التحذير من إتيان أسباب هلاك الأمم

إسماعيل الحاج أمين نواهضة

2022-11-28 - 1444/05/04
عناصر الخطبة
1/سنة الله في المترفين والفُجَّار المفسدين 2/توضيح بشأن أن الهلاك يكون عامًّا 3/بعض أسباب هلاك الأمم 4/رحمة الله بأمة الإسلام 5/مدينة القدس ومكانتها العظيمة

اقتباس

من رحمة الله -تعالى- بهذه الأمة أن جعَل لها رادعًا وزاجرًا من نفسها وذاتها، جعَل فيها فئةً باقيةً على الحق، تُقوِّم المعوَجَّ، وتَهدي الضالَّ، وتُحارب الظلمَ والطغيانَ، والفسقَ والفجورَ، وتأمُر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمِن بالله، وسوف تظلّ هذه الفئةُ وهذه الجماعةُ مرابطةً في بيت المقدس وأكنافه...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي يملي للظالمين المتجبرين المستهزئين، مِصداقًا لقوله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 44-45]، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا رسول الله، شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل دينه هو الأظهر، وشانئه هو الأبتر، فصلوات الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، يا صاحب المقام المحمود، ويا حامل لواء الحمد يوم القيامة، وعلى آلك وأصحابك الغر الميامين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ، أيها المؤمنون: يقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)[الْإِسْرَاءِ: 16]، صدق الله العظيم.

 

يا مؤمنون: هذه الآية الكريمة تبين بصورة قاطعة أن الله -سبحانه وتعالى- إذا أراد أن يهلك أهل قرية وأن ينزل عذابه عليهم أمر مترفيها وفُجَّارها بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي والآثام، ففسقوا فيها، وعاثوا فيها فسادًا وخرابًا، فإذا انتشر شرُّهم وفجورُهم وسكَت الناسُ عنهم، ورضوا عنهم، حلَّ بالجميع عذابُ الله وسخطُه؛ لأن سُنَّةَ اللهِ -تعالى- قَضَتْ أن الأمم والشعوب التي تنهمك في شهوات الدنيا وملذاتها فلا بدَّ أن يَنزِل فيها العقابُ عاجلًا أو آجِلًا، بجميع أنواعه وأشكاله، وعندما يَصِل فسادُهم وفسادُ قادتهم إلى الحد الأسوأ، يُسلِّط اللهُ عليهم الدمارَ الشاملَ، والزلازلَ والبراكينَ المهلكة، والأمراض الفتاكة، والأوبئة القاتلة.

 

يا مؤمنون: هناك دول كثيرة بسبب ما هم فيه من الترف والانحلال الخُلُقِيّ، وبسبب ما استشعروا في أنفسهم التميُّز على بقية شعوب الأرض فاستعَبُدوا الناسَ، واستعمروهم، وتسلطوا عليهم، وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، فحاق بهم عذاب الله -تعالى-، وهذا هو شأن الظالمين، على مدى التاريخ.

 

يا مؤمنون: لقد جرت سنةُ اللهِ في عباده أن يُعامِلَهم بحسب أعمالهم، فإذا اتقى الناسُ ربَّهم، وساروا على نهجه، وتمسَّكوا بدِينه أنزَل اللهُ عليهم البركاتِ من السماء، وأخرَج لهم الخيراتِ من الأرض، قال الحق -جل وعلا-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الْأَعْرَافِ: 96]، صدق الله العظيم، وهكذا فإن الجزاء من جنس العمل، قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزَّلْزَلَةِ: 7-8].

 

أيها المؤمنون: ذكر المفسرون بأن الله -سبحانه- أسنَد الفسقَ في هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها لخصوص المترفين دون غيرهم، في قوله: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا)[الْإِسْرَاءِ: 16]، مع أنَّه -سبحانه وتعالى- ذكر أن الدمار والهلاك سيعمان الجميع في قوله: (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)[الْإِسْرَاءِ: 16]، يعني القرية، ولم يستثن منها أحدًا.

