عناصر الخطبة
1/ كيفية بدء التأريخ الهجري 2/ارتباط التأريخ الهجري بكثير من العبادات 3/ تأملات في مرور عام من العمر 4/الحث على محاسبة النفس.اهداف الخطبة
اقتباس
مضى عام كامل من حياتنا ثلاثمائة وستون يوم أبعدتنا عن الدنيا وقربتنا إلى الآخرة فهل ازدادت هذه الأيام زادا لنا ننتفع به يوم القيامة ويكون حجة لنا عند الله -سبحانه وتعالى-؟ أم أنها أيام ضاعت وأعمار ذهبت وحجة علينا عند الله -سبحانه وتعالى-؟ فرص كثيرة مرت في تلك الأيام ثلاثمائة وستون يوم كل يوم 24 ساعة كل ساعة60دقيقة كل دقيقة 60ثانية وكل ثانية فرصة إما أن يستغلها الإنسان أو يضيعها. في كل ثانية تستطيع أن تقول: أستغفر الله، سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر..
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد أيها المسلمون عباد الله: كان العرب قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسمون العام إلى اثني عشر شهرًا قمريًّا، وهي هذه الأشهر التي نعرف أسماءها الآن شهر محرم سمي بذلك لتأكيد حرمته وتعظيمه، ثم شهر صفر التي كانت تصفر فيه البيوت والمنازل أن تخلو من ساكنيها؛ لأنهم كانوا يخرجون للقتال والسفر في هذا الشهر بعد أن كانوا قد توقفوا عن القتال في شهر محرم.
ثم شهر ربيع الأول وربيع الآخر، وسمي بهذا قيل لأنهما وافق وقت الربيع عند تسميتهما، ثم شهر جمادى الأولى وجمادى الآخرة، وسمي بهذا قيل كذلك لأنهما وافقا وقت الشتاء عند تسميتهما، ومعلوم أن الأشهر القمرية تتنقل بين الفصول.
ثم شهر رجب من الترجيب أي التعظيم؛ لأنهم كانوا يعظمون هذا الشهر أكثر من غيره ويمتنعون من القتال فيه.
ثم يليه شعبان الذي يتشعبون فيه أي يتفرقون فيه في البلاد بعد انقطاعهم في شهر رجب.
ورمضان من الرمضاء وهي شدة الحر، وشوال من الشولة وهو نجم في السماء، ثم شهر ذي القعدة كانوا يقعدون فيه عن القتال، ثم شهر ذي الحجة.
هذه الأشهر كانت بأسمائها موجودة عند العرب قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا يعرفون هذه الأشهر ويحسبون دخولها وخروجها بحركة القمر، وهذه من بقايا دين إبراهيم -عليه السلام- التي بقيت عند العرب.
بل إنهم كانوا يعظمون الأشهر الحرم شهر ذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر رجب، كانوا يعظمونها ويحرمون القتال فيها، وإذا أردوا القتال فيها تحايلوا وتلاعبوا وهو النسيء الذي ذكره سبحانه وتعالى في القرآن.
ومع معرفة العرب بهذه الأشهر بدخولها وخروجها إلا أنهم كانوا لا يحسبون الأعوام، بل كانوا يسمون الأعوام بأبرز الأحداث التي تحصل فيها كعام الفيل؛ سمي بذلك لأنه العام الذي أراد أبرهة أن يهدم فيه الكعبة.
واستمر الحال عندهم على هذا إلى زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه-.
يذكر ابن كثير -رحمه الله- في كتابه البداية والنهاية "أنه رفع إلى عمر -رضي الله عنه- وكان خليفة رفع إليه صك فيه دَيْن لرجل على رجل آجله في شعبان، فقال عمر -رضي الله عنه- أي: شعبان أمن العام الماضي أم من هذا العام أم من العام المقبل، ثم جمع الناس وقال لهم ضعوا للناس شيئًا يعرفون به حلول ديونهم".
ويذكر أن أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أرسل لعمر وقال له: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تأريخ، فجمع عمر الناس وقال لهم: ضعوا شيئًا تعرف به هذه الكتب، فتشاور الناس بينهم فقال بعضهم نفعل كما يفعل الفرس يؤرخون بملوكهم، فإذا هلك ملك منهم أرخوا بولاية الملك الذي يليه، لكنهم كرهوا ذلك لما فيه من مشابهة غير المسلمون، وقال غيرهم: نؤرخ كما يؤرخ الروم النصارى ولكنهم أيضًا كرهوا ذلك.
ثم اتفقوا على أن يؤرخوا بشيء يرتبط بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال بعضهم: نؤرخ ببعثه، وقال بعضهم: نؤرخ بمولده، وقال بعضهم نؤرخ بوفاته، ثم اتفقوا على أن يكون التأريخ بهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يقول ابن الجوزي -رحمه الله-: "لم يؤرخوا بمولده ولا بعثته؛ لأن فيها خلافًا ولم يؤرخوا بوفاته لما في تذكر ذلك من الألم، وإنما أرخوا بالحدث الأعظم المتفق على وقته وهو هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-".
