العراق الفارسي ومشروع (الولايات الصفوية المتحدة)..!

خالد الزرقاني

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: مقالات في الوعي

اقتباس

ثم مناطق يعمل المشروع الإيراني على تثبيت نفسه فيها: اليمن "عبر الحوثيين في الشمال ومحاولات لاختراق الحراك الجنوبي"، البحرين "من خلال جمعية الوفاق الإسلامية". ثم مناطق جار اختراقها وهي منطقة الخليج العربي عموما "الشرقية في المملكة العربية السعودية مثالاً"، الأردن. وأخيراً منطقة حاسمة ستقلب مستقبل المنطقة بأكمله لصالح إيران إن استطاعت طهران اختراقها وهي (جمهورية مصر العربية)..

 

 

 

 

 

 

الإيرانيون "خصوصا النظام الحالي" أسسوا سياساتهم تجاه المنطقة العربية على مبدأ إيران القائدة، الملهمة والمؤثرة في كل أوراق اللعبة في الشرق الأدنى، لنفهم الدولة الفارسية وإستراتيجيتها الخارجية تجاهنا علينا دراسة أولاً وضع العراق منذ وصول الخميني إلى إيران وحتى سيطرة أدوات طهران على مقاليد الحكم في بغداد.

 

وبالعودة إلى تاريخ الإستراتيجية الإيرانية تجاه العراق يظهر لنا جلياً أن الأحلام الفارسية تحققت في هذا القطر العربي والمفارقة تدخل واشنطن بكل قوتها لتخليص طهران من أحد أكبر مآزقها الإستراتيجية "العراق العربي".

ولقراءة التسلسل الزمني لأحلام النظام الإيراني أنقل هنا بعض المواقف والتصريحات الإيرانية تجاه العراق والمنطقة العربية:

 

- لم يبق لنا سوى حل بممر بري، أي الطريق المؤدي إلى القُدس الذي يمر بكربلاء. "محسن رضائي، مرشح رئاسة الجمهورية وقائد الحرس السابق، خطبة الجمعة 19 يونيو 1982"

 

- إن إيران إن انتصرت في هذه الحرب وألحقت الهزيمة بالعراق فإن العراق سيلحق بإيران وإن ارتبط العراق بإيران فإن بقية هذه الدول الصغيرة القائمة في المنطقة ستضم إلينا، إن طريقنا هو متابعة قضية لبنان عن طريق إلحاق الهزيمة بالعراق.، علينا ألا نترك العراق يقف على قدميه ! "خطاب خطير للخميني، 22 يونيو 1982 طهران"

 

- إن الهدف من مركز القيادة في جنوب خوزستان "الأحواز المحتلة" هو إقامة حكومة ثورية في إقليم البصرة العراقي. "العقيد صياد شيرازي قائد القوة البرية الإيرانية، حديث لصحيفة "اطلاعات" بمناسبة أسبوع الحرب، 29 سبتمبر 1982".

 

- إن هدفنا إقامة دولة إسلامية جنوب العراق ليسود الإسلام في الخليج الفارسي "العربي"! "رفسنجاني، رئيس مجلس الشورى حينها، خطبة الجمعة، 31 مارس 1985 م ".

 

- إن إيران لم تصل إلى هناك "شبه جزيرة الفاو" لكي تنسحب، لقد ذهبنا هناك لنبقى حتى يتم تحرير العراق، ان "أم قصر" تتعرض لقصف كثيف وإنها على وشك السقوط في أيدي قواتنا. "محسن رفيقدوست، رئيس الحرس الثوري السابق، مقابلة مع راديو طهران، 24 مارس 1986" .

 

أما أخطر تصريح فهو لكمال خرازي "علي نقي"، وزير الخارجية الإيراني السابق، الذي كان الناطق الرسمي باسم مجلس الدفاع الأعلى الإيراني فهو قال "إن طهران ترغب في إقامة جمهورية "شيعية" في جنوب العراق قبل البدء بهجوم مباشر على بغداد.، إن إيران مستعدة لمواصلة هذه الحرب مئة عام أخرى إذا ما تطلب الأمر ذلك"، "5 إبريل 1986 في زيارته لبريطانيا والتصريح لمجلة "جون أفريك" الأسبوعية الصادرة من باريس".

