اقتباس
عاش الشَّاطبي حياته كلها بمدينة غرناطة الأندلسية في جنوب بلاد الأندلس لم يغادرها قطّ، وكانت غرناطة عاصمةَ مملكة الجنوب، أو مملكة بني نصر المعروفين ببني الأحمر. وكان تأسيس هذه...
إن من أبرز أدوار العلماء الربانيين وأئمة الدين المهديين وأهمها على الإطلاق؛ التفاعل والتأثير في قضايا المجتمع ونوازل العصر. فليس العالم الرباني بذاك الشيخ الذي يحفظ المتون ويتقن الفنون ثم ينزوي في مجلسه يلقي درسه على مجموعة من طلبة العلم، ويتأكد من تلقينهم العلم وتشربيهم الفن، ثم ينتهي دوره عند هذا الحدّ ويكتفي بهذا القدر والدور، ولكن العالم الرباني الذي يشتبك مع قضايا عصره ويراعي أحوال مصره، ويسعى للإصلاح ما استطاع، فيواجه المستجدات والنوازل بشجاعة وأمانة، ويتصدى للبدع المحدثات والمنكرات بالقول والفعل، والتربية والتوجيه، وعندها يتحقق معنى قوله-صلى الله عليه وسلم-: "العلماء ورثة الأنبياء" أي يقومون في الأمة مقام نبيها في التعليم والنصح والإرشاد وبيان حكم الشرع في مستجدات العصر ونوازله.
والإمام الذي سنتكلم عنه في هذه المقالة يصدق عليه هذا الوصف تماماً، فقد جمع بين العلم والعمل، والتأليف والتأصيل، والاجتهاد والتجديد، وجهوده العلمية بلغت القمة السامقة في المتانة والرصانة وجودة العرض وحسن السبك، وبلغ درجة في العلم جعلته مؤسس ورائد علم من العلوم الإسلامية الهامة خاصة في عصرنا الحاضر، وألا هو علم مقاصد الشريعة فهو رائده ومؤسسه وعلى منواله نسج من جاء بعده.
التعريف به ونشأته
هو الإمام الفقيه والأصولي الكبير والعلامة المحقق مصلح القرن الثامن ومجدده؛ الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد أبو إسحاق اللَّخمي الغرناطي الشهير بالشَّاطبي. واللَّخمي: بفتح اللام المشدودة، وسكون الخاء المعجمة، وكسر الميم، نسبة إلى لَخم، قبيلة من كهلان بن سبأ، كانت باليمن ثم نزلت بالشام، وإثر الفتوح الإسلامية انتقلت للأندلس. والغَرناطي: نسبة إلى غَرناطة وهي المدينة المعروفة بالأندلس، وقد نُسب لها الشاطبي؛ لسكناه فيها. والشَّاطبي: نسبة إلى شاطبة، وهي مدينة بشرقي الأندلس، واشتهر الشَّاطبي بهذه النسبة، لأن شاطبة كانت مسقط رأس عائلته، ثم إنها انتقلت عنها واستقرت بغرناطة نتيجة سقوط شاطبة بيد الإسبان النصارى سنة 645هـ.
لا يُعلم على وجه التعيين سنة مولده، وللمؤرخين فيها أقوال تتراوح ما بين 720ه-730ه. نشأ الشَّاطبي بغرناطة، وبها ترعرع وعاش طيلة حياته فلم يغادرها قط لأن غرناطة وقتها كانت درة الغرب وحاضرة الإسلام في الأندلس، بل آخر حواضره، فكانت قبلة العلماء والطلبة ومستقر رحلتهم، فنشأ الشَّاطبي في أكنافها متنقلاً بين شيوخها وعلمائها في بيئة علمية خالصة.
طلبه للعلم
كان للشَّاطبي همة عجيبة في طلب العلم وتحصيله، عبّر عنها في مقدمة كتابه الشهير "الاعتصام" بقوله: "لم أزل منذ فتق للفهم عقلي، ووجه شطر العلم طلبي، أنظر في عقلياته وشرعياته، وأصوله وفروعه، لم أقتصر منه على علم دون علم، ولا أفردت عن أنواعه نوعًا دون آخر" وهذا الكلام ينبئ عن عالم موسوعي كوّن حصيلته العلمية بجد واجتهاد ومثابرة وصبر وتنوع، جعله بعد فترة التحصيل يتبوأ مكانة سامية في تراث الأمة الإسلامية.
