عناصر الخطبة
1/دين الإسلام هو الحق 2/من ملابسات الحق بالباطل 3/خطر الدعوة إلى وحدة الأديان والتقارب بينها

اقتباس

فَيَزعُمُونَ أَنَّ اسمَ الإِسلامِ يَشمَلُ كُلَّ مَن آمَنَ بِاللهِ وَلَو لم يُؤمِنْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ دَعوَى ضَلالٍ قَدِيمَةٌ، اختَرَعَهَا اليَهُودُ وَالنَّصَارَى مَكرًا وَتَلبِيسًا...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ:21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: في كُلِّ يَومٍ نَقرَأُ أَو نَسمَعُ أَو نَرَى جَدِيدًا مِمَّا لم نَكُنْ نَحنُ وَلا آبَاؤُنَا نَعرِفُهُ، وَمِمَّا لم تَكُنْ أُمَّتُنَا وَمُجَتَمَعَاتُنَا عَلَيهِ.

 

وَإِذَا كَانَتِ النُّفُوسُ تَستَنكِرُ مَا لم تَكُنْ تَعرِفُهُ في دُنيَاهَا، فَإِنَّهَا لِمَا يَكُونُ مِن تَغَيُّرٍ في أُمُورِ الدِّينِ أَشَدُّ استِنكَارًا وَأَقوَى إِنكَارًا، كَيفَ وَقَد أَخبَرَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِدَجَّالِينَ يَجِيئُونَ في آخِرِ الزَّمَانِ وَحَذَّرَ مِنهُم فَقَالَ: “سَيَكُونُ في آخِرِ أُمَّتي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُم مَا لم تَسمَعُوا أَنتُم وَلا آبَاؤُكُم، فَإِيَّاكُم وَإيَّاهُم”(رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ).

 

أَجَل -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- لَقَد وُجِدَ في زَمَانِنَا هَذَا دَجَّالُونَ مُزَوِّرُونَ، يُمَوِّهُونَ عَلَى النَّاسِ، وَيَخلِطُونَ الهُدَى وَالضَّلالِ، وَيُلبِسُونَ البَاطِلَ بِمَا يُشبِهُ الحَقَّ، يَظهَرُونَ في صُورَةِ عُلَمَاءَ أَو مَشَايِخَ أَو مُفتِينَ، أَو سِيَاسِيِّينَ مُحَنَّكِينَ أَو كُبَرَاءَ مُطَاعِينَ، وَيَزعُمُونَ أَنَّهُم يَدعُونَ إِلى تَصحِيحِ الدِّينِ، أَو سُلُوكِ طَرِيقِ الاعتِدَالِ وَالتَّوَسُّطِ، فَيُحَدِّثُونَ بِأَحَادِيثَ مَكذُوبَةٍ، وَيَبتَدِعُونَ أَحكَامًا بَاطِلَةً، وَقَد يَتَجَاوَزُونَ فَيُصَحِّحُونَ اعتِقَادَاتٍ فَاسِدَةً.

 

وَإِنَّ مِمَّا تَقَرَّرَ لَدَى المُسلِمِينَ عَلَى مَرِّ العُصُورِ وَصَارَ عِندَهُم حَقِيقَةً لا شَكَّ فِيهَا، أَنَّهُ لا دِينَ حَقًّا عِندَ اللهِ إِلاَّ الإِسلامُ، قَالَ جَلَّ وَعَلا: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسلامُ)[آل عمران:19]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: “وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ”(رَوَاهُ مُسلم).

 

وَإِذَا كَانَ الإِسلامُ هُوَ حَقِيقَةَ دَعوَةِ الأَنبِيَاءِ كُلِّهِم فَإِنَّ اسمَ الإِسلامِ بَعدَ بَعثِ محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَدِ اختُصَّ بِهِ هَذَا الدِّينُ، الَّذِي جَاءَ بِهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيمِنًا عَلَيهِ؛ فَمَن شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ فَهُوَ المُسلِمُ، وَمَن لم يَشهَدْ لَهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِالرِّسَالَةِ وَلم يَعمَلْ بِمُقتَضَاهَا، فَلا يَصدُقُ عَلَيهِ اسمُ الإِسلامِ، قَالَ سُبحَانَهُ: (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا)[المائدة: 3]، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: “بُنيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَومِ رَمَضَانَ”، وَأَخرَجَ البُخَارِيُّ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “مَن صَلَّى صَلاتَنَا، وَاستَقبَلَ قِبلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ المُسلِمُ، الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ...”.