ويذكر بعض العلماء أن في القرآن إشارة إلى هذا في قوله سبحانه وتعالى (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ) [التوبة: 108]، فقوله: (من أول يوم) إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون التأريخ من هذا اليوم فاتفق المسلمون على هذا وهكذا بدأ التقويم الهجري الذي مضى عليه إلى يومنا هذا 1435 عام.
هذا التقويم أيها الأحباب بالنسبة لنا معاشر المسلمين ليس مجرد عملية تأريخية محضة، إن هذا التقويم عقيدة وهوية لهذه الأمة فكل أمة لها تقويمها الخاص بها فالنصارى لهم تقويمهم واليهود لهم تقويمهم والمجوس لهم تقويمهم والبوذيون لهم تقويمهم وهكذا..
لكل أمة تقويم يختص بها وكان يقوم على هذه التقاويم رجال الدين في هذه الأمم لأهمية هذه القضية.
وأما المسلمون فاختاروا ما اختاره الله -عز وجل- لهم يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة التوبة: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ..) [التوبة:36].
تقويم رباني اختاره الله -سبحانه وتعالى- وقدره وكتبه وجعله دينا فهو دين وعقيدة بالنسبة للمسلمين، واختار المسلمون لهذا التقويم حدثًا عظيمًا وهو هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي قلبت موازين العالم وغيرت مجرى تاريخ البشرية.
فاختيار هذه الطريقة أيها الأحباب في حساب الأشهر هذا بالنسبة للمسلمين هوية ورمز وعقيدة وإضافة إلى ذلك ارتبطت به عباداتهم ومعاملاتهم.
كثيرا من العبادات والفرائض وأركان الإسلام مرتبطة بهذا الحساب القمري، صيام شهر رمضان مرتبط بهذا الحساب القمري، قال الله تبارك وتعالى (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة: 185]، ويقول -صلى الله عليه وسلم- "صوموا لرؤيته" أي الهلال "وأفطروا لرؤيته".
فريضة الحج مرتبطة بهذا الحساب القمري قال الله تبارك وتعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة: 189]، ويقول -سبحانه وتعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) [البقرة: 197].
فريضة الزكاة مرتبطة أيضًا بهذا الحساب القمري، فمرور الحول على المال يعتبر فيه الأشهر القمرية وليس الأشهر الشمسية، كما يخطئ بعض الناس فيحسبون زكاتهم بحساب الأشهر الشمسية، وهذا يؤدي إلى خلل لأنه يؤدي في كل عام إلى نقص الزكاة أحد عشر يومًا وهو الفارق بين السنة الشمسية والسنة القمرية، وفي خلال ثلاثة وثلاثين عام سيكون قد نقص من الزكاة زكاة سنة كاملة.
فهذه ثلاثة أركان من أركان الإسلام مرتبطة بالأشهر القمرية، كذلك أيضًا أيها الأحباب كثيرا من الأحكام المهمة كعدة النساء، المرأة إذا توفي زوجها تعتد أربعة أشهر وعشر (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: 234]، أربعة أشهر قمرية وليست أربعة أشهر شمسية.
المرأة إذا طلقت ولم تكن من ذوات الحيض فإن عدتها تكون ثلاثة أشهر قمرية، يقول الله -سبحانه وتعالى- (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق: 4].
وكذلك الكفارات الشرعية ككفارة الظهار وكفارة القتل وكفارة الجماع في نهار رمضان شهران قمريان متتابعان.
هناك كذلك كثير من التطوعات والنوافل والعبادات مرتبطة بالأشهر القمرية كصيام الست من شوال، وصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء، وصيام ثلاثة الأيام البيض وبعض مواسم الخير كعشر ذي الحجة، كلها مرتبطة بهذه الأشهر.
بل أعظم المناسبات الإسلامية وهي عيد الفطر والأضحى وما يتعلق بهما من أحكام وأعمال كصلاة العيد، وسنة الأضحية وتحريم الصيام في يومي العيد، هذه كلها مرتبطة بالأشهر القمرية.
أهم الأحداث في تاريخ الأمة إنما أرخت بهذا التأريخ فهجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ويوم بدر وأحد والخندق وفتح مكة والخلافة الراشدة وما فيها من أحداث وما جرى بعد ذلك في تاريخ الأمة معظم هذه الأحداث إنما أرخت بالتاريخ الهجري.
إذاً أيها الأحباب التاريخ الهجري بالنسبة لنا معاشر المسلمين هو عقيدة وعبادة ودين وتاريخ وهوية.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا.
وبعد أيها الأحباب الكرام.. ونحن في انتهاء عام هجري واستقبال عام جديد نحتاج أيها الأحباب أن نقف وقفة تأمل وتدبر ونظر، ينظر كل واحد منا في حاله ويحاسب كل واحد نفسه على أعماله وينظر في زمنه الذي مضى وعمره الذي انقضى.
