أنواعها:
وعظية، تفسيرية، تحليلية، تاريخية، عقائدية، فقهية، قصصية.
أولًا: الخطبة الوعظية:
هي التي تتناول موضوعاتِ الوعظ والإرشاد، والترغيب والترهيب، ويُفضَّل في هذا النوع من الخطب أن تُستوحى مِن الواقع، فإذا وجد الخطيب خُلقًا رديئًا ظهر في مجتمعه، سارع بإعداد خطبة وعظية في التنفير منه؛ مثل: (الزنا - الربا - التبرج - السرقة - الكذب - عقوق الوالدين - قطيعة الأرحام - الرِّشوة - الظلم - ترك الصلاة - الغش في البيع والشراء - نقص المكيال - الحسد - الغِيبة)، ونحو ذلك.
وقد تكون الخطبة حثًّا على خلق كريم؛ مثل: (الصدق - الكرم - الإنفاق - الإحسان إلى الجار - كفالة الأيتام - طلب العلم - المراقبة - المحاسبة - الزهد)، ونحو ذلك.
الشيخ وحيد بالي
طريقة إعداد الخطبة الوعظية:
1 - تحديد الموضوع.
2 - قراءة الموضوع في أكثر مِن مرجع؛ مثل: (رياض الصالحين - صلاح الأمة - مختصر منهاج القاصدين - صحيح الترغيب والترهيب - نضرة النعيم...).
3 - جمع الآيات القرآنية المتعلقة بالموضوع.
4 - جمع الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالموضوع.
5 - جمع الأشعار المتعلقة بالموضوع من دواوين الشعر أو كتب الوعظ.
6 - ترتيب عناصر الموضوع.
7 - كتابة ما يتعلق بكل عنصر من آيات، أو أحاديث، أو أشعار، أو حِكَم وأمثال، أو من أقوال الصالحين، ونحو ذلك.
8 - كتابة الخُطبة بأسلوب أدبي، وننصح قبل كتابة الخطبة بقراءة 20 صفحة على الأقل في كتاب أدبي؛ مثل: وحي القلم، مقالات المنفلوطي، صور من حياة الصحابة، أدب الدنيا والدين، مقامات عائض القرني؛ حتى يكون الخطيبُ قريبَ العهد بالأسلوب الأدبي الرقيق.
9 - حفظ الخطبة إن أمكن؛ لأن الخطيب الارتجالي يُؤثِّر في نفوس مستمعيه عن الخطيب الذي يقرأ من الأوراق.
ثانيًا: الخطبة التفسيرية:
وهي التي تتناول آياتٍ مِن كتاب الله بالشرح والتفسير، والدراسة والتوضيح، واستنباط الفوائد والأحكام.
طريقة إعداد الخطبة التفسيرية:
1 - تحديد الآيات، ومراجعة حفظها جيدًا.
2 - قراءة شرح الآيات في عدة تفاسير؛ مثل:
- تفسير ابن كثير: وتأخذ منه تفسير الصحابة والتابعين للمعاني، مع الوقوف على الأحاديث التي تتعلق بالآيات.
- تفسير روح المعاني: وتأخذ منه المعاني الإيمانية، والإرشادات الروحانية التي تشتمل عليها الآيات، واحذَرْ مِن تأويل الصفات.
- تفسير الجزائري: وتأخذ منه خلاصة التفاسير، والفوائد المستنبطة من الآيات.
- تفسير القرطبي: وتأخذ منه الأحكام الفقهية المستنبطة من الآيات، وتحذر التأويل أيضًا.
- تفسير ابن عطية (الوجيز في تفسير الكتاب العزيز): وتأخذ منه النواحي اللغوية وأقوال النحاة وبعض القراءات الأخرى.
- تفسير (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) للبقاعي: وتأخذ منه الإعجاز الترتيبي للآيات ومناسباتها، وهو تفسيرٌ بديع.
3 - تكتبُ الأحاديث التي تتعلق بسبب النزول إن وُجدت.
4 - تكتب الأحاديث التي تتعلق بمعاني الآيات إن كانت، وتراجع درجةَ هذه الأحاديث في مصادرها الأساسية في الكتب الستة، ومسند أحمد، وتعتمدُ على الطبعات المحقَّقة والمخرِّجة للأحاديث، ثم تحفظ الصحيح منها وتتركُ الضعيف.