 

إِنَّهَا الحَقِيقَةُ الَّتي يَعلَمُهَا صِغَارُ المُسلِمِينَ قَبلَ كِبَارِهِم، وَعَامَّتُهُم قَبلَ عُلَمَائِهِم، محَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ هُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَرِسَالَتُهُ هِيَ خَاتِمَةُ الرِّسَالاتِ، وَدَعوَتُهُ لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَالإِسلامُ هُوَ الدِّينُ الحَقُّ الَّذِي لا يَقبَلُ اللهُ دِينًا سِوَاهُ، وَلا يَرضَى لأَحَدٍ مِن عِبَادِهِ غَيرَهُ، قَالَ سُبحَانَهُ: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيكُم جَمِيعًا)[الأعرَاف: 158]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرقَانَ عَلَى عَبدِهِ لِيَكُونَ لِلعَالَمِينَ نَذِيرًا)[الفرقان: 1]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: (وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ)[سبأ: 28].

 

وَمَعَ تَقَرُّرِ هَذَا الأَصلِ العَظِيمِ في نُفُوسِ المُسلِمِينَ، وَكَونِهِ مِمَّا لا شَكَّ فِيهِ عِندَهُم، إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ مَن لم يَزَالُوا يُلَبِّسُونَ وَيَلبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ، وَيَكتَمُونَ الحَقَّ وَهُم يَعلَمُونَ، فَيَزعُمُونَ أَنَّ اسمَ الإِسلامِ يَشمَلُ كُلَّ مَن آمَنَ بِاللهِ وَلَو لم يُؤمِنْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ دَعوَى ضَلالٍ قَدِيمَةٌ، اختَرَعَهَا اليَهُودُ وَالنَّصَارَى مَكرًا وَتَلبِيسًا، زَاعِمِينَ أَنَّهُم عَلَى دِينِ إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ، وَقَد رَدَّ الحَقُّ -تَبَارَكَ وَتَعَالى- عَلَيهِم دَعوَاهُمُ البَاطِلَةَ فَقَالَ: (يَا أَهلَ الكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ في إِبرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعدِهِ أَفَلا تَعقِلُونَ * هَا أَنتُم هَؤُلاءِ حَاجَجتُم فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ * مَا كَانَ إِبرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ * إِنَّ أَولى النَّاسِ بِإِبرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَليُّ المُؤمِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 65-68]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَو نَصَارَى تَهتَدُوا قُل بَلْ مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ)[الْبَقَرَةِ: 135].

 

وَفي السَّنَوَاتِ المُتَأَخِّرَةِ تَرَدَّدَ كَثِيرًا الحَدِيثُ عَمَّا سُمِّيَ بِوِحدَةِ الأَديَانِ السَّمَاوِيَّةِ، أَوِ الدِّينِ الإِبرَاهِيمِيِّ، زَعَمَ فِيهِ مُبتَدِعُوهُ أَنَّ جَمِيعَ المِلَلِ الَّتي جَاءَ بِهَا الأَنبِيَاءُ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّهُ لَيسَ المَقصُودُ بِالإِسلامِ دِينَ مُحَمَّدٍ فَحَسبُ، وَهُوَ قَولٌ بَاطِلٌ وَاعتِقَادٌ مَردُودٌ، مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كِتَابِ اللهِ، مُكَذِّبٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِ، وَكَيفَ يَكُونُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى مِلَّةِ إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ وَقَد تَرَكُوا مِلَّةَ الإِسلامِ الَّتي بَعَثَ اللهُ بها نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟! وَلِهَذَا قَالَ سُبحَانَهُ: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسلامُ وَمَا اختَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ العِلمُ بَغيًا بَينَهُم وَمَن يَكفُر بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ * فَإِن حَاجُّوكَ فَقُل أَسلَمتُ وَجهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسلَمتُم فَإِن أَسلَمُوا فَقَدِ اهتَدَوا وَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيكَ البَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ)[آلِ عِمْرَانَ: 20]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: (قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَينَكُم أَلاَّ نَعبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضًا أَربَابًا مِن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنَّا مُسلِمُونَ)[آل عمران: 64]، وَقَالَ سُبحَانَهُ في سِيَاقِ الحَدِيثِ عَن أَهلِ الكِتَابِ: (أَفَغَيرَ دِينِ اللهِ يَبغُونَ وَلَهُ أَسلَمَ مَن في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ طَوعًا وَكَرهًا وَإِلَيهِ يُرجَعُونَ * قُل آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَينَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبرَاهِيمَ وَإِسمَاعِيلَ وَإِسحَاقَ وَيَعقُوبَ وَالأَسبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ * وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ)[آل عمران: 83-85].

