إن المتأمل في أحوال أمتنا الإسلامية وما آلت إليه أمور المسلمين هذا الزمان يرى شدة ما أصيب به المسلمون من أمراض وأوبئة , فهذا محسود , وهذا مسحور , والأخر ممسوس إلا ما رحم ربي - الحكيم القدير - ؛ وما ذاك إلا بسبب الإعراض والبُعد عن كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – عليه الصلاة والسلام – اللذين فيهما الهدى والشفاء والنور , فلو تسلَّح المسلم بالقرآن العظيم والأذكار الصحيحة الواردة في السنة النبوية ما أصيب أحد بهذه الأمراض – بإذن الله تعالى - , ومن فضل الله – تعالى – على هذه الأمة أن جعل شفاءها في كتاب ربها وسنة نبيها – عليه الصلاة والسلام - , ومن هذا المنطلق جمعت هذه الوصفات النبوية النافعة – بإذن الله تعالى – في علاج العين والسحر والمس , وهي :
شرب ماء زمزم:
جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - شرب من ماء زمزم وقال : ((إنها مباركة وإنها طعامُ طُعم وشفاء سقم)) رواه أبو داود , وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((خيرُ ماءٍ على وجه الأرض ماءُ زمزم فيه طعامُ الطعم وشفاءُ السقم)) رواه الطبراني , وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((ماء زمزم لما شرب له إن شربته تستشفى شفاك الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله وإن شربته لقطع ظمأك قطعه الله وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل)) رواه الدارقطني والحاكم وزاد الحاكم : ((وإن شربته مستعيذاً أعاذك الله)) , وكان عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - إذا شرب ماء زمزم يقول : ((اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء)).
طريقة الشرب من ماء زمزم:
يسن أن يبدأ بقول بسم الله.
يسن أن يكون الشرب على ثلاثة أنفاس.
أن يستقبل به القبلة.
التضلع منه – الشرب حتى يبلغ الماء الأضلاع -.
أن يحمد الله - تعالى -.
فعن أبي مُليكة – رحمه الله تعالى - قال : قال عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - : أشربت منها كما ينبغي ؟ قال : وكيف ذلك يا ابن العباس ؟ قال : إذا شربت منه فاستقبل القبلة , واذكر الله , وتنفس ثلاثاً , فإذا فرغت فأحمد الله ؛ فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال : ((آية ما بيننا وبين المنافقين : أنهم لا يتضلعون من ماء زمزم)).
طريقة استعمال ماء زمزم في العلاج من العين والسِّحر والمس:
ماء زمزم ماءٌ مبارك وإذا قُرئ فيه الرقية الشرعية على حسب حال المريض إن كان فيه عينٌ أو سِحرٌ أو مسٌ فيجتمع فيه الطب النبوي والطب الإلهي فيستعمل المريض ماء زمزم المقروء فيه طوال يومه ويعتمد على ذلك ويشرب حتى الإرواء بالطريقة المذكورة سابقاً ولا ينسَ الدعاء بحضور قلبٍ ويقين فإن الله – تعالى - قريب يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف عنه السوء ويستحسن الاغتسال منه حتى وإن كان في دورات المياه كما أفتى بجواز ذلك سماحة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله تعالى-.
الادهان بزيت الزيتون:
أشجار الزيتون من الأشجار المباركة المذكورة في الكتاب والسنة , وقد أقسم تبارك وتعالى بالزيتون ولا يقسم إلا بشيء عظيم فقال تعالى : ((وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)) , وعن أبي أُسيد - رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((كلوا الزيت وادَّهنوا به فإنه من شجرة مُباركة)) صحيح الجامع , وعن عبدالله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((ائتدموا بالزيت وادَّهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة)) صحيح الجامع , وعن عقبة بن عامر - رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((عليكم بزيت الزيتون فكلوه وادَّهنوا به فإنه ينفع من الباسور)) رواه ابن السني.
طريقة استعمال زيت زيتون في العلاج من العين والسِّحر والمس:
زيت الزيتون من شجرة مباركة وإذا قرئ فيه الرقية الشرعية على حسب حال المريض إن كان فيه عينٌ أو سِحرٌ أو مسٌ فيجتمع فيه الطب النبوي والطب الإلهي , ويستعمل المريض زيت الزيتون المقري فيه عند نومه ولا يكثر منه على جسمه لأن المقصود به بركة الزيت والرقية فيه , ويكون الادهان به على سائر الجسم بلا استثناء وإن شرب منه كان أفضل ولا يكثر منه مع مراعاة حالة المريض في الإكثار أو القلة أو عدم الشرب من الزيت لقوته على باطنية المريض إذا وجدت قرحات أو غيرها من الأمراض الباطنية , وإن أُضيف مع الزيت الحبة السوداء - حبة البركة - كان أفضل مع مراعاة أن فيها حرارة لا تناسب الأطفال ومن كان مصاب بأمراض جلدية وباطنية.
