عناصر الخطبة
1/الاحترازات الواجب فعلها للصلاة في المساجد 2/ضوابط شرعية في شهود الجمعة والجماعة 3/من عبر جائحة كورونا 4/وصايا وتوجيهات للاستفادة من الحداث.اقتباس
ويجب على الجميع الالتزام بتوجيهات الجهات الرسمية باتخاذ الإجراءات الاحترازية عند الخروج من بيوتنا وفي الأسواق ومقرات العمل وعند الحضور للمساجد؛ فالوضوء في المنزل, ولبس الكمامة, وتعقيم اليدين قبل الحضور إلى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمَّنا بالنعم وعافانا من السقم، فله الحمد كله, وإليه يُرجع الأمر كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبينا محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليما، أمَّا بعد:
فيا عباد الله: ها نحن نعود إلى الصلاة في مساجدنا حامدين لله شاكرين, نعود إليها وقلوبنا كلها شوق لعمارتها بالصلاة والذكر, نعود إليها بحذر كي لا ينتشر وباء كورونا, مع التأكيد على أهمية الدور الوقائي للفرد والمجتمع, ويجب على الجميع الالتزام بتوجيهات الجهات الرسمية باتخاذ الإجراءات الاحترازية عند الخروج من بيوتنا, وفي الأسواق ومقرات العمل, وعند الحضور للمساجد؛ فالوضوء في المنزل, ولبس الكمامة, وتعقيم اليدين قبل الحضور إلى المسجد وبعده, وعدم المصافحة عند السلام, وترك مسافة مترين بين كل مصلٍّ وآخر, وترك صفٍّ بين الصفين, وإحضار كل مصلٍّ سجادته الخاصة؛ ليصلي عليها ثم يعود بها معه, وصلاة السنن الرواتب في المنزل وذلك من السنة, وقراءة القرآن بواسطة الجوال أو مصحف خاص يحضره معه ويعود به, وعدم المزاحمة عند الدخول أو الخروج من المسجد, وعدم إحضار الأطفال أقل من خمسة عشرة سنة, وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة يصلون في منازلهم؛ حرصاً على سلامتهم, وعدم توزيع المياه أو السواك أو غيرهما في المسجد, نفعل الأسباب مع كامل توكلنا على الله, ونعلم يقينا أنَّه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا, وأنَّ ما أصابنا لم يكن ليخطئنا, وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
وبخصوص الرخصة في عدم شهود الجمعة والجماعة في حال انتشار الوباء أو الخوف من انتشاره؛ بيَّنت هيئة كبار العلماء في قرارها الصادر في رجب هذا العام ما يلي:
أولاً: يحرم على المصاب شهود الجمعة والجماعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُورِدُ مُمرِضٌ على مُصحٍّ"(متفق عليه), ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها, وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها"(متفق عليه).
ثانيا: من قررت عليه جهة الاختصاص إجراءات العزل فإنَّ الواجب عليه الالتزام بذلك, وترك شهود صلاة الجماعة والجمعة, ويصلي الصلوات في بيته أو في موطن عزله؛ لما رواه الشُريد بن سويد الثقفي -رضي الله عنه- قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّا قد بايعناك فارجع"(أخرجه مسلم).
ثالثا: من خشي أن يتضرر أو يضر غيره, فيرخَّص له في عدم شهود الجمعة والجماعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار"(رواه ابن ماجه), وفي كل ما ذكر إذا لم يشهد الجمعة؛ فإنَّه يصليها ظهراً أربع ركعات.
هذا وتوصي هيئة كبار العلماء الجميع بالتقيد بالتعليمات والتوجيهات والتنظيمات التي تصدرها جهة الاختصاص, كما توصي الجميع بتقوى الله -عز وجل- واللجوء إليه -سبحانه- بالدعاء والتضرع بين يديه في أن يرفع هذا البلاء, قال الله -تعالى-: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[يونس: 107] وقال -سبحانه-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غافر: 60]. (ينظر قرار هيئة كبار العلماء رقم: 246, في 16/07/1441هـ).
عباد الله: لقد رأيتم جهود بلادنا المباركة من احترازات استباقية تجاه جائحة كورونا, ساهمت بتوفيق الله في الحد من انتشار هذا الوباء, وما اتخذته من قرارات صائبة في المحافظة على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين, وحتى المخالفين لنظام الإقامة, كما أنَّ علينا أن نأخذ الأخبار من المصادر الرسمية, ونحذر من الشائعات وكل ما يؤدي إلى الخوف والهلع.
عباد الله: لقد استشعر كثير من الناس عظيم قدرة الله حيث وقف العالم عاجزا أمام هذا الوباء، واستشعر الناس قدر النعم التي عاشوها قبل نزوله، فكم أيقظت جائحة كورونا من غافل فاشتغل بطاعة الله!، وعرف كثير من الناس هوان الدنيا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ؛ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ"(أخرجه الترمذي وصححه).
فاعملوا -يا عباد الله- لآخرتكم, وتوبوا إلى الله من ذنوبكم, وأكثروا من الاستغفار, وحاسبوا أنفسكم على تقصيرها، أدوا صلاتكم في أوقاتها، وبروا بآبائكم وأمهاتكم، وأدوا زكاة أموالكم، وأدوا الحقوق إلى من له حق عليكم، وإيَّاكم والظلم؛ فإنَّه ظلمات يوم القيامة، وربوا أبناءكم وبناتكم على الصلاح, والتقوى واغرسوا فيهم قيم الإسلام السامية, (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: 195], وفرِّجوا كرب المحتاجين وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنَّه هو الغفور الرحيم.
التعليقات