عناصر الخطبة
1/ أهمية الحرص على الطيب من القول والعمل 2/ صنفان لا يستويان 3/ كيف تتحقق الحياة الطيبة 4/ الحياة الطيبة من ثمار العبودية 5/ من أسباب الشقاء والضنك في هذه الحياة 6/ الطيبون هم بلسم الحياة 7/ الجزاء من جنس العملاهداف الخطبة
اقتباس
نعم إنها حياة ضنكة، صنعناها بضعفنا وتقصيرنا وجهلنا وتخلفنا.. حياة ضنكة يقتل فيها المسلم أخاه المسلم، ويعتدي على ماله وينتهك عرضه لأسباب تافهة.. حياة ضنكة فيها الصراع والتنافس على الدنيا وشهوتها وملذاتها.. نبيع ديننا ودنيانا وآخرتنا لنرضي غيرنا، ونتقرب إلى أعدائنا الذين يمكرون بنا ليلاً ونهاراً .. فهل من عودة إلى تحكيم الدين والعقل في جميع قضايانا؟! هل من عودة إلى الإيمان والتقوى ومراقبة الله والاستعداد للآخرة؟! هل من عودة إلى الأخوة والحب والتراحم والتسامح؟! إنه متى وُجدت الإرادة والعزيمة والصدق وتنازلنا عن حظوظ أنفسنا، فإن أحوالنا سوف تتبدل وتتغير إلى كل خير.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الواحد القهار. العزيز الغفار. مقدر الأقدار. مصرف الأمور مكور الليل على النهار تبصرة لأولى القلوب والأبصار. الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار، ووفق من اختار من عبيده فجعله من الأبرار. وبصَّر مَن أحبَّه للحقائق فزهدوا في هذه الدار. فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار واجتناب ما يسخطه والحذر من عذاب النار..
وأشهد أن لا إله إلا الله إقرارًا بوحدانيته، واعترافًا بما يجب على الخلق كافة من الإذعان لربوبيته..
يا رب إن ذنوبي في الورى كثرت ***وليس لي عمل في الحشر ينجيني
وقـد أتيتك بالتوحـيد يصحبه***حب النبي وذاك القدر يكفيني
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه
ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: عباد الله: إن الله -سبحانه وتعالى- طيب لا يقبل إلا طيباً، سواء كان ذلك في الاعتقاد أو العمل أو القول، والحياة لا تُبنَى ولا تزدهر ولا تستمر إلا بذلك والمعروف والتآلف والتراحم والود وصفاء النفوس لا يدوم بين الناس إلا بالطيب من القول والعمل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[المؤمنون: 51]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر: أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!"(مسلم: 1015).
والطّيّب ضدّ الخبيث ويختلف باختلاف ما يوصف به، فإذا وصف به المولى -عزّ وجلّ- أريد أنّه منزّه عن النّقائص مقدّس عن الآفات والعيوب، وإذا وصف به العبد أريد به أنّه السليم من رذائل الأخلاق وقبائح الأعمال والمتحلّي بأضداد ذلك، وإذا وصفت به الأموال أريد به الحلال الذي لا حرام فيه ولا شبهة، وهو إذا وصفت به الأقوال أريد به تلاوة القرآن والأذكار والدعاء ومناجاة العزيز الغفار، وما كان فيه حق أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح بين الناس وتعليمهم وإدخال السرور عليهم ..
وما أرسل الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلا ليشرع ويحلل كل طيب ويحرم كل خبيث، قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف 157].
وقد أمرنا الله -عزّ وجلّ- أن نكون طيبين في أعمالنا وأقوالنا وأموالنا وحياتنا فلا يُقبل قولٌ ولا يُرفع عملٌ إلا ما كان طيباً، قال تعالى: (من كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) [فاطر: 10].
ولا يمكن أن يستوي الخبيث والطيب قال تعالى: (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة:100] .. نعم لا يمكن أن يستوي من كان عمله خالصاً لوجه الله ومن كان عمله رياءً ونفاقاً، ولا يمكن أن يستوي من كانت جهودهم في منافع البلاد والعباد وجمع الكلمة ورأب الصدع وحل المشاكل وتفريج الكربات وإصلاح ذات البين، وبين من أهلك نفسه وماله ومنصبه ومركزه الاجتماعي في إثارة العداوات وتأجيج الخلافات..
لا يمكن أن يستوي من كان قوله وكلامه فيما يحب الله ويرضى، وفي ما يكون سبباً في نشر فضيلة أو تعليم جاهل، أو حل مشكلة، أو قول كلمة حق، وبين من يكون كلامه كذبًا وغشًّا ونفاقًا وشهادة زور وطمسًا للحقائق، وتبريرًا للتقصير في الواجبات والتهرب من المسئوليات .. قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[إبراهيم:24-25].. وإنها لنعمة عظيمة أن يوفّق المرء إلى القول الطيب والعمل الطيب والوجهة الطيبة، قال تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) [الحج:24].
أيها المؤمنون، عباد الله: إن الغاية من خلق الإنسان هي عبادة الله بما شرع، وإن من ثمار هذه العبودية الحياة الطيبة الآمنة والمستقرة والسعيدة، فيها الرضا، وراحة البال، وحياة القلب وانشراح الصدر .. وهذه الحياة تعتبر هدفًا يسعى للوصول إليه الأفراد والمجتمعات والدول، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97].
إنها حياة طيبة لا تتحقق إلا عن طريق الإيمان بالله والعمل الصالح، ولا يمكن أن يصل إليها إنسان أو مجتمع عن طريق المال والقوة والسلطان، والتمتع بالشهوات والمساكن والملذات وحسب قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم) [يونس: 62 ـ 64]..