شرب السَّنامكي – العشرج -:
عن أسماء بنت عُميس - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - سألها : ((بما تشتشمين ؟)) قالت : بالشبرم قال : ((حارٌ حارٌ)) قالت : ثم استمشيت بالسَّنا , فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((لو أن شيئاً كان فيه شفاءٌ من الموت لكان السَّنا)) رواه الترمذي , وعن إبراهيم بن أبي عبلة – رحمه الله تعالى - قال : سمعت أُبي بن أم حرام – رضي الله تعالى عنه - وكان قد صلى مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول : قال رسول الله – عليه الصلاة والسلام -: ((عليكم بالسّنا والسنوت فإن فيهما شفاءٌ من كل داءٍ إلا السام)) قيل يا رسول الله وما السام ؟ قال : ((الموت)) رواه ابن ماجه , وعن عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((إن خير ما تداويتم به اللدُود والسعُوطَ والحجامة والمشي)) رواه الترمذي. ومعنى اللدود : دواء يسقاه المريض في أحد جانبي الفم يدخل بالأصبع , والسعوط : دواء يصب في الأنف أو يستنشق عن طريق الفم ولا يؤكل لخطورته صحياً , المشي : الطريقة المناسبة في تسهيل خروج ما في البطن بعد أكل أو شرب المسهِلات.
طريقة استعمال السَّنامكي في العلاج من السِّحر والمس :
يعتبر السَّنامكي من أنفع الأدوية النبوية المسهِلة فإذا كانت المادة السِّحرية مستقرة في المعدة فيحاول استفراغ هذه المادة السِّحرية إما بالتقيؤ أو بإخراجها مع الغائط وقد جُربت هذه الطريقة كثيراً ونفع الله – تعالى - بها وطريقة تحضيرها أن يضعها في ماء على النار حتى تغلي وتبرد وتصفَّى ثم يُشرب منها المريض على الريق بمقدار ثلاثة أكواب ويستحسن أن يضاف معها عسل مقروء فيه لتحليتها والأفضل بعد شربها الحركة والمشي ثم يسهِّل المريض ما في بطنه من فضلات والمادة السِّحرية - إن شاء الله تعالى - وإن قُرئ في الماء قبل شربه بالرقية على حسب حال المريض إن كان به سحرٌ أو مسٌ كان ذلك أفضل.
العلاج بالحجامة:
عن عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((الشفاء في ثلاثة : شربة عسل , وشرطة محجم , وكية نار , وأنهى أمتي عن الكي)) رواه البخاري.
طريقة استعمال الحجامة في العلاج من السِّحر والمس:
الحجامة من أنفع الأدوية النبوية من السِّحر والمس إن كان السِّحر في الرأس فيبطل ويفك - بإذن الله عز وجل - فعند عملية الحجامة تخرج المادة الرديئة من الجسم , وهناك عدة مواضع للحجامة وأشهرها ماتسمى عند الأطباء بالحجامة النبوية التي في الرأس وأعلى الكاهل وهي الأنفع من غيرها في حالة السِّحر في الرأس ولا يحدد زمان ولا مكان في فعل الحجامة والأفضل في منتصف الشهر للحديث الذي أخرجه أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - يرفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - : ((من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفا من كل داء)) , والحجامة والفصد يختلفان باختلاف الأزمنة والأمكنة والبلاد الحارة والبلاد الباردة وغيرها فأصحاب الأمزجة والبلاد الحارة الأفضل في حقها الحجامة من الفصد لأن الدم في غاية النضج والتهيج والعكس.
التيـن:
أشجار التين من الأشجار المباركة المذكورة في الكتاب والسنة , وقد أقسم تبارك وتعالى بالتين ولا يقسم إلا بشيء عظيم فقال تعالى : ((وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)).
والتين من أنفع الأدوية في علاج العين والسِّحر والمس وذلك بأن يأخذ سبع ورقات من التين وتكون خضراء فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه ما يكفيه للغُسل والأفضل أن يزيد عليه ماءً بقدر الحاجة ويقرأ فيه الرقية الشرعية على حسب حال المريض إن كان معيوناً أو مسحوراً أو ممسوساً فيغسل منه ويشرب.
والتين يقوم بتسديد مسامات الجلد ومنافذ الشيطان لمن كان فيه مس ومن كان فيه سِحر يغتسل ويزيل آثاره بماء زمزم المقري فيه قبل الرقية الشرعية , وقد جُربت هذه الطريقة فكانت نافعة - بإذن الله تعالى - وإن فعل ذلك أكثر من مرة على حسب ما تدَّعيه الحاجة فيكون أفضل إما شرباً أو اغتسالاً والجمع بينهما أفضل مع مراعاة الحالة الصحية للمريض.
السِّـدر:
السدر من أنفع الأدوية في علاج المربوط عن جماع أهله وذلك أن يأخذ سبع ورقات من السدر -شجرة النبق الأخضر - فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليها من ماء زمزم المقروء فيه ما يكفيه للغُسل والأفضل أن يزيد عليه ماءاً آخر على قدر الحاجة ويقرأ فيه آية الكرسي وسورة الكافرون والمعوذتين وآيات السِّحر وبعد القراءة يشرب منه قليلاً مع مراعاة الحالة الصحية للمريض ويغتسل به وبذلك يزول الداء - بإذن الله تعالى - وإن فعل ذلك أكثر من مرة فيكون أفضل على حسب ما تدَّعيه الحاجة وهذه طريقة مجربة ونافعة - بإذن الله تعالى -.