كان الإمام الشَّاطبي شغوفاً بالعلم منذ نعومة أظافره، طالباً له من أهله، باحثاً عن كنوزه كاشفاً لأسراره، حيث جمع أصول العلوم الشرعية، فَفقِه اللغة العربية وفنونها وبلغ فيها المنتهى على يد شيخه ابن الفخار، وفَقِه النحو على يد شيخه أبي جعفر الشقوري، وفَقِه الفقه المالكي والفتوى على يد شيخه أبي سعيد بن لُب، وفَقِه التفسير على يد شيخه أبي عبد الله البلنسي، وفَقِه أصول الفقه على يد شيخيه أبي عبد الله الشريف التلمساني وأبي علي الزاوي، وفَقِه القواعد الفقهية على يد شيخه أبي عبد الله المقري، وفَقِه العلوم اللسانية على يد شيخه أبي القاسم السبتي، وفَقِه علوم الحديث على يد شيخه ابن مرزوق، الملقب بالجد، وسمع الكتب الستة على شيخه أبي عبد الله المقري، فيكون بذلك الإمام الشاطبي حاز فنون كل علوم الشريعة، وهذا ما أهله بعد ذلك لينتج نظرياته الفقهية والأصولية التي أبهرت أهل العلم، وأفصحت عن مراد الشارع، وكشفت لأهل العلم عن مكانته ومتانته العلمية الحجاب، حيث عمت به فائدة كبيرة لأهل العلم. وقد مكنه تضلعه في علوم اللغة العربية من تحرير أهم المصطلحات والتعريفات الأصولية، وساعده على تأسيس علم المقاصد.
وقد عاش الإمام الشَّاطبي حياة مديدة في هدوء واستقرار مكنه من تصنيف أهم المؤلفات في الأصول والعقائد في العصور المتأخرة للأمة الإسلامية، وترك تراثاً فائقاً متيناً غير مسبوق يعول عليه الناس حتى اليوم وإلى قيام الساعة، حتى دنت ساعته فتُوفي مرضياً سعيداً في شهر شعبان سنة 790 ه، ودُفن في غرناطة، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة في الدار الآخرة.
عصر الإمام الشَّاطبي ومجتمعه
عاش الشَّاطبي حياته كلها بمدينة غرناطة الأندلسية في جنوب بلاد الأندلس لم يغادرها قطّ، وكانت غرناطة عاصمةَ مملكة الجنوب، أو مملكة بني نصر المعروفين ببني الأحمر. وكان تأسيس هذه الدولة سنة 635 ه على إثر انهيار دولة الموحدين بالأندلس، والذي تسبب في فوضى سياسية شاملة في الأندلس ووقوع معظم المدن الأندلسية بقبضة الإسبان الصليبيين، واستطاع مؤسسو تلك المملكة من السيطرة على جنوب الأندلس وتأسيس دولة قوية نوعاً ما، فأصبحت مملكة غرناطة مأوى مسلمي الأندلس الفارين من جحيم الاحتلال الإسباني الصليبي لبلادهم. فاجتمع في غرناطة خيرة المسلمين من علماء وأدباء وحرفيين ومؤدبين وتجار ووجهاء وتذامروا فيما بينهم لحماية آخر معاقل المسلمين بالأندلس. وقد عاش الإمام الشَّاطبي في ذروة الازدهار السياسي والعلمي والاقتصادي لمملكة غرناطة.
هذا على الجانب السياسي أما الجانب الاجتماعي فقد كان الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي سبباً في شيوع الترف بين طبقات المجتمع، مما أدى لانتشار المنكرات ومساوئ الأخلاق، فانتشر بينهم الغناء بصورة عجيبة حتى أنه كان لا يخلو منه بيت ولا دكان، كما انتشر التبرج وخروج النساء واختلاطهن بالرجال في الأسواق والتجمعات والمناسبات والسبب الرئيس وراء ذلك الانحلال تأثر المجتمع الغرناطي بجيرانه من الإسبان النصارى، وحرص أثرياء غرناطة على تقليد الإسبان في ملابسهم ومطاعمهم وأنماط معيشتهم، وكل ذلك من علامات الاستيلاء كما ذكر العلاّمة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة.
