عناصر الخطبة
1/إعطاء الإسلام لكل ذي حق حقه 2/حق الله هو عبادته وحده لا شريك له 3/منهج الإسلام في السلم والحرب 4/منهج الإسلام حال القوة والدفاع عن الدين والنفس 5/منهج الإسلام في الوحدة والصمود أمام العدو 6/منهج الإسلام في المعاملة بين الخلق 7/منهج الإسلام في المعاهدات بين المسلمين وغيرهم 8/إسعاد الإسلام للبشرية جمعاءاهداف الخطبة
اقتباس
الوحدة الإيمانية الدينية، هي الوحدة النافعة التي يتكتل أفرادها في الدفاع عن عقيدتهم ودينهم، والاشتراك في الدين والعقيدة هو أعظم مقومات الوحدة؛ لأن دفاع الإنسان عن دينه وعقيدته أعظم من دفاعه عن وطنه وقوميته؛ لأنه لا سعادة له في دنياه وآخرته إلا بدينه. وأما الوطن والقومية، غير الدينية، فإن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق، وشرع له من الدين ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم، فهو أفضل الأديان وأنفعها للخلق.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واحمدوا ربكم على ما أنعم به عليكم من دين الإسلام، الذي هو أفضل الأديان السماوية وأقومها، فقد أعطى كل ذي حق حقه.
ففي مقام العبودية؛ جعل العبادة لله وحده لا شريك له؛ لأنه هو الخالق وحده، فيجب أن تكون العبادة له.
وهو المحبوب المعظم لذاته، فوجب أن يكون القصد والعمل له وإليه، فالسجود والركوع والذبح على سبيل العبادة والتقرب لا يصح إلا لله، فمن سجد، أو ركع، أو ذبح لغيره؛ تعظيما وتقربا إليه، فهو كافر بالله، ومشرك به: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[الحج: 31].
وفي مقام الحرب والسلم، سماه الله -تعالى- سلما؛ لأنه متضمن للسلم، فلا عدوان ولا ظلم، لكن من قام في وجه الدين، والدعوة إليه، فقَاتِلُوهُمْ: (حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)[الأنفال:39].
فالكافر، وهو الكافر إذا أدى الجزية صاغرا ذليلا، ورضخ لأحكام الإسلام، فإنه معصوم الدم والمال، يعيش في أمان تحت ظل الإسلام، وحماية المسلمين.
وفي مقام القوة والدفاع عن الدين والنفس، يأمر بالاستعداد، وأخذ الحذر والتيقظ، والعمل على ما يغيظ الأعداء ويرهبهم: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ)[الأنفال:60].
(وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[التوبة:120].
وفي مقام الوحدة والصمود أمام العدو، يأمر بالاتحاد والأخوة، وعدم التفرق، ذلك؛ لأن التفرق سلاح فتاك، يوجب خلل الصفوف، وتباين الأهداف والأغراض: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا)[آل عمران: 103].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 45-46].
فالوحدة الإيمانية الدينية، هي الوحدة النافعة التي يتكتل أفرادها في الدفاع عن عقيدتهم ودينهم، والاشتراك في الدين والعقيدة هو أعظم مقومات الوحدة؛ لأن دفاع الإنسان عن دينه وعقيدته أعظم من دفاعه عن وطنه وقوميته؛ لأنه لا سعادة له في دنياه وآخرته إلا بدينه.
وأما الوطن والقومية، غير الدينية، فإن الإنسان يمكنه أن يعيش عيشة سعيدة إذا استقام دينه، وإن لم يكن في وطنه، أو بين قومه.
وقد شرع للناس من الأمور ما تستقيم به هذه الوحدة، فالصلوات الخمس جماعة في المساجد وحدة، خاصة لأهل المحلة المتقاربة، وصلاة الجمعة وحدة، أعم منها لأهل البلد، ويوم عرفة، وعيد النحر وحدة عامة للمسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، مع ما في هذه الاجتماعات من المصالح العظيمة الأخرى.
وفي مقام المعاملة بين الخلق، يأمر بإعطاء كل ذي حق حقه، فللنفس حق يجب أن تعطاه، وللأهل حق يجب بذله لهم، وللأصحاب حق يجب أن لا يحرموه، ولمن تعامله حق يجب أن تعامله به عامل غيرك بالصدق والبيان ولا تعامله بالكذب والكتمان، ف"من غش فليس منا".
وفي مقام المعاهدات بيننا وبين غيرنا؛ يأمرنا بالوفاء بها، وينهانا عن الغدر والخيانة، حتى الكفار إذا كان بيننا وبينهم عهد وجب علينا الوفاء، فإن خفنا من غدرهم، فإننا لا نخونهم، بل نخبرهم بأنه لا عهد بيننا وبينهم: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ)[الأنفال:58].
والدين يأمر بجميع مكارم الأخلاق جملة وتفصيلا، وينهى عن مساوئ الأخلاق جملة وتفصيلا.
فمن تأمل الإسلام حق التأمل وجده الدين الحق، الكفيل بسعادة الدنيا والآخرة، للأفراد والشعوب والحكومات.
الدين الذي يجب على كل أحد أن يتمسك به، ويدعو إليه.
فاحمدوا ربكم -أيها المسلمون-: أن أنعم عليكم بهذا الدين، وقيدوا هذه النعمة بالعمل بما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- ظاهرا وباطنا، سرا وعلنا، فإنكم إن تعرضوا عنه يوشك أن ينزع من بينكم، ويورث غيركم؛ لأن الله يقول: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)[محمد:38].
والنعمة إذا شكرت بقيت وزادت، وإن هي كفرت اضمحلت وزالت.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)[المائدة:3]ٍ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
التعليقات