 

والجواب من وجهين: الأول: أن غير المترفين تبعٌ للسادة والكبراء والمفسدين في الأرض، قال تعالى: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)[الْأَحْزَابِ: 67]، والوجه الثاني: أن بعضهم إن عصى الله وبغى وطغى ولم ينههم الآخرون فإن الهلاك يعم الجميع، قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الْأَنْفَالِ: 25]، وفي الصحيحين؛ البخاري ومسلم، عن زينب بنت جحش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخَل عليها يومًا فَزِعًا يقول: "لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتح اليومَ من ردم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه؛ وحلَّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها، قالت زينب ابنة جحش: فقلتُ: يا رسول الله، أَنَهْلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: نَعَمْ، إذا كَثُرَ الخبثُ".

 

وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، عن أم سلمة قالت: "سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا ظهرتِ المعاصي في أُمَّة عمَّهَم اللهُ -تعالى- بعذاب من عنده، فقلتُ: يا رسول الله، أمَا فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى، قالت: فكيف يصنع بأولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان".

 

أيها المسلمون: ومن أسباب هلاك الأمم الكفر بنعم الله -عز وجل-، وعدم القيام بواجب شكرها، قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[النَّحْلِ: 112].

 

ومن أسباب هلاك الأمم أيضًا: ظهور النقص والتطفيف في الكيل والميزان، ومنع حق الله وحق عباده، ونقض العهود والمواثيق، والإعراض عن أحكام الله -تعالى- وشرعه ودِينه، فعن عبد الله بن عمر قال: "أقبَل علينا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا معشر المهاجرين: ‌خَمْسٌ ‌إِذَا ‌ابْتُلِيتُمْ ‌بِهِنَّ، ‌وَأَعُوذُ ‌بِاللَّهِ ‌أَنْ ‌تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بها، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ"(رواه ابن ماجه).

 

يا مؤمنون: ومن أسباب هلاك الأمم كثرة التعامُل بالربا، وانتشار الزنا والعياذ بالله، فإن هذا ممَّا يُخرِّب البلادَ، ويُهلِك العبادَ، ويُوجِب سخطَ اللهِ -عز وجل-، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعَن اللهُ آكِلَ الربا، ومُوكِلَه، وشاهديه وكاتبه"، وقال: "ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلُّوا بأنفسهم عقابَ الله -عز وجل-"، أو كما قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، ويا فوز المستغفرين استغفِروا اللهَ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ، أيها المسلمون: فإن من أسباب هلاك الأمم تقصير الدعاة والعلماء في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا ‌مِنْ ‌قَوْمٍ ‌يُعْمَل ‌فِيهِمْ ‌بِالْمَعَاصِي، هُمْ أعَزّ وَأَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ، لَمْ يُغَيِّرُوهُ، إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ"، وفي سنن أبي داود، عن قيس قال: "قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد أن حمد الله وأثنى عليه: ‌يا ‌أيها ‌الناس، ‌إنكم ‌تقرؤون ‌هذه ‌الآية، ‌وتضعونها على غير موضعها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)[المائدة: 105]، وإنا سمعنا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنَّ الناسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على يديه أَوْشَكَ أن يعمَّهم اللهُ بعقاب"، ومن الأسباب أيضًا: كثرة المنافقين، الذين يتولون زمام الأمور، وأمور المؤمنين، والمنافقون هم الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، ويبطنون محاربة أولياء الرحمن، ثم مع هذا يتولون شؤون المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غير أهله فانتظِرِ الساعةَ"(رواه البخاري).

 

ومن الأسباب أيضًا: موالاة الكافرين، فإذا رأيتُم أهل هذه القرية أو هذا البلد يوالون الكفار ويحاربون أولياء الله، ويفتخرون بنصرتهم وبإعانتهم فاعلموا أن عقاب الله سينزل بهم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)[الْأَنْفَالِ: 73]، فموالاةُ الكافرينَ فسادٌ يعمّ الأرضَ والمجتمعَ، وهي فتنةٌ تُدمِّر الشعوبَ، وتُمزِّق الصفوفَ؛ لسببٍ واحدٍ؛ وهو أنهم وَالَوْا أعداءَ اللهِ، وتركوا عبادَه، وكما نرى ونسمع أن النفقات والصدقات والإعانات والتبرعات كلها تذهب لمن؟ تذهب لأعداء الرحمن، أما المسلمون في كثير من البلدان فإنهم يموتون من الجوع، ويهلكون من العري، ويطلبون شيئًا قليلًا فلا يصلهم، ويحاصرون، وتقطع الطُّرق والسبل عنهم إرضاء لأعداء الله.