ولما أن اشتد الإعراض عن ترشيد النعم، وشكر المنعم، انقبضت عليهم الأحوال، واضطرب الأمن، وانقلب الرخاء، وبدأ ضيق الحال يدب على كثير من الأهالي، وجدَّ بهم الأمر، مما حدا بعضهم إلى الاستفتاء عن حكم التعامل مع العدو الإسباني، وبيع الأسلحة ونحوها له، لضيق الحال، وهو ما تعرض له الإمام الشَّاطبي في فتاويه ومؤلفاته.
أما بالنسبة للحالة الدينية فجاءت كانعكاس طبيعي لحالة الترف الاجتماعي، فالمترفين لا يريدون ما يقيدهم ويحد رغباتهم المتصاعدة نحو تحصيل مزيد من اللذة والشهوات، فميلهم نحو التدين ضعيف وربما منعدم في بعض الطبقات، وهذا الأمر أوجد سوقاً رائجة للطرق الصوفية ببدعها وخرافاتها ونظرتها المشوهة عن التدين، والتي تقدم النموذج الفولكلوري عن الدين الذي يجعل التدين بلا أعباء وواجبات والتزامات ترهق الباحثين عن اللذة والانغماس في الشهوات. هذه السوق الرائجة للبدع والخرافات الصوفية دفعت الإمام الشَّاطبي لكتابة واحداً من أفضل المصنفات في الرد على المخالفات والبدع في العقائد والعبادات والمعاملات؛ كتاب الاعتصام.
منهجه العلمي ومؤلفاته
كان للإمام الشَّاطبي منهجاً علمياً متميزاً يعتمد على الإحاطة التامة بعلوم الشريعة مع نظرة شاملة في تناولها وتقرير مسائلها كأن الله-سبحانه-قد اصطنعه في تلك الفترة العصيبة في حياة الأمة ليصوغ لنا أهم النظريات والقواعد والمصطلحات الفقهية والأصولية.
وكان لنشأته العلمية السليمة والمنهجية والمرتبة دوراً كبيراً في المضي قدماً في دربه الصعب، وقد خط لنفسه آليةً لأخذ علومه بترتيب منهجي دقيق جعله يقبل بداية على أصول الدين اعتقاداً وعملاً، ثم ألَّم بفروعه المبنية على تلك الأصول، ثم شرط على نفسه شروطاً لا يحيد عنها مهما كان الأمر. ويوضح لنا الإمام ذلك بقوله في مقدمة كتابه الموافقات: " كثيراً ما كنت أسمع الأستاذ أبا علي الزاوي يقول: قال بعض العقلاء: لا يسمى العالم بعلم حتى تتوفر فيه أربعة شروط وهي: أن يحيط علماً بأصول العلم الذي يطلب على الكمال، ثم تكون له القدرة على العبارة عن ذلك العلم، ثم يكون عارفاً بما يلزم عنه، وآخرها أن تكون له القدرة على دفع الإشكالات الواردة على ذلك العلم "
هذه المنهجية العلمية الرزينة والمتينة أنتجت للتراث الإسلامي كتابين من أهم ما كُتب في باب الأصول والعقائد، وضع فيهما الإمام الشّاطبي خلاصة نظرياته الأصولية والإصلاحية والتجديدية الشاملة؛ وهما كتاب الموافقات في أصول الفقه، وكتاب الاعتصام في البدع والعقائد، وكلاهما يحتاج لوقفة من أجل معرف منهج الإمام الشَّاطبي في تأليفها وأثرهما البالغ في التراث الإسلامي.
منهج الإمام الشَّاطبي في كتاب الاعتصام
أهم ما تميز به عصر الشَّاطبي؛ انتشار الفرق والطرق الصوفية وكثرة البدع والمحدثات في الدين. فكان الشَّاطبي أحد أهم رواد الإصلاح الديني والفكري بفضل ما تميز به من نظر شمولي واجتهاد، واشتباك مع قضايا عصره ونوازلها. وفي كتابه الاعتصام الذي جاء بعد تجربة طويلة خاضها الإمام الشّاطبي مع مجتمعه وأرباب البدع والطرق في غرناطة، تصدى خلالها لكثير من مظاهر الانحراف العقائدي في المجتمع، فجاء كتابه" الاعتصام" ترجمة حية لواقع ملئ بالمخالفات العقدية عايشه الإمام وتفاعل معه.
