عناصر الخطبة
1/ دلالات تنزُّل القرآن في رمضان 2/ مدارسة جبريل لنبينا القرآن في رمضان 3/ اجتهاد السلف مع القرآن في رمضان 4/ فضل القرآن الكريم وقراءته وتدبره وتدارسه 5/ هجرنا للقرآن الكريم 6/ اغتنام تيسُّر الحصول على القرآن وسبل تعلمه 7/ أخطاء مصاحبة لقراءة القرآن الكريماهداف الخطبة
اقتباس
هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مُستَمْتَع، وهذا كتاب الله الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدع، ومع هذا فبعض القلوب لا تخشع، والأعين لا تدمع، فاقرؤوا القران -يا عباد الله- بتدبّر وفهم، إذا مررتم بآية رحمة فاسألوا الله من فضله، وإذا مررتم بآية وعيد فتعوذوا بالله من عقابه، وإذا مررتم بآية سجدة فاسجدوا: (إِنَّ ?لَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـ?بَ ?للَّهِ وَأَقَامُواْ ?لصَّلَو?ةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـ?هُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـ?رَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر:29-30].
الخطبة الأولى:
الحمد لله أكرمنا بالقرآن، وجعله ربيعاً لقلوبِ أهل البصائر والعرفان، وجعله محفوظاً بحفظ الله من الزيادة والتبديل والنقصان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ننال بها الغفران، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى الآل والصحب والإخوان، وسلّم تسليما.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله.
في رمضان، أَذِن اللهُ للنور أن يتنزّل على النبي -صلى الله عليه وسلم- بغار حراء، يقول جبريل له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق:1]، فأشرقت الأرض بنور ربها، وانقشعت الظلمات، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة:185].
إنه كتاب الله، (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [النمل:1-2]، يحميهم من تلاطم الأفكار وتغيّر المفاهيم، ومواجهة الشبهات والشهوات.
وكلٌّ منا -مهما علا مقامُه وكثر علمه- يحتاج لمن يشدُّ أزره، ويُرسي قدَمه، ويزيدُ في إيمانه ويقينه؛ ليثبت أمام الشهوات والتحديات، ثبات الجبال الراسيات، محتاجٌ إلى ما يؤنسه مع الوحشة، ويسليه ويواسيه إن ألمت به مصيبة، ويُرجِّيه ويعده عند اليأس والقنوط، وينذره ويخوّفه إن استحوذ عليه طغيان المادة أو سلطان الهوى والأمن من مكر الله -تبارك وتعالى-.
والثباتُ وتسليمُ القلب وأمنُ الروح في كتاب الله، تلاوةً وتدبراً وتعلّماً وعملاً، فهو مَعينٌ عذبٌ صافٍ لا ينضب، وكنزٌ وافر لا يزيده الإنفاقُ إلا كثرةً، وتكرارُ تلاوتِه تُعطيك حلاوةً ورغبةً، ومع تدبرّه وتأمّله تأخذ يقيناً وطمأنينة، (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر:23].
نزل القرآنُ في ليلةٍ مباركة هي ليلة القدر، فـ (لْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَـابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) [الكهف:1]، واصطفى الله رمضانَ لنزوله لأنه أفضل الأوقاتِ وأنسبُها لنزوله، فالصيامُ والقيام مرتبطان، والنفوس في رمضان مقبلةٌ على الخير والإيمان، ومقبلةٌ على الجود والإحسان.
وكان جبريل يدارس نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان كلّ ليلة، وفي عام وفاته دارسه مرتين، كما جاء في الحديث المتفق عليه؛ وهذا دلالةٌ على استحباب دراسة القرآن، والإكثار من تلاوته في رمضان، والاجتماع على ذلك.
ولاحظ أن مدارسةَ جبريل للقرآن كانت ليلاً دلالة أنه أفضل، (إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً) [المزمل:6].
أما السلف فاجتهادهم عجيب مع القرآن في رمضان، لم ينشغلوا بغيره، كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: "إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام"، وكان مالك وسفيان الثوري إذا دخل رمضان يتركون قراءة الحديث ويقبلون على القرآن، وكانوا يحرصون على كثرة ختم القرآن في رمضان.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم من تعلم القران وعلمه"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران" متفق عليه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "اقرؤوا القران فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
جاء النبيون بالآيات فانصرمت ***وجئتنا بحكيم غير منصرم
آياته كلما طال المدى جدد *** يزينهن جلال العتق والقدم
يكاد في لفظة منه مشرفةٍ *** يوصيك بالحق والتقوى وبالرحم
أيها الصائمون: القرآنُ مناطُ سعادتكم، وهو المخرج من الفتن، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكْم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضلّه الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يَخْلقُ عن كثرة الرد، لا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عَدل، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراط مستقيم.