 

يا مؤمنون: هذه هي بعض أسباب هلاك الأمم والقرى والبلاد والشعوب، ألا فاحذروا الوقوع فيها، فتهلكهم كما أهلكتهم، قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)[النُّورِ: 44].

 

أيها المؤمنون: ومن رحمة الله -تعالى- بهذه الأمة أن جعل لها رادعًا وزاجرًا من نفسها وذاتها، جعَل فيها فئةً باقيةً على الحق، تُقوِّم المعوَجَّ، وتَهدي الضالَّ، وتُحارب الظلمَ والطغيانَ، والفسقَ والفجورَ، وتأمُر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمِن بالله، وسوف تظلّ هذه الفئةُ وهذه الجماعةُ مرابطةً في بيت المقدس وأكنافه، وفي كل مكان مِنْ عالَمِنا العربيّ والإسلاميّ إلى يوم القيامة، لا يضرهم مَنْ خالَفَهم، ولا مَنْ خذَلَهم، صابرينَ على ما يُصيبهم من لأواءَ وشدائدَ ومضايقات، كما جاء في الحديث المشهور، وقد بيَّن اللهُ -تعالى- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيشهد أنَّه بلَّغ أُمَّتَه هذه الدعوةَ، وستشهد هذه الأمةُ أنَّها بلَّغَت دعوةَ رسولها الكريم إلى كل الأمم والشعوب، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)[الْبَقَرَةِ: 143]، جعلنا الله وإيَّاكم من هذه الفئة الداعية إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، آمين يا ربَّ العالمينَ.

 

وفي الختام أقول: إن مدينة القدس ستبقى خالدة بذكرى الإسراء والمعراج، وسيبقى عطر سيد البشريَّة فوَّاحًا من رُباها الطيبة، وآثار معراجه إلى السماوات العلا؛ حيث سدرة المنتهى باقية على صخرتها المشرَّفة، فمكانتها عظيمة في القلوب والأرواح، وستبقى مدينة القدس مفتاح الحرب والسلام، وعلى العقلاء من الناس أن يدركوا ذلك تمامًا، وستشرق شمسها من جديد، وستبدد ظلمة ليلها عمَّا قريب، بمشيئة الله -تعالى-، وما ذلك على الله بعزيز؛ (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[الرُّومِ: 4-5].

 

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرًا فوفقه يا ربَّ العالمينَ، ومن أراد بهم سوءًا فخذه أخذ عزيز مقتدر، إنهم لا يعجزونك يا عزيز يا جبار، اللهم يا منزل الشفاء، ورافع البلاء، ومجيب الدعاء، وناصر المظلومين، ارفع عَنَّا وعن أمتنا وشعوبنا البلاء والشدائد والحصار، وكيد الأعداء، ومكرهم، وانصرنا عليهم، واحفظ بلادنا ومقدساتنا، ومساجدنا، وأهلنا في كل مكان، من كل مكروه وسوء، واجعل مدينة القدس مدينة أمن وسلام، وآمن أهلها في بيوتهم، وارفع عنهم الحصار والاعتداءات المتكررة، واجعلهم من المرابطين الصامدين الصابرين، وأنزل عليهم وعلى الأمة جمعاء الطمأنينة والسكينة، واحفظ المسجد الأقصى من كل سوء، وأبعد عنه كيد المعتدين، ودنس المدنسين، واجعل أفئدة من الناس تهوي إليه؛ ليبقى عامرًا بالركع السجود، واجعل هذا البلد آمِنًا مطمئنًّا، سخاء رخاء، دار عدل وإحسان، وسائرَ بلاد المسلمين.

 

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، وعلماءنا العاملين الصادقين، وأسكنهم فسيح جناتك، واحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، واشف ومرضانا ومصابينا، وفُكَّ قَيدَ أَسرَانا ومعتقلينا، وأعدهم إلى ذويهم سالمين غانمين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، واسألوه يعطكم، واشكروه يزدكم؛ وأَقِمِ الصلاةَ.

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life