الخَالِقُ الخَلاقُ -جل جلاله-

د عبدالله بن مشبب القحطاني

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/الله خالق كل شيء 2/جميع المخلوقات تدل على الخالق سبحانه 3/فساد فطر المكذبين بالخالق سبحانه.

اقتباس

فَرَبُّنَا الْمُبْدِعُ لِلْخَلْقِ وَالْمُخْتَرِعُ لَهُ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ، وَمُقَدِّرُ الْأَشْيَاءِ عَلَى مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَمُقْتَضَى مَشِيئَتِهِ؛ كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ خَلْقُهُ، وَهُوَ نَاطِقٌ مُعْتَرِفٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ حَوْلَكَ -وَمَا لَا تَرَاهُ- فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

تِلْكَ الطَّبِيعَةُ قِفْ بِنَا يَا سَارِي *** حَتَّى أُرِيكَ بَدِيعَ صُنْعِ الْبَارِي

الْأَرْضُ حَوْلَكَ وَالسَّمَاءُ اهْتَزَّتَا *** لِرَوَائِعِ الْآيَاتِ وَالْآثَارِ

سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْوُجُودَ مُصَوِّرًا *** تِلْكَ الدُّمَى وَمُقَدِّرِ الْأَقْدَارِ

 

مَنِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ مَنِ الَّذِي خَلَقَ الْحَبَّ وَالنَّوَى؟ مَنِ الَّذِي فَلَقَ الْإِصْبَاحَ، وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا؟ مَنِ الَّذِي بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ؟ مَنِ الَّذِي أَنْشَأَ الْخَلِيقَةَ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ؟ مَنِ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى؟ إِنَّهُ اللَّهُ خَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ؛ (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[لُقْمَانَ: 11].

 

سُبْحَانَ مَنْ بَهَرَتْ عَظَمَتُهُ عُقُولَ الْعَارِفِينِ! سُبْحَانَ مَنْ ظَهَرَتْ بَدَائِعُهُ لِنَوَاظِرِ الْمُتَأَمِّلِينَ! سُبْحَانَ مَنْ بَهَرَتْ أَنْوَارُهُ بَصَائِرَ السَّالِكِينَ! (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[الْمُؤْمِنُونَ: 14]، وَاللَّهُ الْخَالِقُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْخَالِقُ وَالْخَلَّاقُ -عَزَّ جَاهُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ-.

 

فَرَبُّنَا الْمُبْدِعُ لِلْخَلْقِ وَالْمُخْتَرِعُ لَهُ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ، وَمُقَدِّرُ الْأَشْيَاءِ عَلَى مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَمُقْتَضَى مَشِيئَتِهِ؛ كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ خَلْقُهُ، وَهُوَ نَاطِقٌ مُعْتَرِفٌ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ حَوْلَكَ -وَمَا لَا تَرَاهُ-؛ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ؛ فَهُوَ الَّذِي خَلَقَ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ وَبَرَأَهَا وَسَوَّاهَا بِحِكْمَتِهِ، وَصَوَّرَهَا بِحِكْمَتِهِ، وَهُوَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ الْعَظِيمِ.

 

جَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا، وَالْقَمَرَ نُورًا، وَالنُّجُومَ هِدَايَةً، وَاللَّيْلَ لِبَاسًا، وَالنَّهَارَ مَعَاشًا، وَالسَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا، وَالْأَرْضَ قَرَارًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا، وَالْمَالَ حَيَاةً، وَأَنْشَأَ الْخَلِيقَةَ أَفْرَادًا وَأَفْوَاجًا؛ (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[الْمُؤْمِنُونَ: 14].

 

أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، وَأَخْرَجَ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا، وَجَعَلَ حَبًّا مُتَرَاكِبًا، وَأَنْشَأَ زَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِقَ غُلْبًا، وَفَاكِهَةً وَأَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا؛ (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)[السَّجْدَةِ: 7].

 

كَسَا الْعِظَامَ لَحْمًا، وَاللَّحْمَ جُلُودًا، وَأَلْبَسَ الْبَهَائِمَ صُوفًا وَوَبَرًا، وَنَفَخَ الرُّوحَ فِي الْجَنِيِنِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَرَزَقَهُ وَحَفِظَهُ وَعَلَّمَهُ، وَخَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، وَجَعَلَ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَاهُ النَّجْدَيْنِ؛ (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)[الِانْفِطَارِ: 7-8]، (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الْقَصَصِ: 68].

