عناصر الخطبة
1/حقيقة التشاؤم ومعناه 2/ذم الإسلام للتشاؤم ونهيه عنه 3/من صور التشاؤم في الجاهلية 4/سبل علاج التشاؤم.

اقتباس

التَّشَاؤُمُ يُقْعِدُ عَنِ الْعَمَلِ، وَيُصِيبُ بِالْإِحْبَاطِ وَالْيَأْسِ، فَيَظَلُّ صَاحِبُهُ أَسِيرَ الْأَوْهَامِ وَالشُّكُوكِ وَالْوَسَاوِسِ وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، وَيَفْتَحُ بَابًا لِلدَّجَّالِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْمُنَجِّمِينَ، وَمَنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ فِي أَمْرٍ يُرِيدُهُ وَقَعَ فِي الشِّرْكِ، وَلَنْ يَجْنِيَ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ -تَعَالَى- لَهُ...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَقَدْ كَانَ النَّاسُ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعِيشُونَ فِي جَاهِلِيَّةٍ جَهْلَاءَ، وَضَلَالَةٍ عَمْيَاءَ، يَرُدُّهُمْ كُلُّ نَاعِقٍ، وَيَصُدُّهُمْ صَوْتُ طَائِرٍ؛ خَيَالَاتٌ وَخُرَافَاتٌ، وَأَوْهَامٌ وَمُنْكَرَاتٌ، وَقَدْ كَانَ مِنْ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي أَبْطَلَهَا الْإِسْلَامُ وَحَذَّرَ مِنْهَا: التَّشَاؤُمُ.

 

وَالتَّطَيُّرُ وَالتَّشَاؤُمُ اعْتِقَادٌ فَاسِدٌ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْأُمَمِ الَّتِي سَبَقَتِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: "لَمْ يَحْكِ اللَّهُ التَّطَيُّرَ إِلَّا عَنْ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ"، فَقَوْمُ صَالِحٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- تَشَاءَمُوا مِنْهُ؛ (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ)[النَّمْلِ:47]، وَأَصْحَابُ الْقَرْيَةِ تَشَاءَمُوا بِالْمُرْسَلِينَ: (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)[يس: 18-19]، وَآلُ فِرْعَوْنَ تَشَاءَمُوا بِمُوسَى وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ)[الْأَعْرَافِ:131].

 

وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ؛ الَّذِي هُوَ الْبَرَكَةُ، يُقَالُ: رَجُلٌ مَشْئُومٌ عَلَى قَوْمِهِ؛ أَيْ جَرَّ الشُّؤْمَ عَلَيْهِمْ، وَالتَّشَاؤُمُ سُوءُ ظَنٍّ بِاللَّهِ -تَعَالَى- بِغَيْرِ سَبَبٍ مُحَقَّقٍ، وَسُمِّيَ التَّشَاؤُمُ طِيَرَةً؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَنْفِرُونَ الطُّيُورَ فَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الْيَمِينِ تَبَرَّكُوا بِهِ وَمَضَوْا فِي سَفَرِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ، وَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الشِّمَالِ رَجَعُوا عَنْ سَفَرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ وَتَشَاءَمُوا بِهَا فَكَانَتْ تَصُدُّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ تَشَاؤُمٍ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الدِّينَ الْإِسْلَامِيَّ دِينُ تَفَاؤُلٍ وَبِشْرٍ، وَانْقِيَادٍ لِلَّهِ وَاسْتِسْلَامٍ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ -سُبْحَانَهُ- يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ، وَإِلَيْهِ يَسْعَى الْمُتَّقُونَ، وَلِذَا حَذَّرَ الْإِسْلَامُ مِنَ التَّشَاؤُمِ وَحَرَّمَهُ وَنَهَى عَنْهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ وَالْوَعِيدُ فِي التَّطَيُّرِ؛ وَهُوَ التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ بِمَا يَقَعُ مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ أَوِ الْمَسْمُوعَاتِ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْعَقَائِدِ الضَّعِيفَةِ، الَّذِينَ لَا يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ؛ فَنَفَاهُ الشَّرْعُ وَأَبْطَلَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ خَوَاطِرُ وَتَخْمِينَاتٌ لَا أَصْلَ لَهَا، قَالَ -تَعَالَى-: (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الْأَعْرَافِ:131]؛ فَبَيَّنَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ التَّطَيُّرَ مِنْ أَعْمَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُ مَذْمُومٌ شَرْعًا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

 

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ"، وَوَرَدَ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِلْمُتَطَيِّرِينَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ"(صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

الزَّجْرُ وَالطَّيْرُ وَالْكُهَّانُ كُلُّهُمُ *** مُضَلِّلُونَ وَدُونَ الْغَيْبِ أَقْفَالُ

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: لَقَدْ كَانَ التَّشَاؤُمُ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي جَاءَ الْإِسْلَامُ بِإِزَالَتِهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا، وَمِنْ صُوَرِ التَّشَاؤُمِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا يَلِي:

التَّشَاؤُمُ بِالْأَرْقَامِ؛ كَرَقْمِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ الَّذِي يَتَشَاءَمُ مِنْهُ النَّصَارَى؛ ظَنًّا أَنَّ لَهُ صِلَةً بِحَادِثَةِ الصَّلْبِ الْمَزْعُومَةِ الَّتِي نَفَاهَا اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- بِقَوْلِهِ: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)[النِّسَاءِ:157].