5 - تكتبُ معاني الآيات من تفسير الصحابة والتابعين والعلماء لها.
6 - وقفاتٌ مع الآيات: تقف مع كل كلمة من كلمات الآيات، وتذكر ما استنبطه العلماء والمفسرون منها من فوائد وأحكام.
7 - في الخطبة الثانية تلخيص الفوائد المستنبطة من الآيات، وربطها بالواقع العملي للمستمعين، وتستعين في ذلك بأيسر التفاسير للجزائري، حفِظه الله.
ثم تكتب الخطبة، وتنتقي ألفاظها جيدًا، ثم تحفظها، ثم تستعين بالله وتُلقِيها، وتبرأ مِن الحول والقوة، وتنكسر لله، وتخشع لله، وتتواضع لله، وتقول: يا ربِّ، أنا الجاهل فعلِّمني، أنا العَيِي ففصِّحني، أنا الضعيف فقوِّني، أنا المذنب فاستُرْني، لا أستطيع أن أنطِق بكلمة إلا بإعانتك، ولا أن أفكِّر في فكرة إلا بتوفيقك، فأمدَّني بمَدَدٍ مِن عندك، فأنت مولاي، فنعم المولى ونعم النصيرُ، وكلما كنت أكثر انكسارًا لله، وتواضعًا لعباد الله، كنت أكثر توفيقًا وسدادًا؛ لأن مَن تواضع لله رفعه، ومَن ذل لله أعزه.
ثالثًا: الخطبة التحليلية:
وهي التي تتناول حديثًا شريفًا بالشرح، والتحليل، والاستنباط، ويكون إعدادها كالآتي:
1 - اختيار الحديث الذي ستتناوله، ويشترط أن يكون صحيحًا، وابتعد عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
2 - قراءة شرح الحديث من مصادره الأساسية.
فالحديث الذي رواه البخاري فقط ترجع إلى شروح البخاري؛ مثل:
- فتح الباري شرح صحيح البخاري؛ (لابن حجر).
- عمدة القاري شرح صحيح البخاري؛ (للعيني).
- إرشاد الساري شرح صحيح البخاري؛ (للقسطلاني).
- عون الباري لحل أدلة البخاري؛ (لصديق حسن).
وإذا كان الحديث رواه مسلم فقط ترجع إلى شرحه في:
- شرح صحيح مسلم؛ (للنووي).
- المعلم بفوائد مسلم؛ (للمازري).
- المفهم لما أشكل من صحيح مسلم؛ (للقرطبي).
وإذا كان الحديث رواه أبو داود فقط، ترجع إلى:
- معالم السنن؛ (للخطابي).
- عون المعبود؛ (لشمس الحق آبادي).
- بذل المجهود (شرح سنن أبي داود).
وإذا كان الحديث في (سنن الترمذي) فقط، ترجع إلى:
1 - عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي؛ (ابن العربي).
2 - تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي؛ (المباركفوري).
وإذا كان الحديث في (مسند أحمد) ترجع إلى:
الفتح الرباني بشرح مسند أحمد الشيباني؛ (الساعاتي).
وهناك كتب أخرى في شرح الأحاديث النبوية؛ مثل:
1 - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام؛ (ابن الملقن)، وهو كتاب متوسع جدًّا في الشرح، وماتع في بابه، لكنه اقتصر على الأحاديث المذكورة في عمدة الأحكام للنابلسي فقط.
2 - جامع الأصول (ابن الأثير)، وهو يتناول شرح الموطأ، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، لكنه يشرح معاني الكلمات فقط.
3 - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح؛ (للقاري).
4 - فيض القدير شرح الجامع الصغير؛ (للمناوي).
وهو مرتَّب على الحروف الأبجدية، وإذا أردت شرح حديث في (صحيح الجامع) للألباني تجده هنا في شرح المناوي.
وربما أَشْكَل على الخطيبِ أحاديثُ ظاهرُها التعارض، لا يستطيع أن يُوفِّق بينها، فهنا ترجع إلى كتاب (شرح مشكل الآثار) للطحاوي؛ فقد تناول الأحاديث التي ظاهرها التعارض، وبيَّن أوجهَ التوافق بينها بطريقةٍ بديعة، رحمه الله، لكن ترتيب الكتابِ قد يصعب على القارئ، فننصح باقتناء الطبعة المرتَّبة (تحفة الأخيار بترتيب مشكل الآثار)؛ خالد الرباط.
