عناصر الخطبة
1/تأملات في معاني اسم الله العزيز 2/حكمة بالغة وعزة قاهرة 3/بعض مظاهر عزة الله في هذا الكون 4/من أسباب تحصيل العزة.اقتباس
العزيز من أسماء الله -تعالى-، وهو من أكثر أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن الكريم، وقد ورد في أكثر من ثمانين موضعًا، ومعنى العزيز هو القوي الغالب، الجليل الشريف، وهو الذي لا مثيل له ولا مشابه ولا نظير.
الخطبة الأولى:
العزيز من أسماء الله -تعالى-، وهو من أكثر أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن الكريم، وقد ورد في أكثر من ثمانين موضعًا، ومعنى العزيز هو القوي الغالب، الجليل الشريف، وهو الذي لا مثيل له ولا مشابه ولا نظير.
ومن معانيه: القوي الشديد الغالب الذي لا يُقْهَر ولا يُغْلَب، لا يحتاج إلى أحد، ولا يبلغ العباد ضره فيضروه، ولا نفعه فينفعوه؛ قال -سبحانه-: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)[المجادلة: 21]. وقال -سبحانه-: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)[الشورى:19].
فالعزيز هو المتصف بالعزة (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آل عمران:6]، وقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)[النساء:139]، وقوله -تعالى-: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)[الصافات:180]، وقوله -تعالى-: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[يونس:65]، وقوله -تعالى-: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[المنافقون:8].
وأكثر الصفات اقترانًا بالعزيز هو الحكيم، قال ابن القيم -رحمه الله-: "ولهذا كثيرًا ما يقرن -تعالى- بين هذين الاسمين في آيات التشريع والتكوين والجزاء؛ ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة".
واقترن العزيز بالرحيم عند الحديث عن الأنبياء -عليهم السلام- وقصصهم مع أقوامهم، فإن ما حكم به لرسله وأتباعهم ولأعداهم صادرة عن عزة ورحمة، فوضع الرحمة في محلها، وانتقم من أعدائه بعزته، ونجى رسله وأتباعهم برحمته.
كما أن مَن اتصل بالله فهو عزيز فهو يستمد عزته وقدرته من عزة العزيز -سبحانه-، فالقرآن الكريم عزيز؛ لأنه كلام العزيز قال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ)[فصلت:41]؛ فهو عزيز بإعزاز الله إيَّاه وحفظه له من كل تغيير أو تبديل.
والمؤمن دائم عزيز بعز الله، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8]، والمكذب لله ورسله فإن الله توعده بقوله: (فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ)[القمر:42].
وتتجلى عزة الله في هذا الكون الذي أبدع خلقه بما فيه من مخلوقات ليجري الكل وفق نظام محكم دقيق للغاية (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[فصلت:12]. وقال -سبحانه-: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)[الزمر:5].
فلا تطلب العزة إلا من العزيز؛ فمن طلبها من غيره ذل، قال -تعالى-: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)[النساء:138-139].
الخطبة الثانية:
على المسلم أن يسعى لأسباب تحصيل العزة فمنها:
العفو والتواضع قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وما زاد الله عبدًا بعفوّ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"(رواه مسلم).
ومنها الاستغناء بالخالق عن الخلق؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس"(رواه الحاكم).
ومنها طاعة الله عمومًا، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8]. وقد كان الإمام أحمد -رحمه الله- يدعو: "اللهم أعزنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك".
والعزة عمومًا في هذا الدين قال عمر -رضي الله عنه-: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".
فاحرص على طاعة مولاك؛ فإنها لك عزّ في الدنيا ورفعة في الآخرة.
التعليقات