 

أَلا فَلْنَنتَبِهْ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَلْنَحذَرْ مِمَّا يَكِيدُ بِهِ أَعدَاءُ الدِّينِ مِنَ التَّبدِيلِ وَالتَّحرِيفِ وَالتَّلبِيسِ؛ فَلا طَرِيقَ إِلى اللهِ تَعَالى، وَلا فَوزَ بِجَنَّةٍ وَلا نَجَاةَ مِنَ نَارٍ، إِلاَّ بِالإِسلامِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَمِلَّةُ أَبِينَا إِبرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ الَّذِي أُمِرَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِهَا هِيَ الإِسلامُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ خُسرَانٌ مُبِينٌ وَضَلالٌ بَعِيدٌ (إِنَّ إِبرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلم يَكُ مِنَ المُشرِكِينَ * شَاكِرًا لأَنعُمِهِ اجتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ * وَآتَينَاهُ في الدُّنيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِع مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ)[النَّحْلِ: 120-123].

 

 

الخطبة الثانية:

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تُكفُرُوهُ، وَاحمُدُوهُ عَلَى الهَدَايَةِ إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ وَالمِلَّةِ الحَنِيفِيَّةِ (قُلْ إِنَّني هَدَاني رَبِّي إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ * قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتي للهِ رَبِّ العَالمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ)[الأنعام:161-163].

 

ثم اعلَمُوا أَنَّ مَا يُرَوَّجُ لَهُ بَينَ حِينٍ وَآخَرَ مِمَّا يُسمَّى بِوِحدَةِ الأَديَانِ وَالتَّقَارُبِ بَينَهَا، سَوَاءٌ بِالدَّعوَةِ إِلى ذَلِكَ وَمُحَاوَلَةِ إِقنَاعِ النَّاسِ بِهِ، أَو بِبِنَاءِ مَسجِدٍ وَكَنِيسَةٍ وَمَعبَدٍ يَهُودِيٍّ في مَكَانٍ وَاحِدٍ تَحتَ اسمِ البَيتِ الإِبرَاهِيمِيِّ، أَو بِالدَّعوَةِ إِلى طَبعِ القُرآنِ وَالتَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ في كِتَابٍ وَاحِدٌ، إِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَرفُوضٌ شَرعًا، مُحَرَّمٌ قَطعًا، لا يَجُوزُ لِمُسلِمٍ يُؤمِنُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَرَسُولاً تَقَبُّلُهُ وَلا تَصدِيقُهُ وَلا الاغتِرَارُ بِهِ؛ إِذِ الهَدَفُ مِنهُ خَلطُ الحَقِّ بِالبَاطِلِ، وَهَدمُ الإِسلامِ وَتَقوِيضُ دَعَائِمِهِ، وَجَرُّ أَهلِهِ إِلى رِدَّةٍ شَامِلَةٍ، بإِلغَاءِ الفَوَارِقِ بَينَ الإِسلامِ وَالكُفرِ، وَكَسرِ حَاجِزِ الوَلاءِ لِلمُؤمِنِينَ وَالبَرَاءِ من الكُفَّارِ المُشرِكِينَ، مِصدَاقُ ذَلِكَ في قَولِهِ سُبحَانَهُ: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا)[الْبَقَرَةِ: 217]، وَقَولِهِ جَلَّ وَعَلا: (وَدُّوا لَو تَكفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)[النساء:89]؛ فَاتَّقُوا اللهَ وَاحذَرُوا، وَاسأَلُوهُ الثَّبَاتَ عَلَى الحَقِّ حَتى المَمَاتِ.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life