تحدث الإمام الشَّاطبي في الكتاب عن البدع وأنواعها وأصحابها وميز بين المحدثات المتعلقة بشؤون الدين وتلك المتعلقة بشؤون الدنيا، وفرق بين الابتداع والاجتهاد والالتزام بالصراط المستقيم، معتمدا في ذلك على منهجية أصولية متميزة. وقد قسّم الكتاب إلى عشرة أبواب كاملة. ويعتبر الباب الخامس منها الأهم والأبرز، إذ تكلم فيه عن أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما، وكان العلماء من قبل ذلك لا يفرقون بينهما، ويخضعون البدعة للأحكام الخمسة؛ واجبة وحسنة ومباحة ومكروهة ومحرمة، وهكذا كان صنيعهم حتى جاء الإمام الشّاطبي بمبضع جراح فائق المهارة، ففرق بينهما، واستدل على ذلك بعشرات الأدلة والأمثلة. وكان هذا التفريق بمثابة الضربة القاصمة لأرباب البدع والخرافات الذين أدخلوا في الدين كثيراً من البدع والخرافات بحجة أنها حسنة، لذلك نجد الإمام الشّاطبي على مرّ العصور وحتى اليوم غرضاً لهجوم الصوفية والمبتدعة، لأن الإمام مع شيخ الإسلام ابن تيمية-قدس الله سره-قد قوضا عروش البدع في كثير من المجتمعات والبلدان.
وقد ذكر الشاطبي في مقدمة الاعتصام ما لقيه من الناس بعد أن رأى أولوية متابعة السنة على متابعة عادات الناس، وتحمل كثيراً من الافتراءات، وألصقت به العديد من التهم والجنايات، الواحدة منها كفيلة بتعطيل مسيرته كعالم وإمام!! فنسبوه إلى البدعة والضلالة، وأنزلوه منزلة أهل الغباوة والجهالة.
فتارةً اتهموه بالقول أن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه، بسبب أنه أنكر الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة. وتارةً نسبوه إلى الرفض وبغض الصحابة رضي الله عنهم، بسبب أني لم يلتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم في الخطبة والدرس على الخصوص، وكان الشَّاطبي إماماً وخطيباً لأكبر جوامع غرناطة، إذ لم يكن ذلك من شأن السلف في خطبهم. وتارةً أضيف إليّه القول بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلا من عدم ذكره لهم في الخطبة. وتارة رموه بالتطرف والتنطع في الدين بسبب رفضه التلفيق الفقهي. وتارةً نسبوه إلى معاداة أولياء الله، بسبب عدائه للصوفية المبتدعين المخالفين للسنة المنتصبين بزعمهم لهداية الخلق. بالجملة فإن الإمام الشَّاطبي في عمله كخطيب وإمام في جامع غرناطة الكبير، وبسبب التزامه السنّة ومحاربة البدع، لاقى معاداة كبيرة من العديد من الأطراف داخل مجتمعه.
منهج الإمام الشَّاطبي في كتاب الموافقات
الشَّاطبي لم يكن مصلحاً اجتماعياً تصدى لمشكلات عصره فحسب، بل كان صاحب اتجاه تجديدي في المنهج العقلي يقوم على توظيف جملة من المبادئ والمفاهيم والإجراءات المعرفية التي كانت تؤسس التفكير العملي البرهاني المعتمد على الاستنتاج والاستقراء بدل قياس الغائب على الشاهد، واعتماد المقاصد بدل دلالات الألفاظ، والقول بالسببية واطراد الحوادث بدل القول بالتجويز والعادة.
جهد الشاطبي التجديدي في ميدان الأصول والذي دونه في كتاب "الموافقات" لم يتجه إلى المحتوى، وإنما انصب على المنهج، أي الطريقة التي اعتمدها الأصوليون منذ الشافعي.