3 - بعد قراءة شرح الحديث تُقسِّم الحديث إلى فِقْرات، وتكتبُ تحت كل فِقْرة:
- معاني كلماتها.
- شرح معانيها.
- ما يستنبط منها من فوائد وأحكام.
ويمكنك أن تستفيد من طريقة كتاب (توضيح الأحكام شرح عمدة الأحكام)؛ للبسام رحمه الله.
4 - ربط الحديث بالواقع العملي.
رابعًا: الخطبة التاريخية:
وهي التي تتناول حِقْبة تاريخية بالشرح والتحليل، واستخراج العِبَر والعِظات، فقد تكون:
غزوة من الغزوات.
أو معركة من المعارك التاريخية.
أو مرحلة من مراحل حُكْم خليفةٍ مِن الخلفاء الراشدين.
أو مرحلة ملكٍ من ملوك المسلمين.
أو موقفًا من المواقف التاريخية، ونحو ذلك.
ويكون إعدادها كالآتي:
أ - تحديد الحِقْبة التاريخية.
ب - الاطِّلاع عليها في المراجع التاريخية؛ مثل:
1 - تاريخ الأمم والملوك؛ (الطبري المتوفى سنة 310 هـ).
2 - الكامل في التاريخ؛ (ابن الأثير المتوفى سنة 630 هـ).
3 - تاريخ الإسلام؛ (الذهبي المتوفى سنة 748 هـ).
4 - البداية والنهاية؛ (ابن كثير المتوفى سنة 774 هـ).
5 - شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب؛ (ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 هـ).
أو غيرها من الكتب التاريخية للمعاصرين؛ مثل:
1 - التاريخ الإسلامي؛ (محمود شاكر السوري).
2 - الدولة الإسلامية؛ (الصلابي).
ج - تلخيص الحِقْبة التاريخية في نقاط أساسية.
فالمعركة مثلًا تقول:
1 - أسباب المعركة.
2 - وقائع المعركة.
3 - نتائج المعركة.
د - تكتب تحت كل نقطة ما يناسبها من المراجع، حتى تُحيط بغالبِ ما كُتب فيها.
هـ - كتابة الخُطبة بأسلوب أدبي، مستخرجًا العِبَر والعظات من المواقف التاريخية.
خامسًا: الخطب العقائدية:
وهي التي تتناول موضوعًا من موضوعات العقيدة والتوحيد؛ مثل:
1 - الإيمان بالملائكة.
2 - الإيمان بالقدر.
3 - التفكُّر في عظمة الله.
4 - توحيد الألوهية.
5 - الأسماء والصفات.
ونحو ذلك.
طريقة الإعداد:
1 - تحديد الموضوع.
2 - جمع المادة العلمية.
3 - تقسيم الموضوع إلى عناصر.
4 - جمع الآيات والأحاديث المتعلِّقة بالموضوع.
5 - جمع تعليقات العلماء على الآيات والأحاديث.
6 - كتابة الموضوع بأسلوبي أدبي.
ويمكن الاستعانة في ذلك بالكتب المتخصصة في التوحيد؛ مثل:
1 - شفاء العليل في الحكمة والقضاء والقدر والتعليل؛ (ابن القيم).
2 - فتح المجيد شرح كتاب التوحيد؛ (عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب).
3 - التوسل والوسيلة؛ (ابن تيمية).
4 - معارج القَبول؛ (أحمد حكمي).
5 - الصواعق المُرسَلة؛ (ابن القيم).
6 - القواعد المُثْلَى؛ (ابن عثيمين).
7 - شرح الواسطية؛ (ابن عثيمين).
8 - توحيد الخالق؛ (الزنداني).
9 - مَن الخالق .. الله أم الصدفة؟ (رشدي مدبولي).
10 - انظر حولك؛ (وحيد بالي).
11 - التوحيد وأثره على العبيد؛ (خميس السعيد).
12 - خلق الإنسان بين الطب والقرآن؛ (د. محمد علي البار)، ونحو ذلك مما هو معروف مشهور.
سادسًا: الخطبة الفقهية:
وهي التي تتناول موضوعًا فقهيًّا؛ مثل:
1 - شروط صحة الصلاة.
2 - مُبطِلات الصلاة.
3 - مكروهات الصلاة.
4 - فقه الصيام.
