عناصر الخطبة
1/أنوار العشر الأواخر وبركاتها 2/فضل قيام ليالي العشر الأواخر 3/أهمية قيام الليل طول العام 4/أحكام في صلاة الليل 5/أحكام وآداب زكاة الفطر 6/سنن يوم العيداقتباس
فالمسلم يستمر على قيام الليل، وهي سُنَّة مؤكدة، وتبدأ صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضل وقتها الثلث الأخير من الليل حين يتنزل المولى -عز وجل-، وإن صلاها قبل ذلك فلا بأس، وأقلها ركعة الوتر، وليس لأكثرها حدّ على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلينا أن نعوِّد أنفسنا على قيام الليل؛ فلا نترك قيام الليل بعد رمضان..
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعدُ؛ أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
لا زلنا نعيش أيام العشر المباركة بالصيام في النهار والقيام في الليل، ونتلذذ بقيام الليل ونحن نناجي وندعو الرحمن الرحيم أن يتقبل منا ويغفر لنا ذنوبنا، (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر: 9].
إن صلاة الليل -أيها الصائمون- تزيد من الإيمان، وتزيد الصلة بالله -جل وعلا-، وخاصةً حينما ينزل -سبحانه وتعالى- في الثلث الأخير من الليل؛ كما ثبت في الحديث القدسي فيقول -سبحانه وتعالى-: "هل من مستغفر فأغفر له، هل من داعٍ فأجيبه"؛ فهنيئًا لمن قام الليل، وخاصة في الثلث الأخير من الليل، فدعا ربه وقدَّم طلباته ورغباته إلى المولى -سبحانه وتعالى-؛ مجيب الدعوات، وخاصة في هذه الليالي الفاضلة.
لقد حثَّ الإسلام على قيام الليل ليس في رمضان فقط، لكن في السنة كلها فقال -سبحانه وتعالى- وهو يصف المؤمنين: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات: 15- 18].
وقال -سبحانه وتعالى-: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)[الفرقان: 64]، نعم هذه صفات المؤمنين في قيام الليل.
وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على قيام الليل فقال: "إن أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" (رواه مسلم).
وهي قُربة إلى الله –تعالى- ونهج الصالحين السابقين؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة للإثم، ومطردة للداء من الجسد" (رواه الترمذي وحسنه الألباني).
ففي الحديث أنه دأب الصالحين أي عادتهم دائمًا، ومعنى "قربة إلى الله" أي: مما يتقرب به العبد إلى الله -تعالى-.
ومعنى "مَكفرة للسيئات" أي: يكفر ويمحو السيئات قيام الليل.
و"منهاة للإثم" أي: أن قيام الليل ينهى عن ارتكاب الفواحش والآثام.
ومعنى "مطردة للداء من الجسد": أي: أن قيام الليل سببٌ في صحة الجسد وعافيته.
فقدوتنا في قيام الليل هو سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه كان يقوم الليل حتى تفطرت قدماه، أي: تشققت، فتقول عائشة: لِمَ تصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا".
فالمسلم يستمر على قيام الليل، وهي سُنَّة مؤكدة، وتبدأ صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضل وقتها الثلث الأخير من الليل حين يتنزل المولى -عز وجل-، وإن صلاها قبل ذلك فلا بأس، وأقلها ركعة الوتر، وليس لأكثرها حدّ على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكن ما ثبت عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها إحدى عشرة ركعة، وفي رواية ثلاث عشرة ركعة.
فعلينا أن نعوِّد أنفسنا على قيام الليل؛ فلا نترك قيام الليل بعد رمضان.
ثم علينا أن نعوِّد أبناءنا على قيام الليل، ولا نتركهم في الشوارع، يجب أن نعوِّدهم على الواجبات والسنن حتي يعتادوا عليها، وقد لاحظنا بعض الأولاد ومن هم في الابتدائية والمتوسطة والثانوية مما يواظبون على صلاة التراويح والتهجد في المساجد، وهذا أمر طيِّب علينا أن نُشَجِّعهم، وندعو لهم، وهناك مَن يضيع وقته في الشوارع والأحياء يقضون وقتهم في اللعب، وتركوا الفرائض والسنن من التهجد والقيام، وهذا ليس من التربية والمسئولية، وعلى أولياء أمورهم أن يربوهم على الصلوات والتعلق بالمساجد، ونسأل الله الهداية لنا ولهم والتوفيق والسداد.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اعلموا -عباد الله- أنهم يجب على كل مسلم لديه كفاية من قوته أن يُخْرِج عن أهل بيته كلهم -الكبير والصغير الذكر أو الأنثى- زكاة الفطر، ومقدارها صاع من طعام من تمر أو شعير أو بُرّ أو أرز، أو دخن أو ذرة، وكل ما يأكل منه الناس في البلد.
كما ثبت في البخاري ومسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة".
وأما بعد صلاة العيد فإنه تعتبر صدقة من الصدقات.
وأفضل وقت إخراج زكاة الفطر قبل الصلاة صلاة عيد الفطر، ويجوز قبل ذلك بيوم أو يومين.
ومقدار الصاع ما يقارب (3) كيلو، ويستحب إخراجها عن الجنين في بطن أمه، وإن لم يخرج عنه فلا شيء عليه.
والهدف من زكاة الفطر فرحة للفقراء والمساكين يوم العيد الفطر، وطهرة للصائم من الشح والبخل، وما نقص من صومه، وإظهارًا لشكر الله -عز وجل-، كما أنه من السنة التكبير ليلة العيد، وتقام الصلاة شكرًا لله -عز وجل- على أن بلَّغنا إتمام صيام هذا الشهر (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].
والسنة يوم العيد الاغتسال وأكل تمرات وترًا قبل الذهاب لصلاة عيد الفطر، وكذلك من السنة المشي إن أمكن، واعلموا أن صلاة العيد على قول أكثر العلماء أنها فرض عين، ولذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء أن يخرجن إلى الصلاة حتى الْحُيَّض منهن، إلا أنهن يعتزلن الصلاة.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصلاة والقيام وصالح الأعمال، ثم صلوا وسلموا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا كما أمركم الله تعالى.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المسلمين في كل مكان واحفظهم بحفظك، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وإخواننا المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
التعليقات