العسـل:
العسل من أنفع الأدوية في علاج العين والسِّحر والمس وذلك بأن يأكل العسل إما مضافاً معه حبة سوداء - حبَّة البركة - وإما مضافاً معهما ماء زمزم مقرئ فيه ويذوَّب ويحرَّك فيه ويكون ذلك على الريق أفضل ويستخدم طوال اليوم وهو مفيد في جميع الأمراض خاصة إذا قرئ فيه حسب حال المريض إن كانت عيناً أو سِحراً أو مساً وهذه الطريقة مجربة ونافعة - بإذن الله تعالى -.
التمـر:
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه - رضي الله تعالى عنهما – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((من تصبَّح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سمٌ ولا سحرٌ)) رواه البخاري ومسلم , والعجوة تمر من أنواع التمور في المدينة النبوية.
قال الخطَّابي - رحمه الله تعالى - : (كون العجوة تنفع من السَّمِ والسِّحر إنما هو ببركة دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم - لتمر المدينة لا لخاصية في التمر).
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله تعالى - : (الصواب أنه علاج مستمر إلى يوم القيامة وأن ذلك ليس خاصاً بالعجوة بل يعم جميع تمر المدينة لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((ما بين لابتيها)) رواه مسلم).
الحبَّة السوداء:
جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ((عليكم بهذه الحبَّة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام)) , ومعنى السام : الموت.
طريقة استعمال الحبَّة السوداء في العلاج من العين والسِّحر والمس :
الحبَّة السوداء من أنفع الأدوية في علاج العين والسِّحر والمس وذلك أن يأكلها حباً أو طحناً أو تضاف مع ماء زمزم مقرئ فيه أو عسل أو زيت زيتون أو شيء آخر مع مراعاة عدم الإكثار منها بكمية كبيرة وتستعمل طوال اليوم بأكثر من طريقه مع مراعاة حالة المريض الصحية.
القسط البحري أو الهندي – السعوط -:
روى البخاري عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ((إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري)) , والقسط البحري لونه : (أبيض) , والقسط الهندي لونه : (أسود) , والقسط يسمى عند العامة بالسعوط.
طريقة استعمال السعوط في العلاج من العين والسِّحر والمس:
السعوط من أنفع الأدوية في علاج المس والسِّحر خاصةً إذا كان المس أو المادة السِّحرية مشمومة مثلاً في الرأس فيقوم المريض باستنشاقه من الأنف أو الفم بكمية قليلة جداً ولا يبتلعه لخطورته صحياً وله أن يطحنه أو يبقى على شكله والسبب في استعماله أن الشيطان يتضايق من رائحة السعوط القوية أو من أي رائحة طيبة قوية نفاذة لأن هذه الشياطين معتادة على مأواها وأماكنها القذرة خاصةً إذا كان الجني المتلبس أو المصاحب في المادة السِّحرية غير مسلم والأفضل أن يستعمل السعوط أثناء الرقية الشرعية على المريض للانتفاع الأكثر من لو كان في غيرها وهذا مجرب ونافع - بإذن الله تعالى - مع مراعاة حالة المريض الصحية.
وهناك طريقة أخرى نافعة - بإذن الله تعالى - في علاج المس والسِّحر خاصة إذا كان المس أو المادة السِّحرية مشروبة أو مأكولة مثلاً وذلك باستخدام ماء زمزم مقرئ فيه ومخلوط بماء ورد طائفي وزعفران ويخلط جيداً ويستفرغ المريض بسببه وهو مفيد أثناء الرقية الشرعية مع مراعاة حالة المريض الصحية.
وهناك طريقة ثالثة نافعة – بإذن الله تعالى - في علاج المس والسِّحر خاصةً إذا كان المس أو المادة السِّحرية مشروبة أو مأكولة مثلاً وذلك بشرب كأس ماء فيه ملح مخلوط جيداً ويستفرغ المريض بسببه وهو مفيد أثناء الرقية الشرعية مع مراعاة حالة المريض الصحية.
سورة البقرة:
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لايدخله الشيطان)) , وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((أقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)) , ومعنى البطلة : السَّحرة.
فقراءة سورة البقرة فيها حفظٌ من الله – تعالى - للعبد من الشيطان وإضعاف لمن كان مصاباً بالمس والسِّحر , والأفضل أن تقرأ هذه السورة المباركة مع النفث على البدن ويحرص كذلك أشد الحرص على المداومة على قراءة سورة الإخلاص والفلق والناس.
نسأل الله العلي العظيم أن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين , وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبوخلاد ناصر بن سعيد السيف
3 رجب 1435 هـ
https://twitter.com/Nabukhallad
التعليقات