عناصر الخطبة
1/ رمضان بين الرابحين والمغبونين 2/ الخاسرون والمحرومون في رمضان 3/ الفائزون في رمضان 4/ المستهزئون بشعائر الإسلام في رمضان.اهداف الخطبة
اقتباس
ترغم أنوف الذين أضاعوا رمضان، أضاعوا ليله ونهاره، في رمضان يضيعون الصلاة، يتكلمون بالحرام، وينطقون بالحرام ويسمعون الحرام، أضاعوا رمضان، فما تركوا باب خير إلا فرّطوا فيه، ولا باب شر إلا دخلوا كأنهم ليسوا في رمضان، خرجوا من رمضان بأنوف مرغمة مُرِّغت في التراب، ما أعظمها من خسارة!.. وفي المقابل أقوام أشرقت وجوههم واستنارت؛ تجاروا مع الله في رمضان، فأربح الله تجارتهم، ما تركوا باب خير إلا دخلوه، إذا ذُكر الصائمون كانوا منهم، وإذا ذُكر القائمون كانوا منهم، وإذا ذكر القارئون كانوا منهم وإذا ذُكر المتصدقون كانوا منهم، وإذا ذكر المسبحون كانوا منهم، وإذا ذُكر المستغفرون كانوا منهم، نهارهم قراءة وصيام، وليلهم تسبيح واستغفار وقيام، باعوا أوقاتهم وأموالهم لله فربح بيعهم...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي وعد من أطاعه بنعيم الجنان، وتوعد من عصاه بجحيم النيران، فسبحان من أضحك وأبكى وأمات وأحيى، الملك الذي يعلم السر وأخفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الديان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى كافة الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الفضل والإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله: أيها المسلمون: وتمر الأيام سريعا أيام هذا الشهر المبارك ما يقرب من ثلث الشهر ذهب، فماذا قدمنا في هذه الأيام والليالي؟ هل اجتهدنا أم فرطنا؟ هل أحسنا أم أسأنا؟ هل رحمنا أم حرمنا؟
فكروا أحبتي في الله بصدق اسألوا أنفسكم! والله إنها الخسارة العظمى أن يخرج رمضان ولم يُغفَر للعبد، والله إنه الخسارة العظمى أن تُرْغَم أنفنا؛ أن تدس في التراب.
من يرضى أن يُدَس أنفه في التراب؟! لا أحد يقبل هذا، كلٌّ يأنف من هذا، إذاً كيف يقع هذا ومن هم الذين تُدسّ أنُفهم في التراب؟!
يقع هذا إذا فرّطنا في رمضان وتدس أنوف أولئك الذين ضيّعوا رمضان، أخبر بذلك الصادق المصدوق -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه صعد المنبر فقال: "آمين"، ثم صعد، وقال "آمين"، ثم صعد وقال "آمين"، ثم صعد وقال "آمين"، فسئل عليه الصلاة والسلام عن تأمينه فقال: "أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، قُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: آمِينَ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ" عليه الصلاة والسلام.
إنها أنوف الذين أدركوا رمضان فلم يُغفر لهم تُرغَم، والمعنى تُلصق بالتراب وهو دعاء بالذل والإهانة دعا بذلك أفضل الملائكة جبريل -عليه السلام-، وأمَّن على دعائه أفضل الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام-.
ترغم أنوف الذين أضاعوا رمضان أضاعوا ليله ونهاره، في رمضان يضيعون الصلاة، أصبحوا يصلون الفجر لكنهم أضاعوا الظهر، ومنهم من أضاع العصر، بل منهم من لا يعرف الجمعة حتى في رمضان، بل منهم من لم يدخل المسجد من سنوات لا في رمضان ولا في غيره، أضاعوا رمضان بفعل المحرمات؛ يتكلمون بالحرام، وينطقون بالحرام ويسمعون الحرام، وينظرون إلى الحرام، بعضهم إذا صامَ صام عن الحلال والحرام وإذا أفطر أصبح الحرام حلالاً.
