عناصر الخطبة
1/ ربوبية الله وعظمته 2/ تأملات في بعض مواضع ذكر الرب سبحانه في السنة النبوية 3/ وجوب إجلال الله وتقديره حق قدره.اهداف الخطبة
اقتباس
ما أعظم حديث الرسول عن مرسله، فقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- عن ربه -تبارك وتعالى- أنه رب الطيبين، وأنه رب هذه الدعوة التامة، هو رب جبريل ومكائيل وإسرافيل،.. هو رب الناس، مُذْهِب البأس، هو الشافي لا شفاء إلا شفاءه، هو رب كل شيء، فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل، نعوذ به من شر كل ذي شر. هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، هو رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء، نعوذ به من النار...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون: نتحدث في هذه الجمعة عن الربوبية كما وردت في سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وما أعظم حديث الرسول عن مرسله، فقد أخبر -عليه الصلاة والسلام- عن ربه -تبارك وتعالى- أنه رب الطيبين، وأنه رب هذه الدعوة التامة، الأذان والإقامة والصلاة القائمة هو رب جبريل ومكائيل وإسرافيل، هو فاطر السماوات والأرض هو عالم الغيب والشهادة هو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
أخبر -صلى الله عليه وسلم- عن ربه أنه هو رب الناس، مُذْهِب البأس، هو الشافي لا شفاء إلا شفاءه، هو رب كل شيء، فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل، نعوذ به من شر كل ذي شر.
هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، هو رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء، نعوذ به من النار.
هو رب السماوات السبع وما أظلت، ورب الأراضين وما أقلت، ورب الشياطين وما أظلت، هو خير جار، يا ربنا كن لنا جارًا من شر خلقك كلهم جميعًا أن يفرط علينا أحد أو أن يبغى علينا أحد، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.
قال أُبَي بن كعب: "إن المشركين قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- انسب لنا ربك فأنزل الله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 1- 4].
قال ابن عمر: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67]، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول هكذا بيده ويحركها، ويقبل بها ويدبر، "يمجد الرب نفسه؛ أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا العزيز، أنا الكريم"، فرجف برسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبر حتى قلنا: ليخرنَّ به" (رواه الإمام أحمد).
يا من تعيشون في ربوبية الله، "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرًا أو قال خائبتين" (رواه ابن ماجه والحاكم).
ولقد "عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل" (رواه أبو داود).
و"يضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ عليهم" (رواه الترمذي).
ويغضب ربنا ويرضى، وفي حديث قبض أرواح المؤمنين: "اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً عَنْكِ إِلَى رَوْحِ اللَّهِ، وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ.." (رواه النسائي والحاكم).
ويرضى ربنا بأقل شيء حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: "والسواك مرضاة للرب -تبارك وتعالى-".
وقال -صلى الله عليه وسلم- في معرض حديثه عن الدجال: "يَا عِبَادَ اللَّهِ، أَيُّها النَّاسُ فَاثْبُتُوا، فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي، إِنَّهُ يَبْدَأُ، فَيَقُولُ: أَنَا نَبِيٌّ وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمَّ يُثَنِّي، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَإِنَّهُ –أي الدجال- أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ.." (رواه ابن ماجه).
يا أيها المرغبون: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد نبيّاً"، "من رضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا وجبت له الجنة" (رواهما مسلم).
واعلموا أنه "لا يعذب بالنار إلا رب النار" (رواه أبو داود).
و «يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا، يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ، يَخَافُ مِنِّي، فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» (رواه أبو داود).
وربكم كما أعطى البصر لمن شاء يرد البصر لمن عمي إن شاء، قال ملك أصحاب الأخدود لوزيره: "مَن ردَّ عليك بصرك؟ قال: ربي، قال أولك رب غيري؟! قال ربكم وربي الله" (رواه مسلم).
وفي دعاء استفتاح الصلاة قال -صلى الله عليه وسلم- معظِّمًا ربه: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض وما أنا من المشركين، (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162- 163]، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ" (رواه أبو داود).
ويحث النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه على التفكر في ربوبية الله خلقًا وإيجادًا وتصريفًا حتى يكون عبادًا لربهم، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح أو حين يمسي: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، وَأَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ. فَإِنْ قَالَهَا بَعْدَ مَا يُمْسِي فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ قَالَهَا بَعْدَ مَا يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (رواه البخاري وأبو داود وهذا لفظه).
من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له فليقل: "ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ" (رواه أبو داود).
وكان -صلى الله عليه وسلم- يحلف بربه ولا يحلف بمن سواه، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "من حلف فليحلف برب الكعبة" (رواه أحمد).
