عناصر الخطبة
1/الإعلام بين الماضي والحاضر 2/رسالة الإعلام في الإسلام 3/مقارنة بين رسالة الإعلام في الإسلام وبين الإعلام المعاصر 4/النتائج المؤلمة من الإعلام السيء 5/مدافعة الإعلام السيء بالإعلام النافع الهادفاقتباس
والإعلام السيء يؤجج الفتن والصراعات، ويغذي الشجار والاختلافات القومية والدينية والطائفية والحزبية والعنصرية، ولا يوجد الحلول، وإنما يضع البنزين على وهج المشكلات. والإعلام السيء يخدر الشعوب، ويشغلها بالتوافه؛ لتبقى في منأى...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1 ]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
أيها المسلمون: إن الله -تعالى- خلق الإنسان محدود القوات والقدرات، والمواهب والطاقات، فاحتاج إلى غيره في إكمال نقصه لكي تتم الحياة الجماعية بين الناس في هذه الدنيا، فلو كان كل إنسان كامل النعمة لا يحتاج إلى سواه لعاش الناس وحوشاً متباعدين، لا يعرفون الأنس والاجتماع.
وما يعرفه الإنسان وتدركه حواسه وقدرته محصور قليل؛ فلهذا كان مفتقراً إلى إعلام الناس له ما يجهله ليتعلمه، وما خفي عليه مما حوله ليعرفه ويستفيد منه إن كان مفيداً، ويحترز منه إن كان مضراً.
وقد عرف الناس في العصور الماضية للإعلام وسائل كان من أبرزها: الخطابة الدينية والجماهيرية، والقصيدة الشعرية بجميع أغراضها الأدبية، والبُرد المرسلة، إما بإرسال الناس، أو بإرسال الحمام، وعرفوا كذلك من الوسائل: الكتابة للرسائل، والكتب في الأمور العامة والخاصة، لكن التأثير الإعلامي في الجماهير ظل محدوداً حتى بدأت الوسائل الإعلامية الحديثة بالظهور في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي بظهور الصحف والجرائد، غير أن تأثير هذه الوسيلة بقي كذلك محصوراً في طبقات معينة من الناس ولا يصل إلى جميعهم، فاستمر الإنسان في التفكير في وسائل إعلامية جديدة؛ ليكون تأثيرها أوسع، وتناولها أسهل؛ فاخترع الراديو، وكانت بداية ظهوره عام 1906م، وكان له بعد ذلك انتشار واسع وتأثير كبير، خاصة أثناء الحروب العالمية.
حتى ظهر بعد ذلك الإعلام المرئي الذي كسر كثيراً من الحواجز وفتح قنوات كثيرة للاتصال الإعلامي بالجمهور، ووصل إلى الذروة في التأثير في تلك الفترة، وكانت بداية الظهور باختراع التلفاز عام 1927م.. غير أن وسيلة التلفاز ظلت محصورة الزمان والمكان، ورافقتها بعض العيوب بالنسبة للاتصال الإعلامي العام.. إلى أن جاءت فكرة الشبكة العنكبوتية الانترنت بظهور أولى صفحاتها عام 1969م فأصبحت أرقى وسيلة إعلامية وصل إليها العقل البشري إلى الآن، مع ما يصاحبها من تطوير وتحديث يوماً بعد يوم.
معشر المسلمين: إن الإعلام ذو أهمية كبرى وتأثير عظيم في الناس؛ فهو الموجه للشعوب يخاطب عقولها وقلوبها وعواطفها ويشكلها على ما يريد؛ فالإعلام يستطيع بقوة تأثيره تكوين الأفكار والثقافات والمعتقدات التي يحب، ويستطيع أن يشعل حرباً وهمية ليجعلها حرباً حقيقية تتساقط فيها الجماجم، وتخرب فيها العمران ليعيش الناس في قلق واضطراب، وفي مقابل ذلك يستطيع أن يهون من أمر الحروب الحقيقية ويجعلها مناوشات استعراضية فحسب.
ويستطيع الإعلام أن يصنع جواً عاماً يتحدث عنه الصغير والكبير في قضية صغيرة لا تستحق ذلك النعيق والضجيج، وفي الجانب المضاد يغفل الحديث عن قضايا الأمة المصيرية ومشكلاتها الجوهرية، وإن تحدث عنها فحديثٌ عن خبر عابر لا يستدعي الوقوف عنده والانشغال به.