 

قالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية أنه تم ربط ميناء الفاو العراقي الجنوبي بشبكة الطاقة الكهربائية الإيرانية وانه تم إنشاء 110 كيلومترات من خطوط الطاقة الثانوية من أجل هذا الربط. "رويترز"، 9 أكتوبر 1986".

 

إيران غيرت اسم الفاو العراقية إلى الفاطمية! "الوكالة الصينية 11 أكتوبر 1986".

 

نلاحظ أن جل هذه الأحلام "أن لم تكن كلها" قد تحققت وأغلب رجالاتها مازالوا يسيطرون على النظام الذي يسير على الإستراتيجية التوسعية ذاتها. فمثلاً حقول الفكة شرق ميسان التي كانت خسرت فيهما إيران 15 ألف قتيل "إبريل 1983" أصبحت بعد 2003 إيرانية مضموناً! حيث بلغت السرقات الإيرانية من الحقول المشتركة فقط 17 مليار دولار سنوياً ذلك حسب التقارير الدولية. ومن المهم الإشارة إلى أن طهران تراهن على نفط العراق لإدارة الصراع في منطقة الشرق الأدنى لاسيما بعد ارتفاع الإنتاج العراقي من النفط ومنافسة بغداد للرياض على رئاسة "الأوبك" وبذلك سيزداد النفوذ الدولي والإقليمي الإيراني عبر بغداد المحتلة! فمن خلال النفط العربي في الأحواز والعراق تمارس إيران دورا خبيثا تجلى ذلك في محاولة اختراق الموقف الأردني الثابت عبر إغراءات نفطية.

 

تعمل إيران على ربط شبكة أنابيب الغاز الطبيعي لديها بالعراق ثم سورية بطول 1800 كيلو متر وبتكلفة 10 مليارات دولار أميركي وتسابق طهران الزمن لتنفيذ المشروع قبل سقوط دمشق ! هل سيكون هذا الأنبوب مسمار جحا فارسيا للعودة لدمشق عقب طردها منها ؟

 

غيرت إيران قبل عقدين ونصف العقد اسم "الفاو" لكن اليوم هناك مشروع قدمته أدوات إيران للبرلمان العراقي يقضي بتغيير أسماء وحدود المحافظات العراقية لتتماشى مع الروح والمزاج الإيراني !

 

طهران وعقب احتلالها للفاو عام 1986 ربطت شبه الجزيرة العراقية بشبكة طاقتها، في المقابل العراق بأكمله اليوم مربوط بشبكة الطاقة الإيرانية. فالجمهورية العراقية التي حجمها أكبر ب¯ 1217 مرة من غزة لا تختلف عن القطاع حيث تقوم إسرائيل بتزويد حاجات غزة من الطاقة وتقوم إيران ببيع العراق ألف ميغا واط من الكهرباء عبر خطوط عبادان - البصرة وكرمانشاه - ديالى.

 

العراق اليوم دولة مستهلكة واقعة تحت السيطرة الاقتصادية الإيرانية الشاملة حيث إن حجم التجارة بين طهران وبغداد المحتلة سيبلغ خلال عامين فقط 25 مليار دولار سنوياً لتحويله سوق للبضاعة الإيرانية في العالم.

 

يستقبل العراق ثلاثة ملايين زائر إيراني سنوياً حسب المصادر الرسمية الإيرانية، وهناك حديث عن تغيير في التركيبة السكانية لمناطق في جنوب العراق حيث حصل مئات الآلاف من الإيرانيين على الجنسية العراقية!

 

منطقة زرباطية الحدودية مع إيران الذي خسرت فيها طهران 24 الف قتيل "يونيو 1983" بغية احتلالها أصبحت اليوم منطقة تجارة حرة إيرانية - عراقية، بل أن محافظة واسط بكاملها أصبحت بنكاً إيرانياً والعملة الدارجة هي "التومان"!