قل برب النبي ولا تقل بالنبي، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة"، فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: "الأكثرون أموالاً، إلا من قال هكذا وهكذا، وهكذا"، فحثا بين يديه وعن يمينه وعن شماله، أي يؤدِّي زكاة المال. (رواه الترمذي والنسائي).
وقال -صلى الله عليه وسلم- مبينًا ربوبية الله عليه: "إني أواصل إلى السَّحَر وربي يطعمني ويسقيني" (رواه أبو داود).
وقال: "وإن لربك عليك حقًّا" (رواه البخاري)، وحقه: عبادته وحده لا شريك له.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه" (رواه ابن ماجه).
يا مَن تعيشون في ملك الرب ورزقه وملكوته صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل –يعني: مطر-، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم؟! قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر"، ينزل المطر ينقسم الناس إلى قسمين، "فأمَّا من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب" (متفق عليه).
"وما طلعت شمس قط إلا بُعث بجنبتيها ملكان يناديان يُسمِعان أهلَ الأرض إلا الثقلين –الإنس والجن-: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا آبت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: اللهم أعط منفقًا خَلَفًا، و أعط ممسكًا تلفًا" (رواه الإمام أحمد).
وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر فأقبل الليل إذا به يصطحب ربوبيته الله له فيقول: "يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ وَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ، وَمِنْ شَرِّ سَاكِنِ الْبَلَدِ وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ " (رواه أبو داود).
وعن الترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى الهلال قال: "اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ".
يا من التزمتم بالربوبية فعبدتموه وحده لا شريك له؛ "إن العبد إذا صلى فإنما يناجي ربه" (رواه البخاري).
وقال موسى: "ماذا افترض ربكم على أمتك؟ قال قلت: فرض عليَّ خمسين صلاة، قال فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت إلى ربي فوضع عني شطرها، فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت له فقال: هي خمس –يعني في الوقوع- وهي خمسون –يعني في الأجر- لا يُبدَّل القول لدي، فرجعت إلى موسى، فقال: ارجع إلى ربك، فقلت: قد استحييت من ربي" (رواه مسلم).
وفي الركوع من الصلاة يقول -صلى الله عليه وسلم- معظِّمًا ربه "سبحان ربي العظيم"، ويقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"، وإذا رفع رأسه من الركوع قال "ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد"، ويقول: "لربي الحمد، لربي الحمد"، ويقول في سجوده "سبحان ربي الأعلى".
وعند مسلم يقول في الركوع والسجود: "سبحانك ربنا وبحمدك الله اغفر لي" (رواه البخاري).
و"أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" (رواه مسلم).
يا ربنا! لك صلاتنا وركوعنا، وبك يقيننا، ولك إيماننا، ولك أسلمنا، أنت ربنا، تسجد لك وجوهنا، فأنت الذي شققت أسماعنا وأبصارنا، تباركت ربنا يا أحسن الخالقين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين المتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله حده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين.
أي: عباد الله اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يحثُّ أصحابه على شهود ربوبية الله عليهم حتى يكونوا ألزم لطاعته.
وكان -عليه الصلاة والسلام- كثيرًا ما يتكلم في ربوبية الله حتى لا يغيب عن ذهن أحد إلوهيته وعبوديته، والتزام طاعته.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي، ثُمَّ اطْحَنُونِي، ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ" (رواه البخاري).
يا من أحياك ربك ويميتك ربك، ومن أسئلة القبر لك: "من ربك"؟ فيقول ربي الله، وقال سفيان بن عبدالله الثقفي: "يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به"، قال: "قل ربي الله ثم استقم" (رواه مسلم والترمذي وهذا لفظه).
وعند أحمد "وأما الكافر أو المنافق في القبر فيفتح له باب إلى الجنة، فيقول هذا منزلك لو آمنت بربك، فإما إذ كفرت به فإن الله –عز وجل- أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين".
وقال: "لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ" (رواه الترمذي).
و"يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه تعرف ذنب كذا؟ فيقول ربي أعرف، فيقول ربه سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته، وأما الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد (هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)" (متفق عليه).
وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المؤمنين "يرون ربهم يوم القيامة"، وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن آخر رجل يدخل الجنة "يقول الله -تبارك وتعالى- له: اذهب فادخل الجنة قال: فيأتيها فيُخيَّل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى، فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها" (رواه البخاري).
ويقول الرب –عز وجل-: "وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله" (رواه البخاري).
"جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ إِلا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةَ عَدْنٍ" (رواه البخاري).
أيها الناس: توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ابتغاء مرضاة ربكم ترزقوا وتجبروا وتنصروا.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات..
التعليقات