 

وَمِنْ صُوَرِ التَّطَيُّرِ: التَّشَاؤُمُ بِبَعْضِ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ؛ كَالتَّشَاؤُمِ بِشَهْرِ صَفَرَ، فَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتَزَوَّجُونَ فِيهِ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا الِاعْتِقَادَ وَقَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ"؛ فَشَهْرُ صَفَرَ كَبَقِيَّةِ الشُّهُورِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ، وَلَا يَحْصُلُ فِيهِ إِلَّا مَا قَضَاهُ اللَّهُ وَقَدَّرَهُ؛ فَالْأَزْمِنَةُ لَا دَخْلَ لَهَا فِيمَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

 

وَمِنْهُ: التَّشَاؤُمُ بِالْأَشْخَاصِ؛ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: فُلَانٌ وَجْهُهُ نَحْسٌ، أَوِ التَّشَاؤُمُ بِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى كَالْأَعْوَرِ وَالْأَعْرَجِ، أَوِ التَّشَاؤُمُ بِالْأَلْوَانِ؛ كَاللَّوْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَنَّهُ عَلَامَةُ الْحُزْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَشَاءَمُ بِحَرَكَةِ جَفْنِهِ الْأَيْسَرِ، فَإِذَا اهْتَزَّتْ جَفْنُ عَيْنِهِ اعْتَقَدَ أَنَّ شَرًّا سَيُصِيبُهُ.

 

وَلَا شَكَّ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- أَنَّ التَّشَاؤُمَ يُنَافِي تَوَكُّلَ الْعَبْدِ عَلَى رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ، وَيَنْخُرُ فِي تَوْحِيدِهِ لِخَالِقِهِ وَهُدَاهُ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ؛ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 281].

 

عِبَادَ اللَّهِ: لَمَّا حَذَّرَ الْإِسْلَامُ مِنَ التَّشَاؤُمِ وَالطِّيرَةِ، جَاءَنَا بِالْعِلَاجِ؛ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْلِمُ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ، سَاكِنَ الْبَالِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رَبِّهِ؛ فَمِنَ الْعِلَاجِ:

الثِّقَةُ بِاللَّهِ -تَعَالَى-، وَصِدْقُ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَطَرْدُ الْوَسَاوِسِ وَالْأَوْهَامِ، وَقَطْعُ دَابِرِهَا، وَاجْتِثَاثُ أُصُولِهَا، وَعَدَمُ الِالْتِفَافِ إِلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْمُضِيُّ فِي الشَّأْنِ الْمَقْصُودِ بِعَزْمٍ وَقُوَّةٍ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نَتَطَيَّرُ، قَالَ: "ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ".

 

وَمِنْ سُبُلِ عِلَاجِ الطِّيَرَةِ: الْفَأْلُ وَهِيَ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ يَسْمَعُهَا الْإِنْسَانُ يَسْتَبْشِرُ بِهَا، وَالْفَأْلُ مَنْدُوبٌ وَمَحْبُوبٌ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْجِبُهُ مِثْلُ هَذَا؛ فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ"، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

 

وَمِنْ سُبُلِ عِلَاجِ التَّشَاؤُمِ: اسْتِخَارَةُ الْخَالِقِ؛ فَإِذَا هَمَّ الْمَرْءُ بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ؛ كَسَفَرٍ، أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ وَظِيفَةٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الِاسْتِخَارَةِ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ".

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: التَّشَاؤُمُ يُقْعِدُ عَنِ الْعَمَلِ، وَيُصِيبُ بِالْإِحْبَاطِ وَالْيَأْسِ، فَيَظَلُّ صَاحِبُهُ أَسِيرَ الْأَوْهَامِ وَالشُّكُوكِ وَالْوَسَاوِسِ وَالظُّنُونِ الْفَاسِدَةِ، وَيَفْتَحُ بَابًا لِلدَّجَّالِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْمُنَجِّمِينَ، وَمَنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ فِي أَمْرٍ يُرِيدُهُ وَقَعَ فِي الشِّرْكِ، وَلَنْ يَجْنِيَ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ -تَعَالَى- لَهُ.

 

فَاتَّقُوا اللَّهَ -تَعَالَى- وَوَحِّدُوهُ، وَاحْذَرُوا الشِّرْكَ وَاجْتَنِبُوهُ، وَإِيَّاكُمْ وَالِاعْتِقَادَاتِ الْفَاسِدَةَ وَالْخُرَافَاتِ وَعَوَائِدَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

 

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life