عناصر الخطبة
1/ كثرة الشكوى في هذه الأيام 2/ فقر الخلائق وحاجتهم إلى الله تعالى 3/ الدعاء سلاح المؤمن 4/ دعوات خلدها القرآن الكريم واستجاب لها رب العالمين 5/ الحث على الإكثار من الدعاء والتضرع واللجوء لله في كل الأحوال.اقتباس
ترى من أحاطتْ بهم الهمومُ والأحزانُ.. وظهرتْ على وجهِهم آثارُ تجاعيدِ الزَّمانِ.. فهذا يبثُّ الآهاتِ والآلامَ والأشجانَ.. وهذا ينفثُّ ما في صدرِه من زَفراتٍ كالدُّخانِ.. وهذا يُقاسي من مرارةِ الفقرِ وقلةِ المالِ.. وهذا عندَه مشكلةٌ مع الأهلِ والعِيالِ.. وهذا يُعاني من شُحِّ الوظائفِ والأعمالِ.. وهذا يتألمُ من المرضِ المُستعصيِ العِضالِ.. كلٌّ يشتكي، ويبحثُ عن الحلِّ السَّريعِ الفعَّالِ. فما هو الحلُّ لهؤلاءِ جميعاً يا من يؤمنُ باللهِ –تعالى- ربَّاً عظيماً عزيزاً قديراً؟، ألا يُمكنْ أن يكونَ الحلُّ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟! وقد يقولُ القائلُ: فأينَ الأخذُ بالأسبابِ؟.. فنقولُ: وهل الدُّعاءُ إلا أعظمُ الأسبابِ؟
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ مجيبِ الدَّعواتِ، مُجزلِ العطايا والهِباتِ، يُجيبُ دعوةَ المضطرِّينَ، ويكشِفُ السُّوءَ ويُنزلُ الرَّحماتِ، أحمدُه تعالى وأشكُرُه، وأُثني عليه وأستغفِرُه، له الخلقُ والأمرُ، وبيدِه تدبيرُ الأرضِ والسَّمَواتِ، سبحانَك ربَّنا ما أعظمَك، سبحانَك ربَّنا ما أحلمَك، تُطاعُ فتشكرُ، وتُعصَى فتغفِرُ، سترتَ عيوبَنا، فاغفِر ذنوبَنا، وأجِرنا من خزيِ الدُّنيا وعذابِ الآخرةِ.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، يُعطي ويَمنعُ، ويَخفُضُ ويرفعُ، (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، علَّقَ بربِه رجاهُ وجَنانَه، فأُجيبَ قبلَ أن يَبرحَ مكانَه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه، وسلَّم تسليماً كثيراً..
أما بعد: ترى من أحاطتْ بهم الهمومُ والأحزانُ.. وظهرتْ على وجهِهم آثارُ تجاعيدِ الزَّمانِ.. فهذا يبثُّ الآهاتِ والآلامَ والأشجانَ.. وهذا ينفثُّ ما في صدرِه من زَفراتٍ كالدُّخانِ.. لا يرى إلا السَّوادَ وغابتْ عن عينِه الألوانُ.. وهذا يتوجَّسُ من المُستقبلِ وتغيُّرِ الأحوالِ.. وهذا يُقاسي من مرارةِ الفقرِ وقلةِ المالِ.. وهذا عندَه مشكلةٌ مع الأهلِ والعِيالِ.. وهذا يُعاني من شُحِّ الوظائفِ والأعمالِ.. وهذا يتألمُ من المرضِ المُستعصيِ العِضالِ.. كلٌّ يشتكي، ويبحثُ عن الحلِّ السَّريعِ الفعَّالِ.
