عناصر الخطبة
1/ حادث طارئ بين الصحابة 2/ عظم مكانة المهاجرين والأنصار 3/ تعليق النبي صلى الله عليه وسلم على المفتخرين بأحسابهم 4/ النزاعَ من أكبرِ أسبابِ الفشلِ والضعفِ الذي يصيبُ الأمة 5/ فضائل الأُلفة والاجتماع بين المسلمين 6/ من وسائل تقوية الأخوة الإيمانية بين المسلمين 7/ آثار التفرق والتحزب على الأمة.
اهداف الخطبة

اقتباس

لقد علمَ أعداءُ اللهِ أنهم لن يستطيعوا أن يُضعفوا أهلَ الإسلامِ إلا أن يفرقوا بينهم.. وذلك بتفخيمِ الألقابِ والمسمياتِ التي ما أنزلَ اللهُ بها من سلطانٍ.. وتفضيلِ بعضِها على بعضٍ.. وإثارةِ الخلافِ بين أهلِ كلِ حزبٍ.. فيُهلكُ بعضُهم بعضاً. فإذا كان لفظُ المهاجرينَ والأنصارِ.. لمّا كانَ المقصودُ منه هو التفرقة والخلاف.. أصبحَ دعوى جاهليةٍ.. وكانت دعوى منتنةٍ.. فكيف بغيرِها من المسمياتِ؛ وإن قالَ أصحابُها ما قالوا؟! فلا مبررَ للمسلمينَ باستبدالِ ما سماهم به اللهُ تعالى إلى غيرِها من الألقابِ والأحزاب...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيْنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عن جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَار! فقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنصار! وَقَالَ المُهَاجِرِيِّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ!"

 

يا الله.. ما أجملَها من أسماءٍ.. وما أعظمَها من صفاتٍ.. قد أثنى اللهُ تعالى عليها.. وقد مدحَها رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-..

 

المهاجرون هم (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8].

 

والأنصارُ.. هم (الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9].

 

فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-، فقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟"

 

سبحان الله.. أهذه دعوى جاهليةٍ؟.. هل النداءُ بهذه الصفاتِ الشرعيةِ العظيمةِ يُعتبرُ وثنيةٌ وجاهليةٌ؟ "قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنصَارِ. فَقَالَ: "دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ".

 

عبادَ اللهِ..

لما كانَ ذكرُ هذه الأوصافِ العظيمةِ بسببِ الخلافِ الواقعِ بينَ المسلمينَ.. ولأجلِ التفريقِ بينهم.. سماهُ النبيُ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- "دعوى جاهليةٍ".. ووصفَها "بأنها منتنةٌ".

 

وجاءَ في الحديثِ الصحيحِ: "وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ" –أي جماعتِها-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَامَ وَإِنْ صَلَّى؟ قَالَ: "وَإِنْ صَامَ وَإِنْ صَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِمَا سَمَّاهُمْ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-.. الْمُسْلِمِينَ.. الْمُؤْمِنِينَ.. عِبَادَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".

 

إذاً الاسمُ الشرعيُ الذي ينبغي التنادي به والتفاخرُ به هو لفظُ المسلمين وهو الاسمُ الذي سمانا به –تعالى-.. كما قالَ -عز وجل-: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) [الحج: 78].

 

فيا أهلَ الإسلامِ.. إياكُم والاختلافَ والتفرقَ من بعدِ ما جاءَكم الحقُ.. (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105].. فأولئك ليسوا من النبيِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- ولا من سنتِه في شيءٍ.. (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام: 159].. واعلموا أن النزاعَ هو من أكبرِ أسبابِ الفشلِ والضعفِ الذي يصيبُ الأمةَ الإسلاميةَ.. (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].

 

يا أهلَ الإيمانِ.. إن الأُلفة والاجتماع هي من نعمِ اللهِ –تعالى- العظمى على أهلِ الإيمانِ.. وإن من وسائلِ تحقيقِها: هو الاعتصامُ بحبلِ اللهِ –تعالى- وهو كتابُ اللهِ وسنةِ رسولِه -صلى اللهُ عليه وسلمَ-.. (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103]..

 

وهذا التأليفُ لا يكونُ ولن يكونَ إلا من عندِ اللهِ –تعالى-: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 63].. وهو مما يرضاه لعبادِه كما جاءَ في حديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلمَ-: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ".

 

من هذا نعرفُ أن الولاءَ والبراءَ.. والحبَ والبغضاءَ.. يكونُ للإسلامِ والكفرِ.. فمن كانَ في دائرةِ الإسلامِ أحببناه وواليناه ولو كان بيننا وبينَه خلافٌ في بعضِ الأمورِ.. ولا نسميه إلا مسلماً.. ولا زالَ العلماءُ يبيّنونَ الحقَ ويردُّونَ على المخالفِ دونَ تنابزٍ بالألقابِ أو اتهامٍ للنياتِ.. فلنمتنعُ عن المسمياتِ التي تفرِّقُ بين المسلمينَ وتسببُ الاختلافَ والشِقاقَ.