إخواني الكرام: إن رسالة الإعلام في الإسلام -في كل عصر وفي كل مصر- رسالة سامية نقية لا تقبل الخضوع لباطل القول والفعل، ولا ترضى بالعمالة والانهزامية، ولا يمكن أن تبيع الحقيقة، وتستجدي الأيادي الملوثة لتغدو بوقاً لذويها.
إن رسالة الإعلام في الإسلام حمل الحقيقة إلى الناس صِرفة بدون غربلة وزيادة ونقصان، الصدق شعار، والأمانة في الكلمة والصورة وسيلة، وتبشير الناس بالمبشرات وإنذارهم بالمخوفات هدف وغاية، والتثبت والتبين في النقل قاعدة ومنطلق.
الإعلام في الإسلام منارة لبث الثقة والوعي الصحيح بين الناس في قضايا الدين والدنيا، ونشر الفضائل والتحذير من الرذائل وإصلاح الخلل، ومعالجة المشكلات، والتربية على الجد والعمل ونبذ القعود والكسل.
الإعلام في الإسلام بجميع وسائله: التقليدية والحديثة إضاءة متألقة هادية إلى سبل الحياة السعيدة، والقيم النبيلة الرشيدة، والهدف الصالح والمستقبل الناجح في الدنيا والآخرة.
إخوتي الفضلاء: تعالوا معي لنقارن مضامين هذه الرسالة بما عليه أكثر الإعلام هذه الأيام، وقبل هذا لا بد أن نعلم أن أصحاب الباطل وأعداء المُثل والفضائل حينما علموا أهمية الإعلام وقوة إقناعه وتوجيهه للمجتمعات سيطروا عليه، وجندوا لهم جنوداً من بني جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا ممن يوافقونهم في المنطلقات أو الغايات، وجعلوهم على المنابر الإعلامية المختلفة؛ ليكونوا لهم ألسنة معبرة عن أهدافهم، ومنفذين لمخططاتهم الرامية إلى دفن الفضيلة وإحياء الرذيلة.
إن الإعلام السيء اليوم هو المستعمر الجديد للأوطان والعقول والأفكار والأخلاق والسلوك يقلبها في فضائه الموبوء كالريشة في الهواء ليوجهها حيث يشاء.
إن رجال الإعلام يعرِّفون الإعلام بأنه: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع، أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم.
فانظروا إلى هذا التعريف الجميل وطابقوا ما فيه مع الإعلام السيء الدخيل.
التعريف يشترط الصدق والصحة والصواب والسلامة في نقل الخبر للجمهور لكننا نجد ذلك غير متوفر؛ فالإعلام المستورد يقلب الحقائق، فيجعل الصدق كذباً، والكذب صدقاً، والحق باطلاً، والباطل حقاً، والخبيث طيباً، والطيب خبيثاً، والبطولة تهمة، والانحرافات السلوكية نجومية!
على حد قول الشاعر:
تقــــول هذا مجاج النحل تمدحه *** وإن تشاء قلتَ ذا قيء الزنا بير
مدحاً وذماً وما جاوزتَ وصفهما *** والحــق قد يعتــريه سوء تعبير
ولعل هذا الزمان الذي انقلبت فيه الموازين، وتولى كبرها الإعلام السيء داخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"(رواه أحمد، وهو صحيح)، وفي رواية: "من لا يؤبه له"، وفي رواية: "السفيه يتكلم في أمر العامة"، وفي رواية: "الفويسق يتكلم في أمر العامة".
ومن يقرأ في الصحف والمجلات، ويسمع الإذاعات، ويشاهد القنوات السيئة يرَ مصداق هذا الحديث النبوي الشريف، وكذبة الإعلام ليست ككذبة غيره؛ لأن كذبة الإعلام تبلغ الآفاق، وتسير بين الناس بسرعة متناهية؛ أفلا يخاف أولئك الكذبة ما جاء في حديث رسول الله حينما جاءه ملكان فابتعثاه فرأى معهما بعض الذين يعذبون بعد الموت فكان مما جاء فيه: "فانطلقنا فأتينا على رجل مستلقٍ لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى، قال: قلت: سبحان الله ما هذان؟.... قالا: فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"(رواه البخاري).