 

وَكَذِلِكَ يَشْهَدُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ *** الْخَلَّاقُ بَاعِثُ هَذِهِ الْأَبْدَانِ

 

رَبُّنَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْرِفُوهُ وَيَعْبُدُوهُ؛ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذَّارِيَاتِ: 56]؛ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ تُخْلَقْ لَهْوًا أَوْ عَبَثًا أَوْ لَعِبًا -تَنَزَّهَ اللَّهُ وَتَقَدَّسَ عَنْ ذَلِكَ!-، قَالَ تَعَالَى: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 17-18]؛ فَالْمَوْجُودَاتُ بِأَسْرِهَا شَوَاهِدُ صِفَاتِ الرَّبِّ وَنُعُوتِهِ -سُبْحَانَهُ-؛ فَهِيَ كُلُّهَا تُشِيرُ إِلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَحَقَائِقِهَا، وَتُنَادِيهَا، وَتَدُلُّ عَلَيْهَا.

 

تَأَمَّلْ سُطُورَ الْكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا *** مِنَ الْمَلِكِ الْأَعْلَى إِلَيْكَ رَسَائِلُ

تُشِيرُ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ لِرَبِّهَا *** فَصَامِتُهَا يَهْدِي وَمَنْ هُوَ قَائِلُ

وَقَدْ خُطَّ فِيهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا *** أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ: إِنَّكَ تَعْجَبُ مِنْ بَعْضِ ذَوِي الْفِطَرِ الْمَنْكُوسَةِ، وَالْأَنْفُسِ الْمَرِيضَةِ! يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ مَغْرُوسٌ فِي ضَمَائِرِهِمْ؛ (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)[النَّمْلِ: 14]، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[لُقْمَانَ: 25]، (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)[الْمُؤْمِنُونَ: 84-89].

 

وَهُنَا يَعْجَبُ الْعَاقِلُ أَشَدَّ الْعَجَبِ مِنْ عُقُولِ الْمُشْرِكِينَ؛ كَيْفَ عَدَلُوا مَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ بِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ؟! (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)[الْأَنْعَامِ: 1].

 

قِيلَ لِأَحَدِ الْحُكَمَاءِ: بِمَ عَرَفْتَ اللَّهَ؟ قَالَ: بِخُطُوطِ أَقْلَامِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَوْرَاقِ الْكَائِنَاتِ؛ (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)[السَّجْدَةِ: 7]، (مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الدُّخَانِ: 39].

 

وَأَوْجَزُ رَدٍّ وَأَعْظَمُهُ: رَدُّ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ؛ عِنْدَمَا قَالَ: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طه: 50]، رَدَّ بِهَذَا مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ لَـمَّا سَأَلَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ مَا تَعْرِيفُهُ؟ مَا تَرْجَمَتُهُ؟ مَا آثَارُهُ؟ مَا الدَّلَائِلُ الْقَائِمَةُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ؟ مَا الْبَرَاهِينُ السَّاطِعَةُ عَلَى أُلُوهِيَّتِهِ؟

 

وَفِي كُلِّ شَيْءٍ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ

 

(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[فُصِّلَتْ: 53].

 

تَأَمَّلْ فِي نَبَاتِ الْأَرْضِ وَانْظُرْ *** إِلَى آثَارِ مَا خَلَقَ الْمَلِيكُ

عُيُونٌ مِنْ لُجَيْنٍ شَاخِصَاتٌ *** بِأَحْدَاقٍ هِيَ الذَّهَبُ السَّبِيكُ

عَلَى كَثَبِ الزَّبَرْجَدِ شَاهِدَاتٌ *** بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكُ

 

(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[الْمُؤْمِنُونَ: 14].

 

هُنَا يَعْلَمُ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ عَزِيزٌ بِالْخَالِقِ؛ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي خَلَقَهُ لَنْ يُهْمِلَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ حَافِظُهُ، وَأَنَّهُ عَلَى خَيْرٍ فِي ضَرَّائِهِ وَسَرَّائِهِ، وَفِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ، وَفِي شِدَّتِهِ وَرَخَائِهِ؛ (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[يُونُسَ: 62].

 

اللَّهُمَّ! إِنَّا نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْخَالِقِ: أَنْ تَجْعَلَنَا مِنْ أَوْلِيَائِكَ.

 

اللَّهُمَّ! إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات
Usd5r77CRcD99hF0efYbOUcvG2oIG3uVTvaoNZ4D.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life