَ الْغُسْلُ»[5].

 

الثالث: خُرُوجُ دَمِ الحَيْضِ، ودَمِ النِّفَاسِ، وهذا خاص بالمرأة؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ رضي الله عنها أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ، فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟.

فَقَالَ: «لَا، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي»[6].

 وأجمعَ العلماءُ على أن النفاس يوجب الغُسلَ على المرأة إذا طهُرَتْ[7].

 

الرابع: إِسْلَامُ الكَافِرِ؛ رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ -عليه الصلاة والسلام- أُرِيدُ الإِسْلَامَ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»[8].

 

وحتى يصحَّ الغسلُ لابدَّ من إِزَالَةِ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ الماءِ إلى البَشَرَة كالمَنَاكِير.

 

المحور الثاني: كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل؟

لكي تغتسلَ كما كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يغتسلُ عليكَ بفعلِ الآتي: الأول: غَسل الكفين ثلاثًا.

 

الثاني: غَسل الفرج، وما أصابه من أذى بالصابون. الثالث: الوضوء وضوءًا كاملًا، وترك الرِّجلين إلى ما بعد الغسل. الرابع: غَسل الرأس. الخامس: غَسل الجانب الأيمن، ثم الجانب الأيسر من البدن. السادس: غَسل القدمين في مكان آخر إن خشي أن تتلوث في المكان الذي اغتسل فيه.

 

وقد دلَّ على ذلك ما رواه البخاري ومُسْلِمٌ عَنْ مَيْمُونَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «وَضَعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا ثمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، أَوِ الحَائِطِ - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا - ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الماءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ»[9].

وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- «كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الماءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الماءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ»[10].

 

 المحور الثالث: الأحوال التي يستحب فيها الغسل؟

اعلموا -أيها الإخوة المؤمنون- أن الغسل يُستحبُّ في ثمانية أحوال: الأَولُ: يومُ الجُمُعةِ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»[11]، أي بالغ.

وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ»[12].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ، فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ»[13].

 

الثاني: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا؛ رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ غَسَّلَ الميِّتَ، فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ»[14].

وَروى الدارقطنيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: «كُنَّا نَغْسِلُ الميِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ»[15].

 

الثالث: الغُسلُ لِعِيدِ الفِطْرِ، وَعِيدِ الأَضْحَى؛ رَوَى الإمامُ مالكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ نَافِعٍ «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى المصَلَّى»[16]. وَروى الإمامُ الشافعيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ زَاذَانَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا -رضي الله عنه- عَنِ الْغُسْلِ، قَالَ: «اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ».

فَقَالَ: لَا الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ.

قَالَ: «يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ»[17].

 

الرابع: الغسلُ منَ الإِغْمَاءِ، والجنونِ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثَقُلَ، فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟».

قُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ[18]».

فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ[19]، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟».

قُلْنَا: لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المخْضَبِ».

فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟».

قُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: «ضَعُوا لِي مَاءً فِي المخْضَبِ».

فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟».

فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ[20].

 

والاغتسال من الجنونِ أولى من الإغماءِ؛ لأنه في معناه[21].

 

الخامس: الغسل عندَ ارتداء ملابس الإحرام للحج، أو للعمرة؛ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه-: «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -عليه الصلاة والسلام- تَجَرَّدَ لإِهْلَالِهِ، وَاغْتَسَلَ»[22].

 

السادس: الغسل عندَ دُخُولِ مَكَّةَ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنْ نَافِعٍ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَارًا وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ فَعَلَهُ»[23].

 

السابع: الغسل قبلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ؛ رَوَى الإمامُ مالكٌ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ نَافِعٍ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِدُخُولِهِ مَكَّةَ، وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ»[24].

 

الثامنُ: المرْأَةُ المُسْتَحَاضَةُ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ بِاسْتِمْرَارٍ بَعْدَ أَيَّامِ حيضِهَا يستحبُّ لها أن تغتسلَ لكلِّ صلاةٍ؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، فَقَالَ: «هَذَا عِرْقٌ»، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ[25].

وَرَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ ڤ، قَالَتِ: اسْتُحِيضَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «اغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ»[26].

 

 أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:

فالمحور الرابع: أحكام المسح على الخفين، والجوربين:

اعلموا أيها الإخوة المؤمنون: أن اللهَ -عز وجل- رخَّص لنا في المسح على الخفين، أو الجوربين إذا لبسناهُما بعد طهارة مائيةٍ كاملة؛ رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ المُغِيرَةِ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا»[27].