 

لم تكن إيران تحلم بأكثر من ربط شبكة طرقها بمدن البصرة وكربلاء وهو حلم فارسي قديم حيث كانت يافطات الطرق في المدن الإيرانية تشير إلى المسافة التي تبعد المدينتين العراقيتين! الحلم تحقق وتطور فربطت إيران بالعراق عبر شبكة طرق برية وخطوط جوية، بل وبخط حديد طهران - المحمرة - بغداد والذي كان مخطط له أن يصل لدمشق الثائرة!

 

تصريحات خرازي عن إقامة دولة شيعية قد تحققت فعلاً بإقامة دويلة طائفية صفوية في بغداد، ومن المهم أن نشير إلى أن الأخير يشغل اليوم منصب رئاسة مجلس رسم إستراتيجية العلاقات الخارجية الإيرانية "شوراي راهبردي روابط خارجي" !

 

الولايات الصفوية المتحدة:

ولتكتمل صورة الإستراتيجية الإيرانية يجب أن ندرس وضع الشرق العربي الأدنى، منذ إنشاء فرع "حزب الله" في لبنان عام 1982 والذي سمح لإيران ببسط هيمنتها الأمنية والسياسية من دمشق وحتى بيروت فكان العراق حجر العثرة الأهم لاستكمال الهلال الصفوي، فأصبح الهدف الأكبر لإيران والولايات الصفوية المتحدة. فعقب عام 2003 اكمل العراق الذي لم يعد عربياً هذا الهلال الفارسي.

 

في الأفق اليوم مؤشرات لقيام دويلة علوية في سورية مع اقتراب حسم معارك دمشق لصالح الجيش الحُر. يمكن تقسيم المنطقة العربية إذا إلى مناطق حسب مرحلة نضج المشروع الإيراني فيهما. هناك مناطق تحت السيطرة المباشرة وهي لبنان"من خلال "حركة أمل" و"حزب الله"، قطاع غزة "من خلال ثنائي"الجهاد الإسلامي" و"حركة حماس"، العراق "من خلال رباعية حزب الدعوة، المجلس الأعلى لثورة الإسلامية، الصدر، المرجعيات الإيرانية"، سورية "من خلال النظام الحالي". ثم مناطق يعمل المشروع الإيراني على تثبيت نفسه فيها : اليمن "عبر الحوثيين في الشمال ومحاولات لاختراق الحراك الجنوبي"، البحرين "من خلال جمعية الوفاق الإسلامية". ثم مناطق جار اختراقها وهي منطقة الخليج العربي عموما "الشرقية في المملكة العربية السعودية مثالاً"، الأردن. وأخيراً منطقة حاسمة ستقلب مستقبل المنطقة بأكمله لصالح إيران إن استطاعت طهران اختراقها وهي (جمهورية مصر العربية).

 

فمن هنا يجب التركيز على معالجة جراحية دقيقة وحقيقية لأدوات إيران في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار العراق كمحور أساسي في المشروع الإيراني، والأحواز المحتلة كشريان للاقتصاد الإيراني.

 

ختاماً يجب الحذر من المسرحيات الدولية ضد إيران، فواشنطن التي تدعي فرض عقوبات على طهران أعفت قبل أيام تسع دول من عقوبات استيراد النفط الإيراني "الأحوازي" ولمدة 6 أشهر إضافية، على رأسهم الصين، الهند، كوريا الجنوبية وتركيا. ومن المهم الإشارة إلى إن الدول التسع يبلغ ناتجها المحلي 13 تريليون دولار وتشكل بذلك نحو 25 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي! بكلمة أخرى، أميركا أعفت زبائن إيران الكبار من مسرحية العقوبات في لعبة مكشوفة، وإن كان هناك من فائض للنفط الأحوازي فحكومة العملاء في بغداد ستبيعه لصالح طهران!

 

 

 

 

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life