5 - أحكام البيوع.
6 - الشركات في الإسلام.
7 - فقه الزكاة.
8 - فقه الطلاق.
9 - كيف تحج بيت الله؟
10 - أحكام الذبائح في الإسلام؛ ونحو ذلك مما يحتاجه الناس[1] في حياتهم العملية.
المراجع:
1 - الوجيز؛ (د. عبدالعظيم بدوي).
2 - منار السبيل؛ (ابن ضويان).
3 - فقه السُّنة؛ (السيد سابق) الطبعة المحققة.
4 - شرح منتهى الإرادات؛ (البهوتي).
5 - الفقه الإسلامي؛ (د. وهبة الزحيلي).
6 - المجموع؛ (النووي).
7 - الاستذكار؛ (ابن عبدالبر).
8 - المغني؛ (ابن قدامة).
9 - مجموع الفتاوى؛ (ابن تيمية).
10 - جامع الفقه؛ (ابن القيم).
11 - المفصل في أحكام المرأة؛ (د. عبدالكريم زيدان).
طريقة تحضير الخطبة الفقهية:
1 - تحديد الموضوع.
2 - قراءته من المراجع.
3 - جمع الأدلة ومعرفة درجة صحة الأحاديث.
4 - ترتيب العناصر.
5 - كتابة كل ما يتعلق بالعنصر الواحد من أدلة وأحكام.
وينبغي للخطيب أن يتجنَّب الموضوعات النظرية التي لا تمَسُّ حياة الناس كثيرًا.
فمثلًا: عند الحديث عن فقه الزكاة يتكلم عن:
1 - فضل الزكاة (رياض الصالحين - صحيح الترغيب والترهيب).
2 - الترهيب من منع الزكاة (صحيح الترغيب والترهيب).
3 - شروط وجوب الزكاة (كتب الفقه السابقة)[2].
4 - الأموال التي تجبُ فيها الزكاة هي: (الأثمان - بهيمة الأنعام - الخارج من الأرض - عروض التجارة - الرِّكاز)، هذه هي الأموال التي تجب فيها الزكاة، ولكن ينبغي للخطيب أن يركِّز في خطبته على الأشياء الموجودة في مجتمعه.
فعند المزارعين يركز على: الخارج مِن الأرض، وبهيمة الأنعام، وعند التجَّار يركز على: الأثمان، وعروض التجارة، وفي الأماكن الأثرية يركز على الرِّكاز والأثمان، وهكذا.
فمثلًا: عند التجَّار يتكلم الخطيب عن:
1 - زكاة المحلات التجارية (عُروض).
2 - زكاة المصانع (عروض).
3 - زكاة الصيدليات (عروض).
4 - زكاة سيارات الأجرة (الزكاة على النماء فقط).
5 - زكاة محلات الذهب (عروض).
6 - زكاة الشركات التِّجارية (عروض).
وهكذا يتناول الخطيب ما يُلامِسُ حياة الناس العملية.
سابعًا: الخطبة القصصية:
وهي التي تتناول قصة بالسرد والتفصيل، واستنباط العِبَر والعظات؛ مثل:
1 - قصة آدم عليه الصلاة والسلام.
2 - قصة نوح عليه الصلاة والسلام.
3 - قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
4 - قصة يوسف عليه الصلاة والسلام.
5 - قصة موسى عليه الصلاة والسلام.
6 - قصة محمد صلى الله عليه وسلم.
7 - قصة أبي بكر الصديق، أو أحد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
8 - قصة أبي هريرة أو أحد الصحابة رضي الله عنهم.
9 - قصة عمر بن عبدالعزيز أو غيره من التابعين رحمهم الله.
10 - قصة أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله.
11 - قصة سفيان الثوري رحمه الله.
12 - قصة صلاح الدين رحمه الله، وهكذا.
طريقة إعداد الخطبة القصصية:
1 - تحديد القصة.
2 - قراءة القصة في المراجع التاريخية.
3 - كتابة العناصر.
4 - كتابة كل ما يتعلق بالعنصر من مواقف وأحداث.
5 - التركيز على العبر والعظات والفوائد من كل موقف.
6 - كتابة القصة بأسلوب أدبي، مع ربط مواقفها بالواقع العملي.
[1] راجع كتاب (بداية المتفقه).
[2] وهي ملخَّصة في (بداية المتفقه، ص 44).
التعليقات