خالد بهاء الدين
الحمد لله وحده
العمل الصالح في عشر ذي الحجة، هو نفس العمل الصالح في سائر العام.. هذا هو الأصل.. لكنّ الله اختصَّ هذه الأيام بفضلٍ زائدٍ، فيضاعف فيها الأجر.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما العملُ في أيَّامٍ أفضلَ منها في هذه».
والعمل الصالح كله
1- التوبة العامة والخاصة.
2- تثبيت الفرائض.
3- أخذ ما تطيقه من النوافل، والتدرج فيها.
فخطّتك في الأيام العشرة من ذي الحجّة التي تستفيد بها أعظم فائدة، هي هي خطّة كل يوم من حيث الأصل، لكنها متأكِّدة في هذه الأيام المباركات:
1- التوبة: أن تُحدث توبةً عامّةً، من الذنوب كلِّها، تنوي أن تتوقف عن كل مصائبك، وتهلكها كلها بتوبة تعمُّها بدون استثناء، ما تذكره منها وما نسيته! وتستغفر الله من كلِّ ذنوبك عامّةً، ولا تستثني منها شيئًا في دفين نيِّتك!
وأن تكفّ عن المحرَّمات التي تعرفها من نفسك فالمستهدف: حماية أذنِك، وعينِك، وفمِك وفَرْجِك وجلدِك وسائرِ بدنِك، حمايتهم من وعيد النار الذي اعتدت على التهاون به.
لا تستمع الحرام: الغيبة، والنميمة وفحش الكلام، والكذب، وسائر المحرمات. لا تنظر إلى الحرام.
لا تأكل ولا تشرب الحرام، لا تتكلم بالحرام، لا تسبّ ولا تغتبّ ولا تنمّ، ولا تسئ إلى أحد. لا تزني، ولا تستمتع متعة حراما.
لا تسرق، لا تمش في شرّ، لا تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها.
2- تثبيت الفرائض والمستهدف: ابتكار فعلٍ زائدٍ يُصلح أو يحسِّن من أداء الفرائض، فيثبتها.
أن تترقّى فتصلّي الصلاة في أوَّل وقتها. أو تترقَّى عن ذلك فتصلِّيها في المسجد. أو تترقَّى فتخرُج إليها بعد الأذان، لتصلّي قبلها نافلة، فتستعين بذلك على خشوعها، فالنافلة القبلية من أعظم ما يعين على خشوع الصلاة وحضور القلب بين يدي الله. أو تترقَّى فتزِيد أن تقرأ قبلها ولو صفحةً من القرآن بتدبُّرٍ وخشوعٍ، لا سيما من المفصَّل، فهذا مما يُعينك على استكمال خشوعك فيها، فلعلك إذا خشعت يُكتَب لك منها أكثرُ مما كان يُكتب من قبل. وهكذا كل فرائضك، ابحث عن فعل زائدٍ، مما يُثبِّتُ لك الفريضة، ويزيد انتفاعك بها.
3- أن تأخذ بقدر ما تطيق وتحبّ من النوافل وهذا ميدان واسع جدًّا، فضل الله يؤتيه من يشاء، سوق منصوبة طول العام وكل يوم حتى تلقى الله عزّ وجلّ! وأصول الأعمال الصالحة المستحبة
1- الصلاة: خذ بقدر ما تطيق من النوافل، صلّ السنن الرواتب، وصل بالليل ولو ركعتين، والثلث الأخير أفضل، أو في أول الليل إن شئت.
2- الصيام: وهو مستحبٌّ استحبابا زائدًا في هذه الأيام، لا تفوِّت يوم عرفة، وخذ ما تستطيع أخذه من بقية الأيام، ولو صمتها كلها فهو حسن.
3- الحج والعمرة: أسأل الله العظيم أن يمنّ عليّ وعليك بقصد بيته الحرام سنوات عديدة!
4- الصّدقة: ابحث عن واحدٍ كلّ يوم من فقراء المسلمين الذين ضاقت بهم الشوارع والبيوت، تصدّق ولو بالقليل.
5- قراءة القرآن: سلاحك في مواجهة كدَر الدُّنيا وفتنتِها والاستعانةِ على نفسِك وفهمِ الحياة الدنيا. القرآن رسالة الله إليك فلا تهملها، اقرأ القرآن ولو قليلا، ولكن تدبّره كثيرا.
6- ذكر الله: وهذا ميدان المحبِّين، ولذّته على اللسان والبدن لا تدانيها لذّة، ومن ذاق عرف! وهو مستحب في هذه الأيام استحبابا زائدًا، وفيه حديثٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ما من أيَّامٍ أعظم عند الله ولا أحبُّ إليه العملُ فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التَّهليل، والتَّكبيرِ والتَّحميد» (ند أحمد: 9/14).
لا تحرِم نفسك من مجلس ذكر، تقعد فيه خالي الذهن، في خلوة، قاطعًا لكل المشغلات والعلائق، تذكر الله وتتدبر فيما تقول، فإنك والله لا تقوم من مجلسك هذا إلا وقد تغيّرتَ! وأصول الذكر المستحبّ الذي أنصحك أن تستكثر منه.
(أ) الاستغفار: وأعظمه سيّد الاستغفار مرة إذا أصبحت ومرة إذا أمسيت (انظر نصّه في أوّل تعليق)، وأكثر منه ما استطعت. ثم «أستغفر الله وأتوب إليه» مائة مرة، وما شئت من الزيادة.
(ب) التسبيح: ومن أعظمه: «سبحان الله وبحمده» مائة مرة، وما شئت من الزيادة، والمائة في اليوم؛ تحطُّ عنك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر (كما في صحيح مسلم).
(جـ) التكبير: وصيغه مشهورة في هذه الأيام، كتكبير العيد، وأقلّه «الله أكبر» تكررها.
(د) الحوقلة: وهو قولك «لا حول ولا قوة إلا بالله»، وهي كنز من كنوز الجنّة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكثر ما استطعت منها.
(هـ) التهليل: ومن أعظمه وأتمّ صيغه: «لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» مائة مرة، وما شئت من الزيادة، وأجره عظيم جدا (انظر نص الحديث في التعليق الثاني).
(و) الحمد: وأقلّه (الحمد لله)، وهي أيضًا من أعظم صيغه، ولك أن تعرف أن هذه الكلمة السهلة (الحمد لله) تملأ الميزان يوم القيامة، (الحديث في صحيح مسلم). فاستكثر من الحمد ما استطعت، تملأ ميزانك ما استطعت!
لا تنس الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها تفكُّ كرباتِك، وتُصلِح شئون حياتِك كلها، بإذن الله.
السُّوق قد نُصِبت، وهذا مَوسم من مواسم الله، ونفحة من نفحاته، فمن عمل؛ أفلح، ومَن كسل عن كلِّ خيرٍ؛ حرم خيرًا كثيرًا، ومن عصى في أيام النفحات؛ كاد أن يهلك!
ومن أخذَ بقدر ما يطيق، فاز بإذن الله. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
التعليقات