فأقبلوا على تعلّمه وتعليمه، وتلاوته والتفكّر فيه، وعلّموه أولادكم ونشّئوهم على تلاوته وحبّه حتى يألفوه ويتحلَّوا به، ليُطهّر أخلاقهم، ويزكي نفوسهم، ويكونوا من حملة القران وأهله.
إن أكثرنا -عباد الله- انشغل اليوم عن تَعلُّمِ القرآن، فالكبار انشغلوا بالدنيا، والصغار انشغلوا بالدراسة أو الترفيه.
وبعض مجتمعاتنا لا تعطي تعليم القرآن وقتاً كافياً ولا عناية، مما أدَّى إلى جهل بعضنا وأولادنا بالقرآن، وابتعادهم عنه، بل تجدُ أحدَهم يحملُ أكبر الشهادات الدراسية وهو لا يُحسن أن يقرأَ آيةً من كتاب الله على الوجه الصحيح! (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان:30]، قال ابن كثير -رحمه الله-: "وترك تدبره وعدم العمل به من هجرانه، والعدل عنه إلى غيره من شعر وغناء من هجرانه".
ولابن القيم رحمه الله -تعالى-: "هجر القرآن بهجر سماعه، وعدم الوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به، أو هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، أو هجر تدبره وتفهمه ومعرفة مُراده، أو هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به، وإن كان بعض الهجر أهون من بعض".
فالله المستعان لأحوالنا اليوم! وبعدنا عن القرآن وتدبر معانيه! يا ليتنا نعطي القرآن جزءاً من الوقت الذي نقضيه مع أجهزة الجوال وغيرها مما يأخذُ أوقاتَنا! فتخيّلوا: كم سنقرأ كثيراً من القرآن في مثل عكوفنا على هذه الأجهزة؟ ووالله ثم والله! لو أننا تدبّرنا القرآن وعملنا بما فيه لانحلّت كثير من مشكلاتنا.
وفضائل القرآن كثيرة قال -صلى الله عليه وسلم-: "البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان" رواه مسلم، وسورة البقرة وآل عمران تظللان صاحبَهما يوم القيامة، وقل هو الله احد تعدل ثلث القرآن، وخير سورتين قرأهما الناس: قل أعوذ برب الناس، وقل أعوذ برب الفلق.
وكما ندعو لكثرة قراءة القرآن فينبغي أن لا يطغى ذلك على الفهم والتدبر، فليست العبرة بكثرة الختمات.
وفي رمضان يجتمع الصوم والقرآن، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب! منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان" رواه أحمد.
قراءته في التراويح والقيام، وكأنها شرعت ليسمع النَّاسُ كتابَ الله مجُوَّداً مرتلاً، ولذلك استُحبّ للإمام أن يختم فيها ختمةً كاملة لغرض قراءةِ القرآن.
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يُطيل القراءةَ في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره، عن حذيفةَ قال: "أتيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في ليلةٍ من رمضان فقام يصلي، فلما كبر قال: الله أكبر ذو الملكوت والجبروت، والكبرياءِ والعظمة، ثم قرأ البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها، فما صلى إلا ركعتين، حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة".
وكان عمر قد أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة، حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر.
وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، كل هذا التطويل والقيام من أجل تلاوة القرآن، وتعطير ليالي الصيام بآيات القرآن؛ فقارنوا هذا بحال بعضنا وبعض أئمتنا وهم يختصرون قراءته ثم يطيلون القنوت خلافاً للسنة؟ نسأل الله التوفيق والهداية والإعانة!.
عباد الله: إذا كان هذا شأن القرآن في رمضان فأجدر بالعبد المؤمن أن يقبل عليه بكثرة قراءته وختمه، ويديم النظر فيه بفهم معانيه وتدبّره، وكذلك الاستعانة على حفظه ومراجعته، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْف" رواه الترمذي.
أخي الكريم: إن السعادة والطمأنينة في تعظيم كتاب الله وتلاوته، والرجوع إليه واتباعه والاهتداء بهديه، والشقاوة والتخبّط في الإعراض عنه، والاستهانة به، وهجره، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) [طه:124-126].
