الصدقة أجرها وأثرها

الشيخ وليد بن محمد العباد

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ثمرات وفوائد الصدقة 2/وجوب تحري الفقراء بالصدقة

اقتباس

والصّدقةُ تَدفعُ البلاء، ويَحصلُ بها الشّفاء، وهي علامةُ صدقِ الإيمان، والتَّغلُّبِ على شُحِّ النّفسِ والشّيطان، وهي سِتْرٌ من النّار، وسببٌ لمغفرةِ الذّنوبِ والأوزار، والمتصدّقُ في ظلِّ عرشِ الرّحمن، وهو في...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إنّ الحمدَ لله، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستهديه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلمَ تسليمًا كثيرًا، أمّا بعدُ:

 

عبادَ الله: إنّ الصّدقةَ من أفضلِ الأعمالِ التي يَتقرّبُ بها المسلمُ إلى ربِّه- عزَّ وجل-، فيُنفِقُ من مالِ اللهِ الذي آتاه، يَبتغي بذلك وجهَ الله، فيجزيه اللهُ على صدقتِه في الحالِ والمآل، ما لا يَخطرُ له ببال، فالمتصدّقونَ هم أكثرُ النّاسِ بركةً وأعظمُهم أجورًا، وأهنأُهم عيشًا وأشرحُهم صدورًا.

 

والصّدقةُ -بإذنِ اللهِ- تَدفعُ البلاء، ويَحصلُ بها الشّفاء، وهي علامةُ صدقِ الإيمان، والتَّغلُّبِ على شُحِّ النّفسِ والشّيطان، وهي سِتْرٌ من النّار، وسببٌ لمغفرةِ الذّنوبِ والأوزار، والمتصدّقُ في ظلِّ عرشِ الرّحمن، وهو في ظلِّ صدقتِه حتّى يُقضى بينَ النّاسِ يومَ القيامة.

 

عبادَ الله: ما أعظمَ الصّدقةَ! وما أطيبَ أثرَها!، تُسعدُ فقيرًا, وتُشبعُ جائعًا، وتَجبرُ كسيرًا, وتَكسو عاريًا، وتُزيلُ همًّا, وتُنَفِّسُ كربًا, وتَمسحُ على رأسِ يتيم، قالَ ابنُ القيّمِ -رحمه الله-: "ولو عَلمَ المتصدّقُ أنّ صدقتَه تقعُ في يدِ اللهِ قبلَ يدِ الفقيرِ، لكانت لذّةُ المعطي أكبرَ من لذّةِ الآخِذ", وإنّ اللهَ ليتقبّلُها بيمينِه، ويُربِّيها ويُضاعفُها لصاحبِها، حتّى يجدَها يومَ القيامةِ جبالًا من الحسنات، وذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاءُ، واللهُ ذو الفضلِ العظيم.

 

فاتقوا اللهَ -رحمكم الله-، وأنفقوا يُنفَقْ عليكم، فالجزاءُ من جنسِ العمل، قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "مَن نفَّسَ عن مؤمنٍ كُربةً من كُرَبِ الدّنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامة، ومَن يَسَّرَ على مُعسرٍ يَسّرَ اللهُ عليه في الدّنيا والآخرة، ومَن سترَ مسلمًا سترَه اللهُ في الدّنيا والآخرة، واللهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيه".

 

وعلى المسلمِ أنْ يَتحرّى الضّعفاءَ والمتعفّفين، وقد تَيسّرتْ في هذه الأيامِ -بحمدِ اللهِ- قنواتٌ رسميّة، مثلَ مِنَصَّةِ إحسانِ الوطنيّةِ الخيريّة، تَستقبلُ الصّدقاتِ الماليّة، ثمّ تُوصِلُها للمحتاجينَ والمُعْسرين، ممن صَدرت بحقِّهم أحكامٌ قضائيّة، بكلِّ يُسْرٍ وأمانٍ وشفافيّة.

 

فبادروا -وفّقكم اللهُ- إلى الصّدقةِ اليوم، ما دمتم في صحّةٍ وعافية، والمالُ بينَ أيديكم؛ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المنافقون: 10، 11].

 

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه؛ إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له؛ تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه, وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين, أمّا بعد:

 

عبادَ الله: اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي؛ فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ.

 

إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ؛ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.

 

اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا, تُعِزُّ فيه وليَّك, وتُذِلُّ فيه عدوَّك, ويُعملُ فيه بطاعتِك. ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء, اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ, ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ, واقضِ الدّينَ عن المدينينَ, واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ أغثْ قلوبَنا بالإيمانِ واليقين, وبلادَنا بالأمطارِ والبركاتِ والغيثِ العميم، واجعلْ ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتِك وبلاغًا إلى حين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

 

عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، ويقولُ -عليه الصلاةُ والسلام-: "من صلّى عليّ صلاةً واحدة؛ً صلى اللهُ عليه بها عشرًا", اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين.

 

وأقمِ الصلاةَ, إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون..                                                                

 

 

المرفقات
tMwmaXY9Yjr3uP3FlEZbdwMBu6fJWdkXTtnJPpga.doc
tA6BhHFonw4icEgTGxTrNOdCgxLMIB3ebe3Y8OF8.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life