عناصر الخطبة
1/ فضل إفشاء السلام 2/ بعض فوائد السلام 3/ وجب رد السلام 4/ بعض آداب السلام وأحكامه

اقتباس

عباد الله: إن إفشاء السلام بين المسلمين أمر استحبَّه الشارع، ودعا إليه، ورغَّب فيه كثيرًا؛ فهو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أمر بإفشاء السلام، وجعل إفشاء السلام طريقًا إلى...

الخطبة الأولى:

 

عباد الله: إن إفشاء السلام بين المسلمين أمر استحبَّه الشارع، ودعا إليه، ورغَّب فيه كثيرًا؛ فهو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أمر بإفشاء السلام، وجعل إفشاء السلام طريقًا إلى الجنة، يقول عبد الله بن سلام: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطِيبُوا الْكَلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأرْحَامَ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ".

 

وإن إفشاء السلام له فوائد كثيرة:

 

منها: إحياء سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وامتثالُ أمره.

 

ومنها: أن إفشاء السلام علامةُ قُوَّةِ إيمانِ صاحبِهِ؛ يقول البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: "باب: إفشاء السلام من الإسلام؛ عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: ثلاثٌ مَن جَمَعَهُنَّ فقد جمع الإيمان: الإنصاف مِن نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق مِنَ الإِقْتَار".

 

وفي إفشاء السلام: نفيُ صفة البخل الواردة في قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلاَمِ".

 

وفي إفشاء السلام أيضًا: أنه إرغام لأنف اليهود، وإظهار لسخط قلوبهم؛ يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ".

 

وفي إفشاء السلام أيضًا: أداءٌ للحق الذي فرضه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على المسلم للمسلم؛ يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ" وذكر منها: "وَإِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ".

 

وفي إفشاء السلام: تحصيل الصدقة الواردة في قوله عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ: "عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنِ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ" وفيه: "وَتَسْلِيمُكَ عَلَى النَّاسِ صَدَقَةٌ".

 

وفي إفشاء السلام أيضًا: إرضاء الله -تَعَالَى- وإكمال الإيمان ودخول الجنة وفُشُوُّ المحبة بين المسلمين؛ يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا؛ أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ".

 

وفي إفشاء السلام أيضًا: نَيل المرء الثواب المُرَتَّبَ عليه في قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عندما جاءه رجل فقال: السلام عليكم، فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "عَشْرٌ"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "عِشْرُونَ"، فجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "ثَلاَثونَ".

 

أيها الأحبة: هذه بعض الفوائد المُرَتَّبَةِ على إفشاء السلام؛ فكيف يليق بمسلم أن يعزف عنه وأن يرغب عنه؟! إن الراغب عنه قد فرَّط في خير كثير، وضيَّع على نفسه ثوابًا عظيمًا.

 

عباد الله: إن بعض الناس يَخُصُّ السلام بمَن يعرف من الناس، وهذا خطأ محض نهى عنه الشارع، وأمر أن يكون السلام عامًّا لجميع المسلمين "مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ"، وإن السلام عَلَى الْمَعْرِفَةِ لمن أشراط الساعة.

 

أيها الإخوة: إن بعض الناس -هداهم الله- إذا سلم عليهم أحد لم يردوا السلام، وهؤلاء قد وقعوا في إثم عظيم، وتحملوا أمرًا كبيرًا؛ سئل الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- عن رجل مَرَّ بجماعة فسلَّم عليهم فلم يردوا عليه السلام، فقال رَحِمَهُ اللَّهُ -تَعَالَى-: "لِيُعَجِّلْ بِالمَسِير؛ لئلا تَلْحَقَهُ اللَّعنةُ مَعَ هؤلاءِ القوم"؛ وذلك أن الأمة أجمعت على أن ابتداء السلام سنة، وأن ردَّه واجب؛ لقول الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) [النساء: 86].

 

عباد الله: الشارع الحكيم جعل آدابًا للابتداء بالسلام؛ من أهمها: أن الكثير يسلم عليه القليل، وأن الكبير يسلم عليه الصغير، وأن الراكب يسلم على الماشي، وأن الماشي يسلم على القاعد.

 

فالتزموا بهذه الآداب واعرفوها؛ تَظْفَرُوا بخيري الدنيا والآخرة.

 

 

الخطبة الثانية:

 

عباد الله: فإنه يجزئ عن الجماعة إذا سلَّم عليهم شخص أن يَرُدَّ منهم واحد، ويجزئ من الجماعة إذا مَرُّوا على آخرين أن يسلِّم منهم واحد؛ كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ويكره للمسلم أن يسلّم بالإشارة؛ لأنها تسليمُ اليهودِ والنصارى؛ كما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ويُسْتَحَبُّ لِلمُسلِمِ أن يسلِّمَ على الصِّبيان؛ لفِعلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.

 

فحافظوا -رحمكم الله- على هذه الشعيرة مِن شعائر الإسلام، واهتموا بها؛ ليَسُودَ الوئامُ بين المسلمين، ولترتفع الشَّحناء والبغضاء.

المرفقات
إفشاء-السلام.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life