أضاعوا رمضان، فما تركوا باب خير إلا فرّطوا فيه، ولا باب شر إلا دخلوا كأنهم ليسوا في رمضان، خرجوا من رمضان بأنوف مرغمة مُرِّغت في التراب، ما أعظمها من خسارة! أبواب الجنة مفتحة وبدلاً من أن يخرجوا من رمضان وقد كُتبوا من أهل الجنان إذَا بهم يخرجون بالذل والهوان على حالهم يبكي من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، على حالهم يبكي من سكن الإيمان في قلبه.
قال عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
وفي المقابل أقوام أشرقت وجوههم واستنارت؛ تجاروا مع الله في رمضان، فأربح الله تجارتهم، ما تركوا باب خير إلا دخلوه، إذا ذُكر الصائمون كانوا منهم، وإذا ذُكر القائمون كانوا منهم، وإذا ذكر القارئون كانوا منهم وإذا ذُكر المتصدقون كانوا منهم، وإذا ذكر المسبحون كانوا منهم، وإذا ذُكر المستغفرون كانوا منهم، نهارهم قراءة وصيام، وليلهم تسبيح واستغفار وقيام، باعوا أوقاتهم وأموالهم لله فربح بيعهم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الصف:10]، إنها التجارة مع الله التي تنجّي من عذاب الله.
دخلوا رمضان بأجساد مثقلة من الذنوب وخرجوا منه خفافا من الذنوب يذكرون قوله عليه الصلاة والسلام: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر".
عباد الله: الأمر لا يتعلق بحرام وحلال في قضية من القضايا، بل يتعلق برقاب تُعتق من نار وقودها الناس والحجارة قال الله فيها: (إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) [الفرقان:66]، يتعلق بأجساد تُغسل من الذنوب غسلاً، ونفوس تتطهر من السيئات تطهيرا، فاستدرِكوا ما فات من شهركم، فقد مضى الثلث والثلث كثير، فاستدركوا ما فات من شهركم، إياكم أن تضيعوا الفرصة فربما لم تصوموا بعد هذا العام ولم تقوموا بعد هذا العام.
فالبدار البدار قبل الفوات وقبل الممات، ما دام عود الحياة رطبا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99- 100].
بارك الله لي ولكم في الكتاب المبين، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفارا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على المصطفى..
أما بعد: فيا معاشر المسلمين: لقد أمر الله عباده بالتوبة من جميع الذنوب، وأوجبها على جميع الخلق فقال جل وعلا: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 21]، وقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا)، ورمضان شهر التوبة، شهر الإنابة، شهر الرجوع، شهر الدموع، فقد أقبلت القلوب على الله ترجو رحمته وتخشى عذابه.
ولا شك أن من أول ما يدعى إليه الناس في هذا الشهر التوبة، لكن ضالاًّ من الضالين بدلا من أن يدعو الناس للتوبة خرج في قناة معروفة لا يُستغرب منها هذا الطرح فقد بان شرها، وظهر للقاصي والداني، خرج يستهزئ بالتائبين ويسخر منهم ويدّعي هو ومن يتابعه أن هذا نقد لممارسات خاطئة.
ونقول لماذا لم ينقد الفنانين والمطربين والإعلاميين؟ لماذا مما يزيد على عشر سنين وهو لا يعرف إلا القضايا الشرعية: المحرم، الرقية، الحجاب، التوبة، الهيئة، في سلسلة من الاستهزاء بكل ما له صلة بالدين.
يقول البعض ينقدون غيرهم وأقول صحيح لكنه لا يقارن بقضايا النقد الشرعية ولعلهم يفعلون هذا حتى لا تنكشف الأوراق، يوارون سوأتهم.
عباد الله لقد قال الله: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68].
فأعرضوا عن هذا الضلال، فأنتم في رمضان، وأقول لمن قام على هذا العمل؛ الشخص والقناة: سنوات من الحرب مكشوفة والتجريح والاستهزاء وما زال الناس يقبلون على دين الله ويتوبون إلى الله يزدادون عاما بعد عام، ففي القلوب لوعة لا يطفئها إلا الرجوع إلى الله.
استهزؤوا واسخروا وكيدوا ستذهبون كما ذهب غيركم وسيبقى دين الله عزيزا رغم أنوفكم.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله امتثالا لأمر الله (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين..
التعليقات