فما هو الحلُّ لهؤلاءِ جميعاً يا من يؤمنُ باللهِ تعالى ربَّاً عظيماً عزيزاً قديراً؟، ما هو الحلُّ يا من يقرأُ كتابَ اللهِ تعالى مؤمناً به، مُصدِّقاً بما فيه من الآياتِ؟، ألا يُمكنْ أن يكونَ الحلُّ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]؟
وقد يقولُ القائلُ: فأينَ الأخذُ بالأسبابِ؟.. فنقولُ: وهل الدُّعاءُ إلا أعظمُ الأسبابِ؟
أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ *** وَمَا تَدْرِي بِما صَنَعَ الدُّعَاءُ
سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ *** لَهَا أَمَدٌ وَللأمَدِ انْقِضَاءُ
نحنُ أحياناً نُغلو في الأسبابِ العَديدةِ، ولكن نتركُ بعضَ الأسبابِ الأكيدةِ، وأضربُ لكم مثلاً من الواقعِ: شابٌ يبحثُ عن وظيفةٍ.. سجَّلَ في مواقعِ الشَّركاتِ.. يُحاولُ تطويرَ نفسِه بمهاراتٍ ودوراتٍ.. ثُمَّ ماذا عليه أن يفعلَ بعدَ ذلكَ من أسبابٍ؟.. هل يجبُ عليه أن يُسيلَ ماءَ وجهِه ووجهِ أبيه عند الأبوابِ؟ انتهتْ الأسبابُ الأرضيةُ، وبقيَ الأسبابُ السَّماويةُ، (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) [يونس: 31].
جاءَ إبراهيمُ بهاجرَ وابنِها إسماعيلَ -عليهم السَّلامُ- إلى أرضِ مكةَ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ.. واتَّخذَ الأسبابَ المُمكنةَ.. فَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلا شَيْءٌ؟.. قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ.
فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لا يَرَوْنَهُ.. اسمعوا إلى أعظمِ الأسبابِ، من أبٍّ يتركُ ابنَه الرَّضيعَ في أرضٍ ليسَ فيها حياةٌ.. اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37].. فماذا أصبحتْ مكةُ بفضلِ هذه الدَّعوةِ؟
قالَ تعالى مُمتنناً على أهلِ مكةَ.. (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِّن لَدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص: 57].. إذاً فليسَ بينَكَ وبينَ تحقيقِ ما تتمناهُ، إلا دعوةً صادقةً لربٍّ أَمركَ بدُعاه.
ما هي الأسبابُ التي اتَّخذَها زكريا -عليه السَّلامُ- ليُرزقَ بغُلامٍ؟.. (نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَّا) [مريم: 2- 5]، رجلٌ كبيرٌ وامرأةٌ عاقرٌ، ولكنَّه نادى.. فمن نادى؟.. (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [الأنبياء: 89]، فما النتيجةُ؟
(يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّا) [مريم: 7].. وهل يُعقلُ مثلُ هذا؟.. حتى زكريا -عليه السَّلامُ- أصابَه العَجَبُ.. (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) [مريم: 8- 9]، فأخبرني، لو رأيتَ رجلاً بلغَ من العُمرِ عتيا وامرأتُه عاقرٌ، وهو يدعو أن يَرزقَه اللهُ تعالى بولدٍ.. فما هو تعليقُك على هذا المشهدِ؟
ما هي الأسبابُ المُتوقعةُ لرجلٍ مَرِضَ ثمانيةَ عشرةَ سنةٍ حتى عافَه القريبُ والبعيدُ إلا امرأتَه، ولم يبقَ منه عضوٌ سليمٌ سوى قلبُه ولسانُه، يَذكرُ اللهَ -عزَّ وجلَّ- بهما، وكانَ له أموالٌ وأولادٌ كَثيرٌ، فسُلبَ منه ذلك جَميعُه؟.. فكيفَ تُواسي مثلَ هذا؟، وماذا عسى أن تقولَ لمثلِه؟
اسمعْ كيفَ كانَ حلُّ مُشكلتِه في نِداءٍ بسيطٍ.. (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ)، فقط.. لا، (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) [الأنبياء: 83- 84].. يا اللهَ.. كم هي سهلةٌ حلولُ مشاكلِنا.. لو علِمنا الطَّريقَ إلى دُعاءِ ربِّنا.