الذي صمم الجسر الأول بين أوربا وآسيا في اسطنبول، وفي أثناء قص الشريط لافتتاح المشروع انتحر المهندس، وهو أحد خمسة مهندسين كبار في العالم، ألقى بنفسه من الجسر، ذهبوا إلى غرفته في الفندق، فوجدوا ورقة قد كتب فيها: "لقد ذقت كل شيء في الحياة فلم أجد لها طعماً، فأردت أن أذوق طعم الموت.."
فليس هناك أشقى من حياة إنسان أو مجتمع بدون إيمان وعمل صالح .. قال تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ)[الرعد: 28 ـ 29].
والحياة الطيبة التي تقوم على قوة الإيمان بالله وتعظيمه وتحكيم شرعه واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- وتكثر فيها الأعمال الصالحة تنتج إنسانًا طيبًا ومجتمعًا طيبًا وأرضًا طيبة وبلدًا طيبًا قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) [الأعراف 58]..
فالبلد الطيب كالأرض الطيبة التي تثمر وتنتج ويستفيد من خيرها الجميع .. والله -عزّ وجلّ- ما وصف بلاد سبأ من أرض اليمن بالبلدة الطيبة إلا بسبب إيمان بالله وقيم وأخلاق عظيمة كان يحملها أهلها قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)[سبأ: 15] ..
وعندما أعرضوا عن أمر الله وجحدوا نعمه انتهى كل شيء وأصبحت حياتهم وبلادهم الطيبة جحيماً لا يُطاق، وخرجوا منها إلى أرض الشتات والبعاد، وتفرقوا في الأرض، وأصبحوا مضرب الأمثال قال تعالى: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سبأ: 16-19].
عباد الله: هذه سنة الله في كل زمان ومكان لا يستثنى منها أحد، والعاقل من اتعظ بغيره واستفاد ممن كان قبله، خاصة ونحن اليوم على مفترق طرق متشعبة كثرت فيها المشاكل والصراعات والحروب، وسُفكت فيها الدماء وظهرت العصبيات الجاهلية، وضعف الدين في القلوب وفسدت الكثير من القيم والأخلاق في حياة الكثير من المسلمين، وخبثت نفوسهم، فحلت التعاسة والشقاء أرضهم وبلادهم وحياتهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأُهدرت ثرواتهم، وتفرقوا في الأرض هروباً من الصراعات والقتل والدمار والخراب الذي أحدثوه في بلادهم؛ بسبب الجهل وبُعدهم عن دينهم والتبعية لغيرهم، وأصبحوا حديث الأمم والدول والشعوب في الصحافة والإعلام والفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت، وصدق الله إذ يقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه/124].
نعم إنها حياة ضنكة، صنعناها بضعفنا وتقصيرنا وجهلنا وتخلفنا.. حياة ضنكة يقتل فيها المسلم أخاه المسلم، ويعتدي على ماله وينتهك عرضه لأسباب تافهة.. حياة ضنكة فيها الصراع والتنافس على الدنيا وشهوتها وملذاتها.. تارة باسم الدين، وتارة باسم التحرر والمدنية، وتارة باسم القومية والطائفية والمذهبية، وتارة نبيع ديننا ودنيانا وآخرتنا لنرضي غيرنا ونتقرب إلى أعدائنا الذين يمكرون بنا ليلاً ونهاراً..
نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ *** ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا
فهل من عودة إلى تحكيم الدين والعقل في جميع قضايانا؟! هل من عودة إلى الإيمان والتقوى ومراقبة الله والاستعداد للآخرة؟! هل من عودة إلى الأخوة والحب والتراحم والتسامح؟! إنه متى وُجدت الإرادة والعزيمة والصدق وتنازلنا عن حظوظ أنفسنا، فإن أحوالنا سوف تتبدل وتتغير إلى كل خير، وما ذلك على الله بعزيز، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرعد:11]..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. قلت قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه ..
الخطبة الثانية :
عباد الله: الطيبون هم بلسم الحياة على أيديهم تعمر الديار وتزدهر البلدان، وتحفظ الأوطان وتقوى الروابط وتتآلف القلوب، وهم في الدنيا عباد الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهم في الآخرة سكان جنته المقربون قال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)[الزمر/ 73]..
وهم أهون الناس سكرات عند موتهم ومفارقة أرواحهم أجسادهم، فالجزاء من جنس العمل قال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النحل: 33].
فكونوا – رعاكم الله - طيبين بإيمانكم وأعمالكم وأقوالكم وأموالكم ومواقفكم لتُذْكَرُوا عند ربكم، وتلهج ألسنة الناس بالثناء عليكم، وتطيب بكم مجتمعاتكم وأوطانكم، واحرصوا على الكسب الطيب الحلال، واسألوا الله الذرية الطيبة لتكون قرة عين لكم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38-39] ..
وثقوا بأن الله -سبحانه وتعالى- رحيم بعباده؛ يدبر الأمور وفق مشيئته وإرادته، فأحسنوا الظن به وتوكلوا عليه، وأكثروا من الدعاء والتضرع بين يديه ... وابدءوا عامكم الهجري الجديد بتوبة خالصة وعمل صالح واستقامة على الحق ..
اللهم أصلح أحوالنا وأهد قلوبنا، وألف ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور برحمتك يا عزيز يا غفور ..
اللهم اجعلنا ممن طابت نفوسهم وحسنت سريرتهم وصلحت علانيتهم .. اللهم جنبنا وجميع المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحقن دماء المسلمين في كل أرض ومكان، واجعلنا من الراشدين، هذا وصلوا وسلموا على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
التعليقات