 

ويجوز لِلْمُقِيمِ في بلدِه أنْ يَمسحَ يومًا وليلةً، أمَّا المسافرُ فيجوز لهُ أَنْ يمسحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ؛ روى الشافعي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ «رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا»[28].

ورَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِالمسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا، وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»[29].

 

وتَبْدَأُ مُدَّةُ المَسْحِ مِنْ حِينِ المَسْحِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِالمَسْحِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ كُلُّهَا يُمْسَحُ فِيهَا.

 

ومن أحدثَ قبل انتهاء المدة ثمَّ خلعَ الخفَّ أو الجوربَ لم يجز له المسح عليه مرة أخرى حتى يتوضأ وضوءًا كاملًا[30].

 

الدعـاء...

 

• اللهم إنا نسألك عيشة نقية، ومِيتة سوية، ومَردًّا غير مخزٍ، ولا فاضح.

 

• اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطتَ، ولا باسط لما قبضتَ، ولا هادي لمن أضللتَ، ولا مضل لمن هديتَ، ولا معطي لما منعتَ، ولا مانع لما أعطيتَ، ولا مقرِّب لما باعدتَ، ولا مُباعِد لما قرَّبتَ.

 

• اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

 

• اللهم قاتِل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رِجزك وعذابك.

 

• اللهم قاتل كفرة الذين أُوتوا الكتاب، إلهَ الحق آمين.

 

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

 

[1] متفق عليه: رواه البخاري (130)، ومسلم (310).

[2] انظر: «الإجماع»، رقم (3).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (291)، ومسلم (384).

[4] صحيح: رواه مسلم (349).

[5] صحيح: رواه الترمذي (108)، وأحمد (6/ 135)، وصححه الألباني.

[6] متفق عليه: رواه البخاري (325)، ومسلم (333).

[7] انظر: «الإجماع»، رقم (43).

[8] حسن: رواه أبوداود (355)، والترمذي (605)، وحسنه، والنسائي(188)، وصححه الألباني.

[9] متفق عليه: رواه البخاري (274)، ومسلم (317).

[10] متفق عليه: رواه البخاري (248)، ومسلم (316).

[11] متفق عليه: رواه البخاري (858)، ومسلم (846).

[12] متفق عليه: رواه البخاري (877)، ومسلم (844).

[13] حسن: رواه الترمذي (497)، وحسنه، والنسائي (1380)، وابن ماجه (1091)، وصححه الألباني.

[14] حسن: رواه أبوداود (3163)، والترمذي (993)، وحسنه، وابن ماجه (1463)، وصححه الألباني.

[15] صحيح: رواه الدارقطني (2/ 434)، وصححه الحافظ في «التلخيص» (1/ 373)، ووافقه الألباني في «أحكام الجنائز» صـ (53).

[16] صحيح: رواه مالك (426)، والبيهقي في «الكبرى» (3/ 278)، وصححه ابن الملقن في «تحفة المحتاج» (1/ 542)، والنووي في «الخلاصة» (2/ 819).

[17] صحيح: رواه الشافعي (1/ 40 ترتيب)، قال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (2/ 265): رجاله ثقات، وصححه الألباني في «الإرواء» (1/ 177).

[18] المخضب: إناء كبير يُغتَسلُ فيه.

[19] لينوء: أي ليقوم.

[20] متفق عليه: رواه البخاري (687)، ومسلم (418).

[21] انظر: «كشاف القناع» (1/ 357).

[22] صحيح: رواه الترمذي (830)، وصححه الألباني.

[23] متفق عليه: رواه البخاري (1769)، ومسلم (1259).

[24] صحيح: رواه مالك في «الموطأ» (702)، وصححه التحجيل (1/ 51).

[25] متفق عليه: رواه البخاري (327)، ومسلم (334).

[26] صحيح: رواه أبوداود (292)، وصححه الألباني، دون قوله: زينب بنت جحش والصواب: أم حبيبة بنت جحش.

[27] متفق عليه: رواه البخاري (206)، ومسلم (274).

[28] حسن: رواه الشافعي (1/ 142ترتيب)، وابن خزيمة (1/ 96)، والدارقطني (1/ 378)، وحسنه الألباني في «المشكاة» (519).

[29] صحيح: رواه أحمد (6/ 27)، والدارقطني (1/ 364)، والبزار (7/ 189)، وصححه الألباني في «الإرواء» (102).

[30] انظر: «الكافي» (1/ 80، 82).

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life