وأخبروني ما هي الأسبابُ المُمكنةُ لرجلٍ ابتلعَه حوتٌ عظيمٌ في وسطِ بحرٍ عميقٍ؛ فهو في ظُلمةِ بطنِ الحوتِ.. وظُلمةِ البحرِ.. وظُلمةِ الليلِ؟.. ظُلماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ.
أتعلمونَ كيفَ استطاعَ أن يتخلَّصَ مما هو فيه من الكربِ.. نادى.. (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ)، وهل هذه الاستجابةُ للنِّداءِ.. وهذه النَّجاةُ من البلاءِ.. خاصةٌ بيونسَ عليه السَّلامُ؟.. لا، بل قالَ سبحانَه وتعالى بعدَها: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87- 88].
هذا دُعاءُ المؤمنينَ الصَّادقينَ.. وهذا نداءُ عبادِ اللهِ الموقنينَ.. المؤمنينَ بما في كتابِ اللهِ المُبينَ.. (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].
فأيُّ بابٍ تطرق، إذا ضاقتْ بكَ الهمومُ؟.. وأيُّ بابٍ تقصد، إذا تكاثرتْ عليكَ الغمومُ؟!
وماليَ غيرُ بابِ اللهِ بابٌ *** ولا مولى سِواهُ ولا حبيبُ
كريمٌ، منعمٌ، برٌّ، لطيفٌ *** جميلُ السترِ للدَّاعي مُجيبُ
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني اللهُ وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ ما تسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمُد للهِ الكافي لمن تولاَّه، أحمدُه سبحانَه أمرَ أن لا نعبدَ ولا نخشى إلا إياه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه، خيرُ من توكَّلَ على مولاه، فأيَّدَه وحفظَه واصطفاه، اللهم صلِّ وسلمْ على عبدِك ورسولِك سيدِّنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه الذين لا يخشونَ إلا اللهُ..
أما بعد: عبادَ اللهِ.. أتعلمونَ أن دعوةً واحدةً من عبدٍ مؤمنٍ صادقٍ، قد تكونُ خيراً ورزقاً وعافيةً على النَّاسِ أجمعينَ.. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وسَلَّمَ- قَائِماً، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى يُغِثْنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وسَلَّمَ- يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.. قَالَ أَنَسٌ: فَلا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ.. قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ.. فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: فَلا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً –أيْ أُسبوعاً-.
وقد يقولُ قائلٌ: أينَ دعاءُنا ودعاءُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟.. فنقولُ: ألم يقُلِ اللهُ تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21]؟.. وقد قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ"..
فكم نحتاجُ في هذه الزَّمانِ من يدعو اللهَ –تعالى- لإصلاحِ أمرِ المسلمينَ، ولصلاحِ البلادِ والعبادِ، وأن يُجنبُنا اللهُ الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطنَ، فيا أيُّها الأحبَّةُ أكثروا من الدُّعاءِ، وعلِّقوا باللهِ الرَّجاءَ.. ولكن "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ".
اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ أمَّتنا، اللهم الطُف بنا وبأمَّتنا، اللهم الطُف بنا وبأمَّتنا، اللهم أنزِل علينا رحمةً من عندِك تُصلِحُ بها أحوالنا، اللهم فرِّج همَّنا، واكشِف غمَّنا، اللهم ارفع عنَّا وعن المسلمينَ الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطَنَ.
اللهم اغفر للمُؤمنينَ والمؤمناتِ، والمُسلمينَ والمُسلماتِ، الأحياءِ منهم والأمواتِ، اللهم وفِّق وِلاةَ أمرِنا لما تحبُّ وترضى، اللهم احفَظ جميعَ بلادِ المُسلمينَ من كل شرٍّ ومكروهٍ.
اللهم من أرادَ بلادَ المُسلمينَ بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، اللهم أشغِله في نفسه، اللهم أشغِله في نفسه، اللهمَّ عليكَ به، اللهم عليكَ به فإنه لا يُعجِزُك، اللهم عليكَ به فإنه لا يُعجِزُك، اللهم واجعَل تدبيرَه في تدميرِه يا حيُّ يا قيوم، يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
التعليقات