مضى عام كامل من حياتنا ثلاثمائة وستون يوم أبعدتنا عن الدنيا وقربتنا إلى الآخرة فهل ازدادت هذه الأيام زادا لنا ننتفع به يوم القيامة ويكون حجة لنا عند الله -سبحانه وتعالى-؟ أم أنها أيام ضاعت وأعمار ذهبت وحجة علينا عند الله -سبحانه وتعالى-؟
فرص كثيرة مرت في تلك الأيام ثلاثمائة وستون يوم كل يوم 24 ساعة كل ساعة60دقيقة كل دقيقة 60ثانية وكل ثانية فرصة إما أن يستغلها الإنسان أو يضيعها.
في كل ثانية تستطيع أن تقول: أستغفر الله، سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر..
في كل ثانية فرصة قد تكون بها سعادتك الأبدية وربما تحصل بها شقاوتك السرمدية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يروي لنا ذلك بلال بن الحارث المزني -رضي الله عنه- وأرضاه يقول: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله" كلمة واحدة ربما لا تأخذ ثانية بل ربما لا تحتاج إلا إلى جزء من الثانية "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلع ما بلغت يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه عليه إلى يوم يلقاه".
فانظر ثانية واحدة كلمة واحدة تكون بها السعادة الأبدية أو تكون بها الشقاوة السرمدية.
فكم من الفرص مرت علينا وكم من الثواني ذهب في العام الذي ذهب وانقضت مع العام الذي انقضى فهل حاسبنا أنفسنا؟، هل نظرنا في أعمارنا؟ إن عجلة الزمان تسير بنا ولن تتوقف إلا في محطة القبر هي المحطة الأخيرة لنا في هذه الدنيا ودون ذلك لن تتوقف ساعات الليل والنهار، وإن لنا في انصرام الأعوام وتقضي السنين وتقلب الليل والنهار إن لنا في ذلك عبرة عظيمة، قال الله تبارك وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) [الفرقان:62].
كم في عامنا الذي مضى كم من حبيب ودعناه وكم من قريب افتقدناه وكم من ميت شيعناه ولعلنا في عامنا المقبل نكون نحن المشيعين ونكون نحن المودعين (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) والعاقل من اعتبر بغيره واتعظ بمصارع الناس.
الأمر الثاني أيها الأحباب ونحن نستقبل عاما جديدا ينبغي ويجب علينا أن نتفاءل وأن نستبشر وأن نأمل الخير من الله تبارك وتعالى فالرجاء في رحمة الله وفضله وكرمه دأب المؤمنين ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
صحيح أن الآلام كبيرة والمواجع عظيمة وما نزل بالمسلمين من البلاء أمر جلل إلا أن حادي الأمل لا يزال يحدو بالمؤمن والرجاء في رحمة الله -سبحانه وتعالى- أعظم في قلب المؤمن من كل بلاء ورحم الله الطغرائي في القرن السادس الهجري وهو يقول ويتحدث عما جناه عليه طول عمره فيقول رحمه الله:
ما كنتُ أُوثِرُ أنْ يمتدَّ بي زمني *** حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
تقدمني أناسٌ كان شوطُهمُ *** وراءَ خطوي لو أمشي على مهلِ
هذاء جزاء امرئ أقرانهُ درجوا *** من قبلهِ فتمنى فسحةَ الأجَلِ
فإن علاني من دوني فلا عَجبٌ *** لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحلِ
فاصبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ *** في حادث الدهر ما يُغني عن الحِيلِ
ثم يقول رحمه الله:
أعللُ النفس بالآمال أرقبها *** ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
صدق رحمه الله : ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل.
قد لا يكون بأيدينا الكثير لنفعله ولكن بأيدينا الأهم والأعظم، وهو أن نصلح ما بيننا وبين الله -سبحانه وتعالى- وأن نغير ما بأنفسنا فإن ربنا -سبحانه وتعالى- قال وقوله الحق والصدق (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].
فإن عجزنا عن تغيير أنفسنا فنحن عن تغيير ما حولنا أعجز وإن عجزنا عن تغيير أنفسنا فنحن عن تغيير دولنا وأحوالنا أشد عجزا.
فلنجدد عهدنا مع الله -سبحانه وتعالى- فإن مخلوق غير مكلف يجدد عهده مع الله -سبحانه وتعالى- كل يوم، هذه الشمس كل يوم حين تغرب تسجد تحت العرش لله -سبحانه وتعالى- وتستأذنه في دورة جديدة.
ونحن نستقبل دورة جديدة من أعمارنا عام كامل نستقبله فلنستقبله بعهد جديد مع الله وميثاق عظيم مع الله -سبحانه وتعالى- ولنقبل على الله مع إقبالنا عامنا هذا، فإن الله -سبحانه وتعالى- ودود كريم، وإن الله -عز وجل- جواد رحيم، أبوابه مفتوحة للناس أجمعين لا يرد مقبلا ولا يرفض سائلا إنه -سبحانه وتعالى- جواد كريم رب رحيم سبحانه -عز وجل- في ملكوته.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح أحوالنا كلها.
التعليقات