لم يقف الشاطبي عند المشاكل ولم يكتف بتقديم فتاوي تبين حكم الشرع فيما يعرض له من الأمور والمستجدات، والنوازل بل وجه خطابه في الكتاب للعلماء والفقهاء وبصفة خاصة المجتهدين المتحررين من التعصب المذهبي، عارضا عليهم طريقة جديدة في التفكير يستطيع العلماء على ضوئها تجاوز المنهجية التقليدية في الأصول والتي تقوم على التفسير والاستنباط.
وبعدما كان الأصوليون منذ الشافعي-رحمه الله-يعتمدون في بناء الأحكام على استنباط المعاني من النصوص أو قياس ما ليس فيه نص على ما فيه نص، وكانوا يرددون بأن الشريعة في مجملها تقوم على الظن. وكذلك القياس يقوم على العلة المفترض أنها مقصودة بالحكم. جاء الإمام الشَّاطبي ليثبت عكس ذلك فبرهن أن الأصول تقوم على القطع، والدليل على قطيعتها أنها راجعة إلى كليات الشريعة.
وقد نظم الإمام الشَّاطبي كتابه وقسمه إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: في المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود.
القسم الثاني: في الأحكام، وما يتعلق بها، من حيث تصورها، والحكم بها أو عليها، كانت من خطاب الوضع، أو من خطاب التكليف.
القسم الثالث: في المقاصد الشرعية في الشريعة، وما يتعلق بها من الأحكام. وهو القسم الذي استنبط منه المعاصرون وخاصة الشيخ الطاهر بن عاشور علم مقاصد الشريعة.
القسم الرابع: في حصر الأدلة الشرعية، وبيان ما ينضاف إلى ذلك منها على الجملة، وعلى التفصيل، وذكر مآخذها، وعلى أي وجه يحكم بها على أفعال المكلفين.
القسم الخامس: في أحكام الاجتهاد والتقليد، والمتصفين بكل واحد منهما، وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح، والسؤال والجواب.
ثناء الناس عليه
حصَّل الشَّاطبي العلوم العقلية والنقلية وبرع فيهما وزاوج بينهما بطريقة غير مسبوقة، وبذلك تبوأ مكانة عظيمة بين علماء المسلمين، وقد أشاد العلماء بما للشاطبي من نبوغ وتفرد علمي وعقلي، وبما له من أياد في مجالات العلوم، لا سيما في علم مقاصد الشريعة وأصولها، وعلم البدع والمحدثات وأصولها.
قال عنه تلميذه أبو عبد الله المجاري: "الإمام العلامة الشهير، نسيج وحده، وفريد عصره". وقال عنه ابن مرزوق الحفيد: "الشيخ الأستاذ الفقيه الإمام المحقق العلامة الصالح". وقال عنه المؤرخ السوداني النابه التنبكتي: "الإمام العلامة المحقق القدوة الحافظ الجليل المجتهد، كان أصوليًّا، مفسرًا، فقيهًا، محدِّثًا، لغويًّا، بيانيًّا، نظارًا، ثبتًا، ورعًا، صالحًا، زاهدًا، سنيًّا، إمامًا مطلقًا، بحاثًا، مدققًا، جدليًّا، بارعًا في العلوم، من أفراد العلماء المحققين الأثبات، وأكابر الأئمة المتفننين الثقات، له القدم الراسخ، والإمامة العظمى في الفنون؛ فقهًا وأصولًا وتفسيرًا وحديثًا وعربية وغيرها، مع التحري والتحقيق، له استنباطات جليلة، ودقائق منيفة، وفوائد لطيفة، وأبحاث شريفة، وقواعد محررة محققة، على قدم راسخ من الصلاح والعفة والتحري والورع، حريصًا على اتباع السنة، مجانبًا للبدع وأهلها".
وقال محمد مخلوف صاحب كتاب شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: "العلامة المؤلف المحقق النظار، أحد الجهابذة الأخيار، وكان له القدم الراسخ في سائر الفنون والمعارف، وأحد العلماء الأثبات، وأكابر الأئمة الثقات، الفقيه الأصولي المفسر المحدث، له استنباطات جليلة، وفوائد لطيفة، وأبحاث شريفة، مع الصلاح والعفة والورع، واتباع السنة واجتناب البدع".
التعليقات