أيها المسلمون: إن الإعلام السيء يجيِّش جميع وسائله وطاقاته في إبراز المظاهر السلبية في المجتمعات، خاصة المجتمعات العربية والإسلامية، ولا يغطي المظاهر الإيجابية ويحث عليها؛ فوصف التخلف والرجعية والإرهاب هي الصفات الملازمة للمسلم، ونعوت التقدم والعز والسيادة هي السمات المرافقة للصهاينة والأمريكان وإخوانهم.
والإعلام السيء يؤجج الفتن والصراعات، ويغذي الشجار والاختلافات القومية والدينية والطائفية والحزبية والعنصرية، ولا يوجد الحلول، وإنما يضع البنزين على وهج المشكلات.
والإعلام السيء يخدر الشعوب، ويشغلها بالتوافه؛ لتبقى في منأى عن همومها الحقيقية، وبذلك يكون خادماً للأعداء وعدواً للأوطان، ولا يعبر عن هوية الأمة، وإنما يعبر عن من يموله، ويحفظ له الاستمرار على منبره الإعلامي.
أمة الإسلام: وإذا جئنا للحديث عن العفاف وما يلاقيه من جروح وتشويه وتنكيل وتعيير وإذلال وقهر على أيدي إعلام الشر والضر فحدث عن البحر؛ فإن الإعلام السيء معول حادّ مؤثر، ما برح يعمل بيننا ليل نهار في بيوتنا وفي شوارعنا وفي أسواقنا وأماكن عملنا، وأسراؤه جمهور كبير من الناس صغار وكبار وذكور وإناث.
أصبح هذا المعول الهدام يأخذ ساعات طويلة من ليل كثير من الناس ونهارهم، وهم يرون أنهم يجدون في مجالسته متعة وراحة، ولا يستطيعون مفارقته والعيش بدونه، ويشعرون أو لا يشعرون أنه يهدد بناء عفتهم واستقامة سلوكهم وأخلاقهم.
إن أعداء أمتنا يدركون أن من مصادر قوتنا وعزتنا بقاءنا محافظين على أخلاقنا الإسلامية الحميدة، وعاداتنا الفطرية الرشيدة، فعرفوا أن ذلك لا يخدمهم ولا يعين على تنفيذ أجنداتهم فينا، وأن حملاتهم العسكرية لا تُميت الأمة، وإنما تنبه الأعضاء النائمة منها، وتوقظها من سباتها؛ فماذا عملوا؟ لقد غيروا الخطة الحربية إلى ميدان العقول، فغزوا عقولنا ليفسدوا أخلاقنا النظيفة لتفسد بعد ذلك حياتنا كلها.
فغدا إعلامهم السيء وإعلامنا التابع لهم حرباً ضروساً على العفة والطهارة، وعلى الأعفّاء والعفيفات، ويلاحظ ذلك من خلال مقروءاته ومسموعاته ومشاهدة مرئياته.
لقد أصبح يؤجج الشهوات بما يعرضه من صور وكلمات في الأغاني والمسلسلات والإعلانات واللقاءات، يمدح معاول هدم العفة من التفسخ والتبرج والاختلاط ويسميها تقدماً وسعادة وحرية، ويذم وسائل العفة من زواج نظيف، وغض البصر والحياء والحجاب، ويسميها تأخراً وكآبة ورجعية!.
و يمجد الساقطين والساقطات ويجعلهم مثالاً للقدوة والأسوة، ويذم الأعفاء والعفيفات ويصيرهم نموذجاً للانغلاق والمثالب، ومشهداً للسخرية والاستهزاء!.
والإعلام السيء يعلِّم الصغار والكبار من الذكور والإناث إقامة العلاقات المحرمة، ويبين لهم أهميتها قبل الزواج، وهذا فيه من الخطر ما تحدثت عنه أقلام المتأوهات المخدوعات.
والإعلام السيء يرشد إلى طرق الجريمة ويشجع عليها، ويشيد بأهلها، ويسلط الأضواء ويتابع الأحداث الخادشة للصيانة والعفاف، ليبثها بين الناس ليسيروا على طريقها ويقتدوا بروّادها.
