عناصر الخطبة
1/فرضية الصلاة ومشروعيتها 2/أهمية الصلاة ومكانتها تدعو للتبكير لها والاستعداد 3/فضل التبكير للصلاة وفضل الصفوف الأول 4/من فوائد الصلاة وثمارها.اقتباس
فاحرصوا -رحمكم الله- على التبكير إلى الصلوات، واحذروا التسويف والتأخير عن الصفوف الأول في الصلاة حتى لا تحرموا أنفسكم عن عظيم الأجور ورفيع المنزلة والمكانة...
الخطبة الأولى:
الحمد لله ربّ العالمين نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَمَ تسليما كثيرا
أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، حق التقوى؛ قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
ثم اعلموا أن مما فرض الله -تعالى- عليكم الصلاة، فرضها الله -تعالى- في السماء، وأنها خمس في العمل وخمسون في الميزان، ففي صحيح البخاري عن أَنَس بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ مِثْلَهُ، قُلْتُ: سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ، فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَأَجْزِي الحَسَنَةَ عَشْرًا".
والصلاة تطهر وتنقي من الأدران، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ" قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا».
والمشي لها في المساجد عبادة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ».
أيها المسلمون: مكانة الصلاة في الإسلام عظيمة فهي ركن من أركانه العظام التي فرضها الله -تعالى- على عباده قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها.
ولما كانت بهذه المنزلة العظيمة، ولما يترتب عليها من الفضائل والأجور العظام، فقد شرع الله -تعالى- التبكير إليها وحث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».
(ما في النداء)؛ أي ما في الأذان: من الثواب والخير والبركة والأجر. أن (يستهموا)؛ يقترعوا أي يضربوا القرعة. (التهجير) التبكير إلى الصلوات. (العتمة) صلاة العشاء. (حبوا) حابين من حبا الصبي إذا مشي على يديه ورجليه أو مقعدته، ثم تأمل لهذه المنافسة والحث على التبكير إلى الصلاة والفوز بالصف الأول من الفضائل؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ -أَوْ يَعْلَمُونَ- مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً».
وعنه -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»؛ فالخيرية للرجال أن يكونوا من المبكرين والمنافسين لأن يكونوا في الصفوف الأول.
أيها المسلمون: إن الملائكة لتدعوا لأصحاب الصف الأول بالرحمة ويستغفرون لهم، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ» والصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة.
فاحرصوا -رحمكم الله- على التبكير إلى الصلوات، واحذروا التسويف والتأخير عن الصفوف الأول في الصلاة حتى لا تحرموا أنفسكم عن عظيم الأجور ورفيع المنزلة والمكانة.
وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ «يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثًا وَلِلثَّانِي مَرَّةً»(رواه ابن ماجة وصححه الألباني). وهنا يأتي ذم المتأخر عن الصفوف الأول وعدم التبكير للصلاة، والاعتياد على الصفوف المتأخرة.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ».
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد أيها المسلمون: اعلموا أن الصلاة في الإسلام أمرها عظيم ومنزلتها عالية وهي ركن من أركان الاسلام العظام، وهي ميزان للإيمان وشرائعه، فبإقامتها تكمل أحوال العبد، وبعدم إقامتها، تختل أحواله الدينية، وهي من أكبر المعونة على جميع الأمور، وتحفظ العبد من الوقوع في الفحشاء والمنكر، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، "ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر؛ فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه"(تفسير الشيخ السعدي رحمه الله -تعالى-).
وهي عمود الإسلام، قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ».
واعلموا أن تركها والتهاون والتساهل بها على خطر عظيم؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ".
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله -تبارك وتعالى- به، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
التعليقات