عباد الله: لعل شهر رمضان المبارك يُذكّرنا بضرورة العودة الصادقة إلى كتاب الله العظيم، ففيه القوةُ والعزة وأساسُ التمكين والرفعة، فيه الهدى والنور، مَن آمن به حق الإيمان وصدّق به فقد هداه الله وآتاه من فضله، وأعانه على كل خير، هُدىً للمتقين، ومن هجره وأعرض عنه ولم يؤمن بمتشابهه ويعمل بمحكمه فقد أضلّه الله وختم على قلبه وبصره؛ فشمّروا عن ساعد الجد والعزم، لتكونوا مع القرآن في رمضان وغيره بقراءاته وتفسيره وخدمته وإنشاء حلقاته، وتعليم طلابه المهارة والإتقان.
ويجب أن نعلم -إخوتي- أن القرآن الكريم ليس آيات تهتز لها الرؤوس، وتتمايل بها العمائم، ويطرب لها الدراويش في الموالد والمآتم والاحتفالات بلا عبرة، وليس آيات تُهذُّ هذَّ الشِّعر؛ بل هو آياتٌ بينات تتنزل على قلوب المؤمنين فتغمرها بالسكينة والطمأنينة، وتملؤها بالثقة والثبات.
وتدبّرُ آياتِ الله -عز وجل- ومعرفةُ مقاصدها والوقوفُ عند عظاتها وعبراتها والتفكير في معانيها وفقهها وأسرارها نعمة عظيمة من أجلّ النعم التي يُوفّق إليها العبد المسلم، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال:2].
يقول عبد الرحمن السلمي: "حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهم أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلّموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلّمنا العلم والعمل جميعاً".
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لأَنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ فَأَتَدَبَّرَهَا وَأُرَتِّلَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأَ القرآن أجمع".
وإذا انتكس الإنسان بعبثه ولهوه حجبه الله -تعالى- عن نور القرآن، وحال بينه وبين الهدى والحق، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد:24].
فأين من يريد الرفعة بهذا القرآن؟ فهذا هو شهر البر والإيمان والقرابين، وإن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين.
إن وجود القرآن بيننا، وتيسير الحصول عليه لمن طلبه، وتوفير المصاحف في المساجد والبيوت والمكاتب، ووجود حلقات تدريس وتحفيظ القرآن الكريم، لهي نعمة كبرى تلزمنا الاستفادة منها؛ وإذاعة تلاوته في الإذاعات، من أعظم النعم لمن وفقه الله لاستماعه والعمل به، وهي -كذلك- من أعظم قيام الحجَّة على من أعرض عنه، أو خالفه، فقد قال الله لرسوله: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام:19]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "القرآن حجةٌ لك أو عليك".
عباد الله: هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي بقيته للعابدين مُستَمْتَع، وهذا كتاب الله الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً يتصدع، ومع هذا فبعض القلوب لا تخشع، والأعين لا تدمع، فاقرؤوا القران -يا عباد الله- بتدبّر وفهم، إذا مررتم بآية رحمة فاسألوا الله من فضله، وإذا مررتم بآية وعيد فتعوذوا بالله من عقابه، وإذا مررتم بآية سجدة فاسجدوا: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر:29-30].
أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد: عباد الله، ها هنا تنبيهات على قراءة القرآن بالاهتمام بالطهارة والوضوء، فلا يمسّه إلا المطهرون.
وبعض الناس يرفع صوته بالقراءة بحيث يزعج من حوله ويشوّش عليهم، وهذا خطأ، وكذلك القراءة الصامتة بالعين بلا تحريك للشفتين خطأ أيضاً، وهناك من يعتمد مؤخراً على أجهزة الهاتف للقراءة بلا حاجة والمصحف أمامه، والقراءة من المصحف أفضل إلا عند الحاجة.
وليت الواحد منا عند القراءة يخصص وقتاً للتدبّر وتفسير بعض الكلمات الخافية عليه؛ فهذا أفضل.
تعلموا الترتيل والتجويد، واحذروا من الخطأ والتحريف بالقراءة.
نسأل الله تعالى أن ينفعنا، ويرفع درجاتنا بالقرآن العظيم، اللهم اجعلنا من أهل القرآن وخاصته.
اللهم اجعلنا له من التالين، ولآياته من المتدبرين العاملين، اللهم ذكرنا منه ما نسِّينا، وعلمنا منه ما جهلنا، واجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء همومنا وأحزاننا يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وكن لإخواننا المستضعفين، واحفظ جنودنا المرابطين، وضاعف لهم الأجر والتمكين.
اللهم من أراد بديننا أو ببلادنا سوءا فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين. والحمد لله العالمين...
التعليقات