 

سُئِلَ الشيخُ محمدُ بنُ عثيمين -رحمَه اللهُ-: هل هناك نصوصٌ في كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نبيِّه -صلى الله عليه وسلمَ- فيها إباحةُ تعدُّدِ الجماعاتِ الإسلاميةِ؟

 

فأجابَ بقولِه: "ليسَ في الكتابِ والسُنَّةِ ما يبيحُ تعدُّد الجماعاتِ والأحزابِ، بل إنَّ في الكتابِ والسُنَّةِ ما يَذُمُّ ذلك، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [الأنعام: 159]، وقال تعالى: (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [المؤمنون: 53].

 

ولا شكَّ أنَّ هذه الأحزابَ تنافي ما أمرَ اللهُ، بل ما حثَّ اللهُ عليه في قولِه: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 92]، "ولا سيّما حينما ننظرُ إلى آثارِ هذا التفرُّقِ والتحزُّبِ حيثُ كانَ كُلُّ حزبٍ وكُلُّ فريقٍ يرمي الآخرَ بالتشنيعِ والسبِّ والتفسيقِ، وربما بما هو أعظمُ من ذلك، لذلك فإنَّنِي أرى أنَّ هذا التحزُّبَ خطأٌ". انتهى كلامُه.

 

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ الكريمِ، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ ما تسمعونَ وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم وللمؤمنينَ، فاستغفروه إنه غفورٌ رحيمٌ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ الذي هدانا للإسلامِ وجعلنا مسلمين.. الحمدُ للهِ الذي هدانا وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا اللهُ.. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له.. لا ربَ غيرُه ولا معبودَ بحقٍ سواه.. وأشهدُ أن نبينا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه.. أفضلُ نبيٍ وأشرفُه وأزكاه.. صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه ومن أتبعَ سنتَه واهتدى بهداه..

 

أما بعد: عَنْ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اَللَّهَ زَوَى لِي اَلْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ اَلْكَنْزَيْنِ اَلْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَلَّا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلَّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ- أي جماعتَهم وأصلَهم-، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إني إذا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَلَّا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلَّا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوْ اِجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا ، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا".

 

عبادَ اللهِ..

لقد علمَ أعداءُ اللهِ أنهم لن يستطيعوا أن يُضعفوا أهلَ الإسلامِ إلا أن يفرقوا بينهم.. وذلك بتفخيمِ الألقابِ والمسمياتِ التي ما أنزلَ اللهُ بها من سلطانٍ.. وتفضيلِ بعضِها على بعضٍ.. وإثارةِ الخلافِ بين أهلِ كلِ حزبٍ.. فيُهلكُ بعضُهم بعضاً.

 

فإذا كان لفظُ المهاجرينَ والأنصارِ.. لمّا كانَ المقصودُ منه هو التفرقة والخلاف.. أصبحَ دعوى جاهليةٍ.. وكانت دعوى منتنةٍ.. فكيف بغيرِها من المسمياتِ؛ وإن قالَ أصحابُها ما قالوا؟! فلا مبررَ للمسلمينَ باستبدالِ ما سماهم به اللهُ تعالى إلى غيرِها من الألقابِ والأحزابِ. 

 

إن الخلافَ وإن بدأَ صغيراً.. فإنه لا يزالُ يكبرُ.. وينفخُ فيه المنافقون والكفارُ حتى يصبحَ فتنةً عظيمةً.. تضيعُ فيها العقولُ.. ويكثرُ فيها المقتولُ.. كما جاء في حديثِ أبي موسى الأشعري -رضيَ اللهُ عنه- قالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلمَ- يُحَدِّثُنَا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَال: "الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ" قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ. قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ!" وَمَعَنَا عُقُولُنَا؟ قالَ: "لَا، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ".

 

نسألُ اللهَ ربَّ العالمينَ أنْ يهديَنا جميعًا إلى الصراطِ المستقيمِ.. اللهمَّ ألِّفْ بَيْنَ قلوبِ المسلمينَ.. اللهمَّ أصلحْ ذاتَ بَيْنِ المسلمينَ..

 

اللهمَّ اجمعْ شملَ المسلمينَ.. اللهمَّ وَحِّدْ كلمةَ المسلمينَ.. اللهمَّ انصر المسلمينَ في كلِّ مكانٍ.. اللهمَّ وَحِّدْ صفوفَهُم.. واستُرْ عوراتِهِم..وآمِنْ روعاتِهِم.. وألِّفْ بَيْنَ قلوبِهِم.. وأَهْلِكْ أعداءَهُم.

 

اللهمَّ احفظْ ديارَنَا وديارَ المسلمينَ مِنْ مُضِلَّاتِ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطنَ.. وَصَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ مُـحَمَّدٍ.

 

 

المرفقات
إنها منتنة1.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life