والإعلام السيء يصور الانفلات الخلقي وتمرد المرأة على البيت والدين والعفة والشيم النبيلة إنجازاً وسابقة تستحق التكريم والتشجيع!.
أيها المسلمون: هذه بعض الألغام التي زرعها الإعلام الشرير على أرض العفاف وصيانة الأعراض؛ فما هي نتائج تفجُّرِها أمام العيون في البيوت والمقاهي والطرقات؟
لعل من نتائجها المؤلمة الظاهرة: إضعاف الحياء والحشمة، وظهور الاختلاط والتلاعب بالحجاب.
ومن نتائجها: كثرة المعاكسات والمضايقات التي تتعرض لها النساء، أو تعرِّض المرأةُ نفسَها لها بسوء حركاتها ودعوة ملابسها الجائعين إليها.
ومن نتائجها الموجعة: إضعاف الغيرة عند بعض الرجال.
ومن نتائجها: كراهية الدين والمتمسكين به من الرجال والنساء؛ بسبب التشويه وتعميم الأخطاء الفردية على الجميع.
ومن النتائج: حصول الإعجاب بأهل المجون والفسق، وظهور المحاكاة والتقليد في الأقوال والأفعال والأحوال، في الكلام والحركات والملابس من الرجال والنساء.
ومن النتائج: تمزيق الأسرة بحصول الخيانات الزوجية، وبعض حالات الطلاق بسبب مسلسل أو صورة، والضيق بالحياة الزوجية، وفهمها أنها غُل وسجن، وأن الانفلات راحة وحرية.
ومن النتائج الُمرّة: حصول الفاحشة، والدعوة إليها، وبناء أماكن خاصة لها، وحمايتها من كل غيرة وحياء وضبط يحاول أن يدخل إليها.
فخرج بعد هذا كله جيل لكنه -والحمد لله قليل- همه المتعة وقضاء اللذة، ولا يهتم بما يفعل أحرام هو أم حلال.
لمثل هذا يذوب القلب من ألم *** إن كان في القلب إسلام وإيمان
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه أهل النهى والوفاء.
أما بعد:
أيها المسلمون: ومع هذا العنفوان والقوة لإعلام السوء إلا أن الحق وأهله ما تركوا الباطل يسرح ويمرح، ويفسق ويفضح، ويؤلم ويجرح؛ فهذه سنة الله بين الحق والباطل: صراع دائم وعراك لا يتوقف؛ فقد أنشأ أهل الغيرة والحرص على هوية الأمة وعفافها وسائل إعلامية نافعة للدين والدنيا؛ لكي تحفظ عفة الأمة، وتبقي منابع الخير في الأمة ثجاجة، وترفدها بروافد أخرى تنقيها وتعليها؛ فظهرت صحف ومجلات وإذاعات وقنوات ومواقع وصفحات على شبكة المعلومات، وهي وإن كانت قليلة إلا إنها تسد ثغرة خطيرة فوتت على العدو بعض ما كان يصبو إليه من السيطرة المتكاملة.
وأنت -أيها المسلم- قد وهبك الله عقلاً تستطيع أن تميز لنفسك ولأسرتك الطيب فتصطفيه وتتابعه، والخبيث فتبعده وتنابذه، فتختار المقروآت والمسموعات والمرئيات التي تنفعك في دينك ودنياك خلقياً وعلمياً وفكرياً وتوجيهاً إلى مصالح الدين والدنيا، قال الله -تعالى-: (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)[الإسراء:15].
فيا أيها المسلمون: وبعد هذا التطواف في الحديث عن العفاف ووسائل حفظه ومعاول هدمه نقف مذكِّرين أنفسنا جميعاً بأهمية لزومنا حصن العفة والمرابطة فيه، حذرين من سلوك السبل التي توصل إلى خدشه وهدمه؛ فالموفق من ذُكِّر فتذكر، وعُلِّم فتعلم، ووعظ فاتعظ، وعظات الأسماع أولى بالاتباع من عظات الوقائع الشخصية الموجعة.. (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق:37].
نسأل الله -تعالى- أن يستر عوراتنا، وأن يؤمن روعاتنا، وأن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمته أن نغتال من تحتنا، ونسأله تعالى الهدى والتقى، والعفاف والغنى، ومن العمل ما يرضى.
هذا وصلوا وسلموا على الهادي البشير...
التعليقات